الأحد ٣١ - أكتوبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
مصطلح المساواة ومشتقاته يأتى فى القرآن الكريم مختلفا عن معناه فى استعمالنا العادى ، فنحن نستعمل المساواة قرينا للعدل ، بينما فى القرآن الكريم يأتى العدل قرينا للقسط ، كما يأتى مصطلح المساواة فى معرض الحديث عن أنه لا يستوى كذا وكذا . كقوله جل وعلا : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ )( النحل 75 : 76 )، ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ( الزمر 9 ).
أما قوله جل وعلا: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ) فهو أولا : ليس قول الله جل وعلا بل قول إمرأة عمران ، وقد حكاه رب العزة :(فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ )( آل عمران 36 )، ثم إنه لا علاقة له بالمساواة أو عدمها بين الذكر والأنثى ، لأن أم عمران كانت تتمنى ذكرا ليقوم بالواجب المنوط به ، ومفهوم أن مريم قامت بنفس الدور وتربت فى حجر زكريا عليه السلام .
ليست هناك مساواة فى تشريع القرآن ، بل هناك عدل . والمساواة المطلقة ظلم ، ويتجلى هذا مثلا فى تشريع الميراث . وذلك موضوع آخر تكلمنا فيه كثيرا
بما أن ربنا جل وعلا يبين أن قول تعالى (وليس الذكر كالأنثى) وكان ذلك على لسان امرأة عمران ، إذن من الممكن طبقا لثقافة البشر وأمانيهم وحبهم الدائم فى إنجاب الذكور فقد قالت امرأة عمران وهي تخاطب رب العالمين أو تشتكي له أن مولودها أنثى وليس ذكرا كما كانت تريد وتتمنى ، وحسب تلك الثقافة وهذا العرف السائد الذي يسيطر على معظم الناس فهناك نظرة للأنثى تجعلها أقل شأناً وأقل منفعة وأقل قدرة على تحمل المشقة والمسؤلية فمن الممكن أن يكون هذا معنى قريب لقول امرأة عمران (وليس الذكر كالأنثى) وليس معناه على الاطلاق الحديث عن عدم المساواة ..
لأن ربنا جل وعلى قد حدد فى آيات عديدة أن الذكر والأنثى فى الاختبار الدنيوى والحساب سيكون التعامل معهما بنفس القدر وبنفس الكيفية يقول تعالى (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا )النساء:124
ويقول تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )النحل:97
ليس هناك عدالة مطلقة في الأرض ، إنما هي عدالة نسبية مهما بلغت من درجات .. وهذا أشبه بشيء بسيط زاكب الطائرة ووزنه وما يحمله من وزن هل يتساوى مع باقي الركاب ؟ على الأقل هل وزن كل شخص يتساوى مع الآخر ؟ إننا نعرف أن هناك تفاوت في الأوزان كبير بين الركاب في أجسامهم أليس كذلك ، بالرغم من ان كل واحد يدفع مقدار معلوم متساوي نظير ركوبه . والأمثلة كثيرة وهذا لا يمنع ان يحافظ المجتمع على القسط المتعارف عليه من العدل . أما العدالة المطلقة فهي عند الله سبحانه فقط
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5181 |
اجمالي القراءات | : | 59,117,561 |
تعليقات له | : | 5,485 |
تعليقات عليه | : | 14,878 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
المشيئة والتمنى : يعجبن ى قول المتن بى : ( مَا كلُّ ما...
لا فائدة من وعظه: اريد أن أسألك عن غرائب منتشر ة فى المجت مع ...
الاشتهاء والشهوة : هل الاشت هاء والشه وة حرام ؟ ...
اهلا وسهلا: أقول لك أنني قد قرءت معظم كتبك ومقال اتك في...
سؤالان : السؤا ل الأول هل معنى سواء فى آية ( ...
إضافة من زكريا : عن لحظات قرآني ة 76 ....، اذا اخطرت شريكة...
اضافة من زكريا : عن لحظات قرآني ة 91 .... أكيد وراء كل حدوثة سبب و...
المقتول شهيدا: أنت لست مع من يقول فلان شهيد.� �كن من قتل في...
الجنتان : ( وَمِن ْ دُونِ هِمَا جَنَّ تَانِ (62)...
حزب لأهل القرآن: جزاكم الله كل الخير على هذا الموق ع (أهل...
زى المرأة من تانى : السل ام عليكم ورحمه الله استمع ت وشاهد ت ...
الإنزال مفطر: هل الوصو ل إلى النشو ة الجنس ية من غير لمس...
لا تحزن وإقرأ لنا: اشعر بالإح باط والحز ن الشدي د لأن...
منبع الشّر والخير .؟: أنا من الذين أومن بالمن هج القرآ ني والله...
قضايا المرأة : شكرا يا شيخنا . نحن سعيدا ت جدا ببرنا مجك ...
moreالباب الرابع : منهج التشريع القرآني : التشريع الجديد والتشريع المتوارث:
الباب الرابع : منهج التشريع القرآني : الحقيقى والمجاز
دعوة للتبرع