( الفصل الخامس):الفقه الوعظى في كتاب ( تلبيس إبليس ) لإبن الجوزى ( ج 6) : كتاب ( الفقه الوعظى )

آحمد صبحي منصور Ýí 2025-08-18


( الفصل الخامس):الفقه الوعظى في كتاب ( تلبيس إبليس ) لإبن الجوزى ( ج 6) : كتاب ( الفقه الوعظى )

 

نستكمل الحديث ..

يقول إبن الجوزى في كتابه ( تلبيس إبليس )

 ترك السنن :  

( وقد لبس إبليس على قوم فتركوا كثيرا من السنن لواقعات وقعت لهم فمنهم من كان يتخلف عن الصف الأول ويقول إنما أراد قرب القلوب ، ومنهم من لم ينزل يدا على يد في الصلاة وقال أكره أن أظهر من الخشوع ما ليس في قلبي. وقد روينا هذين الفعلين عن بعض أكابر الصالحين . هذا أمر أوجبه قلة العلم ، ففي الناس ما لهم في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا وفي أفراد مسلم من حديثه عن النبي   أنه قال خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها.  وأما وضع اليد على اليد فسنة، روى أبو داود في سننه أن ابن الزبير قال وضع اليد على اليد من السنة ، وإن ابن مسعود كان يصلي فوضع يده اليسرى     فوضع يده اليمنى على اليسرى  . ..)

التعليق :

 هنا لمحة تاريخية عمّن كان يجعلهم من أكابر الصالحين .! وهو يرد عليهم من دينه السنى الحنبلى .

 ذكر تلبيسه عليهم في الأذان:

 ( ومن ذلك التلحين في الأذان ، وقد كرهه مالك بن أنس وغيره من العلماء كراهية شديدة لأنه يخرجه عن موضع التعظيم إلى مشابهة الغناء ، ومنه أنهم يخلطون أذان الفجر بالتذكير والتسبيح والمواعظ ويجعلون الأذان وسطا فيختلط وقد كره العلماء كل ما يضاف إلى الأذان . وقد رأينا من يقوم بالليل كثيرا على المنارة فيعظ ويذكر ومنهم من يقرأ سورا من القرآن بصوت مرتفع فيمنع الناس من نومهم ويخلط على المتهجدين قراءتهم وكل ذلك من المنكرات .)

التعليق

وكأنه يصف ما يحدث في عصرنا .! والواقع أن ذلك بتأثير التصوف ، الذى قام بتحويل الدين الى لهو ولعب وإنشاد وغناء .! قال جل وعلا :

( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ(50) الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ(51)الأعراف )،  ( وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ(70)الأنعام ).

  فصل :

وقد لبس إبليس على خلق كثير من الجهالة المتعبدين فرأوا أن العبادة هي القيام والقعود فحسب ، وهم يدأبون في ذلك،  ويخلون في بعض واجباتهم ولا يعلمون. وقد تأملت جماعة يسلمون إذا سلم الإمام وقد بقي عليهم من التشهد الواجب شيء وذلك لا يحمله الامام عنهم ولبس على آخرين منهم، فهم يطيلون الصلاة ويكثرون القراءة ويتركون المسنون في الصلاة ويرتكبون المكروه فيها. وقد دخلت على بعض المتعبدين وهو يتنفل بالنهار ويجهر بالقراءة فقلت له: " إن الجهر بالقراءة بالنهار مكروه" فقال لي: " أنا أطرد النوم عني بالجهر" فقلت له: " إن السنن لا تترك لأجل سهرك ومتى غلبك النوم فنم فان للنفس عليك حقا".

 وعن بريدة قال قال رسول الله  : من جهر بالقراءة في النهار فارجموه بالبعر.

التعليق :

هذه شهادة منه واقعية عن عصره . والمضحك هذا الحديث الشيطانى الذى رواه دون خجل ولا شعور بالعار : ( من جهر بالقراءة في النهار فارجموه بالبعر. ).! البعر هو مخلفات الانعام .  فماذا إذا لم يعثروا على ( بعر ).؟؟ هل يستوردونه من سويسرا ؟؟!

 الاكثار من صلاة الليل :

 وقد لبس إبليس على جماعة من المتعبدين فأكثروا من صلاة الليل ، وفيهم من يسهره كله ويفرح بقيام الليل وصلاة الضحى أكثر مما يفرح بأداء الفرائض ، ثم يقع قبيل الفجر فتفوته الفريضة أو يقم فيتهيأ لها فتفوفته الجماعة،  أو يصبح كسلان فلا يقدر على الكسب لعائلته . ولقد رأيت شيخا من المتعبدين يقال له حسين القزويني يمشي كثيرا من النهار في جامع المنصور، فسألت عن سبب مشيه فقيل لي: " لئلا ينام" فقلت: " هذا جهل   قال إن لنفسك عليك حقا فقم ونم . "

التعليق

هذا يخالف ما جاء في القرآن الكريم عن قيام الليل . قال ربنا جل وعلا :

(كَانُوا قَلِيلا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ) 17)الذاريات )

( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ) 64 الفرقان (

 ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) 9 ) الزمر )

  ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  (20)المزمل )

 تلبيسه عليهم في القرآن  

 ( وقد لبس على آخرين انفردوا في المساجد للصلاة والتعبد فعرفوا بذلك واجتمع اليهم ناس فصلوا بصلاتهم وشاع بين الناس حالهم،  وذلك من دسائس إبليس  )

( وقد لبس على جماعة من المتعبدين فتراهم يصلون الليل والنهار ولا ينظرون في إصلاح عيب باطن ولا في مطعم والنظر في ذلك أولى بهم من كثرة التنفل ..)

(  ذكر تلبيسه عليهم في قراءة القرآن :

وقد لبس على قوم بكثرة التلاوة فهم يهزون هزا من غير ترتيل ولا تثبت ، وهذه حالة ليست بمحمودة...

قال المصنف:  وقد لبس إبليس على قوم من القراء فهم يقرأون القرآن في منارة المسجد بالليل بالأصوات المجتمعة المرتفعة الجزء والجزأين،  فيجتمعون بين أذى الناس في منعهم من النوم وبين التعرض للرياء ، ومنهم من يقرأ في مسجده وقت الأذان لأنه حين اجتماع الناس في المسجد.

قال المصنف : ومن أعجب ما رأيت فيهم أن رجلا كان يصلي بالناس صلاة الصبح يوم الجمعة ثم يلتفت فيقرأ المعوذتين ويدعو دعاء الختمة ليعلم الناس  ... وقد روى عن جماعة من السلف أنهم كانوا يقرأون القرآن في كل يوم أو في كل ركعة ، وهذا يكون نادرا منهم ومن داوم عليه فإنه وان كان جائزا إلا أن الترتيل والتثبت أحب إلى العلماء ).       

فصل :

( وقد لبس على قوم من المتعبدين وكانوا يبكون والناس حولهم ، وهذا قد يقع عليه فلا يمكن دفعه فمن قدر على ستره فأظهره فقد تعرض للرياء.  وعن عاصم قال كان أبو وائل إذا صلى في بيته نشج نشيجا ولو جعلت له الدنيا على أن يفعله واحد يراه ما فعله ، وقد كان أيوب السختياني إذا غلبه البكاء قام . )

التعليق

إنفرد إبن الجوزى في تاريخه ( المنتظم ) بذكر ( البكائين ) وهم الذين إتخذوا البكاء شريعة دينية كانوا يتنافسون فيها طبقا لدينهم القائم على السطحية والنفاق ، وكان في كتابته عنهم معجبا بهم يروى مناماتهم وكراماتهم . ولنا بحث منشور عن البكائين وتحليل لظروفهم وقتئذ . ونرى إبن الجوزى هنا ينتقدهم . أي يتناقض مع نفسه .

ملاحظة هامة :

 ونلاحظ أنه مع كثرة ما ذكره عن الصلوات الخمس وتأديتها فلم يذكر مطلقا أنه كان في عصره من ينكر الصلوات الخمس ، كما يقول بعض الجهلة المنتسبين زورا للقرآنيين ، وكم كتبنا وكم نصحنا ، وما من فائدة . وحسابهم عند ربهم جل وعلا ..

ذكر تلبيسه عليهم في الصوم

قال المصنف:

( وقد لبس على أقوام فحسن لهم الصوم الدائم وذلك جائز إذا أفطر الإنسان الآيام المحرم صومها .   وقد داوم جماعة من القدماء على الصوم مع خشونة المطعم وقلته ومنهم من ذهبت عينه ومنهم من نشف دماغه وهذا تفريط في حق النفس الواجب وحمل عليها ما لا تطيق فلا يجوز)

التعليق :

يتكلم من دينه السُنّى وفيه تحريم الصوم في بعض الأيام . وقد أورد أحاديث شيطانية في ذلك

(  فصل:

 وقد يشيع على المتعبد أنه يصوم الدهر فيعلم بشياع ذلك فلا يفطر أصلا ، وإن أفطر أخفى إفطاره لئلا ينكسر جاهه وهذا من خفي الرياء،  ولو أراد الإخلاص وستر الحال لأفطر بين يدي من قد علم أنه يصوم ثم عاد إلى الصوم ولم يعلم به . ومنهم من يخبر بما قد صام فيقول اليوم منذ عشرين سنة ما أفطرت..)

 (.. وفيهم من عادته صوم الإثنين والخميس فاذا دعي إلى طعام قال اليوم الخميس ولو قال أنا صائم كانت محنة وإنما قوله اليوم الخميس معناه إني أصوم كل خميس ، وفي هؤلاء من يرى الناس بعين الاحتقار لكونه صائما وهم مفطرون ، ومنهم من يلازم الصوم ولا يبالي على ماذا أفطر، ولا يتحاشى في صومه عن غيبة ولا عن نظرة ولا عن فضول كلمة. وقد خيل له إبليس أن صومك يدفع إثمك وكل هذا من التلبيس . )

التعليق

هذه بعض مظاهر التدين السطحى ،  ومنها ما لا يزال موجودا عند المحمديين .

 ذكر تلبيسه عليهم في الحج

  قال المصنف :

( قد يسقط الإنسان الفرض بالحج مرة ثم يعود لا عن رضاء الوالدين وهذا خطأ ، وربما خرج وعليه ديون أو مظالم وربما خرج للنزهة ، وربما حج بمال فيه شبهة ، ومنهم من يجب أن يتلقى ويقال الحاج  ، وجمهورهم يضيع في الطريق فرائض من الطهارة والصلاة ويجتمعون حول الكعبة بقلوب دنسة وبواطن غير نقية . وإبليس يريهم صورة الحج فيغرهم وإنما المراد من الحج القرب بالقلوب لا بالأبدان وإنما يكون ذلك مع القيام بالتقوى .   وكم من قاصد إلى مكة همته عدد حجاته فيقول : " لي عشرون وقفة " وكم من مجاور قد طال مكثه ولم يشرع في تنقية باطنه وربما كانت همته متعلقة بفتوح يصل إليه ممن كان ، وربما قال أن لي اليوم عشرين سنة مجاورا . وكم قد رأيت في طريق مكة من قاصد إلى الحج يضرب رفقاءه على الماء ويضايقهم في الطريق . وقد لبس إ بليس على جماعة من القاصدين إلى مكة فهم يضيعون الصلوات ويطففون إذا باعوا ويظنون أن الحج يدفع عنهم، وقد لبس إبليس على قوم منهم فابتدعوا في المناسك ما ليس منها،  فرأيت جماعة يتصنعون في إحرامهم فيكشفون عن كتف واحدة ويبقون في الشمس أياما فتكشط جلودهم وتنتفخ رؤوسهم ويتزينون بين الناس بذلك . )

التعليق

هو نفس التدين السطحى المظهرى . ولا يزال سائدا حتى اليوم .

( تلبيسه عليهم في التوكل:

وقد لبس على قوم يدعو الى التوكل فخرجوا بلا زاد وظنوا أن هذا هو التوكل وهم على غاية الخطأ  )  

التعليق :

1 ـ شاعت في دين التصوف ما أسموه بالسياحة الصوفية ، وكانت أساطيرهم تمتلىء بزعم الكرامات ، وأن أحدهم يسافر في البوادى بلا زاد ولا ماء فيضرب الأرض فينبع له الماء ، أو يرى ( الخضر ) يأتيه بالطعام . صدّق بعضهم هذه الخزعبلات ، فكان يذهب للحج بزعمه ( متوكلا ).

2 ـ إعتراض ابن الجوزى لم يرد فيه معنى التوكل على الله جل وعلا كما جاء في القرآن الكريم ، ولم يرد فيه أصلا أن الحج فرض فقط على من استطاع اليه سبيلا .

شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )

  https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran

اجمالي القراءات 143

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5250
اجمالي القراءات : 62,896,794
تعليقات له : 5,502
تعليقات عليه : 14,901
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي