العزّة

الخميس ٢٧ - فبراير - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
قال سبحانه وتعالى ( بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ (2) ص ) . السؤال : نعرف ان الكافرين فى شقاق ، ولكن ما معنى أن يكون الكافرون فى عزة ؟
آحمد صبحي منصور :

الإجابة :

 1 ـ العزة الحقيقية هى لله جل وعلا ، ومن أسمائه الحسنى ( العزيز ) وتكرر هذا كثيرا فى القرآن الكريم ، ومنه ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) التغابن ) ( وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الملك ) .

2 ـ وهو جل وعلا ( ربُّ العزة ).قال جل وعلا :

2 / 1 : ( إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) يونس )

2 / 2 : ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون َ (180) الصافات )

2 / 3 : ( بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139) النساء )

3 ـ المؤمنون المتقون بستمدون عزتهم من ربهم جل وعلا بالعمل الصالح : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) فاطر )

4 ـ لذا فإن المنافقين حين وصفوا النبى محمدا عليه السلام ب ( الأذلّ ) وهددوا بطرده من المدينة جاء الرّدُّ عليهم من رب العزة جل وعلا : ( يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (8) المنافقون )

عزّة الكافرين :

تعنى الاستكبار وزعم العلو :

1 ـ وزعيمهم إبليس الذى رفض السجود لآدم علوا وإستكبارا . قال جل وعلا : ( فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَاسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْعَالِينَ (75) ص ).

2 ـ وأشهر من علا واستكبر كان فرعون وقومه . قال جل وعلا :

2 / 1 : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) النمل )

2 / 2 : ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (4) القصص )

2 / 3 : ( وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ (39) العنكبوت )

2 / 4 : وصل به الاستكبار وزعم العزة الى زعم الالوهية ، فكان الانتقام الالهى منه . قال جل وعلا :

2 / 4 / 1 : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِينَ (38) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنْ الْمَقْبُوحِينَ (42) القصص ).

2 / 4 / 2 : ( وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42) القمر )

2 / 5 : وحين أقسم السحرة ب ( عزّة فرعون ) خسروا . قال جل وعلا : ( فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (41) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (42) قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (43) فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (44) فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45)الشعراء)

2 / 6 : وعلى عكس فرعون الذى أفسد و ( علا فى الأرض ) وتعرض للذُلّ فإن المتقين هم الذين لا يريدون ـ مجرد إرادة ـ علوا فى الأرض ولا فسادا . ليس منهم طبعا الاخوان المسلمون وأشباههم الساعون للوصول للحكم علوا وفسادا وإرهابا مستخدمين إسم الاسلام العظيم .  قال جل وعلا : ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83) القصص ).

3 ـ ولا يزال العُلُوُّ والاستكبار سائدا ، يتمثل فى :

3 / 1  : إستمرار الصراع فى سبيل الوصول للحكم أو الاحتفاظ به .

3 / 1 / 1 : قالت ملكة سبأ : ( قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34) النمل ). وهى نفسها كانت متحكمة فى شعبها باستبدادها وقادة جيشها ، وقد قالوا لها : ( قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33) النمل )

3 / 1 / 2 : لذا تتنقل السُّلطة ، ويتعرض السلطان للعزل والإذلال بل والقتل ، وشهدنا مصرع القذافى وصدام وشاوشيسكو وموسولينى وهتلر. قال جل وعلا :

3 / 1 / 3 : ( قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) آل عمران )

3 / 1 / 4  : ( اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (43) فاطر )

3 / 1 / 5 : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) الأنعام ). هذا عن صراع أكابر المجرمين من الحكام المستبدين .

3 / 2 : إستمرار تكبّر دُعاة الباطل الجهلة . قال جل وعلا :

3 / 2 / 1 : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) الحج ). أى حيث يوجد ناس فمن الناس من يفعل هذا فى كل مجتمع . هم أجهل وأضلُّ سبيلا من الأنعام ، ويسترون جهلهم بالاستكبار . قال جل وعلا :

3 / 2 / 1 / 1 : ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ (179) الأعراف ) .

3 / 2 / 1 / 2 :( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44)  الفرقان )

3 / 2 / 2 : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) البقرة ) أى حيث يوجد ناس فمن الناس من يفعل هذا فى كل مجتمع . هل تجرؤ أن تقول لشيخ الأزهر يا فلان  ؟ أو أن تقول له ( أنت ) بدون عبارات الكهنوت ( شيخ الاسلام / الإمام الأكبر ؟ ) . هل تجرؤ أن تواجهه بالحق قائلا : ( لماذا تسكت عن الظلم والتعذيب ونهب البلد وتهريب أموالها .. ألا تتقى الله ؟ ) لو قلت له ( إتق الله ) فمأواك السجن وبئس المصير .! أليس كذلك ؟ هو كذلك .!



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 989
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5192
اجمالي القراءات : 59,665,141
تعليقات له : 5,490
تعليقات عليه : 14,888
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


سؤالان : السؤا ل الأول عن مقالة :( الكذّ اب ( ابن...

أنا .. وهو .. وهى ..: وقع نزاع بينى وبين شريكت ى فى الشرك ة ، ووصل...

انواع الاستبداد: السؤا ل : فى الحقي قة كان لى فيك رأى سىء...

مسألة ميراث: توفي خالي وله اربع خوات شقيقا ت فقط ولديه م ...

زوجتى كورية : السلا م عليكم اود ان اشطار كم بعض التوج ات ...

( كبد ) من تانى .!!: الأيه الكري مة التي تقول " لقد خلقنا...

عيد الهلاوين : يحتفل أولاد نا فى امريك ا بعيد الهلا وين . .....

كتابات التعليق: لماذا لا يكون هناك ركن في الموق ع لعرض...

ضرب الزوجة: ما معنى وأضرب وهن فإن اطعنك م فلا تبغوا...

ستذكرونهنّ: اية رقم ٢ 635;٥ ; البقر ة يتكلم عن عدة...

طمع رغب قنع: نقول فلان طمّاع ، و المثل الشعب ى يقول ( الطمع...

مقالات بالفرنسية: هل لك مقالا ت بالفر نسية عن زيّ المرأ ة، ...

إبن القحبة : آسف . شتمته بالشت يمة المعت ادة ( يا ابن...

مصحف على وابن مسعود : كيف يؤخذ بمصحف عثمان وحفصه ويترك ويحرق مصحف...

رسالة هامة : جاءتن ى رسالة هامة من المهن دس العرا قى ...

more