غضب من زيادة رسوم مستشفيات الصحة النفسية في مصر: تفاقم معاناة المرضى

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٠٨ - أغسطس - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


غضب من زيادة رسوم مستشفيات الصحة النفسية في مصر: تفاقم معاناة المرضى

في وقت تزداد فيه الضغوط المعيشية على المواطن المصري، جاء إعلان وزارة الصحة مؤخراً عن رفع أسعار الخدمات في مستشفيات الصحة النفسية التابعة للأمانة العامة للوزارة، ليضيف عبئاً جديداً إلى كاهل المرضى الذين يعيشون أوضاعاً هشّة وظروفاً خاصة. وأثارت الخطوة مخاوف من تفاقم الأزمات النفسية، وارتفاع معدلات الجريمة والانتحار في المجتمع.
مقالات متعلقة :


وبحسب القرار رقم 220 لسنة 2025، الصادر عن نائب رئيس الوزراء وزير الصحة والسكان، خالد عبدالغفار، الأسبوع الماضي، بشأن إصدار لائحة مالية وإدارية لصندوق تحسين الخدمة بمستشفيات الصحة النفسية ومراكز علاج الإدمان التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية، فقد تم رفع أسعار قوائم الخدمات العلاجية التي تقدمها مستشفيات الصحة النفسية وعلاج الإدمان.

واجتاحت موجة غضب منصات التواصل الاجتماعي في مصر عقب إعلان الحكومة رفع أسعار الكشف والعلاج في مستشفيات الصحة النفسية، فقد تصدّر وسم "الأسعار الجديدة" التفاعلات، وسط مطالبات واسعة بإلغاء القرار الوزاري، وتأكيد ضرورة استمرار دعم الدولة لخدمات الطب النفسي وعلاج الإدمان.

ووصف الطبيب النفسي فادي صفوت، في منشور عبر حسابه على "فيسبوك"، قرار رفع أسعار الكشف والعلاج في المستشفيات النفسية بأنه "كارثة صحية"، مؤكداً أن "العلاج النفسي ليس رفاهية، بل يُعد حجر أساس في أمن المجتمع واستقراره". وأشار فادي إلى أن نسبة الإصابة بمرض الفصام عالمياً تبلغ نحو 1% من السكان، وبما أن عدد سكان مصر يتجاوز 100 مليون نسمة، فهذا يعني، بحسب تقديره، أن هناك ما لا يقل عن مليون مصاب بالفصام في البلاد، بالإضافة إلى أعداد أخرى من مرضى الاضطرابات النفسية المختلفة.

وأضاف: "ما نرفض تحمّله اليوم، سندفع ثمنه مضاعفاً غداً. فالنتائج المتوقعة واضحة، بدءاً من تزايد أعداد المرضى النفسيين في الشوارع لعدم قدرتهم على الوصول إلى العلاج، وصولاً إلى تحميل جهاز الشرطة أعباء إضافية، في ظل ارتفاع معدلات الجريمة، وزيادة أعداد السجناء، وحالات الانتحار، إلى جانب تفاقم الأزمات الاجتماعية، وانهيار مستقبل العديد من الأسر".

من جانبه، تقدّم الطبيب المصري عبد الفتاح محمود عبد الباقي، عضو النقابة العامة للأطباء ونقابة أطباء القاهرة، بطعن رسمي أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ضد كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة بصفاتهم، مطالباً بوقف وإلغاء القرار رقم 220 لسنة 2025 الصادر عن وزير الصحة، والذي يقضي بإلغاء مجانية علاج الأمراض النفسية في مستشفيات الصحة النفسية الحكومية.

وأكد الطبيب في دعواه الأسبوع الماضي، أن القرار "يمثل انتهاكاً صارخاً للمادة 18 من الدستور المصري، والتي تضمن الحق في الرعاية الصحية المجانية لجميع المواطنين، خاصة في الحالات شديدة الخطورة كالأمراض النفسية المصنفة في قانون رعاية المريض النفسي رقم 71 لسنة 2009 والمعدل بالقانون 210 لسنة 2020، والتي تتطلب دخولاً إجبارياً للمستشفيات حفاظاً على سلامة المريض والمجتمع".

وأشار إلى أن هذا القرار "يشكل خطراً حقيقياً على الأمن العام والسلام المجتمعي، إذ سيفتح الباب أمام تزايد معدلات الجريمة والانتحار، وتفاقم ظاهرة المرضى النفسيين غير المعالجين في الشوارع، ويزيد الأعباء على أسرهم العاجزة عن تحمل تكاليف العلاج، التي ارتفعت بنسب تتجاوز 150%".

وطالب عبد الباقي في دعواه بإلغاء القرار و"اعتباره باطلاً ومخالفاً للدستور والقانون وللأسس الإنسانية والطبية"، مشدداً على أن الدولة ملزمة – وفقاً للدستور – بتقديم الرعاية المجانية المتكاملة لمرضى الأمراض النفسية، وعدم التخلي عن مسؤوليتها تجاه الفئات الأكثر ضعفاً.

فيما اعتبرت حملة "مصيرنا واحد" أن قرار رفع الأسعار يمثل "كارثة محققة لقطاع عريض من المرضى لهم احتياجات وظروف خاصة"، مؤكدة أن "أضرار هذه الكارثة ستنعكس على المجتمع المصري بجميع فئاته". وطالبت الحملة، في بيان سابق لها، وزارة الصحة بإلغاء تطبيق القرار، وقالت إن "نتائج الأبحاث القومية التي أجرتها الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان خلصت إلى تخطي نسبة الإدمان في مصر 3% من سكانها وأظهرت أن 25% من السكان يعانون من أعراض نفسية".

وأكدت الحملة رفضها "تخلي وزارة الصحة والسكان عن مسؤوليتها نحو حقوق العاملين في أجور وبيئة مناسبة وتدريب وتعليم مهني"، مستنكرة محاولات تحقيق بعض هذه الحقوق بتحميل المريض أعباء مالية مجحفة نظير حقه في العلاج. كما تقدم النائب فريدي البياضي، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، في نهاية الشهر الماضي بسؤال عاجل إلى وزير الصحة والسكان، بشأن آثار اللائحة المالية الجديدة لمستشفيات الصحة النفسية. وأشار النائب إلى أن اللائحة الجديدة، التي بدأ العمل بها هذا الأسبوع، ترفع تكلفة إقامة المريض المحتجز من 150 إلى 550 جنيهًا يوميا، (الدولار يساوي 48.60 جنيهاً مصرياً)، دون أن تشمل هذه التكلفة أي خدمات طبية، في خطوة تثير تساؤلات دستورية وإنسانية خطيرة.

وأضاف البياضي أن "اللائحة السابقة كانت تنص على تخصيص 60% من أسرة المستشفيات الحكومية للعلاج المجاني، قبل أن تُخفض إلى 25%، واليوم يبدو أن وزارة الصحة قررت إلغاء النسبة بالكامل في مستشفيات الصحة النفسية، دون إعلان أو شفافية"، معتبراً أن "ما يحدث هو تآكل تدريجي لحق العلاج المجاني الذي نص عليه الدستور في المادة 18". وتساءل: "هل من المنطقي أن نُحمّل أسرة المريض النفسي تكلفة الحجز الإجباري المفروض لحمايته وحماية المجتمع؟ وهل تدرك الوزارة أن أغلب هؤلاء المرضى لا يمتلكون دخلًا، وأن أسرهم غالباً من الفئات الأشد هشاشة؟".فيما وصفت مها عبد الناصر، عضو لجنة الاتصالات بمجلس النواب، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، القرار بـ"غير المسؤول"، وأنه "يُضاعف معاناة المرضى وأسرهم في وقت لا يحتمل فيه المواطنون مزيداً من الأعباء". وأضافت لـ"العربي الجديد": "بموجب القرار الجديد، ارتفعت أسعار العلاج في مستشفيات الصحة النفسية لتتراوح بين 4500- 16500 جنيه شهرياً، بالإضافة إلى تكاليف الكشف الطبي التي وصلت إلى 200 جنيه في بعض الحالات". وتابعت: "بلا أدنى شك، فإن تلك الأرقام تفوق قدرة غالبية الأسر المالية، وأن النتيجة المتوقعة لهذه الزيادة هي عزوف المرضى عن تلقي العلاج، والعيش مع معاناتهم النفسية دون رعاية طبية، وهذا ما سيؤدي إلى زيادة معدلات الإدمان والانتحار بشكل غير مسبوق، فضلاً عن احتمالية ارتفاع معدلات الجريمة بشكل كبير وملحوظ...

فيما انتقدت هناء أنيس رزق الله، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، الزيادة التي بدأت الوزارة تنفيذها مؤخراً، معتبرة إياها "حلقة جديدة في مسلسل تحميل المواطن أعباء انهيار الخدمات العامة، وهي تفتقر إلى الشفافية والإعلان المسبق، خاصة في قطاع الصحة النفسية الذي يجب أن يُعامل بوصفه مسؤولية مجتمعية ودستورية، لا رفاهية يمكن التضحية بها".

وأوضحت في تصريحات صحافية، أن هذه الفئة من المرضى "تنتمي في الغالب إلى أسر فقيرة تواجه صعوبات اقتصادية، مما يجعل تطبيق اللائحة الجديدة عبئاً على الأسر الأكثر ضعفاً في المجتمع المصري، والذين غالباً لا يملكون مصادر دخل مستقرة". وطالبت وزارة الصحة بمراجعة قرارها والتراجع عن تطبيق الزيادة على حالات الحجز الإجباري على الأقل، مع تأكيد ضرورة حماية حق العلاج المجاني الذي يكفله الدستور.
اجمالي القراءات 21
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق