خطف

السبت ١٥ - فبراير - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
السؤال من الاستاذة أم محمد ما معنى ( خطف ) ؟ هل يختلف معناه القرآنى عن المعنى المعروف بيننا الآن ؟
آحمد صبحي منصور :

إجابة السؤال  :

1 ـ خطف ومشتقاتها تأتى بنفس المعنى المعروف بيننا الآن فى عالمنا المادى ، فى قول الله جل وعلا :

1 / 1 ـ ( حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31) الحج )

1/ 2 : ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنْ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20) البقرة )

2 ـ وبنفس المعنى المعروف ، ولكن فى عوالم البرزخ . قال جل وعلا : ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) الصافات ). تم طرد ابليس من الملأ الأعلى برفضه السجود لآدم ، تم تخفيض إمكاناته ليصبح مثل الجن ،قال جل وعلا  : (  وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنْ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (50)  الكهف ) ، كان من الجن أى أصبح وصار من الجن ، أى يعيش فى برازخ الأرض ممنوع عليه مثلهم أن يدخل برازخ السماوات ، بدءا من السماء الأولى .  كلما حاولوا الاقتراب من السماء الأولى (الدنيا ) لإلتقاط الذبذبات الصادرة منها عاجلتهم الشُّهّب الحارقة ، ومن يخطف منهم نبضة من الذبذبات يتبعه شهاب ثاقب يضيعها منه . قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5)  المُلك ) . وتكثّفت الحراسة بنزول القرآن ، فقد قالت الجن : (  وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعْ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً (9)  الجن ).

3 ـ الجديد هنا أن القرآن الكريم يستعمل تعبير ( الخطف ) دلالة ووصفا رائعا لنوعية الحروب العربية  وقت  نزول القرآن الكريم . كانت حروبا ( خاطفة ) ، أو (إغارات ) سريعة . بل إن مصطلح ( غارة ) أو ( أغار ) لم تأت مطلقا فى القرآن الكريم . الذى جاء هو مصطلح ( خطف ) ومشتقاته .

وجاء فى سياقات ثلاثة :

3/ 1 : عن تمتع قريش بالأمن بسبب قيامها على البيت الحرام بينما عاشت قبائل العرب فى غارات مستمرة ، يخطف بعضهم بعضا . قال جل وعلا : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67) العنكبوت )

3 / 2 : معرفة قريش أن القرآن الكريم هّدى ، ولكن إن إتبعوه سيهاجمهم العرب فى غارات سريعة تتحطّفهم . قال جل وعلا : ( وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57) القصص )

3 / 3 : بعد هجرة النبى محمد عليه السلام للمدينة ، وكانوا مأمورين بكفّ اليد عن الدفاع بينما تابعتهم قريش بغارات سريعة تتخطّف منهم من تستطيع إختطافهم . إنتهى هذا الوضع بالإذن بالقتال بعد إتمام الاستعداد الحربى ، وبعد النصرفى بدر . الله جل وعلا يذكّرهم بخوفهم السابق من خطف قريش لهم . قال جل وعلا : ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) الانفال )

4 ـ هنا لمجرد التذكير نتدبر قول الله جل وعلا :

4 / 1 : متابعة قريش غاراتها عليهم لإجبارهم على فتنتهم فى الدين والإرتداد عن الاسلام : ( ٍ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنْ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة )

4 / 2 : فى حيثيات الإذن بالقتال أنه كانوا يتعرضون لهجوم عدوهم : ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج ) . 

يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج ) . 

مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1457
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5277
اجمالي القراءات : 64,244,315
تعليقات له : 5,506
تعليقات عليه : 14,901
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


خطاب خاص وعام: كيف استدل يت على كونال خطاب موجه للمؤم نين ...

مركزللاجتماع: اخي العزي ز احمد صبحي منصور انا اعلم الضغو ط ...

كتاب الزكاة: استاذ ي الفاض ل اولا السلا م عليكم ورحمة...

عذاب القبر و البرزخ: السلا م عليكم و رحمة اللة وبركا تة ، ما رأيكم...

الظهار والطلاق: هل يؤدى الظها ر الى الطلا ق ؟ أى لو حرّم على...

سؤالان : السؤ ال الأول : نقول فلان ( ذكى ) من الذكا ء ....

روع ابراهيم : فَلَم َّا ذَهَب َ عَنْ إِبْر َاهِي مَ ...

ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول والد ى كان كريم جدا ، فى أى...

التأمين ليس حراما: انا دكتور بالبي ئة و عرض علي العمل في مخبر...

سؤالان: السؤا ل الأول : قالو ا ان حديث حب الدني ا ...

والصافات صفا: ( السلا م و رحمة الله تعالى على اهل الموق ع و...

الصبر المصرى الملعون: ما رأيك فى صبر المصر يين على ظلم العسك ر ؟ هل...

هجص القراءات: انا فى حيرة من أمري طول عمرنا بنؤمن بحفظ...

نفس .!: ما هي نفس الله عز وجل ؟؟ تَعْل َمُ مَا فِي...

ابراهيم والأجر..: أولا: ند تلاوت ى للقرآ ن الكري م وأثنا ء ...

more