التطرف فاعل أم مفعول

الخميس ٢٣ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
التيار المتطرف هل هو فاعل أو مفعول ؟ وبمعنى آخر .. هل هو رد فعل للظروف أو هو فاعل أصيل للظروف ؟ وذلك السؤال مهم جداً لأن التشخيص الصحيح للظاهرة هو البداية الحقيقية لعلاجها ..
آحمد صبحي منصور :
أعداء التطرف الدينى من خارج الأصولية الدينية يكررون أن للتطرف أسبابه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، أى أنه رد فعل للظروف ، أى أنه مفعول وليس فاعلاً .
وعلى ذلك فإن علاج أسباب التطرف تقضى على التطرف ، ولهذا يطالبون باجراءات سريعة مثل القضاء على البطالة وارتفاع الأسعار وعلاج مشاكل الشباب وعلاج أزمات النقل والإسكان والمواصلات ويطالبون أيضاً بإفساح الهامش الديمقراطى ومحاربة الفساد المستشرى في قطاعات الدولة ، وعلى المدى البعيد يطالبون بتداول السلطة وإصلاح نظام الحكم وتحويله إلى النظام اللامركزى والإدارة المحلية ، وتحويل الريف إلى عنصر جذب اقتصادى وسكانى وإنتاجى . ويقولون أن التطرف الدينى جاء نتيجة للفساد والتخبط السياسى والاقتصادى فإذا تم الإصلاح انتهى التطرف والإرهاب الدينى وذلك أقرب للصواب .
* والجناح المدنى للتطرف والإرهاب لهم رأى آخر.
صحيح أنهم يعتبرون الحكومة مسئولة أيضاً عن سبب الفساد واضطهاد الشباب المتدين وتعذيبه ولكنهم في الوقت نفسه يخلطون بين التدين والتطرف ويجعلون التدين ـ أو التطرف- ظاهرة أصيلة في الشعب المصرى ورغبة نبيلة في العودة للسلف الصالح ودعوة للإصلاح بالدين بعد أن فشلت النظريات الشيوعية والعلمانية في الحكم .
* وعليه فإن الحل من وجهة نظرهم هو في القضاء على الدولة العلمانيةالقائمة وأن يحكموا هم ليجربوا تطبيق شعاراتهم . وإذا طولبوا ببرنامج للحكم تكلموا عن عظمة الإسلام ، وتحولوا إلى الخطب الدينية وتركوا لغة السياسة ، وتحدثوا في الترغيب والترهيب والوعد والوعيد. ثم إذا عجزوا عن الإقناع تحرك الجناح العسكرى بأهم وسيلة في الإقناع وهى المدفع الرشاش.
وكما يقال فإن الجواب نعرفه من عنوانه ، وقد عرفنا ولا نحتاج إلى المزيد !!
فإذا كانوا يفعلون هكذا وهم خارج الحكم فكيف إذا حكموا ؟ !!

ونعود إلى السؤال الأساسى هل التيار المتطرف فاعل أم مفعول ؟
وكاتب هذه السطور مسلم أصولى ولكنه يعارض التطرف منذ أن بدأ ذلك عن اقتناع بأنه يخالف الإسلام وأن الإسلام يحتاج الآن لمن يعانى فى سبيل إظهار حقائقه وليس محتاجاً لمن يتاجر باسمه العظيم في دنيا السياسة والاقتصاد.
وأرى أن التدين المصرى يخالف ذلك التطرف ، فالمصرى حين يتدين يكون أكثر تسامحاً وأكثر صبراً على ظلم الحاكم أى يكون أكثر ابتعاداً عن التطرف والإرهاب ومن هنا فتلك الشراسة فى الشباب المتدين مرجعها إلى الفكر الحنبلى الوافد الذى جاءت به رياح النفط حين هاجر المصريون للعمل وعادوا بالذقون والتزمت والتعصب والتطرف ثم وجدوا الدولة تزايد على التطرف فتفسح أجهزة الإعلام للجناح المدنى للتطرف ، وفى الوقت نفسه تترك الفساد يتغلغل في أجهزتها فينتشر السخط بين الشباب وينضم إلى معسكرات التطرف وحينئذ تطارده أجهزة الأمن وتمارس معه العنف فيتحول الشاب المتطرف الى ارهابى ناقم مستعد لتدمير نفسه والآخرين .

إذن فالتطرف رد فعل لظروف داخلية وخارجية .
ولأنه رد فعل وليس فاعلاً أصيلاً فإن منجزاته كلها صورية.
صحيح أنه أنشأ الكثير من المساجد ولكنه نشر الكثير من النفاق والتحايل باسم الدين .
صحيح أنه نشر اللحى على الوجوه وغطى وجوه البنات بالنقاب ولكنه ملأ العقول بالخرافات والأساطير التى يبرأ منها الله تعالى ورسوله .
صحيح أنه انتشرت كلمات طيبة مثل " جزاك الله خيراً " ولكن انتشرت معها أيضاً اتهامات بالكفر والردة على أهون الأسباب .
إن التدين إذا كان أكثر إرتباطاً بكتاب الله تحول إلى عنصر فاعل في السلوك وتحول إلى تقوى ورقى وسماحة وشجاعة في الحق وعفو عند المقدرة. أى تحول إلى إصلاح حقيقى في النفس يكون أساس أى إصلاح سياسى واجتماعى .
هذا الاصلاح القائم على التدين الصحيح بالقرآن الكريم لا يأبه بالشعارات واللافتات مثل العمائم واللحى والنقاب ، وبالتالى يكون أبعد عن أساليب التحايل بالدين وقتل الناس وأكل أموالهم باسم إقامة المساجد ومحاولة مصادرة مستقبلهم باسم الحاكمية والسعى لقتلهم باسم الجهاد . !!



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 12405
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   محمد حسين     في   الأحد ٢٦ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[10425]

تحية عطرة

تحية للدكتور احمد على النظرة التحليلية للتطرف .... واكاد اتفق معها ولكن ينتابنى سؤال ملح ، اتعتقد ان فشل العلمانية والشيوعية او ما شابه ذلك من المسميات هو فشل للنظرية ام فشل فى التطبيق؟ وهل الفشل فى التطبيق ان صح التعبير يعكس فشل النظرية؟
اليس هذا ينطبق على فشل النظام الدينى نظرا لانه يتبع اهواء ومعتقدات كل من يفهم الدين ويطبقه كما يراه هو وليس كما انزله الله ؟ وان كان الامر كذلك فان فشل النظريات الوضعية هى استغلالها فى "الضحك على الذقون" دون المصداقية الذاتية لمطبقها على ما اعتقد .... هذا مع تحفظى على الشيوعية وافكارها المستحيلة التطبيق على سبيل المثال!!!

2   تعليق بواسطة   نجلاء محمد     في   الثلاثاء ٢٨ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[10494]

مجرد رأي

من وجهة نظري المتواضعة أن التطرف فاعل أكثر من كونه مفعول مع الأخذ في الاعتبار كل الظروف السيئة المحيطة التي تؤدي به في النهاية إلى هذا السلوك المتطرف والمخالف لكل ما أمر الله به ولكن من لديه عقيدة قوية وإيمان راسخ وقوي بالله سبحانه وتعالى مهما تعرض لكل هذه المؤثرات الخارجية من المفترض أنه لا تؤثر في سلوكه وتحويله إلى عدواني
وهناك مثل بسيط على ذلك ما نتعرض له الآن من محنة وضغوط وتعسف في معظم الإجراءات التي تثير دهشة الكثير وتثير أسئلة كثيرة من بينها لماذا يتعاملون معكم بهذه الطريقة وهذا التعسف مع كل ذلك لم نفكر ولو مجرد تفكير في أن نسلك سلوك مخالف للقانون أو للمجتمع ويكون لدينا العذر وقتها أنهم هم الذين أوصلونا لذلك ولكن الذي يحدث العكس أننا لم نسلك دائماً إلا بطريقة سلمية وغير متعصبة لأي فكر أو رأي ونصبر ونحتسب ويزداد إيماننا بالله تعالى وبعدله وأن المؤمن لابد وأن يختبر إيمانه وسوف ينال الجزاء على صبره يوم تقوم الساعة إن شاء الله تعالى.

3   تعليق بواسطة   ناعسة محمود     في   الثلاثاء ٢٨ - أغسطس - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[10502]

رأى بسيط

"إذن فالتطرف رد فعل لظروف داخلية وخارجية"
أحب أن أضيف إلى هذه الجملة عبارة " وناتج عن ضعف العقيدة والإيمان بالله" فإن أى مسلم تؤثر فيه الظروف أيا كانت وتجعله متطرفا فهذا ناتج عن خطأه هو بالإضافة لرد الفعل نتيجة الظروف الداخلية والخارجية ،ولا يمكن أن نحمل الظروف وحدها السبب ، ودائما يضع الله المسلم فى أختبارات لكى يختبر إيمانه ، فلقد قال الله سبحانه وتعالى "{أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ }العنكبوت2"

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5111
اجمالي القراءات : 56,684,714
تعليقات له : 5,445
تعليقات عليه : 14,818
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


دار الفطرة الفاطمية: هل صحيح أن المصر يين ورثوا ( فطرة العيد ) من...

عن لحظة الاحتضار: سؤال من الاست اذة القرآ نية منيرة محمد حسين...

مسألة ميراث : اطرح مسألة ما جاءت فی القرآ ن: مات شخص...

ليس حراما : لدي سؤال بخصوص الزين ة. في مجتمع اتنا اغلب...

هذا الرجل الرائع: جاءتن ى هذه التهن ئة من السيد ة الفاض لة ...

ما رأيكم فى المعتزلة: الشيخ الفاض ل احمد منصور السل ام عليكم...

الصوم نافلة: هو فعلا خاتم النبي ين كان بيصوم الاتن ين ...

قوم لوط وبناته: سلام الله عليك ورحمت ه وبركا ته، ي سرني ...

لكم دينكم ولنا ديننا: هل يتصرف القرآ ني نفس تصرف السلف يين ...

شكرا لك واهلا بك : متى يستيق ظ الحجا ج؟ رغم كل ماقلت عن بدع رمي...

المرض والشفاء : هل يوجد ما يسمي بمرض وراثي ’ وكيف ؟ومن خلال...

الدفاع عن الأقباط: ورد في تعليق ك بأن قلت للاقب اط أن يدعوك انت...

الاوقاف : ما رأيك في مال الأوق اف؟ ...

معنى آية : معنى هذه الآية : (كَان النَّ اسُ أُمَّ ةً ...

زكاة الوديعة: بسم الله الرحم ن الرحي م الا ستاذ/ احمد...

more