عمرو توفيق Ýí 2013-07-04
بسم الله الرحمن الرحيم
مقرطة الإسلام وأسلمة الديمقراطية؟
الغريب أننا نرى البعض يتشدقون بالديمقراطية وشرعية رئيس (منتخب من الشعب)، رغم أن سلفهم لم يؤثر عنهم قاعدة اسمها ديمقراطية وانتخابات حرة، اللهم إلا علي بن أبي طالب الذي جاءته الأمة تسعى لمبايعته مرغمة إياه‘ بالتهديد بالقتل‘ على قبول البيعة! فيما عدا ذلك يحاول الفقهاء تجميل العملية التتويجية على أساس أنها كانت تعقد بما ابتدعوه من قاعدة (أهل الحل والعقد). و(أهل الحل والعقد) تعبير مبهم: فمن هم أهل الحل والعقد أصلا؟، وكم نسبتهم من الأمة؟، وهل الذين حضروا سقيفة بني ساعدة من أهل الحل والعقد كانوا يمثلون الأمة! وقد غاب عنها وجهاء القوم مثل علي بن أبي طالب الذي كان مشغولا بتورية جثمان الرسول صلى الله عليه وسلم، كما غاب غيره من الوجهاء، وحيث قال عمر بن الخطاب: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها!؟ ثم إن تولية عمر الخلافة كانت بأمر من أبي بكر! ثم وضعها عمر في ستة من اختياره! فأفضوا بها إلى عثمان الذي ثار عليه الكثيرون، فكانت النتيجة قتله وبعدها تكالبت الأمة على علي بن أبي طالب لمبايعته. ثم حدث النزاع الشهير حيث انقض معاوية على السلطة، فآلت إليه بعد أن آثر الحسن بن علي حقن دماء المسلمين. ثم إن معاوية ابتدع نظام التوارث في المُلك بإجبار الناس على مبايعة ابنه يزيد في حياته بقوة السلاح، فأصبحت الخلافة ملكا يتوارثه ابناء الملوك إلا أن يأتي من ينزعهم عن الملك ويتغلب عليهم. ولكي يبرر الفقهاء صحة تولية الملك الجديد ابتدعوا قاعدة: (نحن مع من غلب) أي أن الذي ينجح في انتزاع الكرسي له حق السمع والطاعة (...وإن أخذ مالك وجلد ظهرك... وما إليه من أحاديث). إذن ففقهاء السلف لم يكن لهم نظرية واضحة في المُلك، فضلا عن ما يسميه اليوم الفقهاء الجدد بالديمقراطية ؟ إذن فبأي حق يتشدقون بالديمقراطية بشكلها الغربي من انتخاب لرئيس الجمهورية وتشكيل أحزاب للدخول في المجلس التشريعي: البرلمان وما إلى ذلك من آليات الديمقراطية الغربية؟
والآن نحاول أن نتدبر في الفرقان ما يتصل بقضية المُلك وأمر الأمة.
آيات تولية المُلك:
(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [٢:٢٤٧]
فطالوت نال المُلك بنص إلهي عليه بلسان نبيهم، ولمّا أرادوا الاعتراض عليه بقلة ماله، احتج الله تعالى بأحقيته في الملك بعلمه وقوته، وبأن لا تتدخلوا في مشيئة الله، فهو يؤتي الملك من يشاء!
بل قد جعل الله لهم آية (علامة عظيمة) على ملكه، فلنتأمل:
(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [٢:٢٤٨]
وقد جعل الله تعالى ليوسف آية أيضا وهي قدرته على تأويل رؤيا الملك حينما عجز الجميع، فمكنه الملك،:
(وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ [١٢:٥٤]
قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ [١٢:٥٥]
وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [١٢:٥٦]
وقال يوسف:
(رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [١٢:١٠١]
فرئيس القوم من هذه الآيات هو كشمس الظهيرة في كبد السماء تختفي معها كل النجوم!
ثم الشورى
(وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [٤٢:٣٨]
إذن الأمر شورى، وبالتالي أولو الأمر، هم القائمون على الشورى، فيطاعون فيما توصلت إليه شورى الأمة:
ويقول الله للرسول الكريم، وهو الموحى إليه، عليه الصلاة والسلام:
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [٣:١٥٩]
فالأمر ليس لأحد أن يستأثر به دون الآخرين.
ويعاني المجتمع الإسلامي اليوم من صور للاستبداد :
استبداد المال: ففي النظم التي تدعي الديمقراطية لا يملك الكثيرون من الحكماء الدعاية الانتحابية لأنفسهم لعدم امتلاك المال،وقد عالج القرآن استبداد المال بقوله:
(مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [٥٩:٧]
فيسعى القرآن في هذه الآية وفي كثير غيرها إلى إزالة الفوارق الفاحشة بين طبقة وطبقة لئلا تستعبد الطبقة الفاحشة الثراء الطبقة المدقعة الفقر، وكذلك أقول إن السلاح، وهو الأقوى من المال، يجب ألا يكون في يد فئة بعينها بحيث يتيح لها التحكم في العُزَّل.
ثم استبداد رجال الدين سواء بمرجعية مؤسسة دينية كما في البلاد السنية، أو مرجعية فقيه، كما في إيران والتي أسسها الخميني بنظرية ولاية الفقيه. صحيح أن هناك تفقها في الدين، ولكن ليس لشخص بعينه، ثم إن هذا التفقه هو لإنذار القوم بالقرآن لا الاستبداد بالسلطة أو الاستئثار بالفتوى:
(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚفَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [٩:١٢٢]
وكم من أناس ليسوا بعمائم ولا ينتمون للمؤسسة الدينية هم أفقه من ذوي العمائم؟؟!! إذن فحجية الفتوى هي في الدليل عليها وليست الحجية لقائلها، إلا أن يكون رسولا يوحى إليه.
حكم التحزب
إن الاختلاف في الرؤى لا يبرر التحزب والانقسام إلى شِيع وجماعات، فمن كانت له رؤية اليوم قد تبدو له أخرى غدا، فيصير التحزب ذريعة إلى التعصب لحزب دون حزب بغض النظر عن الأفكار التي تتغير من حين إلى حين، وهكذا يتولد التناحر على السلطة:
(مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ [٣٠:٣١]مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [٣٠:٣٢]
(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [٦:١٥٩]
ببساطة، كل من له رؤية يستطيع أن يبديها في عملية الشورى الملزمة للحاكم، وهي يسيرة جدا اليوم بعد اختراع التكنولوجيا الإلكترونية.
خاتمة: إننا إذن إذا وصفنا الإسلام بالديمقراطية فهو إنقاص من قدره، اللهم إلا إذا عنينا بها منع الاستبداد بالسلطة. فلا مقرطة للإسلام ولا أسلمة للديمقراطية.
دعوة للتبرع
شيعى محترم: سلام عليكم أری ;د أن أتمنّ ی منکم أن لا...
صديق فرنسى: صديق فرنسي مثقف جدا و على اهثما م كبير...
صرصر: ما معنى ( صرصر ) التى جاءت فى قصة قوم عاد ؟ ...
قتل شبه عمد: هل يوجد فعلا ما يسمى( بالقت ل شبه العمد )فى...
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول : عندم ا يظلمن ا شخص فندعو...
more