مصطفى فهمى Ýí 2011-10-07
فى هذا المقال القصير سوف أبدأ من بعيد ثم أقترب من المراد
فى نصوص العقود التى تقوم على نظرية الالتزامات المتبادلة فى فترة زمنية مكانية، محددة، بين أطراف متساوية أو إن كان سياديا من طرف واحد (مع الوضع فى الاعتبار قدرة الأطراف و العلم الآنى)، نرها تبدأ بالتعريفات، أى بتعريف الكلمات و معناها و محتواها التى يجب أن تفهم به و لا غيره، و تصير الكلمة المعرّفة "مصطلحا" يحتوى معناها المقصود الذى أتفق عليه كلما ذكرت الكلمة فى نص العقد و لا "تأول" حسب السياق، و هذه التعريفات و المصطلحات لازمة و ضرورية لاستقرار تنفيذ المراد من التعاقد أو الحكم فيه عند الاختلاف، و كلما كانت كلمات العقد و مصطلحاته معرّفة و ليست متشابهة كلما قل الاختلاف فى تنفيذه فى الزمان (فترة العقد) و المكان (مكان تنفيذه)
و العقد بهذه الطريقة و بحكم و إحكام مصطلحاته وكلما قلت فيه المتشابهات، يكون نجاحه فى الهيمنة على إِحكام تنفيذه فى واقع الزمان المحدد له و المكان المعقود فيه و مرجعيته النسبية، .... وإن كان هنا يجدر القول أن عوامل هذا النجاح هو أول عوامل فشله عند تطبيقه فى زمان أو مكان مختلف
القرآن رسالة نصية من الله إلى الناس، فمن آمن منهم بالله يكون أرتضى إبرام عقد سيادى معه و أرتضى المراد منه حيث أن عنوان العقد و المراد منه هو "الهدى" {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) البقرة}، و الهدى هنا مبَيَن فى نصوصه، و من آمن بتلك الرسالة (القرآن)، فهنا يكون (القرآن) هو نص العقد، بما فيه من النصوص المحكمة، وهى الكليات العليا البينة التى تفصل بين الحق و الباطل التى لا تتغير و تحكم تنفيذه لكل من أرتضى إبرامه مع الله فى كل زمان و أى مكان، و كذلك بما فيه من النصوص التى تتشابه على المتعاقِد (و إن كانت تخدم مراد العقد) فيكون على المتعاقد واجب البحث فى تلك النصوص المتشابهات فى العقد للوصول إلى معنى لها يغنيه فى التطبيق فى مكانه و زمانه و حدود ما يعلم . .. و كل ما يصل إليه عند إذ يعتبر حقا نسبيا، لتحقق الهدى بشرط عدم التناقض مع كليات النص المحكمة للعقد و مبتغاه.
هذا الحق النسبى الذى يصلح للمكان و الزمان و الذى لا يتناقض مع الكليات و المبتغى، قد يصلح للاستمرار عبر الزمان و خلال المكان، أو قد لا يصلح، و لا يفصل فى ذلك إلا الاختبار الفعلى. .. و العمر الزمنى للأفراد أو الأمم المحدود لا يصلح للحكم بالقطع بالصلاحية، و من هنا كان لزوم ما قاله الله {وَ "مَا" يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}، فتأويل النص هو الوسيلة الوحيدة المتاحة لمحاولة فهم المتشابه فيه لإمكان تطبيقه عبر الزمان و خلال المكان، بالتالى لا يجوز تثبيت مصطلحات لتلك المتشابهات (الحق النسبى) و بالضرورة كذلك لا نستطيع فرض مصطلح أو فهم معين و لا غيره على الكلمة التى تحكم فهم المتشابه من النصوص عبر الزمان و خلال المكان
أظن أن الخطأ الذى وقع فيه المتعاقدين مع الله و مازالوا يقعون فيه، هو قبول تثبيت فهم المتشابه فى العقد، و وقف و تجميد التعريفات التى وصلوا إليها أو وصلت إليهم و إلحاقها و لصقها بالنص الأصلى وجعلها من مصطلحاته و أدواته التى يُفهم بها و يطبق على أساسها و لا غيرها و فرضها على من يعاصرهم أو يليهم فى الزمان و على من يجاورهم أو يبعد عنهم فى المكان، فيصل نص العقد إليهم فاقد النطق لا يتكلم بلغة مفهومة لمفردات زمانهم ... و ساكنا لا يتحرك فلا يستطيعون تطبيقه فى مكانهم ..... فيموت النص
{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (26) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) الفرقان}
أشكرك على مداخلتك القيمة و أستعين بتعليق سابق لى فى مقالى السابق (مشكلة عقل القرآن) حيث أتكلم فيه و كذلك فى المقال الحالى، عن خطورة تثبيت الفهم الإنسانى للمتشابه فى القرآن و تعريفه و تأويله تأويلا محددا و لا غيره يصل إلى حد المصطلح.
" فلنفرق بين المقصود بالتأويل من جانب الله للمتشابهات و بين التأويل البشرى لها، والعبرة هنا أين نقف حينما نتدبر المتشابه فى النص القرآنى و كلماته، هل نقف فى الجانب الإلهى حيث يعلم هو كلماته و يعلم تأويلها، أم نقف فى الجانب البشرى الذى يحاول تأويل المتشابه ليفهمه بعلمه فى مكانه و زمانه فى محاولة منه لتحقيق المراد الإلهى؟"
و لك منى كل الود
يا مؤمنة بحجاب الرأس .. أدينى عقلك .. وأمشى حافية
يا مؤمن بصحة كتاب البخارى أدينى عقلك وأمشى حافى
هل تثاب بكمْ ما تقرأ من القرآن؟
دعوة للتبرع
حكم ايمان الأغلبية !: من وضع أحادي ث جمع القرآ ن و خصوصا الأحا ديث ...
مولد وصاحبه غايب: سلام عليکم يا دکتر احمد صبحي منصور انا ليس...
كتاب الحج: بحثت كثيرا في الموق ع عن الحج وكلي قناعة أنه...
فصال الطفل عن امه: هناك آية تقول ( وفصال ه فى عامين ) وآية أخرى...
سؤالان : 1ـ عن ( الانس ان فى القرآ ن الكري م ) : ( فى...
more
الأستاذ الكبير / مصطفى فهمي السلام عليكم ورحمة الله .. يقول تعالى ( {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً }الكهف109
ومعنى هذا أن كلمات الله لا تنفد أبدا ولا يحيط بها مفسر أو من يؤول .. وأن التأويل في السياق القرآني بمعنى التحقيق أي أن يتحول الخبر أو البشارة أو التحذير إلى حقيقة واقعة لم تكن موجودة وقت الإخبار ..به .. فالجنة والنار لم تخلقا بعد .. ومعنى تأويل الجنة والنار أي تحقيق وجودها حقيقة واقعة .. وهذا يحدث يوم الحساب والوفاء بالثواب والعقاب..
ومن هنا أقول .. أن النص القرآني لايموت أبدا .. ولكن أصحاب التأويل يموتون..
وهذا قدر مكتوب علينا جميعا..
أطال الله عمرك وبارك فيه .. والسلام عليكم.