آحمد صبحي منصور Ýí 2025-05-04
تجميع الجزء الثانى من القسم الثانى من كتاب الشريعة الاسلامية
الفصل العاشر :
التشريع الجديد والتشريع المتوارث:
أولا :
1 ـ محمد هو خاتم النبيين عليهم جميعا السلام ، والقرآن الكريم هو الكلمة النهائية في رسالات الله جل وعلا ، وهو المهيمن على الكتب الالهية التى سبقته والمصدّق لها . ولا شك أن هناك تحريفات قد حدثت وأن ضلالاً قد وقع، والشيطان قائم وهو يمارس نفس اللعبة مع كل جيل بنفس الطريق، والضلال الذى كان يقع في الزمن القديم كان يأتى رسول من الله يصححه، ثم نزل القرآن الكريم كتاباً محفوظاً إلى يوم الدين ليكون حجة على كل ضلال وبهتان مهما تخفي خلف أسماء وواجهات.
2 ـ على أن التحريف لا يعنى فساء كل الأصل النقي، وإنما هو إضافة أكاذيب للأصل وتغيير بعض النصوص، والضلال لا يعنى القضاء النهائي على كل مظهر خيرِّ والإلغاء التام لكل بذرة حق، ذلك أن سنة الصراع بين الحق والباطل- في كل عصر- تفرض ألا يتمكن أحدهما من إلغاء لآخر تماماً ولكن تظل بذرة الآخر كامنة تنتظر الوثوب، فقبل نزول القرآن الكريم كان في العرب قلة من الحنفاء يعبدون الله جل وعلا على ملة إبراهيم، وبعد أن ظهر الإسلام ظل هناك منافقون صُرحاءومنافقون مردوا على النفاق ، وهم الخلفاء الفاسقون وصحابة الفتوحات ، والذين إرتكبوا أفظع جريمة فى الكفر العملى ، والتى نشأت عليها وترعرعت وسادت الديانات الأرضية الشيطانية ، وبها إتّخذوا القرآن الكريم مهجورا . ولكن لم يستطيعوا القضاء النهائى على القرآن الكريم . كل ما هنالك تحريفات وتلاعب بالآيات القرآنية ، يعزّزها عدم الفهم لمنهج التشريع القرآنى ، ومنه تعامل القرآن الكريم مع التشريعات الموروثة ، وهل كل ما وجدنا عليه آباءنا نتركه .
ثانيا :
1 ـ يلفت النظر أن مقالة ( ما وجدنا عليه آباءنا ) تأتى لما يخالف القرآن الكريم ، فالقرآن الكريم هو الحكم على المتوارث ، وليس العكس . كانت حجة الكافرين السابقين فى تقديس البشر والحجر أن هذا هو ما وجدوا عليه آباءهم . وتكرر هذا فى قريش والعرب ، وحتى الآن فيما يسمونه بثوابت الدين . ويتهموننا بالكفر لأننا نحطم ثوابت دينهم بالقرآن الكريم .
نكتفى بقوله جل وعلا :
1 / 1 :( بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) الزخرف ).
1 / 2 : ( إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (69) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ (70) الصافات).هذا عن أصحاب الجحيم .
2 ـ ذرية ابراهيم ( أبناء إسماعيل ( العرب ) وأبناء إسرائيل ) توارثوا ملة أبيهم إبراهيم فى العبادات ، وأخطر ما إرتكبوه فى التحريف أنهم لم يكونوا (حنفاء ) أى مخلصين فى إيمانهم بالله جل وعلا وحده لا شريك له ، بل أشركوا به غيره ومعه فى الايمان والعبادة والتقديس . لذا تكررت الأوامر بإتّباع ( ملة ابراهيم حنيفا ) .من ملة ابراهيم توارث الناس العبادات ، منذ أن دعا ربه جل وعلا : ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ) (128) البقرة ).
ثالثا :
أحدث أئمة المحمديين أنواعا متنوعة من التحريف ، تحت عناوين التفسير والحديث وعلوم القرآن وأسباب النزول والنسخ . هذا مع وضوح البيان القرآنى . وسبق أن كتبنا فى ذلك . ولكن بقى بعض الصحيح من ملة ابراهيم المتوارثة ـ ونزلت تشريعات جديدة مفصّلة ، وتشريعات تصّحح أخطاء وقعت ولا تزال تقع . وعلى من يجتهد فى الشريعة الاسلامية أن يعى هذا .
ونعطى أمثلة للعبادات المفروضة :
الحج :
كانت الكعبة أول بيت وضعه الله جل وعلا للبشر ، ثم أوضح الله جل وعلا مكانها لإبراهيم وأمره أن يقيم قواعدها بمعاونة ابنه إسماعيل وأن يدعو الناس للحج إليها وأن يقم الصلاة حولها:( البقرة /124: 130، 3/95: 97،) ( الحج 26، 27).
أحدثوا تحريفات متنوعة ، منها :
1 : مدة الحج ،وهى أشهر معلومات ، أى الأشهر الحرم الأربعة ، قال جل وعلا : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197) البقرة ) وتبدأ بإفتتاح موسم الحج ( يوم الحج الأكبر، وتنتهى بالشهر الرابع ( ربيع الأول )، وهذا هوالمستفاد من أوائل سورة التوبة ( 1 : 5 ) . بل إن التحريف لحق بالأشهر الحرم ، لأن أبا بكر الزنديق بدأ الفتوحات فى الأشهر الحُرُم ، وتوالت الفتوحات والحروب الأهلية دون أدنى إحترام لها ، ولا تزال حتى الآن حيث يسير المحمديون فى نفق الفتنة الكبرى ولا يزالون. وعزّز هذا أن الخليفة الفاسق عمر بن الخطاب جعل التقويم القمرى يبدأ ليس بشهر ذى الحجة ( أول الأشهر ) ولكن بشهر محرم .
2 ـ كان العرب يحترمون الأشهر الحُرُم ، وكل ما كانوا يفعلونه هو النسىء ، وجعله رب العزة جل وعلا زيادة فى الكفر ، قال جل وعلا ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) التوبة ).فكيف بما فعله الخلفاءالفاسقون.؟!
2 : إنتهكوا حرمة الكعبة، إذ صارت مسرح صراع عسكرى بين إبن الزبير والأمويين ، ثم كان سهلا أن يهاجمها القرامطة فيما بعد .
3 ـ ساد عصيان تشريعات الله جل وعلا الذى أمر بأن يكون البيت الحرام مثابة للناس وأمنا وأن من دخله كان آمنا ، وأيضا من قصده للحج ، ومنع الكافرين المعتدين من دخوله، وتحريم الصّد عن الحج للبيت الحرام لكل المسالمين على السواء ، من كان من مكة أو قادما اليها . السبب بسيط هو أن الكافرين من الخلفاء والسلاطين هم الذين تحكموا فى البيت ، كانوا ـ ولا يزالون . وكان الأعراب يهاجمون قوافل الحج ، يسلبون ويقتلون الحُجّاج.!. راجع الآيات الكريمة التالية التى كفروا بها : ،( البقرة 125 : 126 ) ( آل عمران 97 ) ( المائدة 2 ) ( التوبة 28 )( الحج 25 )( الأنفال 34 )( الفتح 24 : 27 ). يكفى أن الله جل وعلا توعّد من يريد ( مجرد الارادة والنيّة )الإلحاد فى البيت الحرام بعذاب أليم. (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) الحج ).!
4 : ولا ننسى إقامة القبر الرجسى المنسوب للنبى محمد زورا وبهتانا ، وفرض الحج اليه ، وجعل المدينة حرما . ثم إضافة ما سمُّوه بالمسجد الأقصى ، والذى أسسه عبد الملك بن مروان على أنقاض الهيكل الاسرائيلى ، لصرف الناس عن البيت الحرام الذى كان يسيطر عليه إبن الزبير ، ثم أتمّه الوليد بن عبد الملك . المسجد الأقصى الحقيقى هو طور سيناء . ولنا كتاب منشور هنا فى ذلك .
ثم تناثرت القبور المقدسة للحسين وغيره ولأولياء التصوف . ويشدون اليها الرحال ، فيما يسمونه بالموالد ، وينحرون عندها ، كما كان العرب يفعلون فى الجاهلية وأسوأ .
5: نزلت فى الحج تشريعات قرآنية :
5 /1 : جديدة : ( البقرة 196 : 203 ) ( المائدة 94 :98 )
5 / 2 : فى التصحيح : ( البقرة 189 )
ولنا كتاب منشور هنا عن الحج .
الصلاة
1 ـ لم يتعرض القرآن الكريم لكيفية الصلاة . وبينما كانوا يسألون النبى عن اشياء كثيرة بل ويكررون نفس الأسئلة وتتنزل الآيات بالاجابة ( يسألونك عن ..قل ) فلم يأت سؤال مطلقا عن عدد الركعات ومواقيتها .وهو نفس ما تقع فيه الآن من معرفة كيفية الصلاة ولكن نصلى لله وللأولياء !..كانت الصلاة ـ ولا تزال ـ على المؤمنين كتابا موقوتا ( النساء 103 ).
2 ـ المشكلة الكبرى أن العبادات كلها ـ وأبرزها الصلاة ـ هى وسائل للتقوى ( البقرة 21 ، 183 ، 197). حين تكون هدفا فإنها تتحول الى وسيلة للعصيان ، كما فعل الخلفاء الفاسقون الذين حرصوا على ( تأدية الصلوات ) وهم يعتدون على من لم يهاجمهم ، ويسفكون الدماء ويسلبون الأموال ويسبون النساء والأطفال . ولا يزال الارهابيون على نفس الدين الشيطانى يسيرون، من أبى بكر الزنديق الى أبى بكر البغدادى الداعشى.! حافظوا على كيفيتها ومواقيتها ، ولكن أضاعوها بالمعاصي والشرك الذي يحيط العمل، لذا كان التركيز على الأمر ليس بتأدية الصلاة ولكن بالخشوع فيها وفى إقامتها والمحافظة عليها بأن تتجلى فى سلوك المؤمن ليكون تقيا مفلحا مستحقا للجنة ، قال جل وعلا : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) المؤمنون ) .وأيضا:( العنكبوت 45)و( المعارج 22 :35 ).
3 ـ كان إذا حدث تهاون أو تفريط نزل القرآن ينبه عليه مثلما حدث حين انفضوا عن النبي وهو يصلى الجمعة فنزل التوبيخ ( الجمعة 9 : 11 ) . لم تنزل الآيات لتشرع صلاة الجمعة بل لتعلق على خطأ وقع أثناء تأدية صلاة الجمعة . كان العرب يعرفون صلاة الجمعة ولذلك سمو اليوم بيوم الجمعة لاجتماعهم فيه للصلاة.. ولم يرد في القرآن تحديد أيام الأسبوع لأنها معروفة، وذكر القرآن الكريم يوم السبت لارتباطه باختلاف اليهود فيه، وهكذا فما هما معروف وواضح لا ينزل فيه تشريع، ولكن إذا حدث خلل في تأديته كان الوحي ينزل بتصحيحه .
4 ـ ثم انتقل المسلمون إلى المدينة فنزل اختبار لهم هو تغيير القبلة ثم الرجوع للقبلة التى كانوا عليها وهى المسجد الحرام، ليتعلموا طاعة الآمر جل وعلا ، ولنزع القداسة والتأليه لحجارة الكعبة . وقد فصل القرآن الكريم ذلك الأمر( البقرة 142: 150)
ونزلت تفصيلات في الطهارة والتيمم والتطهر (النساء / 43، المائدة6) وفرض الله القتال على المسلمين في المدينة، وكان بعضهم يهاجر إليها في خوف، ولأن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً فكيف يؤدونها أثناء الخوف والمطاردة؟ نزلت تفصيلات ذلك في السور المدنية (النساء/79: 104) ( البقرة /238: 239).
ولنا كتاب ضخم يقارن بين الصلاة الاسلامية والصلاة الشيطانية .
( الصدقة ) الزكاة المالية وجهادا فى سبيل الله جل وعلا :
كان إسماعيل أبو العرب يعلم أولاده الصلاة مع الزكاة ( مريم 55 ). وكان العرب مشهورين بالتفاخر في الكرم فنزلت آيات تصحح الوضع بالنهى عن الاختيال والتفاخر والرياء (.النساء 38 : 39 ) وأوضح رب العزة جل وعلا مصارف الزكاة والصدقة ومقدارها وآدابها، مع تحريم ربا الصدقة والحث على حقوق الفقراء والمساكين ( البقرة 2 ، 177 ، 261 : 281 ، 215 ، 219) ( الروم 38 : 39 ) ( النساء 36) ( التوبة 60) ( الفرقان 67 )( المنافقون 10 : 11 ) ثم : ( البقرة 195 ) ( النساء 95 :96 ) ( الحديد 7 : 11 )( محمد 38 ) وعرضنا للتفاصيل فى كتاب منشورهنا عن الزكاة .
الصيام:
1 ـ أول آية فى تشريع الصيام توضح إنه كان مفروضاً على السابقين وتجعل التقوى هدفا للصيام ( البقرة /183. ). كيفية الصيام هى الامتناع عن الطعام والشراب والتمتع بالزوج ، ولم يفصل القرآن الكريم في هذا لأنه معلوم وكان العرب يتوارثونه ، فلا داعي لتفصيل هم يعرفونه.
2 ـ ونزلت تشريعات جديدة :
2 / 1 : بالأعذار المبيحة للفطر . ( البقرة 184 : 185 ).
2 / 2 : وكان الصوم يمتد معظم الليل والنهار ويكون وقت الإفطار مقصوراً على الفترة ما بين بداية الليل إلى العشاء ثم يواصلون صيام إلى اليوم التالي، وكان بعضهم يفوته أن يلبي احتياجاته من الطعام والشراب والزوجة في ذلك الوقت القصير، فنزل تشريع يمد الإفطار من بداية الليل على الفجر ( البقرة /187) .
وهناك عبادات أخرى نزلت تفصيلاتها من تلاوة القرآن الكريم والانصات اليه والتسبيح والدعاء وقيام الليل . وقد صادروها بحديث ملعون يزعم أنه ( بُنى الاسلام على خمس ) . كما أفسدوها بتحويلها الى غناء ولعب ولهو ورقص.
وأيضا كتبنا فى هذا فى موسوعة التصوف وفى قناتنا على اليوتوب .
الفصل الحادى عشر : التشريع والقصص الماضى والمعاصر
مقدمة :
1 ـ للقرآن الكريم منهج فى القصص مختلف عن التأريخ البشرى :
1 / 1 : فلا يهتم القصص القرآنى بتحديد الزمان والمكان وتسمية كل أبطال الأحداث ، بينما لا بد من هذا فى التأريخ . السبب أن الهدف من القصص القرآنى هو العبرة والعظة ، لذا تتجرد القصة القرآنية من كل ما يربطها بالزمان والمكان لتصبح عبرة تسرى فوق الزمان والمكان .
1 / 2 : مجال التأريخ البشرى هو الماضى والحاضر فقط . وهو يسجل ما يُتاح له التسجيل ، بالنقل عن السابقين أو بالتسجيل المعاصر من شهود على العصر . ولكن الذى لا يظهر فى التأريخ المعاصر ليس الحقيقة التى جرت بالفعل ، خصوصا فى تسجيل ما يفعله الحكّام ومعارضيهم ، حيث التآمر للإحتفاظ بالسلطة أو الوصول اليها ، وفى هذا التآمر لا يطفح للعيان إلا القليل . فكيف بالتأريخ للموتى بعد عصورهم . لذا فالرواية التاريخية ــ إن صحّت بمقياس البحث التاريخى وهو مجالنا ـــ فهى حقيقة نسبية ، لأنها تحكى عن ( غيب ) لا يعلم حقيقته إلا علّام الغيوب جل وعلا . لا ينجو من هذا إلا المكتوب فى الأمثال الشعبية وكتب الرحّالة وفى وثائق لم يكن مقصودا منها التأريخ ، بل تسجيل ما يحدث . أما مجال القصص القرآنى فيشمل الماضى من خلق آدم ومن جاء بعده ، وبعض ما كان يحدث معاصرا للنزول ، ثم ما سيحدث فى المستقبل من علامات الساعة وقيامها ووقائع اليوم الآخر. و كل هذا هو حقائق مطلقة لأن الذى يخبر بها هو عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال .
2 ـ ماذا عن القصص القرآنى والتشريع ؟ هذا هوموضوعنا .
أولا :
التشريع لا يؤخذ من القصص القرآنى عن السابقين . نعطى مثلا من :
قصة يوسف :
فى بدايتها إشارة عن القرآن الكريم أحسن القصص وفى نهايتها جاء الهدف من القصص وأنه العبرة . وبينهما تناثرت أحداث لا مجال فيها للتشريع ، مثل كيد إخوته له ، وسوء معاملتهم لأبيهم واتهامه بأنه فى ضلال مبين وفى ضلاله القديم . وفيها مكر يوسف باخوته ليستبقى أخاه الشقيق ، وبكاء يعقوب حتى أصابه العمى ، وفيه سجود الوالدان والأخوةـ ليوسف .
قصة موسى
قتل الرجل المصرى ، و أمر قومه بالانتحار ( البقرة 54 )، وفى غضبه مما فعله قومه بعد رجوعه من لقاء ربه ألقى الألواح وبطشه بأخيه هارون ، وتدمير العجل الذهبى الذى صنعه السامرى . وفى قتل العبد الصالح صاحب موسى للغلام . هذا بالاضافة لايذاء قومه له ، وعصيانهم ، ومزاعم فرعون وطغيانه .
ويلفت النظر قوله جل وعلا فى التقلبات التى حدثت ليوسف ( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (21) يوسف ) والتقلبات التى حدثت لموسى ( إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنْ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40) طه )
ثانيا
القصص القرآنى يؤخذ منه التشريع .
وهو نوعان :
التشريع الخاص بوقته فيما يخصُّ النبى ونسائه
ومنه تحريم الجهر بالقول للنبى ( الحجرات2 : 5 ) و تحريم نكاح من تزوجها النبى وكونهن أمهات المؤمنين، ( الاحزاب 6 ، 28 : 34 ) والنكاح له بدون مهر ، وما يخص دخولهم بيوته والتعامل مع نسائه ، والأجر المضاعف لهن والعقوبات المضاعفة لهن لأنهن لسن كبقية النساء : ( الأحزاب28 : 34 ، 50 : 55 ). .
التشريع القابل للتكرار عند تأسيس دولة إسلامية مثل دولة النبى محمد فى المدينة.
مثل :
سورة النور :
بدايتها فريدة ، بعدها أحكام تشريعية جديدة ، مثل جلد الزانية والزانى ، وتحريم الزواج بالزانية والزانى فى حالة عدم التوبة ( بما ينفى اسطورة الرجم ) وجلد من يقذف المحصنات ، والتلاعن بين الزوجين ، وعدم دخول البيوت إلا بعد الإذن ، وغض البصر للرجال والنساء ، وتشريعات الزى والزينة للنساء ، والتشجيع على نكاح غير المتزوجات والصالحين من ملك اليمين ، ومكاتبة ملك اليمين أى أن يشترى حريته ، وعدم عقوبة الأمة المملوكة عند إكراهها على ممارسة الزنا . وكل هذا بسبب حادثة الإفك ، وهى أن المدينة إمتلأت بالمهاجرين والمهاجرات ، وكان منهم فقراء وفقيرات . المؤمنون من الأنصار كانوا يؤثرون على أنفسهم مع ما بهم من فقر ، فيعطون المهاجرات الفقيرات . المنافقون أشاعوا إفكا بعلاقات جنسية محرمة ، لذا نزلت تلك التشريعات . وفى كتابنا ( القرآن وكفى ) أثبتنا أنه لا علاقة لعائشة بهذا الموضوع . وحفلت سورة النور بتشريعات إضافية عن إستئذان الأطفال على الوالدين ، وعن الإلزام بحضور مجالس الشورى .
تشريعات أخرى :
النهى عن ( الظهار ) أى أن يحرّم الزوج الاتصال الجنسى بزوجته ، وكيفية الخروج منه ( الاحزاب 4 ، المجادلة 1 : 4 )
تحريم التبنى ( الاحزاب 4 ، 5 ، 36: 40 ).
العلاقات المتغيرة مع الكافرين المعتدين حسب القوة والضعف :
كان النبى والمؤمنين معه تحت إضطهاد ، دفعهم للهجرة الى المدينة ، وكانت هذه الهجرة تخطيطا من أكابر قريش ، ودفعوا بجواسيسهم لتصنّع الايمان وأحاطوا بالنبى فى مكة ، ثم هاجروا معه الى المدينة ، وجرت مصاهرات بينه وبينهم . إنهم المنافقون الذين مردوا على النفاق ، والذين إرتكبوا جريمة الفتوحات .
فى مرحلة الضعف فى مكة والتعذيب كان مسموحا بتلفّظ الكفر ( النحل 106 ) وكانت الهجرة فرضا على المستطيع ، ومن يرفض الهجرة مع قدرته عليها فمصيره النار . ( النساء 97 : 100 ) ذلك إن العمر الذى يعيشه الانسان قصير ، أما الأرض فهى كروية أى واسعة ، ونحن فيها مثل نملة تسير على سطح بطيخة ، لا يمكن أن تصل الى نهايتها ، ولا يصحُّ تضييع العمر القصير تحت إضطهاد فى مكان . ( العنكبوت 56 : 57 ) ( الزمر 10 ). ووعد الله جل وعلا من يهاجر فى سبيله بثواب فى الدنيا والآخرة ( النحل : 41 : 42 ) ( الحج 58 :59 ) . ونزل تشريع قصر الصلاة عند المطاردة فى الهجرة أو فى القتال ( النساء 100 : 103 ). فى عصرنا الحديث هاجر المستضعفون من اليهود والنصارى ، فتبدلت أحوالهم فى العالم الجديد .
تابعت قريش الإغارات على المدينة . قال جل وعلا : ( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة ) حتى كان أهلها يخافون أن يتخطفهم الناس ( الأنفال 26 ) ، وكانوا وقتها مأمورين بكفّ اليد والهروب لأن المواجهة مع عدوهم ـ وهم غير مستعدين ـ تعنى إستئصالهم . كان لا بد من الاستعداد الحربى ( الانفال 60 : 61 ). هذا الاستعداد هو للردع وليس للهجوم والبغى . بعد تمام الاستعداد نزل الإذن بالقتال الدفاعى رفض فريق من المؤمنين هذا متمسكين بكفّ اليد . قال جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) (77) النساء ). ثم كانت معركة بدر، وما تلاها .
نزل الإذن بالقتال وفيه حيثيات ومبررات القتال الدفاعى : ( الحج 39 : 40 ). ونزلت تشريعات القتال الدفاعى بالتفصيلات، أهمها أن يستمر حتى ينتهى الهجوم ، فإن إنتهى هجومهم توقف القتال الدفاعى ، وأن يكون القتال قصاصا عادلا مع الأمر بالتبرع المالى للقتال ( البقرة 190 :195) ( الانفال 38 : 40 ). ونزل تشريع توزيع الغنائم ( الانفال 41 ) وتوزيع الفىء الآتى بلا قتال ( الحشر 6 : 9 ).
على هامش تشريعات القتال نزلت تشريعات ، منها :
1 ـ كانت المدينة مفتوحة أبوابها لمن يأتى من خارجها يتعرف على الاسلام ، كان منهم أعراب كافرون يأتون للتواصل مع المنافقين فى المدينة ، حيث أقاموا مسجد الضرار وكرا للتآمر ( التوبة 107 ). كانوا يأتون يتعرفون على مناطق الضعف ، ويحصلوا على معلومات ، . إنفضح أمرهم ، وثارت تساؤلات بشأنهم فنزلت الآيات توضح أنواعهم ومتى يجب قتالهم ، وشروط قبولهم ، وهى الهجرة والإقامة فى المدينة الى جانب بقية الصحابة المنافقين ، يمارسون الحرية الدينية والسياسية بلا حمل للسلاح ( النساء 88 : 91 ).
2 ـ تحريم الفرار من ميدان المعركة والوعيد لمن يفرُّ بجهنم ( الأنفال 15 : 16 )
3 ـ كان بعضهم يعقد عهدا ثم إعتاد نقض العهد فنزل الأمر بقتالهم الى درجة أن يتعظ بهم غيرهم ، وأنه إذا خاف من قوم خيانة فليعلن هذا لهم مقدما حتى يرجعوا عن خيانتهم ( الأنفال 55 : 58 )
4 ـ دخل أهل مكة فى الاسلام ضمن الأفواج التى دخلت فيه طواعية ( سورة النصر ) ، ثم ما لبث أن نقض العهد بعض أهل مكة ، وثاروا وهمُّوا بإخراج الرسول فنزلت سورة التوبة ، وفى آياتها الأولى منحهم مهلة الأشهر الحُرُم الأربعة ليرجعوا الى المسالمة ، فإذا إنتهت الأشهر الأربعة الحُرُم ( ذو الحجة ، محرم ، صفر ، ربيع القتال ) وجب قتالهم ، هذا مع مراعاة من يتراجع منهم فى ساحة القتال ويستجير بالمؤمنين. وإن رجعوا وتابوا توبة ظاهرية بقبول الاسلام السلوكى بمعنى السلام فهم أخوة فى هذا الاسلام السلوكى . ( التوبة 1 : 15 )
5 ـ منع الكافرين المعتدين من دخول البيت الحرام ، لأن الله جل وعلا جعله مثابة للناس المسالمين وأمنا ( التوبة 28 ) ( آل عمران 97 ) ( الحج 25) ( البقرة 125 ).
6 ـ قتال أهل الكتاب المهاجمين المعتدين ، وبهزيمتهم عليهم دفع الجزية جزاءا على عدوانهم . دون إحتلال أرضهم . ( التوبة 29 )
7 ـ ثم تحريم الموالاة . أى أن توالى عدوا معتديا على وطنك وقومك .
7 / 1 : فالمؤمنون فى الداخل أولياء لبعضهم البعض ، والمؤمنون فى الخارج الرافضين للهجرة للمدينة لا موالاة لهم حتى يهاجروا ، ولا بد من أن يوالى المؤمنون بعضهم بعضا لأن الكافرين المعتدين يوالى بعضهم بعضا . ( الأنفال 72 : 75 ).
7 / 2 : وفى البداية نزلت سورة الممتحنة ( 1 :9 ) تُعيب على بعض المهاجرين مودتهم لأهاليهم الكفار فى مكة ، وتستثنى المسالمين منهم . وتشريع الفحص الأمنى للمهاجرات ، وبيعتهن ( الممتحنة 11 : 12 )
7 / 3 : ونزل التغليظ فى موضوع الموالاة بالتحذير والتهديد من الذى يعلم غيب القلوب ( آل عمران 28 :30 ).
7 / 4 : ذلك أن الصحابة من منافقى المدينة وقعوا فى هذه الخيانة ، بموالاة الكفار العرب ، والكفار المعتدين من أهل الكتاب ، فنزل التنديد بهم ((139) النساء 139 ) ( المجادلة14 : 22) ( التوبة 23 : 24 ) ( المائدة 51 : 58 ).
أخيرا
هذه التشريعات خالفها :
1 ـ أبو بكر الزنديق وصحابة الفتوحات والخلفاء الفاسقون ، سواء :
1 / 1 :بغزو من لم يعتد عليهم ، وسفك دماء المدافعين عن أوطانهم ، وإسترقاق الذرية وسبى النساء والأطفال ، ونهب الأموال وفرض الجزية ،ثم جعل ذلك هو الاسلام .
1 / 2 : الحروب الأهلية من الفتنة الكبرى وما تلاها صراعا من أجل الثروة والسُّلطة . ولا يزال المحمديون فى نفق الفتنة الكبرى يسيرون ، إذ أصبح الخلفاء الفاسقون آلهة فى الأديان الأرضية الشيطانية التى نبتت وترعرعت فى دول الخلافة .
2 ـ ( حماس ) وأخواتها .
التدرج فى قتال المعتدى والذى أشرنا اليه يمنع مواجهة المعتدى وأنت فى ضعفك . عليك بالبدائل من الهجرة والمُسالمة . وفى حالة إسرائيل بالذات فإن الذى يهدد بتفكيكها ليس الحرب الذى تجعلهم يتّحدون وينسون خلافاتهم ،ولكن بالسلام الذى يُظهر خلافاتهم . يكفى تدبر قوله جل وعلا فى اسلوبهم الحربى والشقاق بينهم : ( لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ) (14) الحشر ). حماس إعتادت أن تهاجم ثم تختفى بين المدنيين تتخذهم دروعا بشرية فى حقارة منقطعة النظير.! ، ثم حفرت أنفاقا تختفى فيها تاركة الشيوخ والأطفال والنساء لقنابل إسرائيل . وفى النهاية تدمرت غزة وأهلها ، وانهزمت حماس . نبهنا كثيرا لهذا . ولا فائدة .
الفصل الثانى : ألفاظ التشريع ( فرض ، حدود الله ، الاعتداء والمعتدون )
أولا : ( فرض )
تأتى ( فارض ) بمعنى خارج التشريع , فى قصة موسى وذبح البقرة : ( قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرُونَ ) 68 البقرة ). فارض اى بقرة كبيرة فى السّن.
2 ـ كفر إبليس. قال عنه جل وعلا : ( لَّعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ( 118 ) النساء )
3 ـ بمعنى : أوجب قال جل وعلا :
3 / 1 ـ ( إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) القصص 85 )
3 / 2 ـ ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) 197 ) البقرة )
عدا ذلك يأتى مصطلح ( فرض ) بمعنى التشريع :
وأبرزها فى تشريعات سورة النور ، وقد بدأت بقوله جل وعلا : ( سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ . 1) ) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ) (10))
فى تشريع الصدقات . قال جل وعلا :
( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ( 60 ) التوبة )
فى تشريع الميراث . قال جل وعلا :
( لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا ( 7 ) النساء )
فى تسمية مهر الزوجة بالفرض. قال جل وعلا :
1 ـ ( وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ( 24 )
النساء )
2 ـ ( لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ) 236 ) البقرة ) ( وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) ) 237 ) البقرة )
بين ( فرض ل ) و ( فرض على )
فرض ل : نتدبر قوله جل وعلا :
1 ـ ( مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ) (38)الاحزاب )
2 ـ ( قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) ) ( 2 ) التحريم )
فرض على : : نتدبر قوله جل وعلا :
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ )( 50 ) الاحزاب )
بين الفرض وتعدى حدود الله جل وعلا . نتدبر قوله جل وعلا فى ختام تشريعات الميراث :
( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13 ) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ ( 14 ) النساء )
ثانيا : حدود
تأتى فى التشريع السُّنّى بمعنى العقوبات . أمّا فى التشريع الاسلامى فتعنى التشريعات الالهية الممنوع التعدى عليها والاقتراب منها . قال جل وعلا :
1 ـ فى تشريع الصوم : ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ( 187 ) البقرة فى تشريعات الطلاق. قال جل وعلا :
1 ـ ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(229) فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(230)البقرة )
2 ـ ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) ( 1 ) الطلاق )
3 فى تشريع الظهار . قال جل وعلا :
( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 4 ) المجادلة ).
وعن الصحابة المنافقين الذين كانوا ( يحادُّون ) أى يتعدُّون على حدود الله جل وعلا ، قال جل وعلا :
1 ـ) إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ (5) يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(6)المجادلة )
( إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ(20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(22)المجادلة ).
ونتدبر قول الله جل وعلا عن الكافرين :
1 ـ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ( 63 ) التوبة ) 2 ـ ( الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( 97 ) التوبة
وعن المؤمنين :( التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ( 112 ) التوبة ).
أخيرا :
لذا يأتى وصفهم بالاعتداء والمعتدين . قال جل وعلا :
عن الذين يحاربون المسالمين ظلما وعدوانا :
1 ـ ( وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ( 190 ) البقرة ).
2 ـ ( كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ(9) لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ(10)التوبة )
التعدّى فى تشريع الطلاق :
1 ـ ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( 231 ) البقرة )(231)
2 ـ ( فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(230) وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(231) البقرة )
3 ـ التعدّى فى تحريم الحلال :
3 / 1 : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ( 87 ) المائدة )
3 / 2 : ( فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(115) وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) النحل )
4 ـ التعدّى على مقام رب العزة جل وعلا فى تشريع الميراث . قال جل وعلا :
( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(13) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ(14)النساء )
5 ـ التعدّى على مقام رب العزة جل وعلا فى تشريع الدعاء . قال جل وعلا :
( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ(55) وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ(56)الاعراف ). هذا ينطبق تماما على المحمديين الذين إتخذوا دينهم لهوا ولعبا ، وتحول الدعاء عندهم الى أناشيد وغناء ورقص ومجون . قال جل وعلا عن أصحاب النار : ( وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51) الأعراف ) . والذى يؤكد أنهم المحمديون الآية التالية : ( وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) الأعراف ).
الفصل الثالث :
ألفاظ التشريع ( الحلال والحرام ، الاجتناب ولا تقربوا )
ألفاظ الحلال خارج التشريعات
1 ـ بمعنى الإقامة . قال جل وعلا :
2 البلد ) ) وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ(
الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ )35 فاطر
2 ـ الوقوع فى كارثة : قال جل وعلا :
( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ) 28 ) ابراهيم )
( كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى ) 81 طه )
( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ(39) مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ) الزمر )
فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن
يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي ) طه 86
وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ) ( 31 ) الرعد )
( فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ( 39 ) هود )
المكان . قال جل وعلا :
وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) 196 ) البقرة)
هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ) 25 الفتح )
( لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) 33 الحج )
التكفير والفدية . قال جل وعلا :
قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ) التحريم 2
العلاج : من دعاء موسى :
( ( طه 27 ) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي )
بين ألفاظ الحلال والحرام
فى تشريعات النكاح .
قال جل وعلا :
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ الَّلاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ الَّلاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ الَّلاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) 23 ) النساء ).
ملاحظة :
الحلال هو الأصل . والحرام إستثناء .
فى تشريعات الطعام
قال جل وعلا :
سورة يونس
( قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ) 59 )
سورة النحل
( فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ(114) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (115) وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(118)النحل )
سورة الحج
( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ) 30 الحج )
سورة البقرة
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ(168)البقرة)
سورة المائدة :
1 ـ ( أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1 )
2 ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(3)سْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ(4) الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ ) (5) المائدة )
3 ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ(87) وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِيَ أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ(88)المائدة )
ملاحظات :
1 ـ الحلال هوالأصل .
2 ـ يحرم تحريم الحلال .
3 ـ المحرم من الطعام إستثناء .
عن المسجد الحرام والاشهر الحرم والصيد
قال جل وعلا
سورة المائدة
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ ) (2)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ(95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(96) جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(97) المائدة )
فى سورة التوبة
إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(36) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(37)التوبة
تشريعات جديدة
الغنائم
قال جل وعلا
( فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا ) ٌ(69) الأنفال )
تفريعات إضافية فى الحلال والحرام
هذا حلال وذاك حرام
أحلّ وحرّم : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) (275)البقرة )
لا يحل ( أى يحرم )
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ )(10)الممتحنة )
( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) (228) البقرة )
( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(229) فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(230)البقرة )
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا ) ( 19 ) النساء )
تشريع مستجد بالحلال بعد الحرام :
( وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ) (50)آل عمران )
( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ) ( 187) البقرة ).
تشريع مستجد بالحرام بعد الحلال
( فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا(160)النساء ) ( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ ) (93)آل عمران )
النهى للنبى محمد عن تحريم الحلال
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(1)التحريم )
الحلال والحرام فى التشريعات الخاصة بالنبى
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا(50)تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا(51) لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا(52)الاحزاب )
ثانيا
الاجتناب وعدم الاقتراب
مصطلح الاجتناب خارج التشريعات
قال جل وعلا :
( سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى(10) وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى(11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى(12)الأعلى
( فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لا يَصْلاهَا إِلاَّ الأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى(16) وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى(17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى(21)الليل
تشريعات الاجتناب وعدم الاقتراب
فى الخمر والميسر والقبور المقدسة والأحاديث الشيطانية الطاغوتية
قال جل وعلا :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(90) المائدة )
( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ(35)ابراهيم
( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ(30)الحج
( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ(17)الزمر
فى الصلاة :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ) (43) النساء )
الظّن السىء :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) (12)الحجرات
مال اليتيم
( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) (152) الانعام )
( وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ) (34)
فى الفواحش
تحريم الفواحش وكل ما يُقرّب منها :
قال جل وعلا :
( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ(7)المؤمنون )
( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ(31) المعارج )
( وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) (151) الانعام )
( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (32) الاسراء )
( فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ ) (37) الشورى
ولكن القاعدة الأساس :
1 ـ من يجتنب الكبائر يكفّر الله جل وعلا عنه السيئات الصغائر . قال جل وعلا :
(إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا(31)النساء)
2 ـ هذه الصغائر من السيئات هى ( الّلم ) أى الذى تلُمُّ به كل نفس ، وهو مغفور لمن يجتنب الزنا والكبائر من من الذنوب . قال جل وعلا : ( لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى(31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) (32)النجم )
أخيرا
1 ـ الفرق بين الحرام العادى والإجتناب :
ليس الاجتناب مطلوبا فى الحرام العادى ، مثلا : المحرمات فى النكاح كالأم والأخت والبنت ..الخ يجب مودتهن وليس إجتنابهن . وليس واردا إجتناب المحرم فى الطعام كالميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير .
الاجتناب لا يعنى التدمير . هو مجرد الابتعاد وعدم الاقتراب . ليس فى الاسلام مصادرة للأحاديث الشيطانية الطاغوتية ولا للقبور المقدسة ( الأنصاب ) .
2 ـ المحمديون على القبور المقدسة عاكفون بينما فى المحرمات من الطعام يجادلون .!
القسم الثانى :
الباب الثالث
من العقوبات الى مدى الإلزام
الفصل الأول :
العقوبات فى الشريعة الاسلامية
أولا :
العقوبات الدنيوية والأخروية معا :
بعضها جاء فيما يخص حق الله جل وعلا .
كقوله جل وعلا :
1 ـ ( فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ(56) آل عمران)
2 ـ ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(114)البقرة ).
وقد يكون العذاب دنيويا فقط لدفعهم للتوبة .
قال جل وعلا : ( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(21) السجدة ).
ثانيا :
العقوبات الإلهية الخاصة بحقوق البشر فى الدنيا
تتنوع من أمراض وخزى وخسارة ومصائب . وهى لمن يظلم وينجو من عقاب السُّلطة ، ويتعرض لها ــ خصوصا ـ أكابر المجرمين ، الذين يمكرون للوصول الى السلطة أوالبقاء فيها ، يرتفعون ثم يسقطون ، يتعرضون لإختبار العزة والذل ، وفى أوقات العزة والسلطة لا يثقون فى أحد ، ويظلون فى شكوك وحذر وتآمر الى الموت أو السقوط . ( الأنعام 123 ) ( آل عمران 26 ) . ونرى ما يحدث لأكابر المجرمين فى كوكب المحمديين ، وهم الأكثر إجراما والأكثر نفاقا . وهم مهما يحدث حولهم ولهم فلا يتوبون ولا يتذكرون ( التوبة 126).
ثالثا :
تطبيق العقوبات الدنيوية فى الدولة الاسلامية
1 ـ التقوى هى المقصد الأعظم من كل العبادات ( البقرة 21 ، 183 ، 189 ، 196 ، 197) ، وأيضا هى الهدف من كل التشريعات . ويوم القيامة لن يدخل الجنة إلا المتقون ( مريم /63 ) ( الزمر/73 ).
2 ـ ولأن التقوى هى الهدف الأعظم من التشريع الأسلامى فهى أيضا الهدف الأعظم من تطبيق العقوبات ، فهى ليست للإنتقام وإنما للإصلاح ودفع الإنسان للتوبة الظاهرية . وهى بالاسلام السلوكى الذى يعنى السلام مع الناس وأن يأمنه الناس . بالتالى تسقط العقوبة بهذه التوبة الظاهرية .
3 ـ وطبقا لما جاء فى القرآن الكريم فإن باب التوبة يظلُّ مفتوحا للإنسان طالما بقى حيا يسعى قادرا على عمل الطاعة وإرتكاب المعصية ، والله سبحانه وتعالى يدعوه أن يتوب مهما بلغت آثامه ( الزمر/53 ) . فإذا أدركه الموت ورقد على فراش الأحتضار ضاعت فرصته فى التوبة ( النساء / 17 ، 18 ) .
4 ـ بل أن التوبة عرضها رب العزة جل وعلا على الكفار المعتدين يطلب منهم أن ينتهوا فإن انتهوا عنه غفر الله لهم ما تقدم من ذنبهم وأتاح لهم صفحة جديدة ( الانفال / 38 ، 39 ) ، ( البقرة/ 192 – 193 ) بل أن الكافرين المعتدين الذين اعتادوا نقض العهود والأعتداء على المسلمين المسالمين فى عهد النبى محمد عليه السلام قد أعطاهم الله مهلة أربعة أشهر ( التوبة 1 : 11 )
5 ـ وإذا كانت التوبة توقف عقوبة المشركين المعتدين وتعطيهم فرصة لبدء عهد جديد من الصلاح الظاهرى فإن المسلم المسالم غير المحارب أولى بهذه الفرصة إذا وقع فى ما يستوجب العقوبة ومعناه أن التوبة توقف تطبيق العقوبات فى الأسلام .
6 ـ ليس هذا إستنتاجا عقليا فقط وإنما هو قراءة للنصوص القرآنية التى جاءت فى تشريع العقوبات .
رابعا :
التوبة تُسقط العقوبة
سورة النور هى أول سورة مدنية حفلت بالتشريعات ، ومنها ما يخص العقوبات .
قال جل وعلا : ( سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ (2) الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (4) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10).
نلاحظ :
1 ـ البداية الفريدة للسورة ( آية 1 )
2 ـ الجلد ـ وليس الرجم ـ عقوبة الزنا . ( آية 2 )
3 ـ عقوبات إضافية :تحريم الزواج بالزاينة وبالزانى .
4 ـ مفهوم الزانى والزانية هو الذى لا يتوب والتى لا تتوب .
5 ـ عقوبة قذف المحصنات العفيفات بدون إثبات 80 جلدة وعدم قبول شهادتهم باعتبارهم فاسقين .
6 ـ تسقط هذه العقوبات بالتوبة العلنية . كما جاء فى الآية 5.
7 ـ سورة النور مدنية . قبلها نزلت سورة الفرقان فى مكة ، وفيها صفات عباد الرحمن وهم أصحاب الجنة . ومن صفاتهم قوله جل وعلا : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71) . ضمن صفاتهم أنهم إذا وقعوا فى الكبائر كالقتل والزنا فهم يتوبون ويؤمنون ويعملون الصالحات ، وبهذا تغطى أعمالهم الصالحة على ما ارتكبوه من كبائر ، وبالتالى يكتسبون وصفا جديدا ، ليس الزانى والزانية أو القاتل والقاتلة .
8 ـ عند تعذر أثبات الزنا على امرأة مشهورة بإحتراف الفاحشة فإن التشريع الأسلامى يوجب إستشهاد أربعة شهود على إحترافها الزنا ، فإذا شهدوا فإن عقوبتها سلبية هو حبسها وإمساكها فى بيت بحيث لا يدخل إليها أحد فتضطر إلى التوبة أو الزواج ( النساء / 15 )
9 ـ وهناك عقوبة للشذوذ هى أقل من أن توصف بالعذاب . ففى حالة الشذوذ فإن اللذين يقعان فيه يجب إيذاؤهما قولا ، فإن تابا وأصلحا فيجب الأعراض عنهما ( النساء / 16 )
10 ـ سورة المائدة من أواخر ما نزل فى المدينة . قال فيها جل وعلا :
10 /1 : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39) ). التوبة الظاهرية هنا تُسقط العقوبة فى الدنيا . وإذا كانت توبة ظاهرية قلبية فهو مستحق للغفران يوم القيامة .
10 / 2 : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (3 3) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34) . هنا عصابة تقطع الطريق ، وهو عمل موصوف بأنه حرب لله جل وعلا ورسوله ـ أى كتابه القرآن الكريم ـ وعقوبته تتدرج حسب الجرائم ، من القتل والصلب وتقطيع الأطراف ، الى النفى . إذا تابوا قبل مواجهتهم والقدرة عليهم سقطت عقوبتهم .
11 ـ فى إفتتاحية سورة التوبة ـ وهى أيضا إفتتاحية فريدة لسورة هى من أواخر ما نزل فى المدينة ، قال جل وعلا :
( بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12) أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (13).
نلاحظ :
11 / 1 : المعيار هنا هو الاسلام السلوكى ـ بمعنى السلام ، والإيمان السلوكى بمعنى الأمن والأمان . والكفر والشرك هنا مقترنان كما فى توارد مصطلحى الكفر والشرك فى سياق الاعتداء الحربى ونقض العهد بالأمن والأمان والسلام ، حتى لقد همُّوا بإخراج الرسول ، وهم الذين بدأوا العدوان ونقض العهود .
11 / 2 : مع ذلك فإن المقاتل الذى يتوب منهم فى أرض المعركة فيجب تأمينه وإجارته وتوصيله الى مأمنه .
11 / 3 ـ والذين يتوبون عن الحرب فهم أخوة فى الاسلام السلوكى بمعنى السلام وفى الايمان السلوكى بمعنى الأمن والأمان . وهذه التوبة ــ طبقا لمعيار الاسلام السلوكى والإيمان السلوكى ـ هى إقامة للصلاة وإيتاءا للزكاة .
أخيرا
1 ـ فى كل الأحوال فالتوبة الظاهرية تعنى إعلان الندم والاعتذار وردّ الحقوق والتعهّد بعدم العودة لارتكاب الجرائم .
2 ـ فى القصاص أو قتل القاتل المتعمد لا يستلزم بالضرورة توقيع عقوبة الأعدام فهى محصورة بشروط محددة هى التكافؤ بين القاتل والقتيل ثم يمكن حين يرضى أهل القتيل بأخذ الدية أن ينجو القاتل من الأعدام .
3 ـ من الطبيعى أن يستغل بعضهم هذا التسامح فى تشريع العقوبات فيفلت من تطبيقها عليه وقد يستمر فى جرمه دون أن يضبط متلبسا . هنا لن يفلت من عقوبات رب العزة سبحانه وتعالى فى جهنم . وعقوبات الله سبحانه وتعالى ستكون أفظع وأقوى من العقوبات المقررة فى تشريعات الأسلام التى تنفذها الدولة الأسلامية . لنتعرف على فظاعة العذاب الخالد فى جهنم نقرأ على سبيل المثال : (الكهف 29 ) محمد 15 ) ( الصافات 64 : 67 ) (الدخان 43: 50 )( ابراهيم 16 : 17 )( الحج 19 : 22 ) ( فاطر 36 : 37 ) .
4 ـ ولكن فى النهاية نعيد التأكيد على إن العقوبات الألهية والعقوبات التى تنفذها الدولة الأسلامية ليس الهدف منها الإنتقام وإنما إعطاء فرصة للإنسان العاصى والمجرم كى يتوب ويفتح صفحة جديدة لينجو من العقوبة العظمى يوم القيامة وهى الخلود فى النار .
التعليقات(4)
مصلحون /صالحون.
جزاك الله جل وعلا خير الجزاء دكتور أحمد المحترم وبارك بعمرك وعلمك. بما أن الموضوع تطرق إلى العقوبات وخاصه العقوبات الإلهية. يقول الله جل علا (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ). فهل هذا العقاب يشمل الصالحون من القرى. وما الفرق بين الصالحون والمصلحون. ولكم من التقدير والاحترام.
تحليل قرآني قيّم
تحليل ممتاز للآيات القرآنية المتعلقة بالعقوبات والتوبة. الربط بينهما وإبراز أن التوبة (بشروطها) قد تُسقط العقوبة الدنيوية هو استنتاج مهم ومثير للاهتمام، ويقدم رؤية تركز على الرحمة الإلهية
بارك الله فيك استاذي الفاضل
شكرا جزيلا استاذ حمد ، وجزاك الله جل وعلا خيرا، وأقول:
1 ـ الصالحون هم الذين يعملون الصالحات عن إخلاص الدين للرحمن جل وعلا . المصلحون هم دُعاة الإصلاح ، وفى مقدمتهم الأنبياء . قال النبى شعيب عليه السلام : ( قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) هود ) .
2 ـ تعرضت الأمم السابقة للهلاك عقابا إلاهيا . ترددت قصصهم فى سور كثيرة ، ومنها سورة ( هود ) وقد قال جل وعلا فى نهاية السورة : ( فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) هود ) . ومنها سورة الشعراء : ( وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) ).
شكرا جزيلا استاذ عادل ، وأهلا بك فى موقعك أهل القرآن
ونتمنى أن تواصل عطاءك ، وأن نستفيد منه.
الفصل الثانى :
مدى الإلزام فى الشريعة الاسلامية
نعيد التذكير بما سبق تأكيده من أن :
1 ـ الحرية الدينية المطلقة فى الاسلام ، وأن الحكم فى الاختلافات الدينية بين البشرمرجعها الى الله جل وعلا يوم القيامة . يكفى قوله جل وعلا : ( قُلْ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) الزمر ).
2 ـ التقوى هى المقصد الأعلى لكل العبادات ولكل الأعمال الصالحة ، ولا يعلمها إلا الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور .
3 ـ الاسلام نوعان :
3 / 1 : الإسلام الدينى تعاملا مع الله جل وعلا ، إيمانا به جل وعلا وحده وإخلاص الدين والعبادة له جل وعلا وحده ،والايمان بحديثه وحده ( القرآن الكريم وفقط ) .
3 / 2 : الاسلام السلوكى فى التعامل مع الناس ، بالسلام والأمن والأمان . وهنا فقط مدار التطبيق فى الشريعة الاسلامية .
4 ـ بالتالى فهاك :
4 / 1 : حق الله جل وعلا علينا فى أن نؤمن به وحده إلاها ، وبقرآنه وحده حديثا ، وهذا مرجعية الحكم له جل وعلا فى الدين الى يوم الدين .
4 / 2 : حقوق العباد ، ومنها تطبيق العقوبات ، وقد تعرضنا لها آنفا . وهذه هى وظيفة الدولة فى الاسلام ، والتى تكون فيها الأمة مصدر السلطات ، وتكون فيها المواطنة الكاملة لكل المواطنين وبالمساواة . فهم مالكو الدولة والوطن .
5 ـ نعطى تفصيلا :
أولا :
حرية إقامة بيوت العبادة لكل المواطنين ، من مساجد لله جل وعلا وحده ومن مساجد ضرار ، وحسينيات ومقامات وقبور مقدسه ومن معابد وثنية وكنائس وأديرة ومعابد لليهود ولكل الأفراد والطوائف .
نتذكر هنا إنّ:
1 ـ المقصد من القتال الدفاعى فى الاسلام هو :
1 /1 : منع الفتنة فى الدين أو الاضطهاد الدينى حتى يكون الدين لله جل وعلا وحده يحكم فيه يوم الدين ، قال جل وعلا : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193) البقرة ) ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) الأنفال )
1 / 2 ـ حصانة بيوت العبادة للجميع . قال جل وعلا :
( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً ) (40) الحج ).
2 ـ الأمر بالاجتناب تشريعا إسلاميا يعنى بقاء تلك المعابد غير الاسلامية وعدم التعرّض لها .
لقد أوضح رب العزة جل وعلا إن تلك المعابد المقدسة هى من ( عمل الشيطان ). الشيطان لا يقوم بنفسه بتصنيع الأنصاب ، ولكنه هو الذي يوهم الناس بأن مواد البناء في الضريح مقدسة وتختلف عن أى مواد أخرى تبنى بها البيوت والمساكن والصانع، وهو الذي يوهم الناس بأن المقبور تحت الرماد لا يزال حياً ولكنه معتقل تحت الأرض يري ويحس بمن يطوفون بالضريح من فوقه، وطبعاً فلا يشكو من طول فترة اعتقاله في زنزانة انفرادية تحت الأرض ولا يتضرر من آلاف الأقدام التى تسير دائماً فق رأسه. الشيطان هو الذى يحجب العقل عن التفكير السليم ويجعل الناس يؤمنون بأن هناك إلها محبوسا تحت الرماد يستجيب لهم ويرفع عنهم الضرر.. والشيطان هو الذي يقنع الناس بأن مملكة الأموات هى التى تتحكم في مملكة الأحياء. كل هذه المعانى وغيرها تندرج تحت قوله تعالى عن الأضرحة "من عمل الشيطان".
3 ـ فى الدولة الاسلامية فى المدينة ـ وقائدها هو النبى محمد عليه السلام ـ كان المؤمنون سلوكيا يعكفون على الأنصاب ويدمنون الخمر والميسر والأزلام . كل ما جاء هو الأمر بالاجتناب . قال جل وعلا :
3 / 1 : فى أوائل ما نزل فى المدينة : ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) الحج )
3 / 2 : عصوا هذا ، فكان من أواخر ما نزل قوله جلّ وعلا فى سورة المائدة :
3 / / 2 / 1 :( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ )(3) المائدة )
3 / / 2 / 2 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92) المائدة )
نرجو فقط تدبر قوله جل وعلا : ( رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ )( فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ )
3 / 3 : هدم الأنصاب والأوثان في عقول الناس واعتقادهم نظرية صائبة . حين يتهدم ذلك الاعتقاد الخرافى من قلوب الناس تصبح هذه الأضرحة مجرد تماثيل صخرية، يتندر بها الناس على قلة عقولهم حين قدسوها. أما إذا بادر حاكم مسلم إلى تدميرها فإنها ستعود معززة بأساطير تزعم الانتقام ممّن سبق وهدمها .
4 ـ فى الدولة الاسلامية فى المدينة ـ وقائدها هو النبى محمد عليه السلام ـ كان للمنافقين الحرية المطلقة فى إعلان الكفر وممارسة المعارضة السياسية وفى التآمر والذى وصل بهم الى إقامة مسجد الضرار . قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109) لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمْ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (110) التوبة ). نلاحظ :
4 / 1 : كان وكرا للتآمر على الدولة .
4 / 2 : أن النبى محمدا لم يكن يعلم الغيب ، ولذا كان يقيم فيه ويصلى فيه .
4 / 3 ـ إن الله جل وعلا نهاه عن ذلك ، أى أمره بإجتنابه .
4 / 4 : لم يأمر جل وعلا بهدمه ، فظلّ دليلا على كفر من أقاموه .
5 ـ حكم رب العزة جل وعلا بأن المنافقين الصُّرحاء فى الدرك الأسفل من النار ، وإستثنى من يتوب منهم ويُبدّل سلوكه ودينة مخلصا لله جل وعلا . قال جل وعلا : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (146) مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً (147) النساء ) . أما الذين مردوا على النفاق فقد حكم رب العزة جل وعلا مقدما عليهم بأنهم لن يتوبوا ، وتوعدهم بعذاب مرتين فى الدنيا ثم ينتظرهم عذاب عظيم فى الآخرة . قال جل وعلا فى أواخر ما نزل : ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) و التوبة ). إنهم من تولوا الحكم بعد موت النبى محمد عليه السلام . إنهم الخلفاء الفاسقون وصحابة الفتوحات الشيطانية والحروب الأهلية .
ليس للدولة الاسلامية الإلزام فى العبادات وعمل الصالحات :
ليس لها إلزام أحد بالصلاة والصيام والحج وقيام الليل وذكر الله وتلاوة القرآن الكريم وعمل الصالحات ، فهذه الفرائض تعامل خاص ومباشر بين المسلم وربه. إن جوهر العبادة هو الإخلاص وبدونه تكون تأدية العبادة مجرد حركات بدنية ساخرة.
1 ـ الصلاة :
فرضها الله جل وعلا على المؤمنين كتابا موقوتا ، وأمر بإقامتها خشوعا فى تأديتها ، وتقوى فى غير أوقاتها . قال جل وعلا :( فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً (103) ) أى بأوقات خمس . كان المنافقون يؤدون الصلاة بدون إخلاص بل لمجرد المراءاة والنفاق فاعتبرها رب العزة خداعاً لله جل وعلا ، قال جل وعلا : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142) النساء ).
2 ـ الصدقات والتبرع للقتال الدفاعى :
2 / 1 : يكفى تدبر وصف الله جل وعلا هذا بتعبير ( إقراض الله قرضا حسنا ) ( البقرة 245 ، الحديد 11 ، 18 . التغابن 17 ، المزمل 20 )
رفض المنافقون هذا وذاك مع ثرائهم ، فكانت عقوبتهم هى حرمانهم من التبرع مع توعدهم بعذاب فى الدنيا والآخرة قال جل وعلا : ( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ (54) فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (55)التوبة ).
2 / 2 : تكاسل عنها بعض المؤمنين فنزل التهديد والتحذير . قال جل وعلا : ( هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد )( وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) البقرة )
صيام رمضان
المقصد فيه التقوى ، وبدونها يصبح صيام رمضان مناسبة اجتماعية لممارسة اللهو والمجون ، ويصبح تحديد شهررمضان بالرؤية البصرية مجالا للتلاعب والأهواء السياسية . ومنشور لنا هنا كتاب عن الصيام وفتاوى كثيرة . وبإيجاز فان تدخل الدولة فى عبادة الصيام محظور وممنوع .
الحج للبيت الحرام
هو فريضة مدين بها الناس لربهم جل وعلا طالما كانت لديهم الاستطاعة . يكفى تدبر قوله جل وعلا : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97) آل عمران ). ولقد انتهك الخلفاء الفاسقون حُرمة البيت والأشهر الحُرم ، هذا مع ان الله جل وعلا توعّد الذى يريد ـ مجرّد إرادة ـ إلحادا وظلما فيه بعذاب أليم ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) الحج ) ومنشور لنا كتاب عن الحج ومافعله فيه الخلفاء الفاسقون ومن تلاهم وحتى الآن .
القتال الدفاعى فى سبيل الله جل وعلا
لا إلزام فيه ، والأوامر فيه وعظية لمن يتكاسل عنه ،كقوله جل وعلا مهددا محذرا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ (38) إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ) (39) التوبة ) . رفض المنافقون الخروج دفاعا عن المدينة ، فكانت عقوبتهم حرمانهم من شرف الجهاد . قال جل وعلا:( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82) فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) التوبة )
وهكذا تنتقل سلطة الإلزام في تأدية الفرائض من الدولة إلى شخص المؤمن نفسه
ثانيا
حقوق العباد بالاسلام السلوكى
1 ـ الدولة الاسلامية ملتزمة بهذه الحقوق ، وهى إجراءات عقابية وإجراءات اجتماعية اقتصادية..
2 ـ تعرضنا للعقوبات من قبل وأيضا لحقوق اليتيم ومستحقى الصدقات وفى الاحوال الشخصية فى الزواج والطلاق وفى الميراث .
3 ـ وطبقا للشورى الاسلامية فللدولة أن تسنّ قوانين فى جمع الصدقات وتوزيعها على مستحقيها وفى التجنيد الاحترافى ورعاية الأسرة وتطبيق الاحوال الشخصية وفى سائر حاجات الناس كالطرق والتعامل التجارى ..الخ . وتكون هذه القوانين متسقة مع المقاصد التشريعية الاسلامية ، والتى هو موضوعنا التالى .
التعليقات(2)
وجهة نظر
أولًا: علاقة الانسان بالخالق هي علاقة شخصية لا دخل لثالث بها، وهذا ما جاء تحت الإسلام العقائدي – هذا نتفق عليه.
ثانيًا: علاقة الإنسان مع الإنسان، وهذا يأتي حسب رأيكم تحت مفهوم الاسلام السلوكي، أنا أعتبره الإسلام الظاهري (من يدعي الإسلام). هنا يوجد قانون أساسي يُمنع المساس به ومخالفته، وهو عدم الإعتداء (الظلم يدخل تحت مفهوم الإعتداء)، تحت مفهوم الإعتداء يدخل المساس بشؤون أوحقوق الآخر. بكلمة إخرى، لا يحق لك أن تعتدي على أحد مسالم لم يعتد عليك. دون المساس بهذا القانون، يطبق القصاص على الأفعال التي ذُكر فيها قصاص في القرآن، أما غير ذلك فمتروك للناس، وأمرهم شورى بينهم.
ثالثًا: بما يتعلق بالزنا وايتاء الفاحشة التالي: بالنسبة للآية 2 من سورة النور (الزاني والزانية)، لم يأت هنا ذكر لشهود، فذكر الشهود جاء بعد ذلك في الآية 4، ويتعلق برمي المحصنات. هنا يطرح السؤال التالي نفسه: لماذا لم تذكر الشهود؟ في رأيي، لا داعي للشهود في الحالات الواضحة الجلية. مثال ذلك أن يقر الشخص بالقيام بالعمل، يعني هنا يتعاطى الزنا – لا يوجد عاقل يعترف بالقيام بالعمل ليتلقى العقاب، وإذا كان اعترافه يتضمن توبته، يسقط العقاب أصلًا عنه. بذلك نستطيع تفهم الآية 3 من السورة (الزاني لا ينكح إلا زانية..)
رابعًا: الآيتان 15 و 16 من سورة النساء تذكران الفاحشة بشكل عام وليس الزنا بشكل خاص، والآية 15 تفتترض وجود أربعة شهود، والكلام هنا عن نساء فقط (هذا مهم جدًا، فالزنا يقتضي وجود رجل وامرأة). الزنا هو فاحشة (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴿الإسراء: ٣٢﴾)، لكن في اعتقادي ليس كل فاحشة زنا (وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا ﴿النساء: ٢٢﴾)، هنا ذكر للنكاح، والنكاح لا يعني الجماع بعد. بالنسبة للآية 16 (وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ...)، فما جاء عن لوط في عدة مواقع تبين الفاحشة هنا. ثم أن كلمة الفاحشة جاءت أحيانًا بالجمع (وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)، فلماذا الجمع هنا (فواحش) إذا كانت الكلمة تعني الزنى فقط؟
شكرا استاذ بن ليفانت وأقول:
1 ـ موضوع الفواحش كان فى الموضوع السابق عن العقوبات .
2 ـ الفواحش كلمة عامة ، ونفهم المقصود المحدد منها خلال السياق الذى وردت فيه . على سبيل المثال : ( وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15) المقصود بالفاحشة هنا هو الزنا . لم يأت لفظ الزنا لأنه لا يكون إلا بإثبات عينى ، أو بالتعبيرالقرآنى ( فاحشة مبينة ) . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) ً (19) النساء ) ( يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) (1) الطلاق )( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ) ً (30) الأحزاب ). الآية التالية من سورة النساء ( 16 ) هى قوله جل وعلا ( وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً (16) النساء ). الفاحشة فيها هى الشذوذ بين الذكران .
3 ـ الشهود فى سورة النور يتعلق بكل العقوبات . هذه وجهة نظرى .
القسم الثانى :
الباب الرابع : مقاصد التشريع الاسلامى
الفصل الأول :
لمحة عن درجات التشريع الاسلامى
أولا :
العبادات فى الإسلام وسائل وليست غاية، فالغاية من العبادات والفرائض الإسلامية هى التقوى أو تنمية الضمير وتربية الإحساس بخشية الله تعالى حتى تتجلى ثمرة العبادات فى حسن الأخلاق وحسن التعامل مع الناس. فالتقوى هى المقصد الأساسى للتشريع الإسلامى من عبادات وفرائض. وإهمال هذا المقصد التشريعى يجعل العبادات وسائل للرياء والفساد الأخلاقى والتجارة بالدين وسفك دماء الملايين .
ولتوضيح ذلك نضع هذه الحقائق القرآنية:
1- أن التشريع الإسلامى له ثلاث درجات: أوامر تشريعية تخضع لقواعد تشريعية وهى بدورها تخضع لمقاصد أو غايات أو أهداف تشريعية. أى أن المقاصد التشريعية هى التى تعلو على الأوامر التشريعية من عبادات وغيرها. ويكفى أن التقوى وهى أساس المقاصد التشريعية هى الهدف النهائى لكل العبادات، والعبادات مجرد وسائل للتقوى، يقول تعالى ﴿يَاأَيّهَا النّاسُ اعْبُدُواْ رَبّكُمُ الّذِي خَلَقَكُمْ وَالّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ﴾ (البقرة 21).
2 ـ والأغلب أن يأتى الأمر التشريعى مقترناً بقاعدته التشريعية، مثل قوله تعالى ﴿أقيموا الصلاة﴾، فلم يقل "صلوا" فى الأمر بالصلاة، بل أن ذلك لم يأت مطلقاً فى القرآن، وإنما جاء الأمر بالصلاة مقترناً بإقامتها والمحافظة عليها، وذلك يعنى أن الأمر بالصلاة يخضع لإقامتها والمحافظة عليها أى يخضع للقاعدة فى فرض الصلاة بأن تبتعد عن الفحشاء والمنكر، لأن ذلك معنى إقامة الصلاة، يقول سبحانه وتعالى ﴿َوأَقِمِ الصّلاَةَ إِنّ الصّلاَةَ تَنْهَىَ عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ (العنكبوت 45) لذلك فإن الذى يصلى ولا ينتهى عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له، وبعد القاعدة التشريعية (إقامة الصلاة) يكون المقصد النهائى وهو التقوى هدفاً عاماً لكل العبادات مثل الصوم ﴿يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ﴾ (البقرة 183) وفى الحج ﴿الْحَجّ أَشْهُرٌ مّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنّ الْحَجّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوّدُواْ فَإِنّ خَيْرَ الزّادِ التّقْوَىَ وَاتّقُونِ يَأُوْلِي الألْبَابِ﴾ (البقرة 197).
ثانيا :
1 ـ التشريع السُّنّى تجاهل مقاصد التشريع.. واستغرق فى تفصيلات وهمية وخيالية .
2 ـ وخطورة التجاهل لمقاصد التشريع والتركيز على الأوامر فقط أنه يوقع الناس فى الفساد الخلقى بكل أنواعه، وذلك ما أشار إليه القرآن الكريم. فالمنافقون كانوا يصلون ولا يقيمون الصلاة، ويدفعون الزكاة ولا يؤتون الزكاة. وكانوا بذلك الرياء يظنون أنهم يخدعون الله تعالى والذين آمنوا، فقال عنهم رب العزة جل وعلا ﴿إِنّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوَاْ إِلَى الصّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَىَ يُرَآءُونَ النّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاّ قَلِيلاً﴾ (النساء 142) ولذلك منع الله تعالى النبى من أن يأخذ منهم الصدقات لأنها غير مقبولة عند الله تعالى، فقال تعالى ﴿قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لّن يُتَقَبّلَ مِنكُمْ إِنّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ. وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاّ أَنّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصّلاَةَ إِلاّ وَهُمْ كُسَالَىَ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاّ وَهُمْ كَارِهُونَ﴾ (التوبة 53: 54). ولذلك فإن رب العزة جل وعلا لا يقبل من العمل الصالح إلا ما كان منه خالصاً لوجه الله سبحانه وتعالى، وإذا كان صدقة فلا بد أن يكون من مصدر حلال يقول تعالى ﴿يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مّنَ الأرْضِ وَلاَ تَيَمّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُوَاْ أَنّ اللّهَ غَنِيّ حَمِيدٌ﴾ (البقرة 267). وبذلك فإن القرآن يقطع الطريق أمام المتاجرين بالدين الذين يجمعون المال الحرام ثم ينفقون منه جزءاً على إقامة المساجد وعلى أداء فرائض الحج لأن ذلك خداع لله سبحانه وتعالى وللمسلمين. والأولى بهم أن يتقوا الله تعالى فى عباداتهم وفى تعاملاتهم مع الناس، لأن التقوى هى المقصد الأساسى للتشريع وكل العبادات والأوامر التشريعية مجرد وسائل لها.
3 ـ والواضح أن التركيز على العبادات وبترها عن الهدف الأصلى والمقصد التشريعى يجعل من هذه العبادات رياء وفساداً. وذلك ما نعانى منه الآن، حيث ينتشر التدين الزائف ومظاهر التدين السطحى جنباً إلى جنب مع الغش والفساد والانحلال، وحيث يسود الاتجار بالدين والتمسح باسم الإسلام فى كل أنواع التجارة الاقتصادية والسياسية، وحيث تنتشر فى الأسواق الأيمان أو الأقسام الكاذبة بالله سبحانه وتعالى، وهذا ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه، أن يتدخل التدين السطحى فى التجارة فتتحول إلى أكل لأموال الناس بالباطل، يقول سبحانه وتعالى ﴿إِنّ الّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الاَخِرَةِ وَلاَ يُكَلّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (آل عمران 77) ويقول سبحانه وتعالى محذراً من استخدام اسمه العظيم فى دنيا التجارة ﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً﴾.. ﴿وَلاَ تَتّخِذُوَاْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ﴾.. ﴿وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً﴾ (النحل 91، 94، 95). تطور الأمر من مجرد التجارة فى الأسواق الى خداع الناس بالاسلام للوصول للحكم أو الاحتفاظ به . وتأسست لدى المحمديين ثنائية الفرعون والكاهن ، وقد شرحنا هذا فى كتابنا ( تحذير المسلمين من خلط السياسة بالدين ).
ثالثا :
1 ـ فى موضوع زى المرأة وزينتها نزلت آية سورة النور . قال جل وعلا : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) . هنا أوامر للرجال والنساء بغضّ البصر . يعنى الوجه للرجال والنساء مكشوف بلا نقاب. ثم الخمار للنساء له حدود على الصدر ، ويبقى شعر الرأس مكشوفا ، فهو من الأعضاء التى يجب مسحها فى الوضوء ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) المائدة 6 ). بالوجه يتعارف الناس ، ولقد كان وجه النساء معروفا مألوفا ، فقد قال جل وعلا للنبى محمد ( لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ ) (52) الأحزاب ). و الحُسن فى الوجه .
2 ـ وبالوجه تكون شهادة الرجل والمرأة والنشاط التجارى والسياسى ، وفى دولة المدينة كانت حرية الدين والحرية السياسية مكفولة لكل المواطنين رجالا ونساءا ، وإعتاد المنافقون والمنافقات تسيير مظاهرات تأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف، قال جل وعلا :( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (67) التوبة ). وردا عليهم إعتاد المؤمنون والمؤمنات تسيير مظاهرات تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر . قال جل وعلا : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) التوبة ).
3 ـ الغريب أن أسواق الجوارى فى عصور الخلفاء الفاسقين كان يتم عرض الجوارى ( الحسناوات ) شبه عاريات ، ويكون للمشترى أن يفحص من جسدها ما يشاء . هذا فى الوقت الذى تسلل فيه النقاب يغطى وجه المرأة . أى إن الأمر بالخمار على الصدر دون الوجه وشعر الرأس جرى إلغاؤه ، وحلّ محلّه النقاب مصطحبا معه الدعوة للانحلال الخلقى تستُّرا بالنقاب . ومنشور لنا كتاب عن الانحلال الخلقى فى مصر العصر المملوكى حيث تسيّد الانحلال الخلقى مصطحبا النقاب . ولا يزال هذا سائدا حتى الآن .
4 ـ المهم أن أوامر غضّ البصر والحشمة كانت مجرد أوامر تخضع لقاعدة تشريعية هى التوبة ، وهذا ما جاء فى نفس الآية من سورة النور ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) وبعده المقصد التشريعى : ( لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ). الفلاح يعنى التقوى ، والتقوى هى المقصد الأعلى .
رابعا :
1 ـ ونفس الحال فى فريضة الجهاد وتشريع القتال، فالأمر بالقتال يأتى مقيداً بأن يكون القتال فى سبيل الله جل وعلا ، بمعنى أن يكون لمجرد الدفاع عن النفس ورد الاعتداء بمثله، يقول تعالى ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ﴾.. ﴿فَمَنِ اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىَ عَلَيْكُمْ وَاتّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ مَعَ الْمُتّقِينَ﴾ (البقرة 190،194). ومع أن التقوى هى المقصد الأساسى والنهائى لكل الأوامر التشريعية والعبادات ومنها الجهاد والقتال، إلا أنه فى القتال بالذات يضاف مقصد تشريعى فرعى خاص وهو أن يكون القتال بهدف منع الفتنة أو الإكراه فى الدين، وحتى يكون الدين لله تعالى خالصاً يحاسب البشر على أساس حريتهم فى العقيدة وحتى لا تكون لهم حجة بأن هناك فى الدنيا من أكرههم أو منع حريتهم فى الاختيار، وذلك معنى قوله تعالى ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتّىَ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدّينُ للّهِ﴾ (البقرة 193)، ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتّىَ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدّينُ كُلّهُ لله﴾ (الأنفال 39) والفتنة فى مصطلح القرآن تعنى الاضطهاد الدينى أو الإكراه فى الدين فيما يخص التعامل بين الناس. أما معناها فيما يخص علاقة الله تعالى بالبشر فتعنى الاختبار والامتحان والابتلاء.
2 ـ الأخطر فى موضوع الجهاد، حين يتم التركيز على الأمر ﴿وقاتلوا﴾ وننسى القاعدة فِي ﴿سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ﴾ وننسى المقصد التشريعى الأصلى وهو التقوى ، فإذا تم التركيز على الأمر وحده ﴿قاتلوا﴾ تحول الجهاد الإسلامى إلى إرهاب وقتل للأبرياء من الأقباط المسالمين والسياح الضيوف الزائرين. وهذا ما وقع فيه المتطرفون خريجو المدارس والجامعات، حين تعلموا التركيز على الأوامر والعبادات دون المقاصد التشريعية، فكان أن تحولوا إلى الإرهاب يقتلون النفس البريئة التى حرم الله تعالى قتلها، وهذا أفظع جريمة . يقول جل وعلا عن قتل مؤمن مسالم : ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93) النساء). هذا عن قتل فرد واحد فكيف بقتل الملايين عبر القرون . بل إن المقاتل فى جيش معتد إذا نطق بكلمة السلام وجب حقن دمه . قال جل وعلا فى الآية التالية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (94) النساء ) . وهذا المقاتل فى جيش معتد إذا إستجار فيجب إجارته وتوصيله الى مأمنه بعد إسماعه كلام الله جل وعلا القائل : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ(6) التوبة ).
خامسا :
على النقيض تمام حال المحمديين الآن :
1 ـ أصل الفساد فيما ارتكبه الخلفاء الفاسقون فى الفتوحات وغزو من لم يعتد عليهم ، بل بلاد وأُمم لم تسمع بالعرب من قبل . باسم الاسلام هجموا عليهم وقتلوا الأبطال المدافعين عن أوطانهم وأقوامهم ، وإسترقوا نساءهم وأطفالهم ونهبوا ثرواتهم ، واحتلوا بلادهم وفرضوا الجزية عليهم . وحين إختلفوا تحاربوا فيما يعرف بالفتنة الكبرى ، وكل فريق يزعم انه يُمثّل الاسلام ، ووصلت الاستهانة بالاسلام الى رفع المصحف فى معركة صفين على أسنّة الرماح خداعا. وتمت صياغة تشريعات لاحقة فى الأديان الشيطانية التى نبتت وترعرعت فى دول الخلفاء الفاسقين ، ومنها حديث ( أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ..).
2 ـ تربى أطفال المدارس فى الجزائر على الفقه السنى فلما شبوا وأصبحوا قادرين على القتل تحول شهر التقوى شهر الصيام عندهم إلى مناسبة لذبح الأطفال والنساء والشيوخ فى القرى الجزائرية باسم الاسلام . ثم ما ترتكبه داعش واخواتها من قتل للأبرياء على انه جهاد وعبادة . ومنشور لنا كتاب بالعربية والانجليزية عن دين داعش الملعون .
3 ـ ونرى حماس الآن تتخذ من سكان غزة دروعا بشرية ، تضرب وتختفى فى انفاقها تاركة الشيوخ والنساء والأطفال للقنابل الاسرائيلية . وما أغنت عنهم أنفاقهم شيئا .
4 ـ جهاد المحمديين هو كفر خسيس ربما يخجل منه إبليس.
أخيرا
ليس مثل الاسلام دين ظلمه المنتسبون اليه .
الفصل الثانى:
( التقوى ) هى المقصد الأصلى والأساس فى تشريع القرآن
1 ـ تشريعات البشر فى أحسن حالاتها تقوم على الضبطية القضائية ، والتى تعنى أن المتهم برىء حتى تثبت ادانته . ولذلك يتفنن المجرمون فى التخطيط للجريمة الكاملة التى يخرجون منها شرفاء. ولأن تشريعات البشر تقوم على قوانين صنعها البشر فإن فى إمكان البشر أنفسهم اختراق تلك القوانين والتحايل عليها والتلاعب بها لتصبح مجرد سطور على أوراق . وبذلك تضيع العدالة ويتفشى الظلم بين أحضان القانون ، هذا مع افتراض أن القانون المكتوب عادل فى حد ذاته ؛ فما بالك بوجود قوانين جائرة أو وجود مبدأ غير مكتوب يؤمن بأن البرىء متهم حتى تثبت براءته .ان العظمة الحقيقية لتشريعات الاسلام أنها تربى فى داخل الإنسان الإحساس بمسئوليته أمام الله فى الدنيا وفى الآخرة قبل أن يكون مسئولا أمام إنسان مثله .وهذا الاحساس بمسئولية الإنسان أمام ربه إسمه فى القرآن الكريم ( التقوى) .
2 ـ فما هو أسلوب القرآن الكريم في زرع وتنمية التقوى في قلب الإنسان؟
2 / 1 ـ يبدأ ذلك بتأكيد قيمة الإنسان نفسه في هذا الكون وقيمة الهدف من حياته في الدنيا. وليس هناكأعظم من أن يكون خلق السماوات والأرض وسيلة لوجود الإنسان واختباره في هذه الحياة. يقول سبحانه وتعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)(هود /7 ) . إن كل هذه النجوم والمجرات والبروج التى يتوه العقل في مجرد تخيلها ليست إلا مجرد مصابيح للسماء الأولي: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) (فصلت/ 12 )( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) (5) الملك ). إذن ما هى السماوات السبع ذاتها؟ ثم أي تقدير وتعظيم لشأن الإنسان في أن تكون السماوات السبع ومصابيحها مخلوقة لمجرد أن يتم بها اختيار الإنسان في فترة حياته على الأرض وهى قصيرة ولكن لا يمكن أن تكون تافهة. لذا فالمؤمن مأمور بالتفكر في خلق السماوات والأرض لكي يدرك قيمته في هذا الكون وخطورة المسئولية التي يحملها:( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)( آل عمران /190: 191)."
2 / 2 : وحين القيامة سيتم تدمير كل ذلك النظام الكوني ويبدأ نظام كوني جديد وفيه يكون لقاء الله جل وعلا ، حيث يواجه كل بني آدم نتيجة أعمالهم في الدنيا: (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)( ابراهيم / 48) .
2 / 3 : لقد خلق الله جل وعلا للإنسان كل ما في الأرض وما في السماء: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا )( البقرة/29 )، (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(الجاثية / 13 ). وذلك التكريم لابد أن تقابله مسئولية سيواجهها الإنسان يوم الحساب. يكفى قوله جل وعلا لأهل النار:(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ )( المؤمنون/115 ). وهكذا فإن خلق السماوات والأرض إنما هو لأجل الإنسان وتدميرهما إنما هو لحساب الإنسان.
3 ـ فما هو السبب في خلق الإنسان نفسه؟: انها العبادة :( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) ( الذاريات /56 ). والعبادة في حد ذاتها ليست هدفاً وإنما هي وسيلة لشيء أعظم وهو التقوى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )( البقرة /21 ).والعبادة ليست مجرد الصلاة والفرائض وإنما هى جميع التكاليف من معاملات مع الله جل وعلا ومع البشر. كل أنواع العبادات هدفها الأسمى تنمية الإحساس بالتقوى.
3 / 1ـ الصلاة وذكر الله وسيلة للابتعاد عن المعاصي- أو التقوى :( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ )( المجادلة /45 )، وطالما أن الله يعلم أفعالنا فينبغي أن نتقيه ونخشاه.
3 / 2 ـ الصيام هدفه التقوى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ( البقرة/183).
3 / 3 ـ وفي موسم الحج يراعى الحاج تقوى الله في قلبه وفي سلوكه حتى أن الله ليؤاخذه بالعقوبة إذا أراد- مجرد النية- الوقوع في المعصية:(وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)( الحج / 25 ).
3 / 3 ـ والمتقى حين يعطى الصدقة يغلب عليه ابتغاء وجه ربه الأعلى : (الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى وَلَسَوْفَ يَرْضَى ) ( الليل / 20 )، وتلك هي الدرجة العليا في التقوى.
3 / 4 ـ فى القتال الدفاعى الاسلامى لابد من التحلي بالتقوى حتى يكون الله جل وعلا معهم في دفاعهم عن أنفسهم : (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ )( البقرة /194 ).وحين يقاتلون المشركين المعتدين كافة لابد من مراعاة التقوى : (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) (التوبة / 36 ). وعند عقد معاهدة مع المشركين المعتدين لكف عدوانهم فلابد من الالتزام ببنودها طالما التزم بها المشركون ولابد مع ذلك من مراعاة التقوى : (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ )( كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ )( التوبة /4، 7.).
3 /5 ـ والتقوى هى الهدف من تشريع القصاص:(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( البقرة /179 ) ..
3 /6 :والتقوى هى الهدف من تحريم ربا التجارة ذى الفائدة المركبة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) ( 3/130 : 131)..
3 / 7 ـ وفي التعامل الخاص بين الزوجين لابد من التقوى والتذكر بأننا لابد أن نلقى الله فيحاسبنا حتى على خصوصياتنا: ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (223) ( البقرة )
3 / 8 : وفى تشريعات الأحوال الشخصية تبرز التقوى وعظا . يقول الله جل وعلا : (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُواْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)( البقرة /231: 232 ) .وهنا نلاحظ أن عبارة التشريع جاءت موجزة بينما جاء التحذير من الله واليوم الآخر مفصلاً . ونحو ذلك في أوائل سورة الطلاق :( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا )
4 ـ إن ربنا جل وعلا ينمى فينا الإحساس بالتقوى ، حين يجعلها مقياسا إلاهيا وحيدا . يقول جل وعلا للبشر جميعا :(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )( الحجرات / 13 ).فإذا كان المقياس عند البشر هو أن أكرمكم هو (أغناكم أو أقواكم) فذلك ما لا ينبغى عند المؤمن الحريص على تقوى الله والذي يعمل على أن يكون أكرم الناس عند الله جل وعلا إذا كان أتقى الناس لله جل وعلا . وقد يكون في مقياس البشر أن فلاناً هو أعظم الناس بسبب اعتبارات سياسية دنيوية بينما هو كتلة متحركة من الفساد والبغى والعدوان والطغيان وظلم الناس وظلم رب الناس حيث يكون الشرك أعظم الظلم، وهو بهذا عند الله من شر الدواب ، وهكذا ينبغى أن يكون المقياس أيضاً عند المؤمن : (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ )( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ ) ( الأنفال / 22، 55.).
5 ـ وهكذا يتحرى المؤمن أن يضبط إيقاع حياته وتفكيره على أسس التقوى فلا يفكر إلا في إرضاء الله جل وعلا ، ولا يتصرف إلا فيما يقربه من الله جل وعلا ، ولا يجتنب إلا ما يغضب الله جل وعلا ، وجدير به حينئذ أن يكون "الإنسان الكامل" الذي تخيلته كتابات المفكرين والفلاسفة . على أن هذا "الإنسان الكامل" ليس يوتوبياً خيالية ولكنه واقع موجود دائماً وقابل للتكرار بدليل أنه صالح لدخول الجنة التي لا يدخلها إلا المتقون.يقول الله جل وعلا :( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً (63) مريم ) . وبعد أن قال جل وعلا : ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا ) قال في المقابل : (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ) ( الزمر / 71، 73 ). لم يقل "وسيق الذين آمنوا إلى الجنة" لأن الإيمان وحده دون تقوى لا يجدي.
ـ الخلاصة :
1ـ خلق الله السماوات والأرض للبشر جميعاً كى يختبرهم، ثم يأتي تدمير العالم وقيام عالم جديد يتمتع فيه المتقون فقط ويخسر غيرهم.
2ـ إن المقصد الأساسي والأصلي من التشريع القرآني هو تنمية الشعور بالتقوى في نفس المؤمن، وبالتقوى يمكن الحدّ من الظلم ، وتأمين حقوق الانسان ، وحفظ كرامته ، والسمو بأخلاقياته .
3 ـ المتقى لا يحتاج إلى قوانين كثيرة أو إلى "إسهال تشريعي" يفرز قوانين كل يوم، ولذلك فإن التشريعات القرآنية محددة وبسيطة وفيها مساحة للاجتهاد والحرية الإنسانية كى تتحرك وتتطور. بينما مجال العقوبات فيها أضيق لأن الحساب يوم القيامة رهيب والعذاب فيه فظيع وذلك ما لا يعقله إلا المتقون.
4ـ ولأن ذلك المتقى يخشى الله ويرجو اليوم الآخر فهو يدرك أن مسئوليته الشخصية الحقيقية ستكون أمام الله يوم القيامة بغض النظر عن موقعه في الدنيا حاكماً كان أم محكوما رئيساً أم مرءوساً..
5ـ إن الإنسان قد يتحايل على القوانين الوضعية التى سنها إنسان مثله، اما إذا تحلى الإنسان بالتقوى فلا يمكن أن يخادع الله وهو يعلم أن الله أقرب إليه من حبل الوريد يحصى عليه أنفاسه وخطرات قلبه وفلتات لسانه ، ثم يأتى يوم القيامة فتصحبه للحساب الملائكة التي كانت تسجل عليه حركاته وسكناته وكلماته : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ) ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ)( وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) ( لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) ) ( ق/ 16: 21 ).
6ـ المتهم برئ أمام القانون البشرى العادل طالما لم يضبط في حالة تلبس.أما أمام الله جل وعلا فهو مجرم طالما ارتكب الخطيئة سراً أو جهراً . الآيات كثيرة ، منها قوله جل وعلا :(أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى )( العلق/14 )، (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ ) ( النساء / 108).والمتقون فقط هم الذين يراقبون الله ويعلمون أنه يراهم وأنه سيحاسبهم.( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ( المجادلة / 7 ).
7 ـ من التقوى ـ المقصد الأعظم والأساس ــ تنبع المقاصد الفرعية التالية .
الفصل الثالث : المقاصد العامّة والفرعية
أولا : المقاصد العامة:
1 ـ هى : التيسير ودفع الضرر ورفع الحرج .
وآيات القرآن الحكيم قد أثبتت أن التيسير ورفع الحرج من مقاصد التشريع ؛ يقول جل وعلا : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)( البقرة /185) والتيسير يعنى التخفيف (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا)( النساء/28) (ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ.) ( البقرة /178) .
2 ـ ومن التيسير والتخفيف مراعاة ظروف المسلمين إذا انشغلوا بالجهاد والسعى فى سبيل الرزق فيمكن لهم حينئذ أن يتخففوا فى قيام الليل . قال جل وعلا :(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ.) المزمل /20) .
ـ وحين يكون هناك حصار يمنع تأديه الحج يقول جل وعلا :(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي ) البقرة /196).
ـ ومن قرن الحج بالعمرة يقدم ما تسير له من الهدى (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ. ) البقرة /196)
3 ـ أما رفع الحرج فهو مقصد هام من مقاصد التشريع ، يقول جل وعلا : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج /78) .
ـ لذلك فان التكليف هو على قدر الطاقة . يقول جل وعلا : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا 2/286) (وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) المؤمنون /62) (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ) الطلاق /7)
ـ وفى تشريع التيمم يقول جل وعلا:(مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ ) المائدة /6).
ـ وفى الجهاد والإستئذان يقول جل وعلا : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ. ) النور /61؛ الفتح /17) ...
ـ ولا نفقة على المعسر فى الجهاد يقول جل وعلا : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) التوبة 91) بل جعلهم محسنين ...
ـ ومنه استجلاب المنفعة الحلال التى لا حرج عليها مثل التجارة فى الحج .يقول جل وعلا : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُم.) البقرة /198) .
ـ وأن تشترى الزوجة الطلاق من زوجها (وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) البقرة /229) .
ـ وأن يسترجع الرجل مطلقته فينكحها بعد التطليقة الثالثة وطلاقها من الزوج الآخر وانتهاء عدتها منه إن كان لها عدة . يقول جل وعلا : (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ) البقرة /230).
ـ أو أن يدخل المسلم بيوتا غير مسكونة بلا إستئذان. يقول جل وعلا : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ ) النور /29)
ـ الظروف الطارئة مثل المطر أو المرض حين صلاة الخوف. يقول جل وعلا : (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ) النساء /102) .
ـ والنسيان عموما. . يقول جل وعلا : (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة /286)
4 ـ ومن التيسير الإعتراف بالتراضى بين الطرفين .
ـ مثل الفطام للطفل ابن المطلقة . يقول جل وعلا : ( فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما)( البقرة /233) .
ـ ومثل أى اتفاق بالتراضى فى عقد الزواج بعد الاتفاق على موضوع الصداق المفروض شرعا للزوجة : . يقول جل وعلا : (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) النساء /24) .
ـ وتنازل الزوجة عن بعض صداقها عن طيب خاطر . يقول جل وعلا : (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) النساء /4).
ـ بل أن تشريع القرآن يجعل من التراضى مسوغا شرعيا يبيح المحظور فى التجارة ويستثنيه من الحرمة يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُم ) النساء /29)
5 ـ والمشورة من سمات التراضى ويبدأ التراضى بالتشاور، وذلك ما نفهمه من قوله جل وعلا : ( فإن ارادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما )( البقرة 233) .
ـ والشورى أو التشاور من أساسيات التشريع القرآنى : (آل عمران/159) ( الشورى /38) .
ـ ومثل التشاور رغبة الإصلاح خصوصا فى الخلافات الزوجية. . يقول جل وعلا : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا: النساء /228).
ـ ويقول جل وعلا عن الحكمين فى خلافات الزوجين (إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا:النساء /35).
6 ـ والتراضى يعنى عدم الضرر والإضرار .
ـ ومبدأ ( لا ضرر ولا ضرار) من مقاصد الشريع القرآنى .
ـ ويقول جل وعلا فى تشريع الرضاعة (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ) (البقرة /233).
ـ وفى تشريع الميراث :(مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارّ.)( النساء /12).
ـ وفى تشريع الوصية عند الموت :(فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ) (البقرة /182).
ـ وفى حصانة الكاتب والشهيد على العقود :( ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم ) البقرة/282.
ـ وفى تشريع الطلاق ومسكن الزوجة المطلقة أثناء العدة :(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ:) الطلاق /6) .
ـ وأذا اعاد زوجتة أثناء العدة وأسكنها فلم يسرحها فلا ينبغى أن يفعل ذلك بقصد الإضرار بها والإنتقام منها :(وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) البقرة : /231) .
ـ ومن الإضرار منع المرأة بعد طلاقها وتسريحها من أن تتزوج أو أن تعود إلى زوجها السابق ، و ذلك ما يعرف بالعضل وهو حرام ، يقول سبحانه وتعالى :(وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ : البقرة /232) .
7 ـ وبذلك تكررت الأوامر بالعدل والقسط فى التعامل بين الناس :( قل أمر ربى بالقسط ) الأعراف /29) ، (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ: النساء /58) (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين : المائدة /42) ( وأمرت لأعدل بينكم : الشورى /15 ) ،والعدل حتى بين الأقارب والأعداء ( يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين:النساء /135) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ: المائدة /8) (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى: الانعام /152) .
ـ والعدل بين الزوجات وجعل ذلك شرطا اختياريا فى حالة التعدد :( فإن خفتم الا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت ايمانكم ) النساء /3) (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ: النساء /129)
ـ وفى المعاملات المالية والشهادات :( وليكتب بينكم كاتب بالعدل) ( فأن كان الذى عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل ) البقرة /282) .
ـ وحتى فى المعاملات الدولية :(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين: الحجرات /9)
ـ وأذا كان ذلك بين الدول الأسلامية فهو أيضا فى التعامل مع المشركين المسالمين :(لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين: الممتحنة /8)
ـ وفى إيجاز بليغ عن قيمة العدل والقسط يقول جل وعلا :تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ: 57/25) فإقامة القسط مقصد من انزال الرسالات السماوية جميعا .
ثانيا : المقاصد الفرعية:
1 ـ فى الصلاة يقول جل وعلا : (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) :العنكبوت /45).
ويقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاة ) البقرة /153) أذن فالصلاة وسيلة للابتعاد عن الفحشاء والمنكر ؛ وعند الأزمة فالمؤمن يستعين بالصبر وبالصلاة وليكون قريبا من مولاه العلى العظيم وهو مع الصابرين .
2 ـ وهناك مقاصد فرعية متنوعة من تشريع القتال . وهو على مراحل:
ـ الأولى : رد العدوان ؛ ويأتى التعليل والهدف أو المقصد فى ذلك التشريع وهو التعرض للظلم ووقوع العدوان والاخراج والطرد من البيوت ،يقول جل وعلا : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا الله: الحج /39؛40) ...
ـ وفى التفصيلات يبرز مقصد آخر ، وهو منع الفتنة فى الدين ،أو الاكراه فى الدين ، يقول جل وعلا : (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِين: البقرة /193) (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كله لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فإن الله بما يعملون بصير: الانفال /39) . أذن من مقاصد القتال منع المعتدين المجرمين المشركين من اضطهاد المستضعفين من المؤمنين المسالمين حتى يكون الدين كله لله يحكم فيه وحده يوم الدين ،أو يوم القيامة. وإذا إنتهى إعتداؤهم توقف القتال الدفاعى .
3 ـ فى الزكاة مقاصد شرعية كثيرة منها: التطهير والتزكية . يقول جل وعلا : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بها: التوبة /103)
4 ـ وتشريع الوضوء : (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ) المائدة /6)
5 ـ تحريم الرشوة يقول جل وعلا :(وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون:2/188) فوصف الرشوة بأنها أكل للأموال بالباطل وبالأثم ، وذلك هو المراد من تحريمها .
6 ـ تحريم الخمر والميسر يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم تفلحون إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ:5/90؛91) ويكفى فى مقصد تحريمها الإبتعاد عن الشيطان ومكائده.....
7 ـ وفى تحريم الزنا: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ) (الاسراء /32) ووصف الزنا بأنة "ساء سبيلا " أبلغ بيان فى خطورته على المجتمع.
8 ـ والأمر بغض البصر وعدم النظر المحرم للنساء :(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ: 24/30) ، فالمقصد هنا هو التزكية والتطهر والعفة الخلقية .
9 ـ وفى تشريع الأستئذان يقول جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُم تذكرون) ( فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيم:) النور/27؛28) أى أن الهدف هو الخير أو هو الأزكى خلقيا....
10 ـ وقد يكون فى المقصد التشريعى اعجاز خفي يظهر فيما يعد . كما فى قوله تعالى فى بدايه سورة النور (سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ: 24/1؛2) فوصف رب الغزة سورة النور بأنه قد فرض الله آيات بينات لعلنا نتذكر وبعدها جاء عقاب الزناة بأنه الجلد لا الرجم . وبسبب أن تشريع الرجم أضيف فيما بعد فإن الآية الأولى فى السورة تذكرنا بالعقاب الحقيقى للزناة فى قوله تعالى (لعلكم تذكرون . ) .
ولم نتذكّر .!!
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5198 |
اجمالي القراءات | : | 59,807,008 |
تعليقات له | : | 5,491 |
تعليقات عليه | : | 14,888 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
تجميع الجزء الثانى من القسم الثانى من كتاب الشريعة الاسلامية
تجميع جزء أول من القسم الثانى من كتاب الشريعة الاسلامية
دعوة للتبرع
لجوء سياسى: أريد أن أقدم على لجوء سياسى هنا فى أمريك ا على...
أحاديث (علمية ): هناك أحادي ث يثبت العلم صدقها .. ماذا تقول فى...
سؤال المجرمين وغيرهم: ما معنى هذه الآيا ت "وَلَ يُسْأ َلُ عَن...
اليانصيب والميسر: أسأل عن الحكم الشرع ي في مشارك ة ألعاب...
الاعتكاف : ما هو الاعت كاف المطل وب منا والذي ذكر في...
more