ماهية اهم ثمار نشوء الحركة الثقافية الامازيغية في مغرب الاستقلال و الحرية الجزء الثاني و الاخير ؟

مهدي مالك Ýí 2025-04-15


 

 

ماهية اهم ثمار نشوء الحركة الثقافية الامازيغية في مغرب الاستقلال و الحرية الجزء الثاني و الاخير ؟                

 

مع مطلع تسعينات القرن الماضي كانت جمعيات الحركة الثقافية الامازيغية قد تاسست في عدة  مناطق المغرب مثل الريف و الاطلس المتوسط و الجنوب الشرقي على ما اعتقده على أساس التنظير للمرجعية الثقافية الخالصة نظرا لطبيعة عهد الراحل الحسن الثاني الظالم حقيقة تجاه المسالة الثقافية الامازيغية و تجاه مسالة حقوق الانسان كما يعلم الجميع داخل المغرب و خارجه رغم ان الدولة المغربية قد اقامت علاقاتها الدبلوماسية العلانية مع دولة إسرائيل منذ سنة 1986 باعتباره وقتها دولة عربية تسعى الى إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط بين العرب و الإسرائيليين أي ان المغرب كان يقدم نفسه للدول الغربية و خصوصا الولايات المتحدة الامريكية و الاتحاد الأوروبي بانه يقدم بدائل حضارية للسلام بين الديانات و الثقافات الإنسانية أي كان الراحل الحسن الثاني شديد الذكاء و الدهاء في مثل هذه الأمور الاستعراضية ...

لكن هذه الصورة الوردية للمغرب خارجيا لا وجود لثمارها داخل المغرب مع المسالة الثقافية الامازيغية كما طرحت في مطلع تسعينات القرن الماضي مع صدور اول وثيقة مطلبية للحركة الثقافية الامازيغية في تاريخ المغرب المعاصر تحت اسم ميثاق اكادير للحقوق الثقافية و اللغوية الامازيغية في يوم 5 غشت 1991 بتوقيع ست جمعيات ثقافية امازيغية من  قبيل الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي و من قبيل جمعية تاماينوت و جمعية الجامعة الصيفية باكادير الخ ..

و لعل من اهم مطالب هذه الوثيقة التاريخية على الصعيد المغربي و على الصعيد المغاربي آنذاك هي الاعتراف الدستوري باعتبار الامازيغية لغة وطنية فقط في الدستور.

 و اخراج معهد خاص للدراسات الامازيغية الى حيز الوجود.

 و إعطاء الامازيغية حقها في التعليم و في الاعلام.

و بمعنى ان جمعيات الحركة الثقافية الامازيغية لم تخرج عن اطار المرجعية الثقافية الخالصة في سنة 1991 و رغم ذلك ظلت السلطة العليا صامتة صمت القبور و بل اشد من ذلك و ظلت ما تسمى بتيارات الإسلام السياسي بعيدة كل البعد عن هذا المسار الثقافي الامازيغي على اعتبار ان اللغة الامازيغية تعد من بين اللغات الإسلامية و تعد من بين الثقافات الإسلامية و تعد من بين الهويات الإسلامية بالنسبة لي على اقل..

اذن ان جمعيات الحركة الثقافية الامازيغية قد خرجت من منطق الثقافة الشعبية الى منطق الثقافة الامازيغية بصريح العبارة مع ميثاق اكادير سنة 1991 في ظل صمت السلطة العليا عن أي رد رسمي الا المزيد من التعريب و الاسلمة الوهابية و التغريب من جهة أخرى خصوصا بعد تأسيس القناة الثانية سنة 1989 أي ان السلطة العليا ظلت تلعب على حبلان أي حبل التشريق و حبل التغريب على حد السواء من اجل اماتة الهوية الامازيغية بكل  ابعادها الثقافية و الدينية و السياسية و الفدرالية...

ان سنوات تسعينات القرن الماضي هي زاخرة بالاحداث المهمة في مسار المسالة الثقافية الامازيغية داخل المغرب او خارجه مثل تشكيل المجلس الوطني للتنسيق بين الجمعيات الثقافية الامازيغية سنة 1993 برئاسة المرحوم الأستاذ احمد الدغرني و مشاركة الوفد الامازيغي للمرة الأولى في المؤتمر الدولي لحقوق الانسان في مدينة فينيا بسويرا سنة 1993 حيث شكل هذا الحدث بداية لتفكير عميق من قبل الحركة الثقافية الامازيغية بالمغرب من اجل تدويل القضية الامازيغية عبر تأسيس ما يسمى بالكونغرس الامازيغي العالمي في فرنسا سنة 1995 لان الدول المغاربية كلها كانت مازالت غارقة الى القاع في اوحال القومية العربية و الإسلام السياسي......

و في فاتح ماي 1994 كان صاحب هذه السطور طفل معاق لا يمشي و لا يتكلم و في ذلك اليوم خرج هذا الأخير مع عائلته الى وادي الجنة نواحي منطقة اداوتنان لتناول الغداء ..

و لم يكن يعرف  هذا الطفل المعاق آنذاك ان يوم فاتح ماي 1994 سيدخل التاريخ من بابه الواسع حيث عرفت مدينة كلميمة بالجنوب الشرقي اول مظاهرة امازيغية استثنائية في تاريخ المغرب المعاصر كونها قد رفعت لافتات تطالب بترسيم اللغة الامازيغية في الدستور المغربي باعتبارها لغة رسمية غير ان قوات الامن قد قامت باعتقال هؤلاء الشباب المناضل و لا اعرف حيثيات هذه القضية الكبرى وقتها في المغرب او تفاصيلها الدقيقة  ..

ان هذه القضية بالذات قد أرغمت السلطة العليا في خطاب ملكي سامي في يوم 20 غشت 1994 على الاعتراف للمرة الأولى منذ سنة 1956  بما يسمى باللهجات أي تريفت و تمازيغت و تشليحت و ضرورة تدريسها و بعد هذا الخطاب الشكلي تم احداث نشرة اللهجات في التلفزة المغربية الرسمية .

لعل سؤال الدين الإسلامي ظل مطروح داخل الحركة الثقافة الامازيغية عموما و الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي خصوصا باعتبارها صاحبة مشروع تمزيغ الفكر الإسلامي او ترجمته الى اللغة الامازيغية.

 لكن من الملاحظ منذ سنة 1967 الى حدود سنة 2003 لم يتم انتاج مفاهيم جديدة مثل الإسلام الامازيغي كما هو الحال الان لتفادي ضياع سنوات كثيرة بعد تأسيس المعهد الملكي للثقافة للامازيغية من الصراع الأيديولوجي و السياسي مع اوثان اسلام المخزن التقليدي او اوثان تيارات الإسلام السياسي على حد السواء.

 او مطالبة الدولة المغربية بتمزيغ الشأن الديني خصوصا خطب الجمعة بالمناطق المحافظة على امازيغيتها الخ من هذه الإجراءات المهمة و الطبيعية .

ان الامازيغية بكل ابعادها و مكوناتها هي الأساس الحضاري للاسلام بالمغرب خصوصا و منطقة المغرب الكبير و منطقة جنوب الصحراء الافريقية عموما رغم ان اجدادنا الكرام رحمهم الله قد استعملوا اللغة العربية في كتبهم و في مراسلاتهم دون اية نزعة أيديولوجية نحو تعريب اللسان و المحيط من ناحية أسماء المناطق و المدن على امتداد هذه الجغرافية الشاسعة من هذه الدول المجتمعة .....

انني  اعتقد ان السلطة العليا قد قامت بعد سنة 1956 بجهد عظيم من اجل الفصل التام بين الامازيغية و الإسلام على مستوى السلطة او المخزن التقليدي و محو أي اثر للاسلام الامازيغي الأصيل في مشهدنا الديني الرسمي الا بعض العادات القليلة  من قبيل قراءة الحزب الراتب و الطرق الصوفية رغم انها حاملة للكثير من الخرافات الخ لكنها بنت هذه الأرض الشرعية.

ثم ان السلطة العليا قد عمدت الى إحلال ثقافة اهل فاس و اهل الرباط و اهل سلا الدينية مكانة الصدارة في هوية المغرب الإسلامية الرسمية لعقود طويلة من الزمان باعتبارها ثقافة عربية إسلامية كما كنا نعتقده الى الامس القريب ...............

اذن ان الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي على الخصوص ظلت تعمل بعيد عن الأضواء الكاشفة بفضل احد رجالها البارزين و احد المؤسس لها منذ سنة 1967 الا و  هو سيدي الحسين جهادي اباعمران كما اسميه شخصيا تقديرا لمقامه الكبير لدي باعتباره جمع بين التعليم العتيق و التعليم العصري و بين الامازيغية بكل ابعادها و الإسلام كدين انزله الله سبحانه و تعالى رحمة للعالمين باختلاف لغاتهم و ثقافاتهم .

و لنعود الى سياق التسعينات التاريخي بالنسبة للجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي على الخصوص حيث صدر لسيدي الحسين جهادي اباعمران كتاب السيرة النبوية باللغة الامازيغية سنة 1995 على ما اظنه بدون أي دعم من طرف الدولة المغربية عبر وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية او من طرف احدى تيارات الإسلام السياسي المعارضة للسلطة العليا مثل جماعة العدل و الاحسان او المعترفة بها مثل حركة التوحيد و الإصلاح و هي الجناح الدعوي لحزب العدالة و التنمية الإسلامي كما يسمى أي كان النضال الامازيغي من اجل ترجمة النصوص الدينية الى اللغة الامازيغية يتيم آنذاك لا يساعده أي احد باعتباره كان يحمل اتجاه اصيل يتعارض بشكل حاسم و نهائي مع اوثان اسلام المخزن العتيق و مع اوثان تيارات الإسلام الدخيلة على حد السواء..............

 

لقد أعلنت الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي في مارس سنة 1999 في اطار جمعها العام عن خبر مفاجئ للجميع قبل شهور من وفاة الراحل الحسن الثاني رحمه الله .

 ان هذا الخبر ظال انتظاره منذ سنة 1912 حيث  لقد افتى الازهر الشريف بالقاهرة بجلاء قدره لدى النخبة السلفية في مشارق الأرض و مغاربها  بضرورة ترجمة معاني القران الكريم الى لغة البربر أي الى اللغة الامازيغية و هذه المعلومة قد قالها سيدي الحسين جهادي في برنامج شؤون امازيغية في احدى الليالي الرمضانية الصيفية لشهر غشت 2012 ..........

ان هذه الفتوى الإيجابية من طرف المشرق العربي تم طمسها نهائيا عندما تاسست ما يسمى بالحركة الوطنية المغربية في ثلاثينات القرن الماضي بشكل مقصود للغاية و تم طمسها نهائيا عندما استقل المغرب عن فرنسا شكليا سنة 1956 بشكل مقصود للغاية لتحقيق التعريب المطلق و سيادة أيديولوجية الظهير البربري بشكل مطلق  ..............

و لنرجع الى خبرنا حيث أعلنت الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي عن ترجمة معاني القران الكريم الى اللغة الامازيغية من طرف سيدي الحسين جهادي اباعمران بشكل علاني و رسمي و بعد إشاعة هذا الخبر داخل الوطن و خارجه مع التذكير ان وقتها أي في مارس 1999 كانت وسائل الاعلام الرسمية مثل الإذاعة و التلفزة قد تجاهلت هذا الخبر بشكل مطلق رغم وجود خطاب 20 غشت 1994 و رغم وجود تصريح حكومي للراحل عبد الرحمان اليوسفي في ربيع سنة 1998 و الداعي الى انعاش الامازيغية بصريح العبارة و هذا للتاريخ فقط..........

لقد خلف هذا الإعلان التاريخي كما حكاه المعاصرين له ردود فعل إيجابية من قبل فقهاء سوس و أخرى سلبية للغاية من طرف فقهاء اسلام المخزن العتيق و فقهاء تيارات الإسلام السياسي حيث وصلت هذه الأخيرة الى حد التهديد بقتل سيدي جهادي و اتهامه بتدنيس القران الكريم باللغة الامازيغية .

ان ثمار الحركة الثقافية الامازيغية طيلة الفترة الممتدة منذ سنة 1956 أي قبل تاسيسها الرسمي الى  سنة 1999 قد ساهمت في ولادة مغرب العهد الجديد بالمشروع الديمقراطي الحداثي كما اعلنه الملك محمد السادس في خطبه الأولى بعد جلوسه المبارك على عرش اجداده الكرام .

لكن ميراث الماضي الثقيل ظل يضع العراقيل الى حد الان بهدف عدم ادراك ان الامازيغية ليست مجرد لغة او ثقافة الخ بل انها مشروع حضاري اصيل يحمل لقيم الديمقراطية و العلمانية و الفدرالية و التصور العقلاني للاسلام في امتداده التاريخي و الحضاري في بلادنا هذه ..........

توقيع المهدي مالك                                 

 

اجمالي القراءات 433

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-12-04
مقالات منشورة : 304
اجمالي القراءات : 1,556,152
تعليقات له : 27
تعليقات عليه : 29
بلد الميلاد : Morocco
بلد الاقامة : Morocco