مهدي مالك Ýí 2025-06-03
تاملاتي الشخصية حول مكانة فريضة الحج في ثقافتنا الامازيغية بسوس الكبير
مقدمة متواضعة
اننا سنستقبل هذه الأيام العشر الأوائل من شهر ذو الحجة المباركة بالنسبة لي على اقل باعتباري فتحت عيناي على نمط تدين امازيغي رفيع و عميق و نمط تدين وهابي دخيل عبر قنواتنا التلفزيونية الوطنية و الدينية و العابرة للقارات من العربية السعودية او من مصر في اطار ما يسمى بالصحوة الإسلامية منذ ما يقارب من 40 سنة .....
لا يجادل اثنان في اعتبار ان فريضة الحج لها المكانة البالغة و المقدسة في وعي المسلمين الجمعي قديما و حديثا لان المؤمن يحين الى زيارة هذه الديار المقدسة التي كانت شاهدة على عقلانية سيدنا إبراهيم عندما رفع القواعد من البيت المحرم في مكة المكرمة للناس بالاطلاق بغض النظر عن مللهم او نحلهم كما يقوله القران الكريم حسب تفسير المرحوم الدكتور محمد شحرور قصد العبادة تجاه الله الوالد الاحد لا شريك له في الملك و في الحكم .
و كانت شاهدة على ولادة ديننا الإسلامي الحنيف بأول اية من القران الكريم و هي اقرا أي فعل القراءة لتحقيق كلمات الله السامية في هذه الدنيا و هي التطور و التطوير و التعددية و الاختلاف و ليس اعدام العقل من اجل النقل عن فولان او عن علان دون نقد او انتقاد بمعنى اخر ان ديننا الإسلامي الحنيف هو أصلا يخاطب العقول على مر العصور و الحقب التاريخية الى يوم القيامة كما شرحته مطولا في هذه المقالات المتواضعة باجتهاد و مجهود شخصي .
ان فريضة الحج العظيمة بالنسبة لي على اقل تذكرنا بالاخرة باللطف عبر لبس ثياب الاحرام أي التجرد من مختلف متاع الحياة الدنيا و شهواتها و التفرغ الى العبادة الخالصة لوجه الله عبر الطواف حول البيت العتيق و السعي بين الصفا و المروة و الوقوف بصعيد عرفات الطاهر الخ من اركان و سنن الحج المعلومة في السنة النبوية و في الاحاديث المنسوبة الى رسولنا الاكرم ...
ان اتباع سلف الامة في أمور العبادات مثل الحج او صيام 6 أيام من شوال او 9 أيام من ذو الحجة لن يضر أي احد او لن يشكل أي خطر تجاه الدولة الحديثة التي تساوي أصلا بين أصحاب الديانات السماوية و الملحدين بشكل نسبي لان المطلق لا يوجد أصلا الا في العقول الجامدة .
و أصلا ان من بين مبادئ حقوق الانسان مبدئ ممارسة الشعائر الدينية بالحرية التامة او عدم ممارستها لسبب من الأسباب الخ ....
ان الحج يعلمنا المساواة بين مسلمي العالم بغض النظر عن اختلافاتهم الطبقية أي الغني و الفقير او الوزير و العامل البسيط في تنظيف الشوارع ......
و بغض النظر عن اختلافاتهم المذهبية و الأيديولوجية و السياسية و الثقافية و اللغوية تحقيقا لاحد مقاصد الدين الإسلامي العليا الا و هو التعارف بين الشعوب و الأمم بغية تبادل المنافع المادية و الحضارية و ليس ما يحاول أصحاب الدعوة الوهابية و الاخوانية تروجه منذ قرون عموما و منذ العقود الأخيرة حول وجود الفرقة الناجية تحقيقا لحديث منسوب للرسول الاكرم ما معناه ان الامة الإسلامية ستتفرق الى 73 فرقة كلها في النار الا الفرقة الناجية أي سلف الامة الصالح و ابناءهم و احفادهم من الوهابيين و من الإسلاميين ...
ان هذا الحديث يتعارض مع عالمية الإسلام و انظروا الى موسم الحج الان عبر القنوات التلفزيونية باعتباره مؤتمر سنوي لمسلمي العالم من مختلف الألوان و الثقافات و الأيديولوجية المذهبية و السياسية ك ان رسالة الحج تقول ان اكرمكم عند الله اتقاكم و يقول الرسول في حديث صحيح من ناحية العقل و القران الكريم لا فرق بين العربي و العجمي او بين الأبيض و الأسود الا بالتقوى و العمل الصالح...........
لقد ظهرت منذ سنوات قليلة قضية تسييس الحج من طرف العربية السعودية و هذا يعد شيء طبيعي باعتبار انها تحتضن هذه الديار المقدسة و تحاول عبر هذا التشريف تسويق للوحش الصحراوي أي المذهب الوهابي باعتباره النسخة الاصيلة للاسلام بالمطلق على الصعيد العالمي منذ اكثر من 40 سنة حيث ان نفرض ان شيخ ذو التوجه الوهابي قد سافر الى دولة مالي مثلا للارشاد الديني و اول ما يبدا به دروسه الوهابية هو تكفير الاضرحة الصوفية باعتبارها شركا بالله و برسوله الكريم ثم تكفير العادات و التقاليد المحلية باعتبارها جاهلية ما انزل الله بها من سلطان و يتنقل الى تكفير أنظمة الحكم من القوانين الوضعية و ربما المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية و حدودها المعلومة بصريح العبارة بمعنى ان العربية السعودية قد قامت بتسييس فريضة الحج العظيمة لخدمة اغراضها الأيديولوجية و السياسية مما جعل بعض رموز التنوير الإسلامي يعلنون عن مواقف سلبية للغاية تجاه الحج و احترم هذا الراي على اية حال باعتبارنا بشر في نهاية المطاف نصيب و نخطئ في هذه الدنيا ..
و بالإضافة الى ان فريضة الحج لها مقام عظيم لدى الوعي الجمعي لمسلمي العالم بما فيهم صاحب هذه السطور بكل التواضع .........
الى صلب الموضوع
ان ثقافتنا الامازيغية الإسلامية بسوس الكبير تختزل موروث كبير تجاه فريضة الحج سواء في الامداح النبوية داخل المدارس العتيقة او في فن الروايس الأصيل في الجنوب المغربي من إقليم مراكش الصحراء المغربية او في عادات استقبال الحجاج حين رجوعهم الى ارض وطنهم الام .
ان هذا الموروث الكبير هو قديم جدا لقرون عديدة بحكم ان اجدادنا الامازيغيين يوقرون اهل البيت النبوي لدرجة التقديس أحيانا نتيجة لما وصل اليهم من اخبار بطش الامويين و العباسيين بهم في مواقع تاريخية لا مجال للشك فيها بمعنى ان اجدادنا الكرام كانوا مثال تاريخي لمحبة اهل البيت النبوي و احتضانهم و الدليل الواضح و الواقعي على قولي هذا هو الاسرة العلوية الشريفة و الحاكمة بالمغرب منذ قرون عديدة ........
ان هذا الموروث الكبير يعطينا فكرة عن مدى تعلق اجدادنا الكرام العميق بالديار المقدسة لأداء مناسك الحج و زيارة مدينة الرسول المنورة فقط في القرون الماضية أي ان ليس هناك اية ارتباطات أخرى بين الامازيغيين و المشرق العربي الا زيارة الديار المقدسة للقيام بهذه الفريضة العظيمة و زيارة مدينة الرسول صلى الله عليه و سلم ...
و عندما نستحضر موروثنا الكبير حول فريضة الحج فلا بد من الوقوف باختصار شديد عند فن اصيل قد اعطى الكثير للشعر الامازيغي الديني عموما و للقصيدة الحجازية خصوصا حيث لن يكون الا فن الروايس الذي هو من فنوننا المغربية الاصيلة في بلادنا لقرون طويلة و يتنشر في الجنوب المغربي بين القرى و المدن مثل تيزنيت و اكادير و مراكش و طاطا الخ ...
لكن مع دخول أولى أجهزة التسجيل الى بلادنا مع الاستعمار الفرنسي أوائل القرن الماضي فانتشر فن الروايس بشكل كبير على الصعيد الوطني و على صعيد فرنسا بحكم وجود الجالية الامازيغية المنحدرة من سوس الكبير هناك آنذاك تشتغل في مناجم الفحم او في معامل السيارات ...
لقد ظل رموز فن الروايس من الرجال و من النساء يبدعون المئات من القصائد الدينية بمختلف الأغراض من ترسيخ القيم الإسلامية الى التطرق لقصاص الأنبياء حسب الموجود في كتب التراث الإسلامي حيث ان سوس الكبير يتوفر على العديد من المدارس العتيقة و الزوايا الصوفية تحت أنظمة الامازيغيين المتطورة و الجاهلية بالنسبة لما يسمى بالحركة الوطنية او بالنسبة للتيار الإسلامي السياسي .......
ان رموز فن الروايس من الرجال فقط قد ابدعوا العديد من القصائد الحجازية منذ ثلاثينات القرن الماضي أي منذ عهد المرحوم الحاج بلعيد المشهور الى الان حيث ان القصائد الحجازية هي عبارة عن شرح دقيق لمناسك الحج و اذاب زيارة مدينة الرسول الاكرم بلغة امازيغية سوسية جميلة لعامة الامازيغيين و هذه القصائد تعتبر وثائق تاريخية تعكس بجلاء زيف كل المغالطات الأيديولوجية و الدينية التي تنتصر لجاهلية الامازيغيين و الامازيغية و تنتصر للعروبة و الوهابية الحقيرة للغاية .
لو ادمجت هذه الوثائق التاريخية في مقرر التربية الإسلامية او في سياسات وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية الهادفة الى نشر تعاليم الإسلام للناس بلغتهم الام لكان احسن للمغرب و لهويته الإسلامية الاصيلة .....
لكن هذا لم يحدث على الاطلاق حيث عندما حصل المغرب على استقلاله الشكلي سنة 1956 قررت السلطة العليا التهميش المطلق للامازيغية بكل ابعادها و تجلياتها و خصوصا بعدها الديني الضخم او ما نسميه الان بالإسلام الامازيغي و بالتالي فظلت القصائد الحجازية و الدينية و فن الروايس الخ في خانة التحريم و في خانة الهامش الامازيغي المنسي وقتها علما ان الحقل الديني الرسمي منذ سنة 1956 الى السنوات الأخيرة كان يعتمد طرح جاهلية الامازيغية بشموليتها تطبيقا لايديولوجية الظهير البربري ......
و هناك جانب اخر من موروثنا الكبير الا و هو عادات استقبال الحجاج حين رجوعهم الى ارض الوطن او ما يسمى عندنا بتامغرا ن لحج او عرس الحج حيث يفرح الجميع برجوع افراد من عائلته من هذه الديار المباركة حسب ما اتذكره قليلا عندما جدتي فاظمة رحمها الله في صيف سنة 1990 حيث كنا وقتها نعيش في الدار البيضاء و ذهب الوالد لاستقبالها في مطار المسيرة بمدينة اكادير مع عائلتنا الكبيرة ثم ذهبوا معها الى قريتنا اسك المتواجدة بإقليم اكادير للاحتفال برجوعها سالمة من هناك....
و تامغرا ن لحج هو احتفال جامع بين الدين و التراث الامازيغي حيث في الصباح يقرا الفقهاء ما تيسر من القران الكريم لنشر البركة حول البيت و في المساء رقص النساء عندنا رقصة احواش فرحا بهذه المناسبة العظيمة .......................
توقيع المهدي مالك
تاملاتي الشخصية حول مكانة فريضة الحج في ثقافتنا الامازيغية بسوس الكبير
ما هو مستقبل التيار الإسلامي السياسي في منطقة شمال افريقيا و في منطقة الشرق الأوسط ؟
ماهية الجذور المعاصرة للارهاب باسم الدين الإسلامي ؟
هل يمكن للمسلم المعاصر ان يعيش تدينه و في نفس الوقت ان يتمسك بقيم عصره المتغيرة ؟
دعوة للتبرع
رسالة للرئيس ترامب : سلام علی ;کم یا دکتر صبح 40; منصور . ...
التنقيط فى المصحف: • الس لام عليك استاذ انا فتاة تونسي ة و تونس...
التبرع للانتخابات: ما حكم التبر ع للحمل ات الانت خابية ...
ارحمونا..!: في موضوع الخضر وقتل الغلا م كيف يقتله وهو لم...
القرآن وكفى.!: رجاء" ما هو رای ;ک فی موضوع معجزا ت ...
more