هل فى القرآن الكريم إشارة عن جريمة عائشة فى موقعة الجمل ؟ ( 2 من 2 )

آحمد صبحي منصور Ýí 2018-05-03


هل فى القرآن الكريم إشارة عن جريمة عائشة فى موقعة الجمل ؟ ( 2 من 2 )

فى سورة التحريم

مقدمة :

1 ـ بعضهم يستغرب كيف تتعرض سورة ( التحريم ) لشأن خاص جرى بين النبى محمد وبعض أزواجه ؟ كيف يصير هذا الشأن الخاص قُرآنا يُتلى عبر القرون الى قيام الساعة؟

المزيد مثل هذا المقال :

2 ـ الله جل وعلا أقسم بأن قُرآنه الكريم  قول فصل وما هو بالهزل : (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) الطارق ) بعدها قال عن كيد قريش:(إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16) فَمَهِّلْ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (17) الطارق ). وقد تعرضنا فى كتاب ( المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين ) لمكر قريش وكيدها ، وتعرضنا فى مقالات لاحقة عن أبى بكر صاحب النبى فى الغار ، وأنه كان جاسوسا عليه . هذا يعطى لمحة عن شخصية إبنته عائشة . ونعطى بعض التفصيلات :

أولا :

بداية السورة :  سورة التحريم تبدأ بلوم شديد للنبى بأنه ( يُحرّم ) ما أحلّ الله جل وعلا يبتغى مرضاة أزواجه : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1)) . ونقول :

 1 : تحريم ما أحلّ الله جل وعلا هو إعتداء على حق الله جل وعلا فى التشريع . وقد جاء هذا صريحا فى قوله جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87)  المائدة )، هذا عدا آيات أخرى ( النحل  116 : 117 ، يونس 59 : 60 ).

2 : لا نعرف بالضبط ما هو الحلال الذى حرمه النبى على نفسه . ولكن نعلم من الآية الكريمة أن الله جل وعلا وجّه له هذا الاتهام فى خطاب مباشر ، وأن النبى قد حرّم هذا الحلال يبتغى مرضاة أزواجه ، وأن الله جل وعلا ختم الآية بالغفران .

 3 :  ثم بعدها قال جل وعلا : ( قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (2)). أى نفهم أنه كان قد اقسم ولديه فرصة فى تقديم كفارة اليمين . هنا لوم ثم غفران ، ثم توجيه بتقديم كفّارة عن ( يمين / قسم ) .

 4 : كل هذا لأن النبى محمدا عليه السلام سعى لمرضاة أزواجه . وأن مرضاتهن أوقعته فى لوم من ربه جل وعلا . بالتالى فهناك تعارض بين ( رضا الله جل وعلا ) و ( مرضاة أولئك الزوجات ) .

ثانيا ـ

الوحى التوجيهى  : قال جل وعلا :( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) .  المستفاد أن النبى قال سرا لإحدى الزوجات  فأفشت هذا السّرّ ، ونزل الوحى يخبر النبى بما حدث . وواجهها النبى فسألته من أخبرك ، فقال إنه الله جل وعلا العليم الخبير . هذا يثر قضية الوحى التوجيهى ، وعلاقته بالوحى المكتوب .

1 : هناك وحى توجيهى للأنبياء بالاضافة الى الوحى الذى ينزل به الكتاب السماوى على النبى ، من أمثلته : الوحى لنوح فى صناعة السفينة وأنه لن يؤمن قومه الى من قد آمن ، وتوحيهات غيرها ( هود 36 ـ ، المؤمنون 27 ــ ) . وموسى عليه السلام أكثر نبى صاحبه الوحى التوجيهى قبل أن يتلقى الكتاب فى ميقات ربه فى جبل الطور ، وبعده . ويمكن ــ لمن أراد ــ أن يرجع سور البقرة والأعراف وطه والشعراء ـ مجرد أمثلة .

 2 : خاتم النبيين كان معه وحى توجيهى ، جاءت عنه إشارات قرآنية ، منها عن الهجرة ،وعن الوعد بالنصر أو القافلة فى موقعة بدر ، والوعد بالنصر مسبقا فى موقعة الأحزاب ، وموضوع تحريم جعل الابن بالتبنى كالولد الحقيقى  . ومنها هنا فى سورة التحريم .

 3 : فى كل الأحوال فإن الفيصل فى هذا الوحى التوجيهى هو الكتاب الإلهى . ما جاء عنه فيه فهو الحق ، والكلام فيه خارج الكتاب الالهى هو إفتراء ، ودخول فى الغيب . حتى لو كان ــ كما يزعم بعضهم ـ تفسيرا للإشارات القرآنية فى هذا الوحى التوجيهى . الذى يتدبر القرآن يقف عند حدود الآية الكريمة ، لا يضيف اليها من عنده . وهذا المقال دليل على هذا ، فما سكت عنه رب العزة فى موضوع الوحى التوجيهى هنا لا نتكلم فيه .

 4 : الذى يهمنا فى موضوعنا هنا أن الوحى التوجيهى يأتى فى الأمور الخطيرة والحاسمة . أى إن الوحى التوجيهى فى سورة التحريم  ــ عمّا أسرّ به النبى لبعض أزواجه فقامت بإفشائه  ــ يعتبر أمرا خطيرا إستدعى نزول وحى توجيهى يخبر النبى ، ثم ينزل به قرآنا يُتلى الى قيام الساعة .

ثالثا :

( وإذ أسرّ النبى ) : قال جل وعلا :( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3))

 1 :  الآية كلها حول ( حديث ) قاله النبى سرّا لإحدى زوجاته . الضمير يرجع الى هذا الحديث : ( ..حَدِيثاً فَلَمَّا ( نَبَّأَتْ بِهِ ) (وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ) (عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ ) ( فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ ) ( قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا ) .

 2 : ومع هذه الأهمية لهذا الحديث فلم يذكره رب العزة . وبالتالى ليس لنا أن نتكلم فيه . ومعروف أن ائمة الإفك فى الأديان الأرضية إفتروا ما تهواه أنفسهم .

 3 : ولكن بالتدبر القرآنى نفهم أنه ( حديث خطير ) . إستوجب نزول وحى توجيهى ثم وحى قرآنى ، واستلزم أن يقوم النبى بتحقيق مع زوجته التى أفشت الحديث ، والأخرى التى نقلته ، بل وأن ينزل لهن جميعا خطاب إلاهى مباشر بالتحذير والتهديد .

 4 : لا نرى صلة بين حادثة إفشاء هذا الحديث والحادثة السابقة عن تحريم النبى لما أحلّ الله جل وعلا له يبتغى مرضاة أزواجه . ففى الحادثة السابقة تعرض النبى الى لوم شديد . أما فى موضوع هذا الحديث فقد تركز اللوم على زوجتين للنبى ومناصرة للنبى .

رابعا :

 تهديد للزوجتين بإعلان حرب : فى خطاب مباشر قال جل وعلا للزوجتين : ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4) )

 1 :  هنا تخيير وتحذير وتهديد . إما التوبة وإما العكس بالتظاهر على النبى بالعدوان . وبالتالى فإن الله جل وعلا معه هو وجبريل والملائكة والصالحون من المؤمنين .

2 : هذا تهديد بالغ الخطورة ،  ليس له مثيل فى القرآن الكريم. فلم يرد فى الكتاب العزيز ـ بأكمله ـ أن يكون الله جل وعلا وجبريل والملائكة والمتقون مع النبى ضد خصم له معتد عليه ، إلا أن يكون هذا الخصم ممثلا لقريش ومكرها ودهائها .

3 : هل نرى هنا ظلّ عائشة بنت ابى بكر وحفصة بنت عمر .؟

 4 : هذا يدخل بنا على موضوع الحديث الذى أفشته تلك الزوجة لزوجة أخرى :

 4 / 1 : واضح أنه ليس شأنا شخصيا مثل تحريم النبى ما أحلّ الله له . بل هو أمر أخطر يخصّ الدولة والدعوة . ولخطورته فقد جاء القول عنه بالتلميح : ( وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ ) .

 4 / 2 : موضوع الدولة الاسلامية تركّز الوحى القرآنى عليه تشريعا وتأريخا ، ومنه ما نزل لوما للمنافقين والذين فى قلوبهم مرض والمؤمنين الذين كانوا يوالون قريش المعتدية ، وإستمر هذا من أوائل ما نزل فى المدينة الى أواخر ما نزل فيها من سور التحريم والمائدة والتوبة .

 4/ 3 : نعلم أن النبى محمدا كان قائدا ناجحا ، سار بسفينة دولته الى الانتصار ودخول العرب المتقاتلين فى دين السلام ( الاسلام السلوكى ) أفواجا ، وهزم قريش بكل سطوتها فأذعنت ودخلت ـ الى حين ـ فى هذا الاسلام السلوكى . وقائد بهذا النجاح لا نتوقع أن يفشى بكل تلقائية حديثا سريا يخص دولته الى زوجته ، إلا إذا نجحت هذه الزوجة فى كسب ثقته وإستدراجه . ثم تظهر حقيقتها حين تفشى هذا السّرّ الى زوجة رفيقة لها . هى فى الأصل ( ضُرّة ) لها ، ولكنهما متفاهمتان .

4 / 4 : ولخطور هذا السّر نزل الوحى التوجيهى بالتحذير ، ثم نزل الوحى القرآنى بالتهديد وبأشد صيغة حتى لا يصل هذا السّرُّ الى جواسيس قريش فى المدينة . وبالتالى نزل الوحى القرآنى عن ( حديث سرّى ) خطير دون الكشف عن مضمونه .

 4 / 5 : هل نرى هنا ظلّ عائشة بنت ابى بكر وحفصة بنت عمر .؟

 خامسا :

 تهديد لهن جميعا :  قال جل وعلا ( عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً (5)) هنا ينتقل الخطاب المباشر ليشمل بقية أزواج النبى يهددهن بالطلاق . ونفهم أن :

1 : تأثير الزوجتين وصل الى بقية الزوجات بما إستلزم تهديدهن بالطلاق وعظا وتحذيرا .   2 : والبديل عنهن : مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ( أى صائمات ). معنى التبديل هنا أن أولئك الزوجات إفتقدن ـ وقتها ـ تلك الصفات .!

سادسا :

 ثم قال جل وعلا ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (7) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)):

1 : انتقل الخطاب المباشر للذين آمنوا يعظهم بأن يقوا أنفسهم من الجحيم ـ التى لم تخلق بعدُ ـ لأن وقودها الناس والحجارة . وملائكتها ـ لم يتم خلقهم بعدُ ، لأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، لذا لن يتعرضوا للحساب كيقية الملائكة ( الزمر 75  ، النبأ 38 ، الأنبياء 26 : 29 ). وقتها لن ينفع إعتذار الكافرين ولن يقبل الله جل وعلا توبتهم . بالتالى فعلى المؤمنين وهم أحياء أن يتوبوا لله جل وعلا توبة نصوحا  عسى أن يكفر عنهم سيئاتهم ويجعل مثواهم الجنة .

 2 ـ هذا الخطاب للمؤمنين وعظا وتحذيرا ليس منفصلا عن موضوع زوجات النبى فى صدر السورة . خصوصا مع الإشارة الى أن المؤمنين التائبين لن يتعرضوا للخزى يوم القيامة ، بل سيكونون فى معية النبى ، أى معه يسعى نورهم بين ايديهم وايمانهم . المفترض أن تكون زوجات النبى معه ضمن أولئك المؤمنين ، يتمتعون بشرف صحبته و بلا خزى ، والنور يسعى بين ايديهم وأيمانهم . هذا مرتبط بتوبتهن توبة نصوحا .

  3 : إن لم يتبن توبة نصوحا فهن يوم القيامة  من المنافقين . وقد نزل قبل سورة التحريم ـ فى سورة ( الحديد ) وصف للنور الذى يسعى بين أيدى المؤمنين والمؤمنات يوم القيامة : ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) ، وسيُحرم منه المنافقون : ( يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) الحديد ) . الكلام عن المؤمنين والمؤمنات والمنافقين والمنافقات . فأين نساء النبى هنا ؟ من تابت ستكون من المؤمنات يوم القيامة يسعى نورهن بين أيديهن وبايمانهن . ومن ظلت على نفاقها فسينطيق عليها ما جاء عن المنافقين والمنافقات .

 4 :  هل نرى هنا ظل عائشة بنت أبى بكر وحفصة بنت عمر ؟

سابعا : ـ

قال جل وعلا : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) التحريم ). ونقول :

1 : ( جاهد ) غير ( قاتل ) والجهاد أعمُّ من القتال لأن الجهاد يشمل الدعوة وعظا .

 2 : أمر النبى بجهاد الكفار والمنافقين يعنى الذين يعلمهم من الكفار والمنافقين . وقد كان هناك منافقون من أهل المدينة مردوا على النفاق لم يكن النبى يعلمهم (التوبة  101 )،

 3 : المنافقون الظاهرون الصرحاء هم المقصودون بالجهاد وبالغلظة عليهم فى الوعظ . ونزل فى سورة التوبة قوله جل وعلا عنهم : (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (67)) أى كانوا يمارسون حريتهم فى الشارع يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ، بينما يمارس المؤمنون فى الشارع أيضا الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر : (  وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) بعدها قال جل وعلا للنبى :   ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) التوبة ) . أى تكررت هذه الآية مرتين فى سورة التحريم ثم فى سورة التوبة . كانت فى سورة التوبة فى سياق قيام المنافقين بمظاهرات تأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف . أما فى سورة التحريم فقد كانت فى سياق معاناة النبى مع زوجاته . خصوصا الزوجتين إياهما .

4 : هل نرى هنا ظل عائشة بنت أبى بكر وحفصة بنت عمر ؟

ثامنا :ـ

قال جل وعلا :( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ (12))

1 ـ  فى سياق الوعظ ضرب الله جل وعلا مثلا للكافرين (أولا ) بزوجتى نوح ولوط ، ثم ضرب مثلا للذين آمنوا بزوجة فرعون ومريم ابنة عمران . أمثلة من النساء .

2 ـ المقصد واضح :

2 / 1 : فالخطاب ــ حسب السياق ـ لأزواج النبى . زوجتا نوح ولوط خانتا زوجيهما . الخيانة فى المصطلح القرآنى لا تعنى ( الخيانة الزوجية فى ثقافتنا ) بل التآمر على الدعوة والدولة . ولنا مقال منشور هنا فى توضيح هذا . بينما هناك مثل للمؤمنين يتمثل أيضا فى إمرأتين : زوجة فرعون ومريم .

2 / 2 : العظة هنا أن كون فلانة زوجة لنبى لا يعطيها حصانة ، فلن يغنى عنها زوجها النبى شيئا يوم القيامة ، وإذا عصت فستدخل النار مع الداخلين . والعظة هنا هو الحرية الشخصية والمسئولية الشخصية فى الهداية ، وما يترتب عليها من خلود فى الجنة أو النار .

 2 / 3 : جاء الوعظ لنساء النبى بنموذج شرير ونموذج تقى . ولهنّ الإختيار ، كما سبق تخييرهن من قبل ( الأحزاب  28 : 34 ) ( التحريم 4 ).

أخيرا :

بعد موت النبى وإكتمال القرآن بدأ التاريخ البشرى للصحابة وأزواج النبى . التاريخ لا يذكر المتقين الذين لا يريدون عُلُوّا فى الأرض ولا فسادا ( القصص 83 ) . التاريخ يذكر المتصارعين على السلطة والثروة . التاريخ ذكر ما فعلته عائشة بنت أبى بكر .

اجمالي القراءات 9964

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (4)
1   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الجمعة ٠٤ - مايو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[88547]

أرقام قد تكون لها دلالات !!


مع التأكيد أن العرب لم تكن لديهم سجلات مواليد و وفيات و بالتالي فإن تواريخ ميلاد و وفاة زوجات النبي عليه السلام ليست دقيقة و لكن و عطفا على ما هو متوفر في التاريخ الاسلامي فإن السيدة عائشة كانت تبلغ من العمر عند وفاه النبي عليه السلام ( 18 أو 19 ) سنة و هنا ندخل على تحليل العقل لإمراه في هذا السن تعيش في بيئة و مجتمع ( جديد ) و أوضاع ( جديدة ) فالنبي عليه السلام توفي و عمره 63 سنة ( كما في التأريخ الإسلامي ) و بطبيعة عمل النبي عليه السلام في الدعوة و كرجل دولة فوقته موزع بين هذه المهام العظيمة ناهيك عن أزواجه الأخريات و الوقت المخصص لهن و الوقت المخصص للعبادة من صلاة و قيام ليل و صوم فما هو تأثير المجتمع المدني بكل ما فيه من طوائف ( مكية ) ، ( مدنية : أنصار و يهود ) و نوعيات منافقة و مؤمنون موالون لكفار قريش و لا ننسى أن هناك من ( النساء ) منافقات مجاهرات بالنفاق و لا ننسى الطبيعة النسويه ( الغيرة مثلا ) من بنات النبي عليه السلام من زوجته السيدة خديجة  و زوجها علي بن أبي طالب كل هذا و عمر السيدة عائشة 18 سنة !! مخالفة السيدة عائشة لأمر الله عز و جل بعدم القر في البيت واضحة جدا و إفشاء السر مخالفة كبيرة في وجود النبي عليه السلام ترتب على ذلك قران يتلى إلى يوم الدين و موقف سلبي للغاية لتلكا الزوجتين فكيف تعاملتا مع هذا الموقف ؟ إن الله جل و علا يستر عن عبادة التائبين فهل تابتا !! .



ما هو تأثير العقلية القرشية على إمرأه تبلغ من العمر 18 سنة لا سيما و أن أبيها تولى الخلافة بعد وفاة النبي عليه السلام و كيف تتعامل بهذا السن - المراهق - مع ضرائرها ؟ و كيف تطلب الثأر من دم عثمان لاحقا و هي أفتت بقتله ( أقتلوا نعثلا فقد كفر ) !! كما جاء في التاريخ .



جاء الأمر الإلهي من اللطيف الخبير لنساء النبي عليه السلام بأن يقرن في بيوتهن و أن لا يتبرجن تبرج الجاهلية الأولى و أن يقمن الصلاة و يؤتين الزكاة و يطعن الله جل و علا و رسوله من أجل ذهاب ( الرجس ) و يذكرن ما يتلى من آيات الله و الحكمة نلاحظ هنا أن الحكمة معطوفة على الآيات أي على القران الكريم فهو الحكمة فهل السيدة عائشة بعمر الـ 18 سنة و القران الكريم لم يجمع في مصحف يشمل كل السور بهذا الترتيب كانت قادرة على ذلك ؟ 



2   تعليق بواسطة   Ben Levante     في   الجمعة ٠٤ - مايو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[88548]

الوحي


السلام عليكم

ما جاء في تعقيبي على المقال السابق حول مستقبلية الاحكام التي تخص أزواج النبي: ما عنيته هو أن هذه الاحكام استمرت حتى بعد وفاة (النبي) وانتهت طبعا مع وفاة أزواجه.

بناء على ما ذكرتم في هذا المقال عن الوحي التوجيهي وأنه يأتي اضافيا للوحي المكتوب، أفهم: أنه بغض النظر عن الفرق بين هذا الوحي وبين الوحي المكتوب، فالتعبير يعني أنه أولا وحي الاهي، وثانيا لابد وأنه يحتوي على معلومية (Information) ما. حتى يكون هناك فرق بين هذا الوحي وبين الوحي المكتوب، يجب أن يكون على الاقل جزء من تفاصيل هذه المعلومية غير مذكور في الوحي المكتوب، وإلا لأصبح وحيا مكتوبا. ما ذا يمكن للرسول الآن أن يعمل بهذه المعلومية أو بالجزء الغير مكتوب منها؟

1. يحتفظ بها أو بالجزء الغير مكتوب منها، فتبقى مجهولة ولا أحد يعلمها من البشر، فكأنها غير موجودة

2. يذكر ما اوحي إليه توجيهيا – كله أو بعضه – لغيره من الناس، فيصبح معلوما لهؤلاء (واحد أو أكثر) وعرضة لافشائه بين الناس. على كل الاحوال هو بالنسبة لهؤلاء وحي غير مكتوب. بالعربي الفصيح: وحي ليس موجودا في القرآن وأصبح معروفا لدى الناس أو بعضهم، وهو معلومية قالها الرسول، أي ليست مفتراة من البشر.

 



3   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الجمعة ٠٤ - مايو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[88550]

الوحي التوجيهي


الأستاذ بن ليفانت أسمح لي بالمداخلة حول الوحي التوجيهي فهو وحيا ( خاص ) بالنبي عليه السلام و لا نعلم ( صيغة ) هذا الوحي كونه ليس قرانا و غير محفوظ و حتى لو قاله ( تكلم به النبي عليه السلام علانية ) فسيتعرض للزياده و التحريف على ألسن الناس و يفقد المصداقية . هو وحي بالتأكيد و لكنه خاص بموقف معين ينتهي بنهاية الموقف .



و الله جل و علا هو الأعلم .



4   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الإثنين ٠٧ - مايو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[88562]

شكرا أحبتى ، وندعو الله جل وعلا أن يعيننا على الاستمرار


1 ـ آسف عن الغياب عن الموقع . قضيت يوما فى تسجيل ( لحظات قرآنية ) وأكملنا حتى الحلقة 400 حتى لا نضطر للتسجيل فى رمضان ، وهو عمل مرهق . واستمتعت بيوم أجازة . أعود مشتاقا لكم أهل القرآن . 

2 ـ شكرا للأستاذين سعيد وبن ليفينت . 

3 ـ مداخلة الاستاذ سعيد فى الوحى التوجيهى تكفى . الواقع أن الوحى صلة خاصة بالرسول وربه جل وعلا ، غير أن الوحى التوجيهى خاص به ، أما الوحى المكتوب فهى لابلاغه الى  الناس ، وليس له أن يكتمه أو أ يزيد عليه ما ليس فيه . 

4 ـ عائشة صارت جزءا من التاريخ الدامى للصحابة ، وهذه الحروب الدامية أسست دينى السنة والتشيع ، وأصبحت فيهما ركيزة . دين يقدسها وينسب اليها الكثير من الأحاديث ، ودين يمقتها ويشيطنها. . إنعكس هذا على التأريخ لها فزعموا أن النبى تزوجها وهى طفلة . 

5 ـ  فى تصورى إن إختيار عائشة لتكون جاسوسة على النبى لصالح أبيها وكفار قريش يستدعى أن تكون بالغة رشيدة لتقوم بالمهمة ، وليست طفلة دون البلوغ . من مراجعة تاريخها تتجلى طبيعتها العدوانية الشريرة . ومما نفهمه من سورتى الاحزاب والتحريم نعلم وجود نساء متمردات للنبى . وترشح لدينا ان عائشة هى القائدة لهذا التمرد . ولنا أن نتصور أن توجيهات أُعطيت اليها لتهدأ خوف أن ينزل وحى يفضح الموضوع ، خصوصا وأن أبا بكر وعصابته كانوا من الذين مردوا على النفاق. 

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5130
اجمالي القراءات : 57,283,383
تعليقات له : 5,458
تعليقات عليه : 14,839
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي