مصرُ لا تحتاج الآن لعاصمة إدارية!
العاصمة الإدارية الجديدة ستكلف الدولة المحتاجة لكل قرش حوالي 900 مليار جنيه وستضم القصر الجمهوري ومسجدا ضخما وكنيسة كبيرة والبعثات الدبلوماسية وهي خطة توسعة القاهرة شرقـًـا في محور السويس.
مشروع للمستقبل وليس للحاضر، مشروع للتوسع وليس حلولا لآلاف الأزمات التي يتوجع منها المصريون، وتصرخ ربات البيوت بعد ساعات من الاستيقاظ وإنفاق مصروف البيت.
مشروع اكتشف الرئيس أن مصريي المستقبل في أشد الحاجة إليه، أما مصريو الحاضر فقد فاتهم قطار السعادة.
مصر تحتاج إلى معلمين ومدارس ومستشارين وخطط وإدارات ومشروعات صغيرة ومصانع إنتاجية تُصدر وتأتي للوطن بالمزيد من الأموال الصعبة.
مصر تحتاج لصناعة الإنسان من جديد، في الشارع والمدرسة والمقهى والبيت وتحت الكوبري والجامعة والملاجيء.
مصر تحتاج لمشروع ضخم لتحويل مياه البحر إلى مياه شرب وري وهو أفضل مئة مرة من العاصمة الإدارية.
مصر تحتاج إلى خمسمئة مستشفى حديث ومجهز، وعشرات الآلاف من الأطباء المهنيين والمحترفين والأمناء حتى لو أغرت الدولة الآلاف من أطباء مصر المهاجرين.
مصر تحتاج لأهم مشروع في الألفية الثالثة وهو العلاج النفسي والسلوكي لأمراض ترسبت، وتوسعت في العقود الماضية.
مصر تحتاج لتأهيل السلك القضائي ليسلك نهج العدالة، وينهي عصر ابن المستشار مستشار.
مصر تحتاج لدواء لكل مريض في نظام حديث مغربل من كل صور الفساد والغش.
مصر لا تحتاج لعشرات الآلاف من رجال الدين الإسلامي والمسيحي، ولينتقلوا إلى أعمال أخرى مثل محو الأمية والتدريس والتعليم مع جرعات قليلة من السلوكيات والتعاليم الدينية المتسامحة.
مصر، أيها المواطنون، لا تحتاج حاليا عاصمة إدارية فليس لدينا الكفاءات والنزاهة والشرف وعبقرية الإدارة، ومن أراد أن يعرف احتياجات مصر في كل المجالات فليفتح عينيه في أي اتجاه، ويُعمل الفكر والعقل، وينظف الضمير، وسيكتشف أن العاصمة الإدارية التي ستبتلع 900 مليار جنيها تتضاعف في سنوات قادمة ليست هي الأولوية.
لا تفرحوا بقناة السويس الجديدة والفرقاطة والغواصة والعاصمة الإدارية وإحلال الجيش محل الشعب في الحياة اليومية والبيع والشراء ورصف الطرق والبناء.
مصر لا تحتاج لبناء سجون جديدة تنفق عليها المليارات، وفي خارجها نصنع المجرمين والمتطرفين دينيــًا وسياسيا.
مصر تحتاج إلى قائد ذكي وعبقري وإداري ومثقف وفيلسوف وأديب وخبير وأمين حتى لو لم نكن نور عينيه الباكية علينا.
أفكار الرئيس لمستقبله واسمه وتاريخه ليست في مصلحة مصر الحاضرة، فليطلب من الله أن يميته مئة عام، ثم يبعثه من جديد، ليقيم مشروعات المستقبل.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 8 يناير 2017
اجمالي القراءات
7258