العراق: قوى مسيحية تطالب بإنهاء المليشيات في مناطقهم قبل الانتخابات

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٠١ - يوليو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


العراق: قوى مسيحية تطالب بإنهاء المليشيات في مناطقهم قبل الانتخابات

طالب تحالف سياسي يضمّ عدداً من القوى المسيحية في العراق بـ"إنهاء" وجود المليشيات والجماعات المسلحة بالمناطق ذات الأكثرية المسيحية بمحافظة نينوى، شمالي البلاد، قبل إجراء الانتخابات العامة المقرّرة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وقالت في بيان مشترك، مساء أمس الاثنين، إن ذلك يأتي لـ"ضمان عملية انتخابية نزيهة بعيداً عن التلاعب والترهيب للناخبين بالسلاح"، وتعتبر هذه الدعوة الثانية من نوعها، إذ كانت قوى مسيحية عراقية عدّة وجهت، في مارس/آذار الماضي، دعوة مماثلة بعد اتفاقها على خوض الانتخابات التشريعية المقبلة في البلاد، بقائمة واحدة تشمل كل الدوائر الانتخابية بالمحافظات المختلفة.

وأضاف التحالف أن "جميع المذكّرات والمطالبات التي قدّمها طيلة الفترة الماضية إلى الجهات الرسمية العراقية، بما فيها الرئاسات الثلاث، ورئاسة المحكمة الاتحادية والمفوضية العليا للانتخابات والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، لم تجد آذاناً صاغية، ما فاقم حالة القلق والإحباط لدى المكون المسيحي"، مشيراً إلى أن "استمرار وجود المليشيات المسلحة في بلدات سهل نينوى يمثل تهديداً صارخاً للأمن والعيش الكريم، ولهذا ندعو إلى سحب هذه المليشيات فوراً وإسناد الملف الأمني حصرياً إلى المؤسّسات العسكرية والأمنية الدستورية، بما يضمن حماية مناطق المسيحيين من التدخلات السافرة واستغلال النفوذ"، ويضم التحالف المجلس القومي الكلداني، وحزب حركة تجمع السريان، وحزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني، والجمعية الأرمنية، والرابطة الكلدانية العالمية والهيئة الإداريّة لطائفة الأرمن الأرثوذكس إلى جانب شخصيات سياسية واجتماعية مسيحية.

وشدّد التحالف على "ضرورة تعديل قانون انتخابات مجلس النواب بما يحقق تمثيلاً حقيقياً وحراً، واستحداث سجل انتخابي خاص بأبناء المكون المسيحي للتسجيل الطوعي، إضافة الى تخصيص صناديق اقتراع مستقلة وورقة اقتراع منفصلة لضمان نزاهة التصويت ومنع التدخل الخارجي، مع اعتبار كل محافظة مشمولة بالكوتا دائرة انتخابية منفردة"، مبيناً أن "المليشيات والفصائل المسلّحة تقوم باستغلال المال الفاسد الناتج عن عمليات التهريب والإتاوات والاتجار غير المشروع في الذهب والمخدرات والعملة، إلى جانب توظيف الرواتب الوهمية، لشراء الذمم والأصوات وترويع القيادات الكنسية والسياسية الأصيلة".

وختم التحالف المسيحي في العراق بيانه بأنه "في حال تعذّر تنفيذ هذه الإصلاحات قبل موعد الانتخابات المقرّرة في تشرين الثاني 2025، فإنّ الانتخابات الخاصة بالمقاعد الخمسة المخصّصة للمكون المسيحي ينبغي تأجيلها إلى حين تهيئة الضمانات الكفيلة بتحقيق تمثيل حقيقي خالٍ من الهيمنة الموضحة أعلاه".

من جهته، قال النائب السابق في البرلمان جوزيف صليوا، رئيس حركة "الوركاء" المسيحية، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تخوف سياسي وشعبي كبير من سيطرة الفصائل المسلحة على المناطق ذات الغالبية المسيحية، فهذه السيطرة ستدفع تلك الفصائل للعمل على ترهيب الناخبين من أجل التصويت لمرشحين مدعومين منهم حتى وإن كانوا ضمن المكون المسيحي"، مضيفاً أن "الهدف من سيطرة تلك الفصائل على المناطق المسيحية في مختلف المدن والمحافظات سياسي، وكذلك اقتصادي، ورغم كل المناشدات والمطالبات بأن يكون الملف الأمني حصراً بيد القوات العراقية من الشرطة والجيش بتلك المناطق، لكن الحكومات العراقية السابقة والحالية لم تستجب لذلك بسبب عدم القدرة على مواجهة ذلك النفوذ".

وأكد صليوا أن "استمرار سيطرة تلك الفصائل على المناطق المسيحية سبب رئيسي في منع عودة أغلب النازحين من تلك المناطق، كما يدفع إلى انسحاب بعض الأطراف والشخصيات السياسية من العملية الانتخابية، وسيزيد من نسبة مقاطعة الجمهور المسيحي خشية من فرض إرادة تلك الفصائل عليهم بقوة السلاح خلال عملية التصويت".ويتركز الوجود المسيحي في العراق في مناطق سهل نينوى قرب الموصل، وتتكون من الأراضي الممتدة شرق مدينة الموصل وجنوب وشمال شرقها باتجاه أربيل، وتشمل إلى جانب أكثر من 10 بلدات أربع أقضية إدارية، هي الحمدانية وتلكيف ومخمور والشيخان، إضافة إلى ناحية بعشيقة التابعة لمدينة الموصل، وعشرات القرى الصغيرة وسكانها من الغالبية المسيحية العراقية.

وتتبع منطقة سهل نينوى الخصبة إدارياً لمحافظة نينوى ومركزها مدينة الموصل، وبرز منها العديد من كبار العلماء والمفكرين والسياسيين، من أبرزهم: العلاّمة والباحث واللغوي الأب إنستاس الكرملي، والبروفسور متّى عقراوي، وهو أول رئيس لجامعة بغداد، والوزير يوسف رزق الله غنيمة، والباحثان كوركيس عواد وميخائيل عواد، والصحفي والسياسي روفائيل بطي، ويوسف سلمان أحد مؤسّسي الحزب الشيوعي العراقي، والمطربة الكبيرة عفيفة إسكندر، والمدرب واللاعب العراقي الشهير عمو بابا، ووزير الخارجية العراقي الراحل طارق عزيز.

وينحصر النفوذ الأمني في تلك المنطقة بفصيلَين مسلَّحَين تابعين لـ"الحشد الشعبي"، الأول هو حشد الشبك أو ما يعرف باللواء 30، ويقوده النائب وعد القدو المُدرج على لائحة العقوبات الأميركية، والثاني مليشيا "بابليون" المعروفة باللواء 50، التي يقودها ريان الكلداني المدرج أيضاً على لائحة العقوبات الأميركية، والاثنان (القدو والكلداني) يعتبران حليفين وثيقين للتحالف الحاكم "الإطار التنسيقي"، ويشاركان في اجتماعاته الدورية.

ومن المقرّر أن يجري العراق الانتخابات التشريعية العامة بنسختها السادسة منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بمشاركة متاحة لـ28 مليون ناخب يحق لهم التصويت من أصل 45 مليون عراقي يشكلون مجموع سكان البلاد. وواجه المكون المسيحي في العراق إجحافاً كبيراً خلال إقرار القانون الحالي للانتخابات بعد منع المغتربين والنازحين من المشاركة، إذ تحوز شريحة مسيحيي العراق على أكبر نسبة مهجّرين ونازحين ومغتربين، تقدر بـ75%، وذلك بسبب غزو الولايات المتحدة العراق وما تعرض له المسيحيون في مراحل لاحقة من ظلم وعمليات تنكيل واستهداف بدوافع طائفية وعنصرية، وأخرى قائمة على أطماع بمناطق وجودهم التاريخية، مثل سهل نينوى ووسط العاصمة بغداد.
اجمالي القراءات 26
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق