مصادر في «الداخلية»: 2100 ضابط شرطة قدموا استقالاتهم في العامين الأخيرين :
مصادر في «الداخلية»: 2100 ضابط شرطة قدموا استقالاتهم في العامين الأخيرين

اضيف الخبر في يوم الجمعة ٠٢ - يناير - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: البديل


مصادر في «الداخلية»: 2100 ضابط شرطة قدموا استقالاتهم في العامين الأخيرين

مصادر في «الداخلية»: 2100 ضابط شرطة قدموا استقالاتهم في العامين الأخيرين ارسال لصديق
02/01/2009
1.jpgبسبب قضايا التعذيب والنقل وضعف المرتبات
مصدر أمني: المستقيلون يريدون تقديم أنفسهم إلي الرأي العام كأبطال.. والحقيقة أنهم استقالوا قبل إقالتهم بسبب تجاوزاتهم
اللواء محمود عزالدين: صيدليات الشرطة تصرف كميات كبيرة من أدوية الاكتئاب للضباط بسبب القضايا المرفوعة ضدهم من أهالي المتهمين
تحقيق: ياسر عبدالهادي - أحمد عامر
قال مصدر أمني مسئول لـ«البديل» إن ما يقرب من 2100 ضابط، أي ما يعادل 7% من ضباط وزارة الداخلية البالغ عددهم 30 ألفاً، تقدموا خلال العامين الأخيرين بطلبات استقالة.. وأرجع المصدر أسباب هذه الاستقالات إلي قضايا التعذيب داخل السجون وأقسام الشرطة وقلة العائد المادي والنقل إلي مناطق نائية أو للانتقال إلي مهن أخري، مثل النيابة أو التدريس بالجامعة أو الإصابة بالمرض، أو الرغبة في الاستراحة من عناء العمل، أو تأمين الحياة أو الوصول إلي رتبة أعلي تكون الاستقالة مقدمة لطلبها.
والتقت «البديل» عدداً من ضباط الشرطة الذين تقدموا باستقالاتهم للتعرف علي أهم الأسباب التي دفعتهم إلي ذلك.
وكان النموذج الأول هو اللواء محمود حنفي، مدير سجن المرج الأسبق، الذي اعترف أثناء التحقيقات أمام إدارة الفحص بجهاز الكسب غير المشروع في القضية رقم 19192 جنايات النزهة بأنه تقدم باستقالته بسبب التعذيب الذي يراه أمام عينيه داخل السجن، وقال إنه عندما تقدم باستقالته إلي رئيس مصلحة السجون في وزارة الداخلية آنذاك نصحه بتقديم طلب حفظ وظيفة، خاصة بعد إصابته بالأمراض هو وأولاده إلا أنه رفض وأصر علي تقديم الاستقالة.
كما تقدم المقدم طارق زايد، رئيس مباحث قسم الخليفة، باستقالته نتيجة اعتراضه علي النقل من القاهرة إلي الجيزة، ولوجود ما وصفه بتجاوزات في التوزيع الداخلي واستقال المقدم ناصر خلف الله في إدارة تسوية الأموال العامة في نجع حمادي بمحافظة قناة بعد توجيه اتهامات له في قضية غير أخلاقية، بالإضافة إلي آخرين رفضوا ذكر أسمائهم.
وقال النقيب «ع.أ» إنه وقع علي استمارة عدم الاستمرار في جهاز الشرطة لعدة أسباب منها الخدمة الزائدة التي قد تصل إلي 45 يوماً في مكان واحد لا يتحرك منه الضابط، بالإضافة إلي مشاهد التعذيب التي كانت تحدث في أقسام الشرطة بمحافظة الجيزة، والقضايا التي ترفع ضد الضباط بالرغم من أن الضباط ليسوا مذنبين، ويضيف: «لكن تخلي الوزارة عن الضباط دفع عدداً كبيراً منهم إلي التقدم بالاستقالة والعمل في أي مجال حر». وقال الرائد «خ.أ» إنه تقدم باستقالته لعدم وجود عائد مادي مجز يستحق الجهد المبذول في العمل. والتحق بشركة مقاولات يملكها والده، وترك العمل في الشرطة بعد شعوره بعدم الحرية في أن يعيش حياته- علي  حد تعبيره.
وقال اللواء رضا أحمد يعقوب، الضابط السابق في مديرية أمن بني سويف، الذي يعمل بمهنة المحاماة، إن زيادة فترات الخدمة بالنسبة لضابط الشرطة تعد من أهم دوافع الرغبة في تقديم الاستقالة.
وقال اللواء يعقوب: من أبرز الأمثلة اتي توليت الدفاع عنها نائب مأمور قضي خمسة أيام متواصلة في الخدمة دون أن تتخللها أي فترات راحة، وبعد ذلك أخذ راحة لست ساعات فقط، ولكنه زاد عليها بساعة، فتعرض لأشكال عديدة من التعذيب المادي والمعنوي، وتقدم علي إثر ذلك باستقالته.
وأوضح اللواء يعقوب أن هناك خدمات يكلف بها ضباط الشرطة تعتمد علي الكم وليس الكيف، بمعني تقديم كبش فداء، مثل أن يعين ضابط خدمة لمدة 45 يوماً لتأمين مقر إقامة، وشاهدت هذه الواقعة وتحدثت بشأنها مع مدير أمن المنيا آنذاك اللواء منصور العيسوي قبل قدومه إلي القاهرة وانتقد اللواء يعقوب وزارة الداخلية لأنها لا تدرعي البعدين الاجتماعي والثقافي لضباط الشرطة.
وقال: أغلب الضباط لا يمارسون الرياضة، واكتشفت عبر الحديث مع كثير منهم أنه لا علاقة لهم بالكمبيوتر أو الإنترنت والاتصالات الدولية.
وعن البعد الاجتماعي لضباط الداخلية قال اللواء يعقوب إن كثيراً من الضباط العاملين في مديرية أمن القاهرة يكتفون فقط بمكنهم من النوم في منازلهم مع أسرهم، بينما يعاني المغتربون من افتقادهم هذا الأمر، ووصف اللواء يعقوب القضايا التي أقامها الضباط ضد وزارة الداخلية، سواء في المحاكم الإدارية أو المدنية بأنها تفوق الحصر، وقال إن هذا يعني أن هناك خللا إداريا وعاطفيا، وقضايا الرأي العام أثبتت احتياج وزارة الداخلية إلي استعادة ثقة الشعب في الشرطة، لأنها تكاد تكون منعدمة ومثال لذلك القضية الأخيرة التي وقعت في أسوان، حيث كان الضابط في حاجة إلي تدريب في الرماية لأنه لم يتعلم كيف يستطيع وقف خصمه في مثل هذه المواقف.
وقال اللواء يعقوب إن عدد الضباط الموجودين في الخدمة والراغبين في الالتحاق بجهات أخري ارتفع في الآونة الأخيرة، وهناك وقائع صارخة تثبت انعدام الحنان بين العاملين في جهاز الشرطة ووزارة الداخلية، وكثير منهم يطلب الإقالة أو الإحالة إلي المعاش في سن مبكرة، مع أنهم جديرون بالبقاء في هذا الجهاز الحيوي.
وعن نوعية القضايا التي تولي الدفاع عنها قال اللواء يعقوب: عندي قضايا لضباط يطلبون مستحقاتهم من وزارة الداخلية حتي بعد إحالتهم للمعاش، وللأسف جميعهم كسبوا هذه القضايا. وضباط آخرون أحيلوا للمعاش والتحقوا بوظائف حكومية، فتم استقطاع جزء كبير من معاشهم، ورفعوا قضايا ضد الداخلية لاستعادة حقوقهم. وعندي قضايا لضباط وأمناء شرطة في الخدمة تمت مجازاتهم، وبعد ذلك تبين أن هذا الجزاء جائر، وأعيدوا إلي عملهم بعد حصولهم علي حقوقهم بالكامل.
وعن نسبة الضباط الذين يرغبون في تقديم استقالاتهم وترك الخدمة في جهاز الشرطة قال اللواء يعقوب: إن 50% من الضباط ذوي الرتب الصغري يرغبون في ذلك، لفقدان الصلة بين الضابط والوزارة «أما الموجودون في الخدمة يخافون من البوح بهذه الرغبة، وتكون النتيجة أن الضابط يؤدي عمله وهو في حالة ضغط واكتئاب».
ووصف اللواء يعقوب الثقة بين ضباط الداخلية والمواطن البسيط بأنها «مبتورة تماماً»، وقال: إن خير مثال لذلك هو ما حدث في قرية «تبوت» بأسوان، فللمرة الثانية يتم قتل أحد أبناء هذه القرية بسبب خطأ من ضابط شرطة لم يتم تدريبه جيداً. و«هذا الضابط إذا دخل في اختبار رماية لن تتجاوز نسبة نجاحه 5.1%».
وعن مستحقات ضباط الداخلية بعد إنهاء خدمتهم أو الالتحاق بوظيفة أخري، قال اللواء يعقوب: كل الضباط الذين ترافعت في قضاياهم كانوا لا يحصلون علي بدل الإجازات إلا بعد رفع قضايا ضد وزارة الداخلية، وبعد أن تكاثرت القضايا علي وزارة الداخلية وزادت تكاليف الرسوم القضائية، اضطرت الوزارة للدخول في تسوية هذه القضايا، فبمجرد أن تذهب القضية إلي لجنة فض المنازعات، تبادر الوزارة إلي إنهائها. وأما بالنسبة لمن التحقوا بأعمال حكومية، فإن الوزارة استقطعت جزء كبيراً من معاشاتهم، وهذا إجراءاً غير دستوري، وحصلت علي أحكام قضائية ضد وزارة الداخلية في هذا الشأن.
وعن ثقافة حقوق الإنسان لدي ضباط الداخلية، قال اللواء يعقوب: إذا نزلنا إلي أي قسم شرطة وسألنا أي ضابط عن قانون حقوق الإنسان، وماذا جاء فيه فلن يعرف شيئاً، وليس لديه فكرة عن هذا الموضوع، وكذلك ضباط السجون.
أما اللواء محمود عزالدين، الضابط السابق في سجن المرج، فأكد لـ«البديل» أن عدداً كبيراًمن الضباط يتقدمون باستقالاتهم خاصة من رتبة عقيد وما يعلوها، وقال: إن 7% من ضباط الشرطة قدموا استقالاتهم لأسباب عديدة، منها عدم عدالة توزيع الحوافز والمكافآت. «فمثلا الضابط في إدارات الأمن العام لا يحصل إلا علي 2000 جنيه، في حين يحصل زملاؤهم في الكهرباء وأمن الدولة والتهرب الضريبي والأموال العامة والعلاقات العامة والتموين علي رواتب تصل إلي 6 آلاف جنيه».
وأوضح اللواء عزالدين أنه في حالة الاعتراض علي مثل هذه المكافآت يتعرض الضابط للنقل. وأضاف «وأنا كمحام توليت عملية تقديم الاستقالة للعديد من الضباط.. لأن النقل داخل وزارة الداخلية ليس له إجراءات ثابتة».
وأشار اللواء عزالدين إلي وجود استمارة ينبغي علي كل من يرغب في إنهاء خدمته، خاصة من رتب عقيد إلي لواء، أن يملأ بياناتها  التي تتضمن أربعة أسئلة منها: هل ترغب في الاستمرار في الخدمة أم لا؟ وما المكان الذي ترغب العمل فيه بعد إنهاء الخدمة؟
وقال اللواء عزالدين: إن كميات كبيرة من أدوية الاكتئاب تصرف من صيدلية الشرطة لعدد كبير من الضباط من ذوي رتبة رائد، وذلك نتيجة لإصابتهم بحالات اكتئاب جراء القضايا التي ترفع ضدهم من قبل أهالي المتهمين.
ومن نماذج الضباط الذين رفعوا دعاوي قضائية ضد الوزارة لاسترداد حقوقهم، اللواء محمد مجدي عثمان، مساعد وزير الداخلية الأسبق، الذي أقام  الدعوي رقم 1333 لسنة 59 ق مجلس الدولة وأودعت محكمة القضاء الإداري عريضة الدعوي بتاريخ 17 أكتوبر 2004.
وقال في دعواه: إنه يحصل علي معاشه منقوصاً نظراً لالتحاقه بالعمل بوزارة الحكم المحلي، وتبين عدم دستورية هذا الإجراء.
أما اللواء حسين محمود محمد فهمي واللواء أحمد لطفي بيومي فأقاما الدعوي رقم 7464 لسنة 49 ق محكمة القضاء الإداري الدائرة التاسعة، وأودعت عريضة الدعوي بتاريخ 10 يوليو 1995 وقالا فيها: إنهما يحصلان علي معاشيهما منقوصاً لالتحاقهما للعمل بوزارة الحكم المحلي بتاريخ 18 مارس 2006، وصدر الحكم ببطلان إجراء وزارة الداخلية وحقهما في المعاش بالكامل.
وأصيب عثمان عبدالمعز أحمد، نقيب أول في الشرطة، بأمراض مزمنة ونفسية نتيجة العمل وصدر قرار تعسفي بفصله من الخدمة برقم 922 لسنة 1994 فأقام الدعوي 21301 لسنة 62 ق مجلس الدولة تسويات، ومازال في صراع مع الداخلية للحصول علي حقوقه.
وهناك اللواء محمد غالب محمد عطية الذي لم يحصل هو الآخر علي بدل الإجازات فأقام الدعوي رقم 15503 لسنة 56 ق، وحصل بعدها علي مستحقاته كاملة.
وهناك اللواء مصطفي شكري علي الذي لم يحصل علي مستحقاته المالية من وزارة الداخلية، وأقام الدعوي رقم 23921 لسنة 58 ق، قبل وفاته.
وكذلك اللواء علي عبدالوهاب علي حسن، فلم يحصل علي مستحقاته من وزارة الداخلية وأقام الدعوي 9387 لسنة 55 ق بمحكمة القضاء الإداري قبل وفاته هو الآخر.
وقال مصدر أمني مسئول في وزارة الداخلية لـ«البديل»: إن أسباب تقدم الضباط باستقالاتهم للوزارة في الفترة الأخيرة تتضمن قلة العائد المادي، أو لإصابة أحدهم أو مرضه، وأكد المصدر أن عدداً منهم متهم في قضايا تسيء له، ولذلك تقدموا بالاستقالة خوفاً من تشوه صورهم بعد إقالاتهم.
وقال المصدر: الذين يدعون بأنهم استقالوا بسبب وجود تعذيب داخل أقسام الشرطة أو السجون يحاولون تصوير أنفسهم أمام الرأي العام بأنهم أبطال يضحون من أجل المواطنين، وهذا غير صحيح، بل أرادت الداخلية أن تعاقبهم علي تجاوزاتهم فلجأوا إلي الاستقالة قبل الإقامة، بسبب تجاوزاتهم ضد المواطنين وإضرارهم بالنظام والمال العام، واتكابهم مخالفات عديدة

اجمالي القراءات 2821
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق