(كشفت صحيفة " نيويورك تايمز "الأمريكية ، وفي مفاجأة من العيار الثقيل ، النقاب عن أبعاد جديدة لفضيحة قيام الولايات المتحدة بإرسال عدد من عناصر تنظيم القاعدة الذين تم اعتقالهم إلى عدة دول، من بينها مصر والأردن وباكستان ، مشهورة باستخدام أساليب قاسية في استجواب المعتقلين من أجل انتزاع معلومات منهم تحت التعذيب ، مشيرة إلى أن المعلومات التي رددها الرئيس بوش وأعضاء إدارته حول علاقة النظام العراقي بتنظيم القاعدة ، والتي استخدمت كمبرر رئيسي للحرب على العراق ، تم انتزاعها من أحد قادة تنظيم القاعدة أثناء تعرضه لاستجواب عنيف على يد ضباط أمن مصريين في القاهرة .
وأوضحت الصحيفة ، بناء علي معلومات مسئولين أمريكيين حاليين وسابقين ، أن " ابن الشيخ الليبي " ، أحد القادة البارزين في تنظيم القاعدة ، أضطر للإدلاء بمعلومات كاذبة حول علاقة التنظيم بالنظام العراقي ، حتى تتوقف أجهزة الأمن المصرية عن تعذيبه لكن المعلومات الكاذبة التي أدلي بها الليبي كانت من الخطورة بحيث استخدمها الرئيس بوش وإداراته كأساس ومبرر لشن حربه وغزوه للعراق.
وأشارت الصحيفة إلى أن بداية الموضوع تعود إلى يناير 2002 ، حيث أرسلت المخابرات المركزية الأمريكية ابن الشيخ الليبي ، أحد كبار تنظيم القاعدة الذي كان قد قبض عليه في أفغانستان في نوفمبر 2001 وأحتجز لفترة في باكستان ، أرسلته إلى مصر ، وذلك بغرض استجوابه لان البيت الأبيض ـ حسب وصف الصحيفة ـ لم يكن قد صرح بعد للمخابرات الأمريكية باحتجاز أو تعذيب المشتبه بهم في أمريكا.
وكشفت الصحيفة أن ابن الشيخ الليبي تعرض لتعذيب وحشي في السجون المصرية وإنه أضطر للإدلاء بمعلومات كاذبة حتى تتوقف أجهزة الأمن المصرية عن تعذيبه .
المعلومات " المفبركة " التي أدلي بها ابن الشيخ الليبي لأجهزة الأمن المصرية ـ حسب ما نشرته النيويورك تايمز ـ تقول إن هناك علاقة بين تنظيم القاعدة ونظام صدام حسين ، كما أن نظام صدام حسين درب عناصر من القاعدة علي استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية المحظورة ضد أهداف أمريكية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه ورغم أن هذه المعلومات تم الحصول عليها تحت التعذيب في السجون المصرية إلا أن السلطات المصرية نقلتها حرفيا للمخابرات المركزية الأمريكية في إطار الاتفاق المتبادل بين مصر وأمريكا ، لتعذيب واستجواب المشتبه بهم لحساب المخابرات المركزية الأمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى أن تقريرا للمخابرات العسكرية الأمريكية أكد أن ما قاله ابن الشيخ عن علاقة القاعدة بنظام صدام حسين مجرد مزاعم كاذبة قالها تحت التعذيب في السجون المصرية التي أمضي فيها قرابة العام ، لكن إدارة الرئيس بوش لم تلتفت إلي التقرير ، وشنت الحرب ودُمر العراق وقتل ما يقرب من مليون شخص بفضل هذه المزاعم الكاذبة التي انتزعت بالإكراه . )
انتهى النقل عن جريدة " المصريون " الاليكترونية .
http://www.almesryoon.com/
ويبقى التعليق ..
1 ـ أقر الرئيس الأمريكي جورج بوش بالمسؤولية عن حرب العراق على أساس معلومات استخباراتية خاطئة، وهي المعلومات التي أشارت إلى أن العراق كان يمتلك أسلحة دمار شامل، لكنه دافع عن الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق للإطاحة بصدام حسين وقال إن الحرب لا يزال لها ما يبررها . هذا ما رددته أجهزة الاعلام الأمريكية يوم الاربعاء 14 ديسمبر 2005 ..
المهم لدينا اعتراف الرئيس بوش بأنه أشعل حربا فى العراق بناءا على معلومات خاطئة ، وعرفنا أنه تم انتزاعها بالتعذيب . واذا أعلن الرئيس بوش مسئوليته أمام شعبه فانه سبق له شجب التعذيب سواء ما وقع منه على أيدى الأمريكيين فى أبو غريب أو ما وقع فيه الع فيه العراقيون أنفسهم وكشف الأمريكيون حدوثه فى أقبية المؤسسات العراقية . المنتظر أن يعلن الرئيس الأمريكى شجبه للتعذيب ، وألا يكون مجرد اعلان لفظى ، بل يجب أن يكون موقفا مسئولا سياسيا وأخلاقيا من رئيس أكبر قوة فى العالم . أى يجب ان تصحبه اجراءات تتخذها أمريكا ومعها الأمم المتحدة لوقف التعذيب فى الشرق الأوسط ، واقامة آلية دولية لمراقبة منع التعذيب ومؤاخذة الجناة المتورطين فى التعذيب سواء من أصدر الأمر أو من قام بالتنفيذ ، أى من رئيس الدولة الى وزير الداخلية والضابط الذى أمر بالتعذيب الى الجندى القائم بالتعذيب.
2 ـ فى سبتمبر 2005 كتبت نداء للأمم المتحدة لمحاكمة الحكام المستبدين المتهمين بالتعذيب قلت فيه : ( التعذيب هو أساس الاستبداد. المستبد يرهب الناس ليمنعهم من مقاومة الظلم. بالتعذيب يقتل المستبد فى الانسان أعز ما يملك . الحاكم المستبد لا يمكن أن يستغنى عن ارهاب مواطنيه ليؤكد هيبته فى قلوبهم - تحت شعار هيبة الدولة، لأنه هو الدولة. الحاكم المستبد يمتلك ويحتكر كل القوة العسكرية والأمنية والثروة والامكانات ويستخدم ذلك كله لارهاب الأحرار. تحت ظل الارهاب الذى يمارسه الحاكم المستبد يقع الشعب أسيرا لسلطان قاهر . وفقا لشعارالوطنية وعدم تدخل قوى اجنبية فى الشئون الداخلية ينفرد المستبد بشعبه يطيح فيهم استبدادا وتعذيبا وفسادا مما يجعل الشباب يلجأ للتطرف والارهاب باسم الدين. لم يعد مستساغا فى قريتنا العالمية أن يتحكم شخص واحد فى شعب بأكمله مدعيا أنه الوطن . الوطن يشمل كل المواطنين وعلى قدر المساواة المطلقة بين الحاكم والمحكوم فى الحقوق والواجبات .أساس النظام الديمقراطى ان الحاكم هو الذى يسترضى الشعب ليختاره الشعب خادما له يحاسبه ويعاقبه أو يكافئه على حسب ادائه فى خدمة الجمهور. أساس الاستبداد ان الحاكم هو الذى يملك الرعية وهو الذى يسيطر عليها بالتخويف والارهاب والتعذيب. لا بد من تقديم بيان للمجتمع الدولى والأمم المتحدة يطالب بمحاكمة جنائية لكل حاكم مستبد يمارس نظامه التعذيب. التعذيب جريمة فى القوانين الدولية وحتى فى بعض القوانين المحلية ، ولذلك فان منظمات حقوق الانسان ترصد جرائم التعذيب وتطالب عبثا بالكف عنها ، وطالما يبقى الحكام بمأمن من المحاسبة عن جريمة التعذيب فالانتهاكات مستمرة ، وسلخانات السجون تدوى فيها صرخات ضحايا التعذيب . وقد آن الأوان لمحو هذا العار فى بلادنا وفى العالم بأسره باستدعاء الحكام انفسهم لساحة العدالة متهمين بجريمة التعذيب التى لا تسقط بالتقادم. ان مجرد احداث ضجيج حول هذا البيان على مستوى العالم وتردد صداه فى المحافل الدولية سيجعل سوط الجلاد يرتعش وسيتنفس بعض الضحايا فى ظلام السجون الصعداء.
باسم كل المظلومين الذين ينتهك الطغاة كرامتهم وأجسادهم نطالب الأمم المتحدة بالآتى
: أولا : طبقا لبيانات منظمات حقوق الانسان والمنظمات المعنية بجرائم التعذيب فى دول العالم تصدر الأمم المتحدة قائمة سوداء باسماء الحكام الذين يرتكبون جريمة التعذيب فى حق مواطنيهم، والذين يحكمون مواطنيهم بقوانين استثنائية أوبنظام حكم بوليسى تضيع فيه حقوق المواطن السياسية والانسانية.
ثانيا :اعطاء أولئك الحكام المتهمين مدة زمنية محددة لتنفيذ الآتى
:-1 ـ الاطلاق الفورى لكل المساجين السياسيين، وكل من دخلوا السجون وفقا لمحاكم استثنائية او بقوانين الطوارىء. 2- اعلان واضح وصريح بالكف عن التعذيب والاعتذار عنه والتعهد بعدم العودة اليه مهما كانت الأسباب. 3 انشاء محاكم خاصة داخل كل بلد للتحقيق فى حالات التعذيب المستقبلية واعلان عقوبة فورية لمن يأمر به ومن يقوم به . 4 فتح المعتقلات ومراكز احتجاز المواطنين أمام منظمات حقوق الانسان للتأكد من انهاء التعذيب وسائر الانتهاكات .5 تدريس مادة حقوق الانسان فى المناهج التعليمية .6 الغاء كل القوانين الاستثنائية وما يخالف حقوق الانسان فى القوانين العادية. .
ثالثا: من يمتنع من الحكام المذكورين عن تنفيذ قرارات الشرعية الدولية والانسانية تتم احالته لمحكمة دولية باعتباره مجرما فى حق الانسانية. .
رابعا : انشاء محاكم دولية خاصة لمعاقبة كل من ينتهك حقوق الانسان والأفراد ، تشمل المسئول عن اصدار تشريع يصادر حقوق الانسان ، والذى يأمر بانتهاك حقوق الانسان والذى يقوم بالتنفيذ. )
لا يزال ما قلته ينتظر الاهتمام والتطبيق ليس فقط لأن التعذيب هو أساس الاستبداد وأن منع التعذيب هو الخطوة الأولى فى اقامة الديمقراطية ، ولكن أيضا لأن السكوت على جرائم التعذيب يشجع الطرف الساكت على الانغماس فيه بالتدريج ـ وهذا ما وقعت فيه السلطات الأمريكية وبادرت بالاعتراف به وشجبه .
ولكن الشجب لا يكفى ، اذ لا بد من فعل حازم يوقف سلخانات التعذيب فى مصر والشرق الأوسط ، فهذا هو الاعتذار الحقيقى لأمريكا الذى يغفر لبعض أجهزتها ما ارتكبته من تعذيب فى أبو غريب وجوانتامانو وغيرها ، أو فى استئجارها لمجرمى التعذيب فى نظم الشرق الأوسط المستبدة ليعذبوا باسمها المتهمين.
لا يليق بدولة عظمى مثل أمريكا أن تقع فى هذا المنحدر ، لا يتفق هذا مع مبادئها ودفاعها عن حقوق الانسان وسعيها لنشر الديمقراطية . لا بد للسياسة الأمريكية أن تكون فى تناسق تام مع القيم الأمريكية والا ستدفع أمريكا الثمن ليس فقط من مصداقيتها وهيبتها واحترامها فى العالم ولكن أيضا ستدفعه من دم ابنائها. فعن طريق التعذيب حصلت أمريكا على معلومات خاطئة شجعتها على غزو العراق فوقعت فى مستنقع قتل وسيقتل الالآف من ابنائها بالاضافة الى مئات الألوف من العراقيين.
تعذيب شخص واحد أو عدة أشخاص أدى الى كل هذه الدماء والتخريب والمصائب .
والتكفير عن تعذيب ملايين الأشخاص على يد الأنظمة الصديقة والحليفة لأمريكا يوجب على أمريكا اصلاح تلك الأنظمة بكل الطرق السياسية السلمية المتاحة.
اجمالي القراءات
15406