التعذيب فى رؤية قرآنية : (3 ) ذوق العذاب

آحمد صبحي منصور Ýí 2017-09-11


التعذيب فى رؤية قرآنية : (3 ) ذوق العذاب

مقدمة

1 ـ يتكون الانسان من نفس وجسد . تنتمى النفس الى عالم برزخى أتت منه فاحتلت الجنين الخاص بها فصار إنسانا ، ثم خرجت به طفلا ، وعاشت تسيطر على جسدها بمثل ما يسيطر السائق على سيارته ، ترتاح النفس من سجن الجسد فتعود لبرزخها يوميا بالنوم ، ثم حين يأتى أجلها تغادر جسدها نهائيا بالموت ، عائدة الى برزخها الذى أتت منه .

2 ـ ( حواس ) الجسد تتجمع نهاياتها فى جزء أعلى من الجسد هو ( المخ ) ، وهو قاعة التحكم للنفس . والنفس هى التى ( تُحسُّ ) بما يصل اليها من مشاعر اللذة أو الألم ، والسعادة أو الحزن .

3 ـ ولآن النفس أكبر وأعمق من سجنها الجسدى فهى تتحرر منه منطلقة فى التصور وفى التفكير وفى أحلام اليقظة . ولأنها أكبر وعمق من جسدها فإن أحاسيسها بالمتعة أو بالعذاب لا يستطيع اللسان البشرى التعبير عنها . لذا فهناك فجوة هائلة بين الاحساس النفسى وبين المقدرة على وصفه بدقة . الانسان يحسُّ باللذة الجنسية ، ولكن لا يمكنه وصفها وصفا علميا دقيقا . هناك أنواع مختلفة من الألم ، ألم الصداع مختلف عن التهاب المفاصل عن قُرحة المعدة عن حصوات  الكلى ..الخ . ولكن من الصعب التفريق بينها بدقة تساوى درجة الاحساس بها وبما يميّز بينها . يعرف الانسان الفرق بين طعم البطاطس والكوسة والقلقاس ، كما يعرف الفرق بين طعم التفاح والكمثرى ، والفرق بين اللوبيا والفاصوليا وبقية البقوليات . هى أنواع متقاربة فى الشكل وربما فى الطعم ، ولكن هناك فروقا بينها تميزها النفس ولا تستطيع وصفها بسبب عجز جسدها عن التعبير.

4 ـ من ضعف الجسد أن له طاقة محدودة فى تحمل الألم ، إذا تعداها غابت عنه النفس بالغيبوبة ، ولم يعد يحس بالألم . وإذا أوصل المرض أو الجُرح الى الجسد الى الموت فإن الجسد أيضا يفقد الاحساس بالألم ، ويدخل فى غيبوبة الموت . نفس الحال فى الاحساس باللذة . هناك أيضا حد أقصى للشعور باللذة ، لا يستطيع الجسد تجاوزها ، عند هذا الحد تفقد النفس الاحساس باللذة ، وإذا حاول الانسان تعدى هذا أوقع نفسه فى الألم وفى تدمير نفسه . يختلف الحال حين تتحرر النفس من هذا الجسد الهالك المتهالك ، فتكون فى الآخرة قابلة للإحساس بالعذاب بلا حد أقصى ـ لو كانت فى النار ، كما تتمتع بالنعيم بلا حد أقصى إذا كانت فى الجنة .

5 ـ التعذيب أو ( العذاب ) شىء نعرفه بالاحساس ، سواء كان عذابا جسديا أو نفسيا بالخزى والاهانة .  بدون الاحساس لا يوجد تعذيب . وبدون الاحساس لا توجد اللذة.

6 ـ المصطلح القرآنى هنا هو ( ذاق ) ومشتقاته. ونعطى بعض التفصيل:

أولا : ( ذاق )  ليس لنعيم الجنة

لا يأتى مصطلح ( ذاق ) مطلقا فى وصف نعيم الجنة . هو يأتى فى وصف عذاب النار . هذا يعنى أن نعيم الجنة لا يمكن وصف تذوقه ، هو فوق ما نتصور ، هو كما قال رب العزة جل وعلا (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) (17) السجدة ) ، لذا يأتى التعبير عنه بالاسلوب المجازى التشبيهى وليس الحقيقى ( محمد : 15 ). أما عذاب الآخرة فيأتى بتفصيلات حقيقية مفهومة يمكن تخيلها ، وهى مصحوبة أحيانا بمصطلح ( ذاق ) .

ثانيا :  ( ذاق ) فى الدنيا : لذة وعذابا

مصطلح ( ذاق ) يأتى فيما يخص الدنيا عن تذوق النعمة وأيضا تذوق النقمة ، أى عن تذوق اللذة وتذوق الألم . ونعطى أمثلة :

1 ـ فى تذوق النعمة : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ  ) (46) الروم ).

 

2 ـ فى تذوق العذاب ( عذاب الدنيا ):  

2/ 1 : فى التشريع العقابى : الذى يقتل الصيد فى الحرم متعمدا عليه تقديم هدى من الانعام مماثل للصيد الذى قتله أو ما يعدله منصيام أو صدقة ( ليذوق عقابه ) ، قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ) (95) المائدة )

2 / 2 : ذوق العذاب فى الاهلاك الكلى :جاء قصص موجز عن إهلاك الأمم السابقة فى سورة ( القمر ) وكان التعليق يتكرر بقوله جل وعلا لهم ( فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ) . وفى تفصيل عن إهلاك قوم  ( عاد ) قال جل وعلا : ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ (16)  فصلت ). ظلوا يذوقون عذابا مهينا تحت قصف الريح تحملهم وتهوى مدة اسبوع .  

2 / 3 ـ انتهى الاهلاك العام لقوم بعينهم ، وبدأ عصر التعذيب بالاهلاك الجزئى  ، وقبل الفتنة الكبرى بين ( على وخصومه ) جاء النبأ بها مقدما فى قوله جل وعلا : ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ  )(65)  الانعام ). ولأن المحمديين حولوا مجرمى الخلفاء الى آلهة فلا يزالون يسيروم فى نفق الكبرى حتى الان ، يقتتلون شيعا واحزابا ، يذيق بعضهم بأس بعض .!

2 / 4 :وقد توعّد رب العزة من ينوى الالحاد والظلم فى البيت الحرام بعذاب أليم ، مفهوم أنه الدنيا قبل ألاخرة ، قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) الحج ).هذا عن مجرد النية فقط ، فكيف بالعدوان والحرب داخل الحرم ؟ وقد وقع فى ذلك العرب كثيرا .!

2 / 5 : وقد حذّر رب العزة المؤمنين من استغلال الدين فى التجارة بيعا وشراءا ، قال جل وعلا:( وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (94) النحل ). وألان يخلط المحمديون الدين بالسياسة ، ولنا كتاب منشور حلقاته هنا بعنوان ( تحذير المحمديين من خلط السياسة بالدين ) .

2 / 6 : وعموما عندما يسود الفساد فى دولة ما فإن أهلها يدفعون الثمن ، يذوقون التلوث والفتن والاضطرابات ، قال جل وعلا : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)  الروم )

3 ـ فى تذوق الرحمة وتذوق العذاب والنقمة :

3 / 1 : عادة الانسان غير المؤمن أنه هلوع عندما يذيقه الله جل وعلا مصيبة ، فيقع فى اليأس ، فإذا أذاقه الله جل وعلا نعمة إغتر وكفر بالنعمة وأنكر الآخرة ، وتكرر وصف هذا فى القرآن الكريم . قال جل وعلا : ( لا يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50) وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51) فصلت  ). ( وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ (36) الروم ) ( وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ (48)  الشورى )( وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلْ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) يونس )

3 / 2 : لا يفعل هذا المؤمنون الصابرون الصالحون ، قال جل وعلا : ( وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11) هود )

ثالثا : ( ذاق) فى الموت :

1 ـ قبل أن نأتى الى هذه الحياة الدنيا كانت أنفسنا ميتة فى البرزخ ، ثم أحياها الله جل وعلا بجسد تعيش فيه وتتحرك به فى هذه الكرة الأرضية ، ثم تموت تاركة جسدها تعود للبرزخ ، ثم يكون البعث بحياة أخرى أبدية فى الجنة أو النار . أى نحن كنا أمواتا فأحيانا رب العزة جل وعلا ، ثم يميتنا ، ثم تكون الحياة الأبدية ، قال جل وعلا : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) البقرة ). نحن لا نتذكر وقت موتنا فى البرزخ ، لأننا لم نذقه . لكى نذوق الموت لا بد أن نكون احياء ثم نحسُّ بالموت أو نذوق الموت . لذا فالموت فى هذه الحياة الدنيا هو فقط الذى نشعر به ونذوقه ، ويكون بالنسبة لتذوقنا إياه أنه الموتة الأولى . وهذا مفهوم من قوله جل وعلا : ( لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى )(56) الدخان ).

2 ـ عند الموت يكون الفرد إما صالحا من أولياء الله جل وعلا أو يكون فاسقا من أولياء الشيطان . ولا توسط هنا . المتقون تتلقاهم الملائكة بالتحية وتبشرهم بالجنة وأنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . ( يونس 62 : 64 ،  فصلت 30 : 32 النحل 32  الاحقاف 13 ). أما أولياء الشيطان فتتلقاهم الملائكة بالصفع والركل ، ليس لأجسادهم بل لأنفسهم ، فالنفس كائن برزخى يحمل ملامح الجسد الذى كان يحتله ، قال جل وعلا :ـ (  فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) محمد) ، وعن تذوقهم هذا العذاب قال جل وعلا :( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) الانفال ).

رابعا : ( ذاق ) فى عذاب الآخرة

1 ـ عن تذوق الجن للعذاب فى الآخرة قال جل وعلا : (  وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12)  سبأ ).

أما الكافرون  من البشر فقد تنوع الحديث القرآنى عن تذوقهم العذاب .

2 ـ أحيانا يوصف بأنه عذاب كبير للظالمين : ( وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً (19) الفرقان )

3 ـ أو أنه عذاب شديد لأعداء القرآن الكريم : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) فصلت ).

ومثله قوله جل وعلا عن أصحاب الأحاديث الضالة : ( قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمْ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) يونس )( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (10)  الحج ).

وسيقال لرجال الكهنوت الذين يكنزون الأموال السحت تقريعا وتأنيبا (هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ). قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35) التوبة ).

وهناك معاملة خاصة مع أئمة الضلال فى النار ، إذ مع إستمرار تعذيبه يتم تذكيره بسخرية (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) : قال جل وعلا فى وصف عذاب وإهانته : ( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) الدخان ). وأئمة الأديان الأرضية عليهم أن يتذكروا جيدا هذه الآيات الكريمة ــ ليتوبوا قبل فوات الأوان

4 ـ وعموما سيقال لهم أن يذوقوا العذاب على سبيل التقريع والاهانة والتحقير ، وتكرر هذا كثيرا فى القرآن الكريم فى مواقف متعددة وبخطابات متنوعة ، منها : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) آل عمران)( وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (30 ) الانعام) ( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (35) الانفال )( فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ (39) الاعراف )( وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) آل عمران )( ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52) يونس )( ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ(14) الانفال ) ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14) السجدة ) ( فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ (42) سبأ ) (   وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24) الزمر )  ( وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34) الاحقاف ) ( هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (55) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (56) هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (57) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (58) ص )

5 ـ وسيقال لهم هذا مع خلودهم فى النار ، كلما نضجت جلودهم نبتت جلود غيرها ( ليذوقوا العذاب ) قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً (56) النساء )، كلما أرادوا الهروب اُجبروا على العودة حتى يذوقوا العذاب ، قال جل وعلا : ( وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمْ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20) السجدة )، وفى شرح لهذا قال جل وعلا : ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) الحج ). الحريق فى هذه الدنيا يتم إطفاؤه ، ويستريح المحترق بالموت ، ولكن حريق السعير خالد ولا خروج منه ولا تخفيف فيه .!

6 ـ وسيقال لهم هذا والعذاب يكتنفهم محيط بهم : ( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54) يَوْمَ يَغْشَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (55) العنكبوت  )

 7 ـ وسيقال لهم هذا وهم يصطرخون فى العذاب يرجون الخروج بلا فائدة : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37) فاطر ) وسيقال لهم هذا وهم يطلبون التخفيف فتأتيهم الاجابة : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً (30) النبأ )

8 ـ وسيقال لهم هذا وهم يُسحبون فى النار على وجوههم : ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) القمر) .

اجمالي القراءات 8278

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   السبت ١٢ - مايو - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[88616]

بين النفس والجسد ، هل تشعر النفس بالتقدم في السن بمعنى العجز مثلا ؟


كما جاء في المقال ":من ضعف الجسد أن له طاقة محدودة فى تحمل الألم ، إذا تعداها غابت عنه النفس بالغيبوبة ، ولم يعد يحس بالألم . وإذا أوصل المرض أو الجُرح الى الجسد الى الموت فإن الجسد أيضا يفقد الاحساس بالألم ، ويدخل فى غيبوبة الموت . نفس الحال فى الاحساس باللذة . هناك أيضا حد أقصى للشعور باللذة ، لا يستطيع الجسد تجاوزها ، عند هذا الحد تفقد النفس الاحساس باللذة ، وإذا حاول الانسان تعدى هذا أوقع نفسه فى الألم وفى تدمير نفسه . يختلف الحال حين تتحرر النفس من هذا الجسد الهالك المتهالك ، فتكون فى الآخرة قابلة للإحساس بالعذاب بلا حد أقصى ـ لو كانت فى النار ، كما تتمتع بالنعيم بلا حد أقصى إذا كانت فى الجنة "



والسؤال هنا : هل هذه النفس تشعر مثل جسدها بالعجز والتقدم في السن في الدنيا  ؟ أم انها تعيش في شباب نفسي  دائم رغم ما يطرأ على جسدها ؟



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5130
اجمالي القراءات : 57,289,296
تعليقات له : 5,458
تعليقات عليه : 14,839
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي