كمال غبريال Ýí 2010-01-26
أعتذر بداية عن عدم نشر الجزء الثاني من مقالي "البرادعي والثورة الخضراء"، ونرجو أن تمهلنا الأحداث في مصر، حتى نتمكن من نشره في الأسبوع القادم.
قال نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان في مصر، فى تصريحات صحفية عقب اللقاء مع وفد لجنة «الحريات الدينية» الأمريكى، وهى لجنة مستقلة أنشأها الكونجرس الأمريكى فى عام ١٩٩٤ بقانون، بهدف تقييم أوضاع الحريات الدينية خارج الولايات المتحدة، وضم الوفد ٨ شخصيات، Åexcl; إضافة إلى مندوب من السفارة الأمريكية فى القاهرة: "إن مصر لديها ظرف معقد، فى ظل محاولات للتقليل من دورها فى المنطقة" وأضاف: "أكدت للوفد أن القضية فيها خطوط حمراء، تفرض على المسلمين والمسيحيين وعلى الجميع ألا يصدر تصريحات أو تتخذ إجراءات أو مواقف تزيد من التوتر والعنف".
كلام رائع هذا ولا شك، فأي عاقل مخلص يعيش على أرض مصر لابد وأن يكون حريصاً تلقائياً وبدون أي تحذيرات أو تنبيهات من أحد، على "ألا يصدر تصريحات أو تتخذ إجراءات أو مواقف تزيد من التوتر والعنف"، على حد ما جاء بتصريح من أوكل له فعلياً ما يعرف "بالمجلس القومي لحقوق الإنسان" في مصر!!
لكن ترى، ما هي التصريحات والمواقف التي تزيد من التوتر والعنف، تلك التي يحذرنا منها سيادته، والتي لا تكف وسائل الإعلام المسماة قومية على تحذيرنا منها، حفاظاً على أمن مصر والصالح العام كما يقولون؟.. ما هي أيضاً التصريحات والمقاربات التي تهدئ النفوس وتزيل الاحتقان الذي تسببه مثل تلك الأحداث والمذابح؟
هل التعتيم على الأحداث، وتبني توصيفات غير حقيقية، بتحاشي وصف مثل تلك الحوادث بأنها اعتداءات طائفية إجرامية، تستهدف الأقباط في حياتهم وممتلكاتهم؟.. والقول بدلاً من ذلك أنها أحداث فردية، يرتكبها "مجنون" متخصص في تطليع جنانه على الأقباط، أو "مسجل خطر" استشعر فجأة غيرة على عرض له لم ينتهك، لكن مشاعره الحساسة قادته لارتكاب مذبحة، انتقاماً من حادثة اغتصاب شاب قبطي منحرف لفتاة مسلمة في بلدة أخرى مجاورة، هل هذه المعالجة هي التي تطفئ نيران الفتنة وتهدئ النفوس؟!
لم يكن تساؤلنا هذا ليكون استنكارياً لمثل هذا المنطق، لو كنا أمام حادثة واحدة وحيدة، لم تشهد البلاد لها من قبل مثيلاً.. ففي هذه الحالة يكون بالفعل من المستحسن التعتيم الظاهري على حقيقة الأمور، بالتوازي مع المعالجة الجادة في السر من قبل المتخصصين والمسئولين، لكي تجتث جذور ما حدث فلا يتكرر.. لكن لو كنا أمام مسلسل تتقارب حلقاته مع الزمن تقارباً مرعباً، وكان يعالج في كل مرة بذات النهج المغالط والمتستر، دون معالجة جادة سرية أو علنية، فهل تكون بالفعل مثل تلك المقاربات هي الطريق إلى وأد الفتنة، أم هي الطريق السريع نحو الدفع بالبلاد إلى كارثة حقيقية؟!!
إذا كنا معنيين بالفعل بإزالة الاحتقان، وليس التستر على ما يحدث، وإخراس الأصوات المطالبة بوقف هذه المهزلة، سواء لأننا نراها جهاداً مقدساً ضد الأقباط أعداء الله، ونتعشم له التوفيق والاستمرار، أو لأننا غير راغبين في المواجهة الحاسمة، لأنها تكلفنا جهودنا نحن غير مستعدين لها، أو غير راغبين في بذلها في أمر لا نكترث به، وهو أمن البلاد والمواطنين حقيقة لا بالشعارات أو المزايدات.. إذا كنا بالفعل حسني النية، وصادقين في سعينا لتهدئة النفوس، فهل تكون بالفعل التعمية بالطريقة التي ثبت فشلها بداية من خطاب السادات الكوميدي في السبعينات عن أحداث امبابة، ووصفها بأنها مشكلة مياه غسيل في بلكونة مواطن، سقطت على بلكونة وغسيل مواطن آخر، هل تكون هذه بالفعل هي المعالجة المثالية؟!!
لنبحث تأثير تلك المعالجة على الناس، بداية بالمستهدفين بالأحداث وهم الأقباط:
هل يهدئ من غضب الأقباط ومخاوفهم، أن يستمعوا من المسؤولين والإعلاميين إلى تصريحات يعرفون كما يعرف القائلين بها أنها زائفة، أم أنهم سيرون أنها تعني عدة أمور خطيرة مثل:
• أن الجاني سيفلت من العقاب المناسب لجرمه، بما لابد وأن يشجع كثيرين غيره على تكرار تلك الأفعال.
• أن العوامل الأساسية المتسببة فيما يحدث، وتشمل التحريض المستمر ضد الأقباط بكل الوسائل المتاحة، سوف لن يتم معالجتها، وسيبقى الحال على ما هو عليه، بل وسيتفاقم الوضع باستمرار.
• التيقن من الشعور بأن الأقباط ليسوا جزءاً من هذه الدولة، ومشمولين بحرص كافة أجهزتها على حياتهم وممتلكاتهم، وتفاقم الشعور لديهم بأنهم أغيار لا يحرص عليهم أحد، وإنما هم مستهدفون من بقية أبناء الوطن، في ظل موقف مريب من الدولة المصرية.
هل لدى أحد شك في أن ما ذكر أعلاه، هو النتائج الوحيدة المترتبة على ما يتصوره البعض نهجاً للتهدئة ووأد الفتنة؟!!
نأتي لأخوة الوطن والمصير من المسلمين، والذين لمسنا بالذات في مذبحة عيد الميلاد في نجع حمادي، حزنهم وغضبهم الحقيقي مما يحدث، غضبهم مما يتعرض له زملاؤهم وجيرانهم وأصدقائهم الأقباط في يوم عيدهم.. وغضبهم أن تلحق مثل هذه الأحداث بدينهم شبهة التحريض على مثل هذه الجرائم، أو حتى شبهة السماح بها والتغاضي عنها!!.. هل تهدئ المغالطات المفضوحة -حتى بالنسبة للسذج- من هذا الغضب، أم أنها تفاقمه، خاصة وقد اعتادها المصريون من المسؤولين في جميع ما يجد على البلاد من مصائب، حيث التصريحات المحفوظة هي أن "كله تمام" و"الوضع تحت السيطرة" وما شابه من تصريحات، تثير في المصريين القلق بل والرعب من المستقبل، أكثر مما تطمئنهم؟!!
وعندما نأتي إلى تيارات التحريض، وجماهير الغوغاء التي تتجاوب معها، فتشن جهادها على كنائس الأقباط ومتاجرهم ومساكنهم.. هل يقرأون التصريحات المغالطة المتسترة من المسؤولين على أنها إنذار لهم بالتوقف عن عبثهم وتخريبهم، أم يرون فيها ستارة تحميهم، وضوءاً أخضر للاستمرار في جهادهم المقدس؟!
مع ذلك، ورغم أن الأمر واضح وضوح الشمس، أن هذه التصريحات الناعمة المزخرفة مثل جلود الثعابين تفاقم من حالة الاحتقان ولا تهدئه، إلا أننا لا مانع لدينا بأن نتظاهر بتصديقها هذه المرة أيضاً (بالإضافة لعشرات ومئات المرات السابقة) على أن ترتدع حكوماتنا وكافة مؤسساتنا، وتبدأ ولو في السر، بمعالجة جادة وحقيقية وجذرية للأمور، قبل أن ندخل بمصر إلى مصير اليمن والصومال ثم أفغانستان!!
دعوة للتبرع
ليس حراما: أنا أبيع السلع ة بأضعا ف ثمنها . هل هذا حرام ؟...
رفض الشريعة : قراءت هذا الموض وع في احد المنت ديات وارجو...
سؤالان : السؤ ال الأول : ( ربما ) معناه ا لا يفيد...
قرآن الفجر: ماالم قصود من قوله تعالى ِ وَقُر ْآنَ ...
more
السياسة الوحيدة المطبقة بشكل سليم ومتقن فى مصر هى سياسة التعتيم ، ولا شيىء غير التعتيم أفضل ، ففى جميع المشاكل التى تواجهها مصر لا يطبق الساسة فيها سوى نظرية أو سياسة التعتيم وكأنهم لم يتعلموا شيئا من حياتهم السياسية سوى هذه النظرية ، ولعل السبب أيضا فى الاستخدام الواسع الانتشار لهذه السياسة هو نجاحها فى حمايتهم وحماية مصالحهم ، لكن العقل يقول أن المخرج الوحيد الذى يحول بين مصر وبين مصيرها المحتوم والمشابه لمصير الصومال وغيرها هو تطبيق سياسة واحدة وهى سياسة العدل والتعددية الفكرية وقبول الآخر ، وإن لم يدرسها أحد من الساسة أو لم يعلم عنها شيئا فلنقوم بتدريسها لجيل جديد من الشباب قادر على تغيير هذا المصير المشئوم .