المفهوم السائد عن الغربة هو الانتقال من مكانك الذي تقيم فيه لتذهب لمكان جديد للإقامة الدائمة أو المؤقته كأن تساف للعمل من بلد لبلد آخر فالعمالة المصرية مثلا في الخليج هي عمالة مغتربة وفي مصر يعتبرون الغربة حالة صعبة قد تصل لمستوى المصيبة فتجد المصري إذا أنتقل من محافظة لأخرى داخل مصر قال ( وحيات غربتي) وأعتبرها يمين يقسم علية والأم التي يسافر إبنها من الريف للمدينة لإستكمال تعليمة مثلا تقول ( أدعوا لابني في غربته) وهناك مجموعة من الأمثال المصرية التي تتحدث عن الغربة فمثلا يقولون( اللي ما تصبحه وتمسيه ما تعرف إلي يجري ليه) ولما واحد يبدأ بالسفر لمسافة قد تقل عن المائة كيلو متر تجدهم يقولون (ياعالم أمتى تتلاقى الوجوة)
في الواقع هذا يعكس حجم إرتباط المصري بأرضة ومكانه وهذه عادة قديمة متأصلة ومتجذرة في الشعب المصري لذلك تجد أكثر من 90% من الشعب ما زال يسكن حول ضفتي النيل ووسط الدلتا والاسكندرية ومدن القناة ، قد يقول قائل هذا الكلام ينقصه الدقة لأن حوالي ستة ملايين مصري الأن يقيمون خارج مصر وإينما تذهب حول الكرة الأرضية تجد مصريون وأقول أن سفر المصيين الأن هو ظاهرة إقتصادية في معظمها وسياسية في بعضها ولكنها ليست ظاهرة إجتماعية على الإطلاق ولذلك في كثير من الأحيان تجد المصري بعد عمر طويل في الخارج يرجع لمصر وكل مصري أمله الوحيد أن يدفن في تراب بلده بعد عمر طويل أما الظواهر الاقتصادية والسياسية فهي لقصوتها تفرض على الناس إتباع بعض العادات الاجتماعية بالمخالفة للموروث العام للشعوب وفي هذه الحالة عند زوال السبب ينتهي المسبب ويعود المصري بلده ولذلك تجد مثلا تحويلات المصريين في الخارج تمثل رقم هام في الميزانية العامة للدولة وكذلك الموازنة
نعود لمفهوم الغربة وهو في الحقيقة مخالف تماما لمعتقد اهل بلدي مصر فالغربة الحقيقية هي حالة نفسية وشعور طارئ يطرأ على الشخص فيجعله يشعر بالوحدة وعدم الانسجام والتوافق مع محيطه الشخصي فيكون هذا الشخص فعلا مغترب فمثلا لو جئت بعالم في الفزياء ووضعته بين مجموعة من ماسحي الأحزية وكل منهم يتكلم عن تجربته فأكيد لن يستهوية سماع تجارب ماسحي الأحزية في كيفية إضافة لمعة على الجلد عقب المسح فلو كان مضطرا للبقاء بينهم فهو حتما مغترب وكذلك الحال لو جئت بفاسق شاب خمر ولاعب قمار وزاني وأجلسته بين مجموعة من الصالحين يتفقون فيما بينهم على قيام الليل أو تدارس القرآن قطعا سيكون وحيدا وسيشعر بالوحدة الشديدة والغربة المريرة.
وحالة الغربة بهذا المفهوم أصابتني ولازمتني أرقت علي حياتي مدة طويلة من الزمن كنت في رحلة البحث عن الحقيقة مغترب بدأت الرحلة بالبحث عن الحقيقة بالكنائس فكنت أتردد عليها لاسيما الكاثوليكية منها إتباعا لمذهب البعض من عائلتي كنت أحضر القداس وأتناول كانوا يتكلمون كثيرا عن الآب والأبن والروح القدس عن معجزات المسيح بل ومعجزات جميع القديسين من السيدة العذراء مرورا بجمع غفير من القديسين (سان أنطونيو،سانتا لوتشيا وغيرهم كثير) هذا الدعاء بإسمه مستجاب وتلك دموعها تشفي المرضى وكنت بينهم غير مقتنع فقلت في نفسي لماذا الاستمرا والشعور بالوحدة والغربة الاحساس القاتل بأني لست من هذا المكان وهذا المكان ليس مني لماذا لا أذهب للمساجد وقد أصطحبني أحد معارفي لأحد مساجد الصوفية بمدينة الاسكندرية وهو مسجد (سيدي) كما يقولون عامر الفولي بمنطقة محطة مصر وبدأت أصلي معهم وأستمع إليهم وخرجت من معجزات القديسين إلي كرمات الأولياء ومن طقوس المناولة والاعتراف لطقوس الرقص والتمايل مع قراءة بردة البوصيري والصلاة ع النبي وعاد إلي الإحساس بالوحدة أشد قسوة وأكثر ضراوة تعيش بين أناس وأنت لست منهم على الإطلاق لو فرت مجرد تفكي ليس في المعارضة ولكن المناقشة فإن العواقب غير محمودة وسيكون طريق هلاكك بإيدي المؤمنين من أتباع ومريدي الشيخ وكل منهم يطلب الأجر بإستحلال دمك فأنقتعت عنهم وقلت لعلي أنشد الصحبة في غيرهم فوجدت الجماعات الاسلامية والأخوان المسلمين فقلت هذا مبتغاي وهذه محطتي أصحب هؤلاء القوم لعلي أتخلص من الاحساس بالغربة فوجدتهم وقد صدق فيهم قول الله سبحانه وتعالى"تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى" فهؤلاء الأخوان المسلمون وأولئك الجماعة الاسلامية وتل التبليغ وهذه التكفير والهجرة ويقف غير بعيد التوقف والتبين ومعهم الجهاد والمدرسة السلفية وأتباع الفرماوي وركبت الأورجوحة أتأرجح بين هذا وذاك شعارات الإخوان (في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواء لا لحزب قد عملنا نحن للدين فداء فليعد للدين مجده أو تراق فيه الدماء) وبدأت أسأل أي لواء سنرفعه يقولون لواء الإسلام فالإسلام هو الحل أطلب الشرح فتأتي الإجابة تحتاج إلي إجابة يقولون من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون والظالمون والفاسقون وحتى لا يقولون أين موضعها في كتاب الله وعلي أن أبحث حتى أجدها في سورة المائدة وأعرف معناها الحقيقي في حق اليهود والنصارى ثم يقولون يجب أن ندخل مجلس الشعب حتى نغير الحكم ليصبح الدين كله لله وأرى ما يختارون من أسماء أصحاب بدع ومعاصي وفقا للجدول الذي وضعوه بأنفسهم فكيف أصبحوا اليوم أخوة مجموعة برجماتية ميكيافلليه وأعود للغربة أقول إذا أقرأ أمسك في يدي رسائل التوحيد لأبن تيمية وأبن عبد الوهاب يراني أحد الإخوة فيقول الأخ شريف أصبح تكفير وهجرة لماذا؟ لأنك تقرأ رسائل التوحيد ما هذا العبث يا ناس أبحث عن صحبة تخرجني من حالة الغربة فأزداد غربة سبحان الله وأنا لست ممن يستهويهم القتل والتخريب وتكفير الغير ومصادرة حقة في التفكير فلم تستهوني جماعات التكفير والهجرة أو التوقف والتبين أو الجهاد إذا التبليغ قد تكون الأقرب لي ولكن التبليغ هي جماعة من لا جماعة له تجد فيها الصوفي والأشعري والمعتزلي وقد تظنهم في بعض الحالات مجموعة من السذج والدين عندهم مجموعة من الحركات وموضوع إبدأ بنفسك وإنضم للقافلة ويلا نبلغ وما زالت حالة الغربة يقولون أنت حالة مستعصية من الغربة قد تجد ضالتك المنشودة في المدرسة السلفية مع الإخوة الأفاضل الذين ينبون على القراءة والعلم وفي الوهلة الأولى ظننت أني وجدت ضالتي فأنا ممن يحبون الكتاب ويقدسون القراءة أي كتاب وأي قراءة فقلت إذا هي المدرسة السلفية ولن بعد وقت ليس بعيد وجدت نفسي أما مجموعة من البلهاء توقف الزمن عندهم في العصر العباسي عصر هارون الرشيد وأولاده عصر أحمد بن حنبل وأبن راهاوية وأبن عيينه وأبن جبير ثم قفز فوق الزمان والمكان ليذهب للعصر الأيوبي والمملوكي وأبن تيمية وأبن القيم وأبن كثير وأبون حزم ثم قفز عبر الزمان والمكان للدولة العثمانية وأبن عبد الوهاب الدين عندهم جلباب ومسواك ولحية الشكل أهم من المضمون آه ثم آه من حالة الغربة التي لا خلاص منها قلت لعلي لا أصلح لهؤلاء القوم كما أنهم لا يصلحون لي فلماذا لا أجرب شلة الفساد لعب الورق وشرب الخمر واللهث وراء النساء والحقيقة وجدتني بعد زمن ليس بالطويل أني أيضا لا أصلح لذلك فطوال هذا المشوار العجيب كونت صداقات كثيرة وحافظت عليها ولكن حالة الغربة لم تنقطع أبدا وكانت شبه متواصلة والغربة نار تكوي المغترب وسيف يقطع فيه فماذا أفعل؟ قلت ألزم نفسي وأقرأ ما شاء الله لي أن أقرأ تخرجت من الجامعة وفي قصة عجيبة تحدث مرة واحدة ويندر أن تتكرر أصبحت أحد أعضاء النيابة العامة ثم القضاء لكن والذي نفسي بيدة لم تنقطع عني حالة الغربة ولو للحظة واحدة حتى أتخذت قرار الاستقاله وعملت في عدة وظائف بعدها وأنا مغترب داخل أعماقي أسافر بين الزمان والمكان حتى قابلت صديق ليبي السيد سعد عمر جعوده أبن وزير الصحة الليبي في عصر الملك السنوسي وأهداني كتاب للعز بن عبد السلام قرأته وحفظته والسبب أني أعجبت بأسلوبه ولكن حالة الغربة تزداد بإزدياد الاسئلة التي تدور برأسي ولا تجد إجابة شافية رغم كثرة القراءة ثم سافرت من بلدي فعلا وأغتربت في المكان وهنا حدثت الطامة الكبرى أن المصريين والعرب المقيمين في البلد التي إغتربت فيها هم مجموعة من أدنى المستويات العلمية وبعضهم الاجتماعية يحدوهم طلب البح بأي وسيلة شريفة أو نتنه وكلهم يؤدي فرائض الدين كمجموعة من الحركات وأسلوب غش للزبائن حتى يقعوا فرائس لهم وكل منهم يظن في نفسه أنه حامي حمى الدين والمصلح الأوحد والمفكر الكبير ولا يستطيع أي منهم أن يقرأ الفاتحة بأسلوب صحيح وهنا تحولت الغربة إلي حالة مزمنه ومرض لا علاج له فبدأت أجيب لنفسي على الاسئلة محاولا بشتى الطرق أن تتفق والمنطق وذلك من القرآن والسنة وكنت أطلع على بعض مواقع الانترنت دون أدنى مشاركة مطالعة سلبية وذلك لحالة الغربة الميؤس من علاجها حتى قرأت بعض مقالات الدكتور أحمد صبحي منصور كنت أقرأها في الأول وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ثم قلت لنفسي خطوة تنظيم جميع الاسئلة التي لديك لعدم إقتناعك بالكثير من الأحكام التي تحملها الأحاديث فلم لا أنظر مرة أخري في دين الله معتمدا على كتاب الله وحدة القرآن الكريم وبدأت أخرج من حالة الغربه وأصبحت مشاركتي إيجابية في موقعكم وأنا رجل لا أقبل إلا ما يقبله عقلي وفقا للمنطق ووفقا لمعطيات سليمة فأنا أنظر للمسائل وفقا لطرح أرسطو مقدمة أولى كبرى ومقدمة ثانية صغى ونتيجة وتأكدت من قاعدة الاحكام والمقاصد التي أشار إليها الدكتور أحمد
وفي إحدى مشاركاتي كتب الأخ محمد أبو السعود رد عليها يتهمني بأني أهدده عندا قلت الأولى تركه لا طرقه وأنا أقول له يا أخي أنا لست ممن يهدد حاشا لله وأستغفر الله أن أسأت تأويل قولي على أنه تهديد ثم قولي لك إتقي الله فهو تكرار وتأكيد لما ذكره القرآن في غير موضع يطالبنا بالتقوى ليس أكثر من باب وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين وإني لأدعو الله أن أجد من يذكرني دائما بالتقوى.
وفي مشاركة أخرى تعقيب على رأي للدكتور أحمد في موضوع الحسد وأظن أني كنت في غاية الأدب أتهمني أحد الأخوة الأفاضل بالجهل وبأمور أخرى كثيرة وأرجوا من الأخوة أن يرجعوا إلي الموضوع وإلي تعقيبي لينظروا أن كنت قد أسأت الأدب أم لا
يا أهل القرآن الدكتور أحمد صبحي منصور ليس شيخي وأستاذي وحسب بل هو طبيبي الذي أخرجني من حالة الغربة القاتلة التي لازمتني ما يقرب من أربعين سنة فلو أردتم لي أن أعود لها فشكرا لكم وستكون هذه آخر مشاركاتي في موقعكم الكريم ولو قبلتوني فردا منكم فإني أعاهدكم أني لن أخرج عن حدود الأدب والموضوعية وإذا أقام علي أحد الحجة في رأي قلته عرفت خطأه فسوف أعلن رجوعي عنه بكل شجاعة والأمر لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم شريف هادي 30/10/2006
اجمالي القراءات
31256