( الفصل الخامس):الفقه الوعظى في كتاب ( تلبيس إبليس ) لإبن الجوزى ( ج 19) : كتاب ( الفقه الوعظى )

آحمد صبحي منصور Ýí 2025-09-13


( الفصل الخامس):الفقه الوعظى في كتاب ( تلبيس إبليس ) لإبن الجوزى ( ج 19) : كتاب ( الفقه الوعظى )

نستكمل الحديث ..

يقول إبن الجوزى في كتابه ( تلبيس إبليس ) تحت عنوان :

 

أولا :

ذكر تلبيس إبليس على الصوفية في ترك التداوي :

المزيد مثل هذا المقال :

قال المصنف رحمه الله :

لا يختلف العلماء أن التداوي مباح،  وإنما رأى بعضهم أن العزيمة تركه ، وقد ذكرنا كلام الناس في هذا وبينا بما اخترناه في كتابنا ( لقط المنافع في الطب ). والمقصود ههنا انا نقول إذا ثبت أن التداوي مباح بالإجماع مندوب اليه عند بعض العلماء ، فلا يلتفت إلى قول قوم قد رأوا أن التداوي خارج من التوكل ، لأن الإجماع على انه لا يخرج من التوكل . وقد صح عن رسول الله انه تداوى وأمر بالتداوي ولم يخرج بذلك من التوكل ولا أخرج من أمره أن يتداوى من التوكل . وفي الصحيح من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي رخص إذا أشتكى المحرم عينه أن يضمدها بالصبر.  قال ابن جرير الطبري : ( وفي هذا الحديث دليل على فساد ما يقوله ذوو الغباوة من أهل التصوف والعباد من أن التوكل لا يصح لأحد عالج علة به في جسده بدواء إذ ذاك عندهم طلب العافية من غير من بيده العافية والضر والنفع وفي إطلاق النبي للمحرم علاج عينه بالصبر لدفع المكروه أدل دليل على أن معنى التوكل غير ما قاله الذين ذكرنا قولهم ، وان ذلك غير مخرج فاعله من الرضا بقضاء الله ، كما أن من عرض له كلب الجوع لا يخرجه فزعه إلى الغذاء من التوكل والرضا بالقضاء لأن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له دواء إلا الموت ، وجعل أسبابا لدفع الادواء كما جعل الأكل سببا لدفع الجوع ، وقد كان قادرا أن يحيى خلقه بغير هذا ، ولكنه خلقهم ذوي حاجة فلا يندفع عنهم أذى الجوع إلا بما جعل سببا لدفعه عنهم فكذا الداء العارض والله الهادي ).

التعليق :

كعادته أعرض إبن الجوزى عن القرآن الكريم ، مستشهدا بغيره من أحاديث مفتراة واقأويل ل . من المفيد هنا أن نعرض لموضوع المرض والشفاء والتداوى قرآنيا . نقول :

مصطلحات المرض والشفاء جاءت فى القرآن الكريم على نوعين : المرض الحسى البدنى الجسدى ، والشفاء منه بالتداوى العادى ، والمرض المعنوى بمعنى الضلال والكفر و النفاق والانحلال ، والشفاء منه بالهداية بالقرآن الكريم.
والى التفاصيل : 
أولا:المرض الحسى الجسدى
جاء المرض ضمن الأعذار المقبولة فى تأدية العبادات ، حيث قامت تشريعات الاسلام التعبدية على رفع الحرج والتاكيد على اليسر وعدم العسر ، وبالتالى كان للمريض رخصة فى الآتى :
1  ـ الافطار فى رمضان:( أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ(184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(185)البقرة )

   2 ـ تقديم الفدية عند حلق الرأس فى حالة الاحرام بالحج أو العمرة:
( وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) ( البقرة 196 )
3 ـ التيمم بدلا من الغسل والوضوء:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ) ( النساء 43 ) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا )(المائدة 6 )
4 ـ التخفف من حمل السلاح عند قصر الصلاة وقت الخوف ، او القتال أو المطاردة:
(وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ) ( النساء 102 )
5 ـ عدم الخروج للجهاد
( لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( التوبة 91 )
( لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا) ( الفتح 17 )
6 ـ التخفف من قيام الليل:
( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (المزمل 20)
7 ـ التخفف من الآداب الاجتماعية:
( لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون ) ( النور 61 ).

نلاحظ أن الأسلوب هنا في التشريعات تقريرى لا مجال فيه للمجاز .
ثانيا:
الشفاء من المرض الحسى الجسدى
1 ـ مرجعه الحقيقى الى الله جل وعلا . دعاء إبراهيم عليه السلام : ( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) ( الشعراء ـ 80 ـ )
2 ـ وقد أشار رب العزة الى بعض أنواع الدواء الطبيعى الذى ليست له آثار جانبية ، وهو عسل النحل : ( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )( النحل 68 ـ 69 )
ثالثا:
المرض المعنوى ( الضلال والكفر و الشرك )
هنا يأتى المرض المعنوى بالأسلوب المجازى مرتبطا بالقلب ، والقلب فى مصطلحات القرآن الكريم هو النفس والفؤاد والصدر، وليس تلك العضلة التى تضخ الدماء فى الأوردة و الشرايين . وبالتالى فالمرض هنا يعنى الضلال و الكفر والنفاق والرغبة فى الزنا بحيث لا يراعى ذلك الشخص حرمة البيوت التى يدخلها.
ونعطى أمثلة:
1
ـ عن المنافقين الذين يخفون الكفر و يتظاهرون بالايمان يقول جل وعلا (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ) هذا عن تصرفاتهم فى الخداع، ومنبع هذا الخداع هو ما وقر فى قلوبهم من ضلال وكفر ، أو مرض بالتعبير القرآنى ، وبالتالى فلن يزيدهم الله تعالى إلا كفرا ومرضا ، يقول جل وعلا : ( فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً) (البقرة 10).
2
ـ ويأتى الوصف بالمرض القلبى مرادفا للمنافقين معطوفا عليه عطف بيان ، مما يفيد التوضيح والبيان والتأكيد على أن المرض القلبى من لوازم النفاق ومن ملامح المنافقين النفسية ، يقول جل وعلا : ( إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ) ( الانفال 49 ) فالمتحدثون هنا ليسوا طائفتين بل هم طائفة واحدة جمع بينهم وجود مرض الضلال فى نفوسهم وقلوبهم وعقائدهم.
3
ـ ويقول جل وعلا عن أدوار المنافقين وطوائفهم وقت محنة حصار المدينة فى غزوة الأحزاب ، أو ( الخندق ) : (لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا ) ( الأحزاب 60 ). هم هنا اقتربوا من الخط الأحمر ، فكان لا بد من تحذيرهم ، فلهم حق المعارضة ولكن ليس الى درجة التآمر والتحالف مع العدو الذى يحاصر المسلمين.
4
ـ ونفس الحال حين تحالفوا مع اليهود و النصارى فى اعتداءاتهم على المسلمين ، وهنا إشارة الى وقائع حربية أهملتها ما تسمى بالسيرة النبوية ، يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ )( المائدة ـ 52 ). تكرر النهى للمؤمنين عن التحالف مع العدو المعتدى على المؤمنين ، ولكن لم يطع المنافقون لأن فى قلوبهم مرضا.
5
ـ وعن موقفهم من القرآن كان الضلال أو المرض المستقر فى قلوبهم يجعلهم يسخرون من نزول القرآن وقت نزول آياته ومعرفة وهداية المسلمين بها ، ونزل قوله جل وعلا يرد عليهم : ( وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) ( التوبةـ 125 )
6 ـ وبعضهم كان يرتعب عندما يسمع بنزول آية تأمر بالقتال ، ويأتى تصويرهم فى هذه الحالة فى قوله تعالى : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ ) ( محمد 20 )
7 ـ وكان المنافقون يرفضون الاحتكام الى القرآن الكريم ، و يرفضون المجىء للرسول عليه السلام إلا إذا لهم الحق فى تلك المنازعات والخصومات ، يقول جل وعلا : ( أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) ( النور 50 ).
8
ـ ويأتى وصف الكافرين المشركين عموما بالمرض القلبى أو قسوة القلب بحيث يخلو من مسام يدخل منها ضوء الهدى . وتأتى تلك القسوة فى القلب أو ذلك المرض فى القلب بسبب الايمان بالحديث الشيطانى المعروف الان بالسنة النبوية ،فلا يمكن أن يجتمع الايمان بالقرآن مع الايمان بتلك الأحاديث ، ولا يمكن الايمان بنقيضين ينفى أحدهما الاخر ، فتلك الأحاديث يلقيها الشيطان ليصادر أمنية النبى فى هداية الناس جميعا ، ويأذن الله تعالى بوجودها وكتابتها ونسخها فى نسخ وتدوينها فى كتب وطباعتها فتستمر فتنة واختبارا ، من يتبعها يكفر بالقرآن ويتبع سبيل الشيطان ، ويصاب قلبه بالمرض والضلال ، يقول جل وعلا عن الأحاديث الشيطانية ودورها فى تاريخ كل نبى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ثم يقول جل وعلا عن دورها فى فتنة وضلال الناس حين تجعلهم قاسية قلوبهم مريضة بالضلال والظلم والتفرق : ( لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ )( الحج ـ 53 )
9 ـ ويقول جل وعلا عن ( سقر ) وهو اسم لجهنم : : (وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ ) ويقول عن عدد الملائكة القائمين بها : ( عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ) ثم يقول عن هذا العدد : (وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) ( المدثر 31 ). يهمنا هنا قوله جل وعلا : (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ ) فهنا عطف بيان بالواو ن يفيد أن الكافرين هم أنفسهم الذين فى قلوبهم مرض.
10
ـ ويأتى المرض القلبى بمعنى شهوة الزنا حين تسيطر على قلب إنسان فيطمع فى الزنا بكل إمرأة يراها أو يتكلم معها ، بحيث لا يراعى حرمة البيوت أو حرمة العلاقات مع الآخرين. نحن هنا أمام مدمن للزنا أفقده هذا الادمان كل مروءة للفرد العادى فأصبح يحمل معه هذا المرض اينما سار ، تتحرك عينه الخائنة أينما سار وفى كل بيت يدخله ومع كل أنثى تتحدث معه . يقول جل وعلا : ( يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) ( الاحزاب 32 )
رابعا:
الشفاء المعنوى ( الهداية )

1 ـ القرآن الكريم هو وصفة الهداية من المرض القلبى المعنوى او الضلال ، وهو وصفة ناجحة للناس جميعا ، ولكن ليس كل الناس يرغبون فى هذا الدواء ، فمعظم الناس يصدّ عنه راغبا عنه وليس راغبا فيه ، ولذلك لا يستفيد منه إلا المؤمنون به ، أى فمع أنه شفاء لعموم الناس إلا إن المنتفعين بهذا الشفاء هم المؤمنون وحدهم ، إذ يكون القرآن الكريم لهم هدى للصدور ورحمة يوم القيامة . ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ) (يونس 57 )
2 ـ بل أكثر من ذلك ، فبعض الذى يرفض الشفاء القرآنى يحاول التلاعب بآياته فيزداد بهذا التلاعب مرضا على مرض ، وخسارا على خسار ، وبالتالى يكون القرآن الكريم شفاء ورحمة للمؤمنين به ، وفى نفس الوقت يكون خسارا على الذين يحرفون معانيه ويلحدون فى آياته ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا )( الاسراء 82 )
أى إن القرآن شفاء للمؤمنين وعمى على من لا يؤمن به . هذا وهذا يقرؤه ، ولكن هذا يزداد به إيمانا وذاك يزداد به عمى وضلالا : يقول جل وعلا : ( وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ) (فصلت 44 ).
ودائما : صدق الله العظيم .. جل وعلا..

شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )

  https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran

 

اجمالي القراءات 133

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5264
اجمالي القراءات : 63,579,494
تعليقات له : 5,504
تعليقات عليه : 14,901
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي