(.........۞مُنِيبِينَ إِلَيۡهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ (31) مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ ف:
لقاء التغافر في مناسبة حلول العيد. ما أروعه من لقاء ومن تغافر، ولكن؟

يحي فوزي نشاشبي Ýí 2025-04-08


 

 

بسم  الله  احمن  الرحيم.

****

لقاء  التغافر  في  مناسبة  حلول  العيد.

ما  أروعه  من  لقاء  ومن  تغافر،  ولكن؟

المزيد مثل هذا المقال :

***************************

 كأنها  نادرة  جدا  تلك  المناسبات  التي  يشعر  فيها  الإنسان  أنه  محظوظ  بتلك  المفاجأة  التي  تفاجئه  بجمالها  وبما  تضفيه  من  انشراح  وبهجة  وتفاؤل  بمزيد  من  الخير. أما في هذه المرة  الأخيرة  فجاءت  تلك  البشرى  المثلجة  للصدر  في  مناسبة  حلول  العيد  بعد  ذلك الإنجاز  العظيم  المتمثل  في  الاستجابة  لتلك  النصيحة  الربانية  الواردة في آخر الاية  رقم : (184) في سورة  البقرة: ( وأن  تصوموا  خير لكم  إن  كنتم  تعلمون). وكان  الاحتفال  بالعيد هذه المرة  مباركا  وأكثر تألقا  بذلك  اللقاء  الذي  جمع  بداخل  المسجد الذي تشرف بتلك الجموع  الغفيرة  من  المؤمنين  المتساكنين، إذ  جمع  بين  الطائفتين  من  المؤمنين  من:  إباضية  ومالكية،  تعلوهم  روعة  تلك  الابتسامة  التي تكون من  دون  أدنى  شك  صادرة  من  الأعماق، ومحبوبة  لدنه  سبحانه وتعالى. وأنا  أصفها  بمفاجأة  جميلة  رائعة  وغالية، وطالما افتقر  إليها  المؤمن  الصادق  المخلص ، متسائلا: أهي  عادة  متبعة،  وأنا  غافل عنها؟  وإذا  كان  ذلك  كذلك  فأحمد  الله  ربّ العالمين،  الرحمن  الرحيم،  الودود،  الغفور،  ولكن،  ومع  كل  ذلك، يؤسفني  أن أبدو مثل من يقلل من ذلك  الابتهاج، عندما  أبوح  بتلك  التساؤلات  التي  تطلّ  علـيّ، بل وتتزاحم، لتقول لي:  وماذا يفعل  مؤمنو  هاتين  الطائفتين؟ مؤمنو الإباضية، ومؤمنو المالكية، بل ومؤمنو جميع  المذاهب ؟  من  حنفية ؟ وحنبلية ؟ وشافعية ؟ وغيرهم،  أو غيرها  من  الملل والنحل؟ نعم ماذا عساهم أن يفهموا  أو يفعلوا  أو  يجيبوا  عندما تواجههم  تلك  التحذيرات  الربانية  الخطيرة ؟  المصيرية ؟  علما أن  خطورتها القصوى تكمن في كونها تحذيرات صادرة من لدنه،  سبحانه وتعالى، وهو ينصحنا ويأمرنا جميعا في سورة  الروم، في الآيتين رقم: 31 و32 : (.........۞مُنِيبِينَ إِلَيۡهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ (31)   مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ ).

ومن بين الأسئلة المتزاحمة المطلة عليّ: أليس كلّ منا هو فعلا وحتما  منضويّ تحت مذهب ما، أو ملة ما ؟، أوليس  كلّ منا، إمّا مالكيّ، أو إباضيّ، أو حنبليّ، أو شافعيّ، أو حنفيّ، أو غير ذلك من المذاهب والملل والنحل؟ ثم، أليس كلّ منا عبارة عن موقف صريح، يمشي على رجلين، ولسان حاله يقول بصريح  وأبلغ  العبارة : أنا من الذين فرّقوا دينهم، وأنا أجسّدُ أولئك الذين أصبحوا شيعا، وحالتي وأحوالي كلها، وسيرتي، وظاهري، ومظاهري، كل ذلك يُعبّر ويصرّحُ جهارا نهارا بأني مطمئن  بما  لديّ، وفرح  به أيما فرح، ومغترّ به،  وأنا من حيث أدري أو لا أدري باخس أشياء المذهب الآخر، بل جميع  المذاهب الآخرى أيما إبخاس، بل ومزكّي نفسي أيما تزكية، ولعلي  انحدرتُ في الأخيرإلى أسفل، إلى الحضيض، إلى تلك الدرجة الدنيا التي ملأتني تهوّرا وجعلتني ألهَجُ بحمد الله الذي لم يجعلني منتميا إلى ذلك المذهب المقابل الضال ؟ بل لعلي ومعي كل ذي مذهب آخر، من  الذين يحمدون الله قائلين: الحمد لله الذي هدانا  لهذا، وما كنا لنهتدي  لولا أن هدانا الله، ظانين أننا نحسن اعتقادا وقولا وصنعا، غير  منتبهين إلى أننا مقترفون أعظم  افتراء على الله، ولأننا عندها نكون حتما تجاوزنا كل الحدود، وتجرأنا إلى  إصدار حكم على المؤمن الآخر متحدين  الخالق  نفسه؟

        ثم، ولعله من الصواب أن يقال إنّ هناك ما هو جدير بتلك  الرسوم المعبرة  لكن بأساليب هازلة " الكاريكاتورية " ؟ ألا وهي أن  مناسبة حلول العيد مثلا، تجعل مؤمني كل حزب أو كل طائفة، أو  كل مذهب يبذلون الجهود ليقفزوا قفزة خفيفة من داخل عمق خندقهم الذي  حفروه وارتضوه لأنفسهم ليَحْتَمُوا به ضد عُدْوَى المذاهب المقابلة،  ويبذلون الجهد ليتخطوا خندقهم وليؤدوا في الأخير مراسيم التغافر والتحية، والعناق، والقبل مع المذهب المقابل، الذي يكون هو أيضا قفز من خندقه وتخطاه إلى  خارجه من داخل  عمقه الذي  حفره، وكل إلى مستوى ما، فمنهم من حفره إلى الركبتين، ومنهم إلى الصّرة، وآخرون غارقون فيه إلى الذقن، مثلهم كمثل عازف الكمان، وهذه  هي  جزئيات وتفاصيل  تلك  الرسوم  " الكاريكاتورية ".

         وهنا أودّ، ومن الصميم، أن لا أفهم غلطا، بأني مقلل من      تلك المبادرة أو العادة الحميدة، المتعلقة بمراسيم التغافر في مناسبة  حلول  العيد، لا بل أكررها بأني أراها عادة  حسنة، وبريئة، وسليمة، وهادفة، ولكن؟ هل هي كافية ؟ وهل هي الهدف الأسمى المنشود ؟ وماذا عسانا أن نفهم عندما نتشجع ونقابل ونتأمل ونحدق، ونتدبر، وبكل حرية، تلكم التحذيرات الصادرة من  الله  الذي  بدأها بقوله :

        (إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا).سورة  النساء- 48 –

        (إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ إِنَّمَآ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ). الأنعام  159.

        (۞مُنِيبِينَ إِلَيۡهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِين  مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ). سورة  الروم : 31+32.

     وأما إذا تشجعتُ وطرحتُ هذا التساؤل فلستُ مدعيا أني  صاحب إجابة أو إجابات ؟ بل لأني آخذ  الأمر  بكل  ما  في  كلمة  جدية  من  معان!  كيف لا ؟  والأمر يتعلق بالشرك  بالله، بذلك  الظلم  الذي  لا  يغفره  الله ؟  وبذلك  المصير، في  ذلك  الحيوان؟

     وأما عن ذلك الحلم  الذي  يراودني  وأحلم  به  وأنا  في  اليقظة  فعلى الأقل: متى يطل  علينا  ذلك  العهد  الجديد وتتكسر  فيه  تلك  الأغلال، وتنطلق الألسن ذاكرة الحقيقة وفيها يتشجع الوعاظ  والمرشدون  والمعلمون  ليتلفظوا  بها بكل  صراحة  وجرأة  يكسوها  ذلك التواضع الحميد،  ويقولوها  من على  منابرهم  الشامخة : أن  لا  فرق  بين  مذهب ومذهب  آخر  وبين  طائفة  مؤمنة  وطائفة  مؤمنة  أخرى، وإنما هي نتاج اجتهادات  سلطت على  الجميع  بخلفيات  غير  نزيهة وغير  بريئة، بل هي بمثابة  وباء ممقوت، وأن الذي  يجمع  الجميع هو  ذلك  الحديث  المنزل  من  لدنه  سبحانه  وتعالى لا غير. نعم أن  يطلقوها  من  على  منابرهم  في  كل  مرة  وبدون  كسل  أو ملل أو كلل، وأن  يستيقظوا  ويفهموا  ويعوا  ويقتنعوا  أن  المصلين  المستمعين  إلى  وعظهم  وإرشادهم  في  حاجة  ماسة  إلى  الاستماع  إلى  مثل تلك الارشادات والنصائح والتوجيهات، وإلى الكلمات  الطيبة  التي  تشرح  الصدر  وتثلجه،  حتى  تجعل  مرتادي  المساجد  كل المساجد وبكل أنواعها ودرجاتها وأطيافها، تجعلهم جميعا  يستيقظون ويلومون أنفسهم ويهجونها  هجاء  لاذعا نادمين  كل  الندم  على  ما  كانوا  يعتقدونه، وينبذون تلك المعتقدات التي  طالما  ولدت  لديهم  تلك التزكية  التي  كانت  تدفع  بهم  شيئا  فشيئا  إلى  حافة  الوقوع  في  هاوية  ذلك الظلم  العظيم، وهذا الحلم  من باب (أضعف  الإيمان)  إن  جاز هذا التعبير،  ريثما  يفتح  الله  علينا  جميعا  فتحا  مبينا  يصل  بنا  إلى  شاطئ  النجاة  وضمن  الذين  هم  أحق  بالأمن للتنصل أو التخلص نهائيا من  ظل  ذلك  الشرك  الذي  يلوّح  بظلاله  القاتمة ويهدد من بعيد، حتى نفرّ إلى  الله  من  مثل  الآيات  الناصحة  المحذرة، ومنها:

*)-(وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ) سورة يوسف  106.

*)-(فَفِرُّوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۖ إِنِّي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ مُّبِينٞ وَلَا تَجۡعَلُواْ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۖ إِنِّي لَكُم مِّنۡهُ نَذِيرٞ مُّبِينٞ)الذاريات 50+51.

                                                         ********************************************************

 

    

اجمالي القراءات 528

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-10-28
مقالات منشورة : 299
اجمالي القراءات : 3,425,441
تعليقات له : 400
تعليقات عليه : 415
بلد الميلاد : Morocco
بلد الاقامة : Morocco