النسىء

الأربعاء ٣٠ - نوفمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
صدمنى كتابك ( المسكوت عنه من تاريخ الخلفاء الراشدين ) فى موضوع الفتوحات ، وأنها بدأت فى الأشهر الحرم شهر محرم . السؤال الذى كان يلحُّ على هل لم يقرأ أبو بكر وعمر ما جاء عن تحريم الظلم والقتال فى الأشهر الحرم ؟ وماذا كانت مبرراتهم فى استحلال الاعتداء فى الأشهر الحرم ؟ وهل لهذه الدرجة كفروا بالقرآن بعد شهور من موت النبى عليه السلام . أسئلة كثيرة تحتاج الى إجتهادك لأنك الذى ألقيت حجرا فى المستنقع الراكد .
آحمد صبحي منصور :

1 ـ تعبيرك صحيح . أنا أُلقى أحجار فى المياه الراكدة من عام 1977 . وألقيت المئات منها . ولا زلت أُلقى أحجارا . أصبح المستنقع يموج بالحركة ، وتتابع كثيرون فى إلقاء الأحجار ، ومع ذلك فإن الطحالب الى تعشش فى المستنقع من قرون لا تزال فى حماية الاستبداد .

2 ـ موضوع الأشهر الحرم الأربعة كانت مفهومة من فرضية الحج فى الأشهر المعلومات ، وفى بداية سورة التوبة ، والتى نفهم منها أن الحج الأكبر هو بداية موسم الحج فى شهر ذى الحجة ثم تستمر الشهور الأربعة متتابعة حتى الشهر الرابع ( ربيع ) . ولكن الخلفاء الفاسقين فى إنتهاكهم الأشهر الحُرُم جعلوا الناس تنساها ، فالحروب مستمرة لا تنقطع طيلة الأشهر سواء كانت فتوحات أو حروبا أهلية . وعندما تذكر بعض الفقهاء أن هناك أشهرا حُرُما إختاروها مختلفة بكل كفر وجهل .

3 ـ لم يكن صعبا على قريش وخلفائها تجييش البدو فى الفتوحات ، فقد أقنعوهم أنه جهاد فى سبيل الله تعالى أن يغزو الأمم الأخرى ، وما يتبع ذلك من قتل وسلب ونهب واسترقاق وسبى واحتلال وارغام على دفع الجزية . كانت للفتوحات قيادات معظمها من قريش والذين مردوا على النفاق ، وخلفهم مئات الألوف من الأعراب وغيرهم الذين إقتنعوا أنهم سيدخلون الجنة وسيحوزون المال والنساء والجاه . تخيل أعرابا يتعيشون من غارات بعضهم على بعض ، يقتتلون على المرعى والابل والنساء ، ثم تأتيهم فُرصة أن يفعلوا ذلك على نطاق أوسع مع غيرهم ، ويكون هذا جهادا يدخلون به الجنة ؟ هل يرفض الأعراب الجوعى هذه الفرصة ؟

4 ـ كان هناك وقتها صحابة من السابقين من المهاجرين والأنصار أشارت اليهم سورة التوبة . كانوا يعرفون أن هذه الفتوحات كفر وأن الله جل وعلا حصر القتال فى سبيله فى الدفاع فقط وليس الهجوم . لم نسمع عنهم فى ضوضاء الفتوحات ، ولكن نفهم إنهم كانوا أقلية ، وربما تم إستهدافهم ، خصوصا وأن التاريخ يؤرخ للأعلى صوتا والأقوى سلاحا ، من الحكام والقادة ، وهم أكابر المجرمين. أما الذين لا يريدون عُلُوا فى الأرض ولا فسادا فلا يأبه بهم التاريخ ، وهم لا يأبهون بمواكب الدنيا وحطامها الزائل .

5 ـ عن الأشهر الحرم والنسىء فيها قال جل وعلا عن العرب فى جاهليتهم : ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (37) التوبة ). نسىء العرب الجاهليين ليس فقط كفرا ، بل هوزيادة فى الكفر . هذا مع إنه إستحلال لشهر واحد واستبداله بشهر آخر . قيل عنهم : ( كانوا يحرمون القتال في المحرم فإذا احتاجوا إلى ذلك حرموا صفرا بدله وقاتلوا في المحرم. وسبب ذلك أن العرب كانت أصحاب حروب وغارات فكان يشق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متوالية لا يغيرون فيها، وقالوا: لئن توالت علينا ثلاثة أشهر لا نصيب فيها شيئا لنهلكن. فكانوا إذا صدروا عن منى يقوم من بني كنانة، ثم من بني فقيم منهم رجل يقال له القلمس، فيقول أنا الذي لا يرد لي قضاء. فيقولون: أنسئنا شهرا، أي أخر عنا حرمة المحرم واجعلها في صفر، فيحل لهم المحرم. ) .

ما قام به أبو بكر وعمر وعثمان وعلى ومن جاء بعدهم لم يكن نسيئا ، بالتأخير والتقديم ، كان إنتهاكا ونفيا كاملا لكل الأشهر الحرُم . ولم يكن فى عام واحد بل فى كل عام ، حتى لقد إستمر بعدهم الى وقتنا هذا ، فلم تتوقف حرب بين المحمديين إحتراما للشهر الحرام . أيضا كان النسىء الجاهلى محصورا فى غارات فردية بين قبيلة وأخرى جعله الخلفاء الفاسقون الكافرون عاما شاملا فى حروب اقليمية وعالمية ، كان مستحيلا التوقف فيها . النسىء عند العرب كانت ضحاياه آلافا من القبائل يعتدى بعضهم على بعض ، بحيث لا تعرف الظالم من المظلوم . الذى فعله الخلفاء المجرمون كانت مذابح ومظالم ضحاياها أبرياء بالملايين  .

6 ـ الفارق المؤلم أن هؤلاء الخلفاء الفاسقين أصبحو آلهة ، يقدسهم أبناء ضحاياهم . يحلو لنا أن نقول عن العرب قبل نزول القرآن الكريم بالجاهلية . ولو وصفت الخلفاء اياهم بالجاهليين لأصبحت كافرا عند المحمديين .  



اجمالي القراءات 3346
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5248
اجمالي القراءات : 62,794,727
تعليقات له : 5,500
تعليقات عليه : 14,899
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


الحقنا بهم ذرياتهم: ما معنى ( ألحقن ا بهم ذريات هم )...

إقرأ لنا لو سمحت: قال تعالى : (أَلَ ۡ تَرَ إِلَى...

الاستمناء : قرأت لك الا العاد ة السري ة حرام تحريم مخفف ،...

طرق الوحى الالهى: ( وَمَا كَانَ لِبَش َرٍ أَنْ يُكَل ِّمَه ُ ...

هنيئا لكم بالحسين .!: لطالم ا كنتم المصر يين مطايا لبني امية وبني...

طائفة / طوائف : هل كلمة طوائف لها في القرآ ن نفس المعن ى في...

صديق فرنسى: صديق فرنسي مثقف جدا و على اهثما م كبير...

ثلاثة أسئلة: من الاست اذ أبى يوسف : ( الوال د الفاض ل ...

أنزل و ( اوتى ): : ورد في كتاب جل وعلا ( قُولُ وا آمَنّ َا ...

نزول القرآن : لى استفس ار بخصوص نزول القرا ن ، اذا كان...

استماع الضلال : ما الفرق بين أن أستمع لخطبة الجمع ة في بيتي أو...

فلا تهنوا : هل هناك تعارض بين قول الله تعالى ( فلا تهنوا...

جريمة التعذيب: أنا شفت على الفيس فيديو للبنت مصرية تحكى إنهم...

زكاة السلعة: سؤال حول قطع غيار السيا رات السلا م عليكم...

ليس كمثله شىء: قال الله تعالى : فَاطِ رُ السَّ مَاوَ اتِ ...

more