عن ( الغيب ) وكُفر المحمديين بالغيب
عن ( الغيب ) وكُفر المحمديين بالغيب
أولا : الغيب والشهادة
1 ـ الغيب هو ما يغيب عن حواسنا المادية . والشهادة ما تشهده حواسُّنا .
2 ـ الله جل وعلا هو عالم الغيب والشهادة . جاء هذا فى سياقات متنوعة :
2 / 1 : الأسماء الحسنى : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22)الحشر ) ( ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(6) السجدة ) ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)التغابن )
2 / 2 : الحكم بين الناس يوم الدين :
2 / 2 / 1 :( وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) التوبة )
2 / 2 / 2 : ( قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46) الزمر )
2 / 2 / 3 : ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (8)الجمعة )
2 / 3 : تمجيده جل وعلا وتسبيحه : ( عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون(92) المؤمنون )
2 / 4 : تمام علمه جل وعلا بكل شىء :
2 / 4 / 1 : ( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)الرعد)
2 / 4 / 1 : ( عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3) سبأ )
ثانيا : نحن بين الغيب والشهادة
1 ـ نحن فى عالم الشهادة نرى ونسمع ونلمس . لكن فى كل ما يحيط بنا لا نرى كل شىء ولا نسمع كل شىء ولا نلمس كل شىء .
2 ـ أى هناك ( غيب جزئى ) فى عالم الشهادة سببه المحدودية فى حواسنا .
3 ـ وهذا الغيب الجزئى هو أيضا غيب مؤقت ، فبالتقدم العلم يتضاءل . من قرنين كان الاتصال بين الناس بالبريد والحمام الزاجل . يصل خبر أخيك من الاسكندرية اليك فى يوم واحد ، يكون فيه ما يحدث لأخيك غيبا عنك . الآن إنمحت المسافات ، فأنت تراه وتكلمه فى نفس الوقت . لم يصبح أخوك فى هذه الحالة غيبا . أعماق البحار وداخل الخلية وداخل الذرة ومراحل خلق الجنين والمجرات والبكتيريا والفطريات والجراثيم ..الخ ، كانت غيبا مع وجودها فى عالم المشاهدة ، الآن أصبحت مرئية لنا .
4 ـ ولكن يظل غائبا عنا الجانب الأكبر من الغيوب الواقعة فى عالم الشهادة ، وهو مدى متسع لنا يمكن أن نفهمه من قوله جل وعلا : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ (33) الرحمن )..
ثالثا : الواجب علينا ـ إسلاميا ـ فيما يخص الغيب
أن نؤمن :
1 ـ بالغيب الالهى المذكور فى القرآن الكريم فقط ونكفر بما عداه ، وتلك صفات المتقين . قال جل وعلا : ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3)البقرة ).
2 ـ أن الغيب كله لله جل وعلا لا يعلمه سواه : ( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (59) الانعام )
3 ـ أنه جل وعلا أعطى بعض الأنبياء العلم ببعض الغيب ، مثل يوسف عليه السلام : ( قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ) (37) يوسف ) وعيسى عليه السلام ( وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ (49) آل عمران ) . وقال جل وعلا : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ ) (179)آل عمران ) .
4 ـ لم يكن خاتم النبيين يعلم الغيب . حين سئل عن يوم القيامة أمره ربه جل وعلا أن يقول : ( قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) (27) الجن ) وتكرر هذا فى : ( وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ) (188)الاعراف )، ( وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ( (50( الأنعام )( وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنْ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111) الأنبياء )
المحمديون كفروا بهذا ، فافتروا أحاديث فى الغيبيات نسبوها لرب العزة جل وعلا وللنبى ، وهى تشّكل ثلث أحاديثهم تقريبا ، ثم نسبوا علم الغيب لأوليائهم . وتضخمت بهذا الافك أسفارهم وكتبهم المقدسة . كافر بالله جل وعلا ذلك الذى يأتى بغيب خارج القرآن الكريم .
رابعا : الواجب علينا إسلاميا فيما يخص عالم الشهادة
1 ـ فى الوقت الذى كفر فيه المحمديون بالغيب الالهى فقد دخلوا بخرافاتهم على عالم الشهادة ، فقد إخترعوا أحاديث الشيطانية فى الطب والتداوى وفى عالم البحار والفلك ، وجعلوا هذا دينا ، فالشمس عند غروبها تذهب الى عرش الرحمن تشكو له الكافرين ، والنيل ينبع من السماء الدنيا ومن اصطبح بعشر عجوات لم يؤثر فيه سُمُّ ولا سحر ، وشرب أبوال الابل شفاء . هذا فى البخارى . وفى التفسير عدد الكواكب تسعة ، والأرض يحملها حوت إسمه ( بهموت فمشكل ) .
2 ـ ومع ذلك فقد رفضوا البحث الميدانى التجريبى الذى جاء فرضه فى قوله جل وعلا :
2 / 1 : ( أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (19) قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ) (20) العنكبوت ).
2 / 2 : ( قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ) (101) يونس ).
2 / 3 : ( الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (4) الملك )
3 ـ ينطبق عليهم قوله جل وعلا : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) يوسف ). لذا لم ينتبهوا للإشارات العلمية الى جاءت فى القرآن الكريم فى سياق الهداية
4 ـ سار الغرب فى الأرض يكتشف ، فاكتشف العالم الجديد ، واخترع فى عالم المشاهدة ، واصبحت المخترعات تتوالى كل دقيقة .ولكنه إستخدم المخترعات غالبا لغرض عسكرى . أى إن الغرب طبّق الأمر الاسلامى فى البحث التجريبى ، ولكنه أغفل المقصد التشريعى وهو الهداية ، فلم تكن أغلب مخترعاتهم للخير .
خامسا : أنواع الغيب :
غيب الماضى قبل نزول القرآن الكريم
فى قصص آدم وإبنيه والأنبياء وغيرهم مثل سبأ وأهل الكهف .
وأحيانا يأتى تنبيه على أن هذا الغيب لم يكن يعلمه النبى محمد عليه السلام . قال جل وعلا :
1 ـ عن قصة نوح ( تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا ) (49)هود )
2 ـ عن قصة يوسف ( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (102) يوسف )
3 ـ عن قصة مريم : ( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (44)آل عمران ).
الغيب المعاصر لنزول القرآن الكريم
أخبر رب العزة جل وعلا بغيوب تحققت وقت نزول القرآن الكريم . وهى كثيرة منها :
1 ـ ( سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ )(95) التوبة )
2 ـ ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) التوبة )
3 ـ ( يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (108) النساء )
4 ـ ( وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61) المائدة )
5 ـ ( وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ) (81) النساء )
غيب مستقبلى تحقق بعد موت النبى بقليل :
1 ـ تآمرت قريش على النبى إما القتل أو السجن أو الطرد . إختاروا طرده مع ارسال جواسيس منهم يزعمون الاسلام ويكتمون الكفر ، وهم الذين مردوا على النفاق . كان أمل قريش أنه إذا نجح فإن جواسيسهم ـ وهم الأقرب للنبى ـ سيستولون على الحكم بعده ، قال جل وعلا :( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ) (30) الانفال ). هم الذين مردوا على النفاق : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ). هنا نوعان من الغيب : غيب حاضر وقت نزول الآية ، وهو عن أولئك المنافقين الذين لم يتفوّهوا بشىء يظهر منه كفرهم ، ثم غيب تحقق بعد موت النبى وهو تعذيبهم مرتين فى الدنيا ، وهذا ما أنبأ به من قبل جل وعلا فى سورة مكية ، وجاءت فيها إشارة للفتنة الكبرى التى وقعت فيها قريش والأعراب : ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (66) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (67) الانعام ). جدير بالذكر أن عمر قتل أبا بكر ، إغتال عمر أبو لؤلؤة المجوسى ، وانتهى بالقتل عثمان وعلى والزبير وطلحة . والتفاصيل فى كتابنا ( المسكوت عنه فى تاريخ الخلفاء الراشدين )
2 ـ قوله جل وعلا وقد تحقق فيما بعد ببضع سنين : ( غُلِبَتْ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (5) الروم ).
غيب مستقبلى سيتحقق قبيل قيام الساعة
1 ـ قصة ذى القرنين تنتمى للغيب الماضى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً (83) الكهف ) لكن فيها جزءا يدخل فى غيب المستقبل ، وهو يأجوج ومأجوج ، وقد أحتجزهم فى باطن الأرض ، وسيخرجون الى سطحها يختلطون بالبشر ، لتكون أهم علامة من علامات إقتراب الساعة . وقد كتبنا عنهم سابقا فى مقال : ( علامات اقتراب الساعة واقتراب الفزع الأكبر ). وذكرنا علامتين سابقتين ، أحدهما نشهده الآن ، وهو قوله جل وعلا : ( حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ ) (24) يونس )، ثم علامة تالية لم تأت بعد وهى خروج دابة من الأرض : ( وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ (82) النمل ).
غيب قيام الساعة
1 ـ وقت حدوثها عندما يراها آخر جيل من البشر :( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) الحج )
2 ـ ما يحدث من تدمير للنظام الكونى فى السماوات والأرض ، وألايات كثيرة ، منها :
2 / 1 :( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14) التكوير )
2 / 2 ـ ( إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) الانفطار ).
غيب أحداث القيامة .
نزلت فيه مئات الآيات عن البعث والحشر والعرض على الله جل وعلا والحساب والميزان والجنة والنار .
الواجب علينا تجاه هذا الغيب :
1 ـ الغيب المذكور فى القرآن الكريم لم يعد غيبا لأنه مذكور فى القرآن الكريم . ولكن لا تزال هناك فجوات غير مذكورة لأن التركيز هو على العظة والعبرة . يحرم إختراع أحداث لم تأت فى القرآن . من التفصيلات القرآنية نعرف ثقافة الأمم السابقة ، وتشابه أقوال الكافرين السابقين مع إختلاف الزمان والمكان واللسان .
2 ـ لا بد أن يكون التدبر داخل النّصّ القرآنى وليس خارجه . تفصيلات القرآن تشرح بعضها ، والمتشابه منها يشرح المحكم ، وهذا هو بيان القرآن الكريم لكل من يؤمن به وحده حديثا . الذى يفعله أئمة المحمديين فيما يسمى بالتفسير أن ينتهكوا الغيب الالهى فيخترعون أقاصيص عن الأنبياء وعن خلق السماوات والأرض ، وكل قصص القرآن علّقوا عليها بأساطيرهم الشيطانية ، كما لو كانوا شهودا وحضورا .
اجمالي القراءات
3204
عندي مداخلة وتساؤل.
مداخلة: الغيب وكما تفضلتم هو ما يغيب عن حواسنا المادية، أو ما لا نعلمه من أحداث وأخبار، وسأقسمه هنا إلى قسمين: 1. حدث وقع لكنه غير معروف للناس بعد، كأن يقوم أحد الناس بعمل ما دون علم الآخرين أو أن يقرر شيئا لا يزال كقرار عنده، فالله يعلمه. وإذا أفترضنا أن الله أعطى الإنسان الحرية للتصرف ولإتخاذ القرار، فمعنى هذا أن الله عرف هذا التصرف وعلم بهذا القرار دون أن يكون القرار من عنده (طبعًا لا شيء يحصل دون إذنه أو موافقته). 2. الحدث مستقبلي لم تأت بعد أي دلائل تشير إليه، فالله يعلمه أيضًا قبل وقوعه، ويعلم توقيته أيضًا، وإذا افترضنا أن هذا الحدث هو ما سأقوم به من عمل بعد اسبوع مثلًا، فأستطيع القول هنا أن القرار قراري، ولم يقرره الله ولكن يعرفه.
استنتخ من هذا أن الله يعلم الغيب دون أن يكون له بالضرورة قرار مسبقٌ لحصوله.
تساؤل: "تفصيلات القرآن تشرح بعضها ، والمتشابه منها يشرح المحكم". سأذكر أولًا آيتين أعتمد عليهما: "هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ...ِ ﴿آل عمران: ٧﴾"، "قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي,,, ﴿يوسف: ٣٧﴾" بالنسبة لآية يوسف، فالطعام لا يعني بالنسبة لصاحبيه بالسجن شيئا، وبتأويل الطعام أصبح له معنى وعرف المقصد منه، أو أصبح خبرًا. كذلك بالنسبة للآيات المتشابهات، فما تشابه منه لا أحد غير الله يستطيع تأويله أي يعلم المقصد منه، بمعنى أن لا أحد يعلم الخبر اليقين من هذا التشابه، فكيف تشرح هذه الآيات المحكمات؟ ولماذا تستوجب الآيات المحكمات الشرح؟ ما أفهمه هو أن ما يستدعي التأويل هو الذي يُشرح (بضم الياء) بالتأويل ولا يَشرح (بفتح الياء). أنا أعلم أنكم كتبتم يومًا ما مقالًا عن هذا الموضوع وقرأته وبقي عندي تساؤلات. بودي إذا سمحت لكم الفرصة مستقبلًا أن تعطوا أمثلة عن آيات متشابهات. فهل الآية التي جاء فيها ".. وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ .." مثلًا من هذه الآيات.