أي الرسمين الكاريكاتورين أشد إساءة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
22)
أي الرسمين الكاريكــاتورين أشد إســاءة ؟
كــان خطيب الجمعة يدعو إلى اليقظة والحذر من أعداء الدين الإسلامي ومن حملاتهم المتعاقبة الشرسة للنيل من محمد رسول الله عليه الصلاة والتسليم ، ومن الذين يكذبون بالحديث الذي بعثه الله به للعالمين .
وكخير مثال انتقل الخطيب بنا إلى الدانمارك ليذكرنا كيف أن جريدة ما أصدرت رسما كاريكاتوريا للنيل من شخص محمد بأسلوب ساخر ماكر هجائي.
ولا أخفي ما فوجئت به من تزاحم عدة أسئلة في رأسي ومنها ما يلي :
01) ما هو بالضبط موقف محمد بن عبد الله الرسول إزاء أولئك الشاكين في الحديث الذي بعث به ؟ ويعلم الله كم من مرة ووجه الرسول بالصدود والرفض والتنكر والسخرية والهجاء اللفظي وقد يكون حتى الفعلي العنيف ؟ وكم من مرة كذب واتهم بالجنون وكم من مرة زلقوه بابصارهم المعبرة عن أحلك النوايا .
وإذا تجرأت أو سامحت لنفسي محاولة الرد على هذا السؤال فلأني أعتقد جازما أن محمدا هو على خلق عظيم ، وأنا مؤيد بشهادة الخالق نفسه ( سورة القلم – آية رقم 04). وأني أعتقد جازما أن محمدا يكون فعلا استجاب لتعاليم الله المطمئنة وهو يربت على كتفيه – إن جاز هذا التعبير – قائلا له (( فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم )) – رقم 48 سورة القلم – والآية 48 بسورة الأحزاب : (( فلا تطع الكافرين والمنافقين ودع آذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا )).
نعم لو كان محمد الرسول معنا في هذا العصر واطلع على تلك الرسوم الكاريكاتورية الهجائية لما حركت فيه ساكنا عدوانيا ، بل إنها ستكون حتما قوَّت عضلة جأشه وأوسعت صدره وصبره ولتحول إلى فسحة تملأها الرحمة والشفقة من الذين لا يعلمون ماذا يخسرون والذين يجهلون كم هو حجم ما هم عنه غافلون .
02) أما السؤال الثاني فهو عن أولئك الذين انفجروا غضبا مغاضبين مكظومين مغمومين عما فعلته تلك الرسوم الكاريكاتورية بمحمد الرسول ، أولئك الذين تظاهروا وهددوا وسرعان ما صنعوا حلقة حول راية دولة الدانمارك ليشبعوها دوسا بالأقدام وليحولوها أخيرا إلى رماد النيران . وهل هم يرجون أن يحتسب لهم ذلك التصرف تأييدا لمحمد الرسول أو استجابة لتعاليم الله ؟ وهل هم يحسنون صنعا أم هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ؟ وهل يصل تفاؤل هؤلاء الغاضبين إلى احتساب ما يصنعون أجرا في رصيد حسناتهم.
وهل تعاليم الله في الصبر لحكمه والترفع والحرص على مغبة الوقوع في هفوة صاحب الحوت تكون تعاليم خاصة فقط بالرسول محمد ليلتزم بها هو وحده لا شريك له ؟
هل اتخاذ هذه التعاليم الصادرة من الله إلى الرسول إسوة حسنة ، نعم هل اتخاذها موقفا يعتبر تجاوزا أو عصيانا لله ؟ أم هو تعبير عن افتقارنا إلى الغيرة على رسول الله والحديث الذي بعث به ؟ وهل يعقل أو يجوز التفريق بين رسول الله والحديث الذي بعث به ؟
03) والسؤال الثالث الذي أصبح أكبر حجما وأثقل وزنا وأعتم لونا هو التالي :
إذا حصل الاتفاق وهذا ما أتوقعه أن الرسم الكاريكاتوري هو ذلك الأسلوب الذي يتحول إلى هجاء ما إلى موضوع ما أو شخص ما .
وإذا حصل الاتفاق – وهذا ما أبقى متوقعه – أن الأهم في الأمر كله هو الرسالة التي بعثها الله للعالمين عبر رسوله محمد عليه الصلاة والتسليم وهي ذلك الحديث المنزل لا غير .
وإذا حصل الاتفاق أن الرسم الكاريكاتوري الدنماركي وغير الدنماركي صدر عن قلب غافل جاهل وضال بقطع النظر عن الأسباب التي جعلته كذلك ، وهذا الموقف أو هذا التصرف في حد ذاته يبقى نوعا متوقعا ومفهوما وممكن التصور من لدن غافل جاهل وضال .
وإذا استنتجنا حقيقة من هذه النقاط التي شملتها الاتفاقات وهي أن الرسم الكاريكاتوري الهجائي لا يقتصر على رسوم وصور بل هو يشمل القول والكلمة المكتوبة .
04) وإذا حصل الاتفاق وهذا حتما حاصل بأن المسلم القرآني ، لكي يكتسب تلك الصفة ويرتقي تلك الدرجة ينبغي عليه أن يقف ويصطف بجانب الرسول محمد مصرحا بما بداخل قلبه من إيمان ومعبرا مع محمد الرسول بما أنزل إلى هذا الأخير، ومؤكدا بأنه مؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله بدون تفريق أو تمييز بين أحد من رسله (( الآية 285 بسورة البقرة ).
05) وما دام ذلك واقع . وما دامت هناك في كل الأزمان رسوم وتعابير كاريكاتورية ساخرة ماكرة بمن يعلم الله من رسله من إبراهيم ويوسف وداود وموسى وعيسى .
وإذا فرضنا جدلا أن ردود الفعل إزاء هذه الرسوم الهجائية يجب أن تكون بالتظاهر والصخب والهرج والمرج ودوس الأعلام وحرقها وتفجير السفارات ونبش القبور، فلماذا لم يحرك المسلمون الذين تلقوا آخر الرسائل ساكنا إزاء تلك الرسوم الكاريكاتورية التي كانت تعني أحدا من هؤلاء الرسل عليهم السلام ؟ ولماذا ينسى المسلمون القرآنيون بسرعة أنهم يشهدون على انفسهم يوميا وفي كل حين أنهم يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله وأنهم في كل مرة كانوا يؤكدون أنهم لا يفرقون بين أحد من رسله ؟
06) إذا كان كل ما ذكر أعلاه يحمل مسحة من المرارة والتشاؤم والإحباط فإن ما خفي هو أعظم مع شديد الأسف . ولذلك فإني انصح من أوصله صبره الجميل وإرادته إلى هذا الحد من قراءة ما كتب ، أنصحه أن يعتصر كل ما بقي له من جلد وأناة وشجاعة ليطلع معي على الرسوم الكاريكاتورية الحقيقية وما أدراك ما هي ، لأنها لم تكن رسوما كاريكاتورية صادرة من غافلين أو ضالين أو جاحدين للحق ، لأن موقف أولئك الضالين الغافلين الجاحدين للحق مفروغ منه وأمرهم إلى الله الرحمان الرحيم
إنما الرسوم الكاريكاتوةرية التي يمكن أن تشملها عدة أبواب أو عناوين مثل : صدق أولا تصدق – أو أغرب من الخيال – أو شئ لا يصدق لكنه واقع - أو عندما تكون البلادة من الإيمان - وما إلى ذلك من الأوصاف والعناوين .
نعم إن هناك رسوما كاريكاتورية هجائية صادرة من المسلمين القرآنيين أنفسهم لا غير ولعل التعبير الآخر المناسب هو إن هناك رسوما كاريكاتورية هجائية رسمها المسلمون أنفسهم لا غير وبرعوا فيها وتفننوا وأبدعوا ، وهي رسوم مستهدفة ذلك الإنسان الذي اختاره الله سبحانه وتعالى رسولا ليحمل للعالمين حديث الخالق وليكون من خلاله بشيرا ونذيرا .
وهاكم بعضا من هذه الرسوم الكاريكاتورية المكتوبة كتابة والمحاطة بهالة من القداسة ( الغريبة في بابها ) علما أنها واردة بكل وضوح ولعل الأصح - بكل وقاحة – في كتب الصحاح :
01) ومنها ذلك الحديث الذي يفتري أن النبي محمدا عليه السلام كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وبغسل واحد ، وأن أصحابه كانوا يتحدثون بينهم أن النبي قد أعطي قوة ثلاثين رجلا في الجماع ، وقد أثبته البخاري في كتابه.
265 حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة قال حدثنا أنس بن مالك قال ثم كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة قال قلت لأنس أو كان يطيقه قال كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين وقال سعيد عن قتادة إن أنسا حدثهم تسع نسوة.
صحيح البخاري ج 1 ص 105.
2636 حدثنا عبد الله بن يوسف عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سمعه يقول ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمته وجعلت تفلي رأسه فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت وما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة شك إسحاق قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وضع رأسه ثم استيقظ وهو يضحك فقلت وما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قال في الأول قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت من الأولين فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت.
صحيح البخاري ج 3 ص 1027.
02) وقد افترى البخاري فى (صحيحه ) فى كتاب النكاح حديثاً يقول: ( أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال ، فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاركا ) والملامح المزدكية واضحة في ذلك الحديث المفترى لأنه دعوة عامة للجنس الجماعي ، فأي رجل وامرأة توافقا فلهما الحق أن يتعاشرا ثلاث ليال ويمكن أن ينفصلا أو أن يستمرا ، دون زواج ودون طلاق ودون عدة أو نفقة أو وجع قلب .
والآن وبعد الإطلاع على هذه الأحاديث والروايات المفتراة على الرسول محمد عليه الصلاة والتسليم ، ألا يتبادر إلى ذهننا السؤال الكبير :
أي الرسمين الكاريكاتورين أشد إساءة للرسول محمد ؟؟؟ ذلك الرسم الدانماركي أو تلك التي تعج بها كتب الصحاح ؟
اجمالي القراءات
14075
الرسم بالصورة والرسم بالكلام هما طريقين للتعبير ، وطريقة الرسم بالكلمات أستعملها البخاري وأخوته ، فتكلموا بصراحة وأتهموا النبي زورا بإنه قاس القلب يأمر بالقتل ، ولكي تكتمل الصورة فلابد أن يكون فيها جانب جنسي ، فنسب للرسول أحاديث تثبت فحولته الجنسية وأن هذه الفحولة كانت مثار حديث الصحابة ، ومن ضمن المعجزات التي تثبت نبوته ، وأنه ينام عند زوجات الصحابة في أثناء غياب أزواجهم .. هذا هو الرسم بالكلمات والتي أتبعه البخاري وغيره ، وجاء بعض إخوة البخاري في الدنمرك لكي يكملوا مشروع البخاري العملاق لتصوير شخصية النبي ولكن عن طريق الرسوم هذه المرة ، فإن أخوة البخاري الدنيماركيين أخذوا بعض الصور الكلامية البخارية والتي تصور الرسول بإنه ـ متعطش للدم والنساء ـ وجعلوا من بعضها رسوما كاريكاتيرية ، فإذ بأتباع البخاري الذي هو من بخارة يخافون من نجاح البخاريين الدينمركيين من سحب بساط الكذب والأفتراء من تحت أقدامهم فثاروا ( من الثورة ) وهاجوا من ( الهيجان ) وماجوا ولا أعرف من أين جاءت كلمة ماجو ا إحتمال أن يكون من (الموج ) والله أعلم