مصر: الكشف عن مقبرة جماعية في سيناء والمطالبة بتحقيق دولي مستقل

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ٢٣ - سبتمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


مصر: الكشف عن مقبرة جماعية في سيناء والمطالبة بتحقيق دولي مستقل

كشفت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان عن وجود أدلة دامغة على مقبرة جماعية في شمال سيناء، ما يورّط السلطات المصرية في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وجاء ذلك في تقرير هو الأول من نوعه، أصدرته المؤسّسة بالتعاون مع منظمة "Forensic Architecture" (الهندسة الجنائية) التابعة لكلية غولد سميث بجامعة لندن، حمل عنوان "قُتلوا بدمٍ بارد".
مقالات متعلقة :


ووثق التقرير، الصادر اليوم الثلاثاء، احتواء المقبرة على بقايا بشرية تعود لمصريين قُتلوا خارج نطاق القانون ودُفنوا سراً. وأظهر التقرير، الذي استند إلى أدلة ميدانية وصور أقمار صناعية وشهادات شهود عيان، أن هذه المقبرة تضم رفات مدنيين وسكان محليين (بدو) كانوا قُتلوا خلال النزاع المسلح الذي امتد لعقد كامل بين عامَي 2013 و2022. كما كشفت الزيارات الميدانية وعمليات الحفر السطحي التي قام بها فريق المؤسسة عن وجود عشرات الجثث تحت طبقات من التربة، ما يشير إلى نمط دفن متسرع وغير منظم.

واستندت هذه الأبحاث إلى أدلة حللتها منظمة "Forensic Architecture" باستخدام تقنيات متقدمة، بما في ذلك تحليل صور الأقمار الصناعية الأرشيفية والحديثة، بالإضافة إلى دمج روايات شهود العيان، بمن فيهم أعضاء سابقون في "المليشيات القبلية" التابعة لقوات الأمن المصرية. وخلصت هذه الأبحاث إلى أن الانتهاكات الموثقة، من عمليات إخفاء قسري واحتجاز تعسفي وتعذيب ممنهج، تنتهي بقتل المعتقلين خارج نطاق القانون.

وشدّد التقرير على أن هذه الانتهاكات تُشكل "جرائم حرب"، نظراً لوقوعها في سياق نزاع مسلح غير دولي واستهدافها لأشخاص خارج نطاق القتال بطريقة غير مشروعة. وطالبت المؤسسة بضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل، لفحص ما إذا كانت هذه الانتهاكات ترقى إلى مستوى "جرائم ضد الإنسانية"، باعتبار أنها قد تكون جزءاً من نمط منهجي أو سياسة رسمية للدولة. وفي محاولة أخيرة لتفادي النشر، خاطبت مؤسسة سيناء الحكومة المصرية بتاريخ 20 سبتمبر/ أيلول عبر القنوات الرسمية، مقترحةً حجب التقرير مقابل تشكيل لجنة تقصي حقائق مصرية مستقلة، تضم ممثلين عن المجتمع المدني، للتحقيق في الأدلة، إلّا أن المؤسسة لم تتلق أي رد من الجهات الرسمية.
وقال المدير التنفيذي لمؤسّسة سيناء لحقوق الإنسان أحمد سالم: "بينما تواصل إسرائيل ارتكاب جريمة إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، ندرك نحن سكان سيناء جيداً الثمن الإنساني الباهظ للجرائم التي ترعاها الدول. فإذا كان القانون الإنساني الدولي يعني أي شيء، فعلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان أن يضمنوا العدالة للفلسطينيين، ولشعب سيناء، ولكافة ضحايا الفظائع في كل مكان". ويُؤكد جيريمي سميث، مدير مكتب جنيف بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أن "الأدلة القوية المتوفرة حتى الآن تحتم استبعاد مصر تلقائياً من عضوية المجلس وحرمانها من حق التصويت فيه".

وكانت منظمات حقوقية مصرية قد وجهت رسالة إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان، في 11 سبتمبر/ أيلول الجاري، تدعو فيها إلى إجراء تحقيق فوري في هذه الانتهاكات الجسيمة، كما دعت المنظمات الدول الأعضاء إلى معارضة عضوية مصر في مجلس حقوق الإنسان خلال الانتخابات المقرّر انعقادها في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، إذ تقدمت مصر بأوراق ترشحها لعضوية مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.تغطية رسمية للقتل خارج القانون
وعلى مدى سنوات، وثّقت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان ومنظمات أخرى مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، عشرات الحالات من القتل خارج نطاق القانون على يد قوات الجيش والشرطة المصرية في سيناء، وفيما كانت السلطات تدّعي أن الضحايا قُتلوا أثناء "تبادل لإطلاق النار"، دُحضت هذه الادعاءات في مناسبات متعددة.

ومن أبرز الحوادث التي جرى توثيقها، مقتل 10 شبان في العريش في يناير/كانون الثاني 2017، إذ كشف تحليل لاحق عن تعديل في الفيديو الرسمي الذي أصدرته وزارة الداخلية المصرية، كما أظهر مقطع فيديو مُسرّب في إبريل/ نيسان 2017 جنوداً مصريين وهم يقتلون معتقلين غير مسلحين، قبل أن يجري تعديل أوضاع الجثث لتظهر وكأنها سقطت في اشتباك مسلح، ما يكشف عن جهود رسمية للتستر على عمليات القتل غير القانونية. وقد حذرت منظمات المجتمع المدني المصرية، مثل مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومؤسسة سيناء، منذ أكثر من عقد، من أن الحكومة المصرية تشن "حرباً على الشعب بذريعة مكافحة الإرهاب".

اجمالي القراءات 237
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق