مصر: تجديد حبس عدد من المعتقلين في قضايا رأي وسط اتهامات نمطية

اضيف الخبر في يوم الأربعاء ١٤ - مايو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: العربى الجديد


مصر: تجديد حبس عدد من المعتقلين في قضايا رأي وسط اتهامات نمطية

في مشهد بات متكرراً في ساحات العدالة المصرية، شهدت محكمة جنايات القاهرة (الدائرة الثانية إرهاب)، مساء الثلاثاء، سلسلة من قرارات تجديد الحبس الاحتياطي لعدد من النشطاء والخبراء والمبدعين، في قضايا متفرقة توحدها اتهامات نمطية تتكرر في أوراق نيابة أمن الدولة العليا، أبرزها: "الانضمام إلى جماعة إرهابية"، و"نشر أخبار كاذبة"، و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

أولى هذه القضايا تتعلّق بالخبير الاقتصادي المعروف عبد الخالق فاروق (67 عامًا)، الذي جددت المحكمة حبسه لمدة 45 يومًا على ذمة التحقيقات، في اتهامات تتعلق بمواقفه النقدية من السياسات الاقتصادية الحالية وأداء الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويواجه فاروق اتهامات بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية"، و"نشر معلومات كاذبة"، و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي"، وذلك على خلفية مقالات نشرها عبر صفحته الشخصية على فيسبوك. وكان من بين ما تناوله في منشوراته، انتقادات للسياسات المالية والنقدية، وتوصيفات لواقع الاقتصاد المصري، وقد وصفه بأنه "نتاج لعقود من الفساد وسوء الإدارة".

وخلال جلسة تجديد الحبس، جدد فاروق شكواه من تدهور حالته الصحية وسوء أوضاع احتجازه، مشيرًا إلى أنه يُحتجز داخل زنزانة مغلقة لمدة 23 ساعة يوميًا، وسط انتشار الفئران وغياب الرعاية الطبية. ونُقل فاروق مرتين إلى مستشفى داخل السجن للاشتباه في إصابته بضيق في الشريان التاجي، قبل أن يُعزل في مبنى غير ملائم إنسانيًا. ويُذكر أن عبد الخالق فاروق سبق أن تعرّض للاعتقال في أكتوبر/تشرين الأول 2018، على خلفية صدور كتابه الشهير "هل مصر بلد فقير حقاً؟"، والذي أثار جدلًا واسعًا آنذاك، قبل أن يُفرج عنه لاحقًا.

وفي قضية منفصلة، لكنها تعكس منحى أوسع من التوجّس الأمني تجاه أشكال التعبير العام، قررت المحكمة ذاتها تجديد حبس ستة شبان مصريين، بينهم النقابي العمالي شادي محمد والمصور الصحافي عمرو سامي الأنصاري، لمدة 45 يومًا على ذمة القضية رقم 1644 لسنة 2024 أمن دولة عليا. اللافت أن التهم الموجهة إليهم جاءت عقب تعليقهم لافتات في شوارع الإسكندرية تتضمن عبارات تضامن مع القضية الفلسطينية، ونشرهم فيديو عبر صفحة على "إنستغرام" تحمل اسم "حرّر قاوم". ووفقًا لهيئة الدفاع، فإن اعتقالهم تم فجر 28 إبريل/نيسان 2024 من منازلهم، من دون إذن قضائي.وقد نسبت النيابة إليهم اتهامات بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية"، و"نشر أخبار كاذبة"، و"الدعوة إلى التجمهر"، وهي الاتهامات ذاتها التي تُوجّه بشكل روتيني في مثل هذه القضايا. وتمت جلسة التجديد عبر تقنية الفيديو كونفرانس، من دون تحقيقات جديدة، ومن دون تمكين المتهمين أو محاميهم من الحديث أمام المحكمة. وتضم قائمة الشباب المعتقلين: عمر سامي الأنصاري، وعبدالله أحمد عبدالدايم، وشهاب الدين أشرف، ويوسف ياسر فران، ومحمد أحمد دياب، وشادي محمد. وتثير هذه القضية جدلًا واسعًا بشأن حدود التعبير السلمي عن التضامن مع قضايا عادلة مثل القضية الفلسطينية، في وقت يتنامى فيه الغضب الشعبي العربي من المجازر المرتكبة في غزة، بينما تعجز الحكومات عن اتخاذ مواقف فعلية.

وفي القضية الثالثة، قررت المحكمة نفسها تجديد حبس رسام الكاريكاتير والمترجم المصري أشرف عمر لمدة 45 يومًا على ذمة القضية رقم 1968 لسنة 2024، وهي القضية التي تنضم إلى سلسلة استهدافات طاولت فنانين وصحافيين في الآونة الأخيرة. وأشرف عمر، الذي بدأ مؤخرًا نشر رسومات ساخرة على موقع "المنصة"، تناول في أعماله قضايا مثل أزمة انقطاع الكهرباء، ومصير أصول الدولة، والمبالغة في مشروعات البنية التحتية، وهي مواضيع أثارت اهتمام الرأي العام. وقد ظهر في نيابة أمن الدولة بالتجمع الخامس بعد اختفاء قسري دام 48 ساعة، قالت هيئة دفاعه إنه تعرّض خلالها للضرب والتعذيب في أحد مقرات الأمن الوطني.

وتتهم النيابة عمر بـ"الانضمام إلى جماعة إرهابية"، و"نشر أخبار كاذبة تسيء للدولة"، و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي"، وهي اتهامات وصفها مراقبون بأنها فضفاضة وتُستخدم لقمع أي شكل من أشكال التعبير النقدي. وكما في القضايا الأخرى، جرت جلسة التجديد عبر الفيديو كونفرانس، ولم يُسمح للمعتقل أو لفريق دفاعه بالكلام، مما يثير تساؤلات حول مدى جدية المحكمة في فحص مبررات استمرار الحبس الاحتياطي.
اجمالي القراءات 10
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق