اضيف الخبر في يوم الأحد ٠٩ - فبراير - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسه
هل شهد كوكب الأرض حضارة صناعية قبل البشر؟
بعد مليون عام من الآن، سنترك آثارنا لأجيالٍ جديدة، منها يستطيعون التعرف إلى حضارتنا. ولا نقصد بذلك تلك الآثار التي نعرفها من المباني والحجارة، ولكن على وجه الدقة، الحفريات، وبقايا نفايات البلاستيك في المحيطات، إضافةً إلى التغير المناخي؛ إذ ومن خلال انبعاثات الكربون التي تنتج عن حرق الوقود الأحفوري، سنترك أثرًا مهمًّا يشي بقيام حضارة صناعية على سطحِ الأرض. ويشير علماء الجيولوجيا الحاليون إلى أن الأرض قد شهدت في حقباتٍ تاريخية سابقة معدلات كبيرة من انبعاثات الكربون، بعضهم يعتقد أن الأرض قد شهدت أكثر من حضارة صناعية سابقة لوجود البشر، فهل هذا صحيح؟
خلال العقدِ الفائت، أشار علماء الجيولوجيا إلى أن تأثير البشر على كوكب الأرض كان عميقًا جدًا إلى درجة لزم معها الإعلان عن حقبة جيولوجية جديدة، أطلقوا عليها «الأنثروبوسين» أو «عصر الإنسان». وفي أغسطس (آب) من عام 2016، أعلن العلماء في مؤتمر الجيولوجيا الدولي أن تلك الحقبة الجديدة قد بدأت بالفعل منذ خمسينيات القرن الماضي. تحديدًا عام 1950، وذلك لما نتج من اختبارات القنابل النووية من نشرٍ لموادٍ مشعة في جميع أنحاء الكوكب؛ هذا فضلًا عن النفايات البلاستيكية والتسارع المذهل لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
(وثائقي عن عصر الأنثروبوسين)
طوال 12 ألف عام، عاشت الأرض حقبة من المناخ المستقر، وذلك منذ العصر الجليدي الأخير الذي تطورت فيه الحضارة الإنسانية. إلا أن تلك الشريحة من الزمن «الجيولوجي» قد انتهت عندما بدأ تأثير الإنسان في الكرة الأرضية يظهر بعمقٍ لدرجة تغيرت معها طبيعة الأرض، بطريقة قد نأسف عليها، بحسب البروفيسور كريس رابلي عالم المناخ، الذي يرى أن الإنسان قد تدخل في الطريقة التي يعمل بها الكوكب على نطاقٍ واسع، مما نتج منه انقراض الكثير من الأنواع وتغير المناخ، وارتفاع مستوى سطح البحر، فكان الإنسان على مدار الخمسين عامًا الفائتة وكأنه «طفل متهور يلعب بالنار». كل هذا قد يفجر أحلك أحوال المناخ في الألفية القادمة، وما يتبعه من كوارث بيولوجية وإلكترونية وبيئية.
كانت أكثر استنتاجات علماء «الأنثروبوسين» المخيفة والمثيرة للجدل هي: «إلى أي مدى يشبه التغير المناخي الناجم عن النشاط الصناعي اليوم، الظروف التي شهدتها الأرض في حقب تاريخية سحيقة تسبق حتى الوجود البشري؟».
يشير جافن شميدت، مدير «معهد جودارد لدراسات الفضاء» في ناسا ومتخصص المناخ، إلى أن درجات الحرارة المرتفعة التي نشهدها حاليًا وتتشابه مع الأحداث الحرارية القصوى في فترات ما قبل التاريخ هو ما ألهم بحثه والذي تناول فرضية أن الأرض قد شهدت حضارة صناعية أخرى قبل الإنسان.
يشير الباحث آدم فرانك إلى أن عمله في الفيزياء الفلكية مكنه من دراسة ظاهرة «الاحتباس الحراري» من منظور البيولوجيا الفلكية «علم الأحياء الفلكي» والذي يختص بدراسة إمكانية وجود حياة في الفضاء، وهو الأمر الذي استدعى زيارة لمكتب جافن شميدت متخصص المناخ ودراسات الفضاء؛ إلا أن الأفكار التي بدأت من خلال دراسة التأثيرات المناخية في الكواكب الأخرى في حالة قيام حضارة صناعية، قد اتخذت إبان هذا اللقاء منحى آخر.
يحكي فرانك في مقالٍ خاص كتبه لمجلة «ذي أتلانتيك» الأمريكية أن أفكاره حول قيام حضارات صناعية على كواكب أخرى قد أجاب عنها شميدت بقوله: «وما أدراك أن تلك هي الحضارة الصناعية الوحيدة على كوكبنا»، وهو ما نتج منه في النهاية دراسة اشترك فيها الباحثان لإثبات وجود حضارة صناعية أخرى على الأرضِ قد سبقت الإنسان.
اعتاد البشر على تخيل الحضارات المنقرضة من خلال الآثار الواضحة الباقية، تماثيل غارقة في المحيط، وأخرى مدفونة في باطنِ الأرض؛ إلا أن تلك القطع الأثرية للمجتمعات السابقة، جيدة فقط إذا ما أردنا الرجوع إلى حضارات تخطت عدة آلاف من السنين، لكن بمجرد النظر ومحاولة تخيل حضارات تخطت عشرات الملايين من السنين، يصبح الأمر أكثر تعقيدًا؛ إذ يفنى كل شيء ويسحقه الغبار.
(تقرير عن احتمالية وجود حضارة متقدمة من ملايين السنين)
يقول فرانك إنه أصيب بدوارٍ زمني أثناء جلوسه هناك ينظر إلى التلسكوب التطوري الواسع لكوكب الأرض، ويتخيل وجود حضارات قبل ملايين السنين. خاصةً وأن الإنسان العاقل لم يظهر على سطح الأرض إلا قبل 300 ألف عام. وهذا يعني أن تلك الحضارات قد تنسب إلى أنواعٍ أخرى؛ لكن هل يمكن للباحثين العثور على أدلة واضحة على أن الأجناس البشرية القديمة التي سبقت الإنسان العاقل تمكنت من بناء حضارة صناعية؟
يشير فراند وشميدت في دراستهما إلى أن تلك الحقب الزمنية البعيدة تطوي كل شيء داخلها؛ إذ تتحجر الأدلة الباقية الشاهدة على وجود حضاراتٍ أو غابات أو حتى عرق بشري، وتصبح جزءًا من الأرض والصخر، رغم ذلك ما نجده في الحفريات هو القدر القليل الباقي، والذي من خلاله لا نستطيع التكهن بأي شيء، لذا اتبع الباحثان خلال دراستهما ديناميكية عكسية في البحثِ؛ إذ كان السؤال الأول الذي طرحاه هو «ما الذي سنخلفه وراءنا إن طوى حضارتنا النسيان بعد مئات الملايين من السنين؟».
اكتشف الباحثان أن الآثار الباقية للنشاط الإنساني والتي يمكن للعلماء في المستقبل اقتفاؤها حتى 100 مليون سنة، تظهر من خلال الاستخدام المكثف للأسمدة المصنعة، والتي تمكننا من إطعام 7 مليار شخص، والتي سيتمكن الباحثون من فك طلاسمها عن طريق خصائص النيتروجين التي تظهر في رواسب عصرنا. بعد ذلك تأتي النفايات البلاستيكية، تلك التي يطلق عليها «القمامة البحرية»، وتترسب في قاع البحر في كل المناطق الساحلية تقريبًا، وصولًا إلى القطب الشمالي.
تعد النفايات البلاستيكية أثرًا مهمًّا باقيًا؛ نظرًا لعدم تحللها رغم المرور الثقيل للزمن، وبالتالي ستغير تلك الطبقة الهائلة من البلاستيك الشكل الجيولوجي للكوكب، تاركة البحار مليئة بالجزيئات البلاستيكية. رغم ذلك يعد الأثر الأهم والأبقى الذي سنخلفه وراءنا بعد ملايين السنين، هو هذا المعدل الهائل من انبعاثات الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري من: «بترول وفحم» وغيرها من مصادر الطاقة المستخدمة حاليًا في شتى نواحي الحياة، والتي تسببت في ارتفاع معدل ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي، وغيرت في نسب نظائر الكربون طوال القرن الماضي.
في المستقبل، يمكن لأي عالم أن يحلل كيميائيًّا طبقات الصخور المكشوفة من عصرنا ويكتشف النسب الهائلة للكربون، هذا فضلًا عن قمم من النيتروجين والجسيمات النانوية البلاستيكية، والأسمدة المصنعة. كل هذه الإشارات هي ما سيبقى من عالمنا الحالي، فهل يمكن للصخور الباقية اليوم من ملايين السنين أن تخبرنا بالمثلِ عن الحقب الزمنية السحيقة؟
منذ 56 مليون عام، ارتفع متوسط درجة الحرارة على سطح الأرض إلى 9.4 درجة مئوية. كان العالم تقريبًا بلا جليد؛ إذ وصلت درجة الحرارة في القطبين إلى 21 درجة مئوية، وهي درجات حرارة أعلى مما نشهده اليوم. وقد كانت درجات الحرارة تلك نتيجة لانبعاثات الكربون الهائلة التي نتوقع أن نراها في السجل الأحفوري للأنثروبوسين بعد ملايين السنين.
يشير العلماء إلى أن العصر الطباشيري أيضًا قد شهد أحداثًا ضخمة قد تركت المحيط بلا أكسجين لعدة آلاف من السنين. وتعد تلك الأحداث التاريخية دليلًا على وجود احتباس حراري وتغيرات مناخية قد شهدها الكوكب على فترات متباعدة. وهو ما قد يكون مدفوعًا بإطلاق الكربون الأحفوري المدفون في الغلاف الجوي.
يبلغ عمر الكون حوالي 13.8 مليار سنة، في حين تبلغ الحياة المعقدة على سطح الأرض حوالي 400 مليون سنة؛ إلا أن البشر لم يطوروا الحضارات الصناعية سوى في آخر 300 ألف عام. وهو الأمر الذي جعل العلماء يتكهنون باحتمالية وجود حضارة صناعية على سطح الأرض ما قبل الإنسان العاقل، لكن هل تكفي تلك الإشارات الخاصة بتغير نسب نظائر الكربون في الغلاف الجوي أكثر من مرة للتدليل على وجود حضارة صناعية أخرى؟
يشير العلماء إلى أن الوقود الأحفوري طالما كان سلاحًا ذا حدين، إذ يعد أحد ركائز قيام الحضارات، إلا أنه في الوقتِ ذاته قد يكون سببًا في زوالها، وحدوث انقراض جماعي، وبالتالي تتحول الأنواع الأخرى إلى بقايا أحفورية ووقود لقيام حضارات المستقبل، وتساعد التغيرات المناخية وانخفاض مستويات الاكسجين في المحيطات في تهيئة الظروف المناسبة لصنع الوقود الأحفوري من نفط وفحم، لأجيال جديدة خلال ملايين السنين.
يؤكد العلماء أنه كلما كانت الحضارة تعتمد على مصادر طاقة طبيعية ونظيفة مثل الطاقة الشمسية، كان الأثر الذي تركته للأجيال القادمة يكاد يكون منعدمًا، وأن التغيرات التي شهدها الكوكب نتيجة لانبعاثات الكربون قد لا يلاحظها العلماء ما لم يبحثوا عنها خصيصًا، باستخدام آليات بحث جديدة. يشير فرانك وشميدت إلى أن بحثهما قد يكون بدءًا لعصرٍ جديد نفك فيه طلاسم حضارات لم نعرف عن وجودها شيئًا.
دعوة للتبرع
عن عصمة الملائكة : هل الملا ئكة معصوم ه ؟...
أكاذيب البخارى: السلا م عليكم ورحمة الله وبركا ته د/ احمد...
شكرا جزيلا: سيدي العزي ز السلا م عليكم ورحمة الله...
الحج المقبول: أخي أحمد لقد قمت ولله الحمد بآداء فريضة...
أهلا بك: السلا م عليكم و رحمة الله تعالى و بركات ه ...
more