مزقوا أحشاء ابني وأفقدوه عقله من شدة التعذيب"

اضيف الخبر في يوم الثلاثاء ١٩ - نوفمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: BBC


مزقوا أحشاء ابني وأفقدوه عقله من شدة التعذيب"

تقول الحكومة التركية إن سيطرتها على مدينتي تل أبيض ورأس العين والمنطقة الممتدة بينهما تهدف إلى إقامة "منطقة آمنة" لإعادة اللاجئين السوريين إليها وحماية حدودها كما تدعي، ويقول الأكراد إن هدف تركيا هو منع إقامة أي شكل من أشكال الحكم الكردي، وإحلال لاجئين من مختلف مناطق سوريا، مكان الأكراد في منطقة عفرين وغيرها في سعي منها للتغيير الديموغرافي.

وكانت أنقرة قد سيطرت على منطقة عفرين الكردية في آذار/ماس 2018، وأطلقت على عمليتها العسكرية اسم "غصن الزيتون". وقبل ذلك أطلقت عملية عسكرية سمتها "درع الفرات" في عام 2016 التي قامت من خلالها وبمساندة الفصائل الموالية لها بطرد عناصر "تنظيم الدولة الإسلامية" من جرابلس والباب والراعي في الريف الشمال الشرقي لمدينة حلب وفرض سيطرتها عليها.

مزاعم

وتقول أنقرة بأن تجربة "المنطقة الآمنة" نجحت في مناطق "غصن الزيتون" و"درع الفرات" وتسعى إلى توسيعها على طول حدودها مع سوريا من خلال العملية العسكرية التي أطلقتها مؤخراً تحت اسم "نبع السلام" بعد انسحاب القوات الأمريكية من عدة مناطق في شرق الفرات.

وبدأت تركيا بإرسال سوريين من تركيا إلى المناطق التي تخضع لسيطرتها في شمال سوريا مدعية بأنهم يعودون بملء إرادتهم.

إلا أن آنا شيا، الباحثة المعنية بحقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة العفو الدولية قالت: "إن زعم تركيا بأن اللاجئين السوريين يختارون العودة طواعية إلى مناطق النزاع أمر خطير وغير نزيه. إذ أن الأبحاث التي أجريناها تظهر أن الناس يتعرضون للخداع و يُجبرون على العودة".وتحدثت بي بي سي عربي إلى عدد من ابناء عفرين بعد مرور 18 شهراً على سيطرة تركيا عليها، منهم من بقي فيها ومنهم من نزح إلى مخيمات اللاجئين في منطقة تل رفعت شمالي حلب ومناطق أخرى متفرقة، لإلقاء الضوء على تجربة "المنطقة الآمنة" و حياة الأكراد في ظل سيطرة عشرات الفصائل المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا.خريطة لمناطق السيطرة في عفرين والمنطقة الآمنة المزعومةخريطة لمناطق السيطرة في عفرين والمنطقة الآمنة المزعومةأمل مجروح"

"كنا قد نزحنا عن قريتنا "قسطل جندو" القريبة من اعزاز، إلى عفرين بعد سيطرة الفصائل المسلحة عليها. لكن ابني آراس خرج ليتفقد أرضه التي تقع قريبة من اعزاز، إلا أنه خرج ولم يعد".

هكذا بدأت أمينة حميد، والدة آراس خليل الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، بسرد قصة ابنها الذي تم تعذيبه من قبل الفصائل المسيطرة على المنطقة ثم رميه على طريق اعزاز بعد أن أفقده التعذيب السمع والإدراك وتمزقت أحشاؤه ومنطقة الشرج كاملاً وقطعت أذنه اليسرى في ثلاثة أماكن.

كانت أمينة قد فقدت الأمل تماماً وأقنعت نفسها بعد مرور أكثر من عام على اختفاء ابنها في عام 2016، بأنه قُتل على يد الفصائل المسيطرة على قريتها، إذ أن حوادث الخطف والقتل والتعذيب كانت ولا زالت شائعة.

شعرت الأم بحزن بالغ على آراس لأنها لم ترَ وجهه وتلمسه وتودعه للمرة الأخيرة وتصلي عليه وتقول: "غبت عن الوعي وسقطت أرضاً بعد أن أخبرني جاري أنه رأى صورة ابني منشورة على موقع فيسبوك، مع نص يقول (يُرجى لمن يعرف صاحب الصورة التواصل معنا لاستلامه من مستشفى في حلب)".

نزوح آلالاف من عفرين شمالي سوريا هربا من الهجوم التركي

ما هي الجماعات التي تقاتل إلى جانب تركيا في عفرين؟

"لا أصدقاء للأكراد إلا الجبال والريح"

آراس خليل
Image captionلا يستطيع آراس الجلوس بشكل طبيعي، بل يتخذ وضعية القرفصاء أو يستلقي على ظهره بسبب تمزق منطقة الشرج نتيجة التعذيب الذي تعرض له رغم مرور أشهر على علاجه

وكان آراس، من ذوي الاحتياجات الخاصة و فلاحاً لا يفهم بالسياسة، يسعد بالأرض ويحزن إذا لم تمطر السماء.

تقول أمينة: "رغم معرفتي بخطورة الأمر، إلا أنني ذهبت إلى قريتي لأسأل الفصائل عنه، لكنهم طردوني وأهانوني وقالوا لي، إن لم تذهبي من هنا، فسنلحقك بابنك".

لم تجد أمينة أي أثر لابنها سوى فردة حذائه في أرضهم، فأيقنت أنه قُتل.

كما يمر زوج أمينة أيضاً بحالة نفسية سيئة أشبه بالهلوسة والهيستيريا، ولم يعد يتعرف على زوجته، بل بات يظن أن كل من حوله يريد قتله، لذلك يشتمها تارة ويطردها تارة أخرى دون أن يدرك ما يفعله، وما زال الزوج على تلك الحالة إلى الآن ويحتاج إلى علاج نفسي حد قول زوجته.

أمينة وهي تبكي أثناء حديثها عن تعرض ابنها للتعذيب على يد الفصائل المسيطرة على عفرين
Image captionتصف أمينة معاناتها بعد أن تحول آراس إلى طفل يحتاج إلى من يطعمه وينظفه ويعتني به.

العثور على آراس

بعد أن أخبر أحد جيران أمينة بأنه رأى صورة ابنها على فيسبوك، جرت ترتيبات استلام آراس من مستشفى في حلبمن قبل خاله الذي يعيش في حلب، وأحضره معه إلى مكان إقامة والدته حيث اجتمع الجيران لاستقباله.

كانت الصدمة كبيرة جداً عندما رأت أمينة ابنها محمولاً كالأطفال، وتغيرت ملامحه وشكله وفقد الكثير من وزنه.

فقدت أمينة وعيها لدى رؤيته، وبعد أن عاد إليها وعيها انفجرت بالبكاء بعد أن رأت حالته المتدهورة، إذ فقد حاسة السمع والإدراك عدا عن الإعاقات التي يعانيها إلى الآن نتيجة للتعذيب الشديد الذي تعرض له.

"خازوق تركي"

تم إخبار العائلة بحالة آراس من قبل المستشفى، وأصدر الهلال الأحمر الكردي والسوري تقريراً بحالته، إذ قيل للأم عن تفاصيل حالة آراس الذي عثر عليه مرمياً على الطريق وتم نقله إلى إحدى المستشفيات الحكومية بحلب وبقي هناك عدة أشهر يخضع للعلاج من آثار التعذيب والجروح والحروق التي كانت في جسده.

صورة أذن آراس بعد إجراء ثلاث عمليات له
Image captionقطع فصيل "السلطان مراد" أذن آراس اليسرى من ثلاثة أماكن، وهذه صورة أذنه بعد إجراء ثلاث عمليات له

وتقول الأم: "لم تكن ملامح وجهه واضحة بسبب آثار التعذيب، وجاء إلي محملاً مثل قطعة لحم، لقد اغتصبوه بخازوق تركي أدى إلى تشققات حادة في منطقة الشرج بالكامل وصولاً إلى الأمعاء الغليظة".

ورغم مرور أشهر على علاجه، "مازال ولدي غير قادر على الجلوس إلا في وضعية القرفصاء، ولا يستطيع المشي إلا بمساعدة، ويظل طوال الوقت مستلقٍ على ظهره، لا يتحرك ولا يطلب طعاماً أو ماءً، لقد فقد، فإذا لم أطعمه أنا، أو أعطِه ماءً، يظل على تلك الحالة أياماً وليالٍ".

وتعتني الأم بآراس الآن كطفل صغير، وتغير حفاضاته ثلاث أو أربع مرات يومياً، لأنه لم يعد يتحكم بخروجه.

وتضيف أمينة باكية: "إذا نفذت أدويته المهدئة، يتحول إلى شخص خارج عن السيطرة، يضربني ويدفعني عنه ولا يعلم بأنني والدته، وهذا يزيدني ألماً".

"كانت حالته كعائد من الموت، الكلام ليس كمن يرى، إنه شخص آخر الآن، شخص بعاهات كثيرة، لقد تمت خياطة أذنه اليسرى في ثلاث أماكن".

وتسكن حالياً أمينة وابنها وزوجها المعاق في مخيمات النازحين بتل رفعت، على أمل العودة إلى قريتها يوما ما.

وعلمت بي بي سي بأن طبيباً ألمانياً اتصل مؤخراً بالعائلة وعرض عليهم التكفل بعلاجه.

التايمز: أردوغان "يبحث عن جائزة أكبر" بالهجوم على عفرين

أردوغان يعرض خريطة مقترحة للمنطقة الآمنة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدةمصدر الصورةGETTY IMAGES
Image captionأردوغان يعرض خريطة مقترحة للمنطقة الآمنة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

"إدارة تركية خالصة"

أما جيهان (62 عاماً) والتي كانت تعمل مديرة لمدرسة إعدادية في عفرين، فقد تركت عملها وتحولت إلى "الاهتمام بحقول الزيتون التي يتم نهبها باستمرار من قبل الفصائل الموالية لتركيا وعائلاتهم"، وخاصة بعد وفاة زوجها في يوليو/تموز الماضي.

وتصف الحالة التي يعيشها الأكراد في عفرين وقراها بالمزرية والظالمة قائلةً: "يتصرف القادمون الجدد وكأنهم أصحاب الأرض، فالضباط الأتراك لا يحاسبونهم، بل يدّعون بأنهم لا يتدخلون بالأمور المحلية والحياة اليومية التي لها جهات معنية تقوم بذلك".

وتضيف: "لكن الحقيقة أعلمها كما يعلم الجميع، بأن الجهات المعنية هي من تنهب وتخطف وتقتل وتبتز، والمسؤولون الأتراك على علم بكل ذلك إلا أنهم يغضون النظر عن جرائمهم بهدف دفعنا نحو النزوح عن بيوتنا وأراضينا كما فعل عشرات الآلاف من الأكراد في عفرين".

مدرسة في عفرين وغياب أشكال الانتماء السوريمصدر الصورةANHA
Image captionالأطفال في مدرسة بعفرين مزينة بصور أردوغان والأعلام التركية. أبريل/مايو 2018

وتتقن جيهان اللغة التركية جيداً وتفهم ما يجري حولها، وتقول: "كل شيء هنا تحت إدارة وإشراف المسؤولين الأتراك الذي يتلقون أوامرهم من المركز في كل من ولايتي هاتاي (إسكندرون) وكلس التركيتين".

وتضيف: "هوياتنا الشخصية الرسمية غير معترف بها، بل يجب أن تكون صادرة من هاتاي، كما أنهم أدخلوا تعديلات في منهاج التعليم، وأصبحت الأعلام التركية وصور أردوغان في كل المدارس والمؤسسات الرسمية، وحتى العطل الرسمية السورية تم استبدالها بالتركية، فبتنا نحتفل بيوم تأسيس الجمهورية التركية وأصبح عطلة رسمية، وتم إلغاء الأعياد السورية مثل عيدي المعلم والأم".

وتتابع: "يجبروننا على بيع محصول الزيتون لهم بأبخس الأثمان، ثم تأتي الحكومة التركية لتشتري زيت الزيتون وتبيعه في تركيا بل وحتى تصدّره إلى خارج تركيا بعشرات الأضعاف".

لاجئ كردي سوري يروي تفاصيل صراعه مع الموت في براد الشاحنة

أحد مخيمات النازحين من عفرين في تل رفعت، شمالي حلبمصدر الصورةSOCIALMEDIA-FB
Image captionأحد مخيمات النازحين من عفرين في تل رفعت، شمالي حلب

ويُذكر أن عفرين إدارياً، تتبع لولايتي هاتاي وكلس في تركيا، ويُسجن المعتقلون السياسيون و من كان تعامل مع مؤسسات الإدارة الكردية السابقة، في المركز بأنقرة وليس في عفرين. وهذا ما حدث مع والد أميرة حسن التي تعيش في مدينة مانشستر البريطانية، والتي أخبرت بي بي سي أن والدها البالغ من العمر 70 عاماً مسجون في أنقرة منذ أكثر من عام لأنه كان متعاوناً مع الإدارة السابقة في عفرين.

"دويلات حلب"

أما آفستا، وهي طالبة جامعية بكلية الحقوق في حلب، وابنة المديرة السابقة جيهان، فلم ترَ والدتها منذ عامين، وتتحسر وتلوم نفسها، لأنها لم تستطع مساعدة والدتها في محنتها أثناء مرض والدها، كما أنها لم تستطع حضور جنازته وتوديعه، لأن الطريق من حلب إلى قريتها بات كمن يعبر حدود دولتين بحسب تعبيرها.

وشقيقها جاندار، الذي كان شرطي مرور في ظل الإدارة الكردية، فمصيره معروف إذا فكر بزيارة والدته في القرية، السجن والتعذيب كما حدث للكثيرين ممن اعتقلتهم الفصائل وسلمتهم إلى تركيا. وتقول والدته: " كان ابن جارنا شرطي مرور، لقد اختفى من القرية منذ عام ونصف، وعلى أغلب الظن إن لم يكن مسجوناً في أنقرة، فهو مقتول".

تحتاج كل شجرة زيتون إلى 15 عاماً لتحمل ثماراُ للمرة الأولىمصدر الصورةANHA
Image caption"تقوم بعض الفصائل الموالية لتركيا في عفرين بقطع أشجار الزيتون وبيعها حطبا في أسواق إدلب وتركيا"

وتتابع آفستا: " أعيش حالياً في مدينة حلب، ولا تبعدني عن أخي إلا مسافة نصف ساعة سفراً بالباص، لكنني رغم ذلك لم أستطع اللقاء به منذ عامين بسبب الإجراءات الصارمة على الحدود ضمن (دويلات حلب) التي باتت مقسمة إلى ثلاث، وهي مركز المدينة، وريفها الشمالي حيث مخيمات النازحين، وعفرين وقراها".

أما المنطقة التي تعيش فيها آفستا في مدينة حلب فخاضعة للقوات الحكومية، وتل رفعت التي يعيش فيها شقيقها جاندار، خاضعة لإدارة مشتركة بين الأكراد والحكومة والروس والإيرانيين، أما والدتها جيهان فتعيش في قريتها التابعة لعفرين حيث يسيطر عليها الجيش التركي والفصائل المسلحة المواليه له.

"من نازح إلى غازٍ"

وتقول جيهان بحسرة: "بعد أن كانت عفرين ملاذاً آمناً للعائلات العربية النازحة من مختلف المناطق في سوريا على مدار 7 سنوات، تحولت الآن إلى معقل للفصائل المسلحة التي لا تختلف كثيراً عن "تنظيم الدولة الإسلامية".

وتضيف: "العائلات التي رحبنا بها وساعدناها وأسكناها بيننا وفي منازلنا وأطعمناها من طعامنا وحزننا عليها، استولت الآن على بيوتنا وأراضينا وممتلكاتنا وأصبحت السيف الذي تحاربنا بها تركيا، أشعر بأسف شديد على تبعيتهم وعبوديتهم للمحتل وإذلال من مدَّ لهم يد المساعدة يوماً".

منازل أكراد تم حجزها من قبل الفصائل الموالية لتركيا، عن طريق وضع إشارات أو كتابة أسماء على جدرانها.مصدر الصورةANHA
Image captionمنازل أكراد تم حجزها والاستيلاء عليها من قبل الفصائل الموالية لتركيا، عن طريق وضع إشارات أو كتابة أسماء على جدرانها.

خطف وابتزاز وقتل

وتقول جميلة التي تعيش في لندن، إن شقيقها خُطف مؤخراً في عفرين من قبل الفصائل المسلحة: "خطفوه واتصلوا بنا من هاتفه لطلب الفدية كشرط للإفراج عنه، ما كان علينا إلا أن نرسل لهم 10 آلاف جنيه استرليني ليتركوه".

وتضيف: "كان أخي يعلم بأنهم سيكررون فعلتهم ويقبضوا عليه مرة أخرى بأي حجة لطلب المزيد من المال، لذلك هرب من عفرين إلى مخيمات النازحين في تل رفعت منذ بضع أشهر".

ويقول تقرير صادر عن الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي إن "ضحايا عمليات الخطف من جانب الجماعات المسلحة أو العصابات الإجرامية، جميعهم مدنيون من أصل كردي والذين يُنظَر إليهم على أنهم ميسورون، كالأطباء ورجال الأعمال والتجار، وعادة يختفي الضحايا عند نقاط التفتيش، أو يتم خطفهم من منازلهم ليلاً".

ويعتبر شقيق جميلة محظوظاً لأنهم لم يقتلوه بعد استلام المال، فقد وثقت لجنة تابعة للأمم المتحدة حالة مشابهة في 13 مايو/أيار الماضي وقالت: "خطفت جماعة مسلحة رجلين وطفلاً يعاني من إعاقة ذهنية أثناء سفرهم من عفرين إلى اعزاز. وأُفيد أنه عُثر على جثث المخطوفين بعد اختفائهم بأربعين يوماً وآثار التعذيب بادية عليهم".

أهالي كوباني (عين العرب) يستقبلون الدوريات التركية-الروسية بالحجارةمصدر الصورةANHA
Image captionأهالي كوباني (عين العرب) يستقبلون الدوريات التركية-الروسية بالحجارة. أكتوبر/تشرين الأول 2019

أما إذا ألقي القبض على أحد العاملين في المؤسسات الكردية السابقة، أو إذا كان ناشطاً سياسياً وينتقد أفعال الفصائل المسلحة علناً، فمصيره السجن في أنقرة إن لم يتم قتله من قبل الفصائل المواليه على حد قول أمين أحمد، الذي يوثق ما يجري من انتهاكات في عفرين بسرية تامة.

ويرى الكثيرون من سكان المنطقة الأكراد، بأن الهدف من عمليات الخطف والابتزاز والاعتقال هو تحقيق كسب مادي للجماعات المسلحة بعد أن خفضت أنقرة من دعمها المالي لها.

وقالت نورهان، وهي شابة تعاني من إعاقة في قدميها لبي بي سي، إن جاراتها من مناطق دير الزور وحمص والمقيمات حالياً في منازل الأكراد ذكرن لها بأن تركيا كانت تدعمهم كثيراً في البداية، وتقدم لهم كل ما يحتاجوه من مواد غذائية ورواتب جيدة لرجالهم، إلا أنهم خفضوا مساعداتهم إلى النصف، وأحياناً لا يتلقون أي مساعدة على مدى شهور قائلين لهم "عليكم تدبير أموركم اليومية بأنفسكم".

وتضيف نورهان: " نعم إنهم يتدبرون أمورهم بأنفسهم عن طريق ابتزازنا ونهبنا وسرقة بيوتنا والاستيلاء على محاصيلنا دون رقيب أو حسيب، بتنا نخاف ترك ديارنا لمدة ساعة واحدة، لأنها كافية لسرقة جميع محتويات المنزل حسب التجارب التي نعيشها".

وبحسب الأمم المتحدة، "فقد نزح ما يزيد عن نصف سكان المنطقة الأصليين خلال الهجوم التركي الذي ترافق مع أعمال نهب وسرقة واعتقالات منذ مارس/آذار 2018".

مدخل حديقة اعزاز بالريف الشمالي بحلب الخاضعة للفصائل المعارضة والتي سميت باسم مصدر الصورةJESRPRESS
Image captionأثارت تسمية حديقة اعزاز باسم "حديقة الأمة العثمانية" غضب بعض سكان المنطقة الذين تسللوا وحذفوا من الواجهة كلمة "العثمانية".

سياسة التتريك

ويقول أحد الصحفيين المتابعين للأوضاع في عفرين والمناطق التي يسيطرة عليها الجيش التركي والفصائل الموالية له: "لا مشكلة لدى الفصائل استبدال أسماء مدارس سميت بأسماء شهداء وروّاد سوريا بأسماء تركية وعثمانية إرضاءً لتركيا، فعلى سبيل المثال، تمت تسمية أكبر ساحة في مدينة اعزاز باسم "حديقة الأمة العثمانية"، الأمر الذي أغضب بعض أهالي المنطقة الغيورين على البلد، فحذفوا كلمة العثمانية من المدخل، الأمر الذي أثار حفيظة الفصائل المسلحة".

وتقول نوجين، وهي أم لطفلين في عفرين: "الهيمنة التركية على شمال سوريا تشمل جميع جوانب الحياة، إذ أن التعيينات الإدارية التي تجري في عفرين وما حولها تأتي من السلطة المركزية في تركيا، سواء كان في مجال الإدارة أو التعليم أو حتى الخطابات العامة".

وتضيف: "المدارس والمستشفيات والمعابر والمؤسسات العسكرية كلها مزينة بالعلم التركي وأحياناً يضاف إلى جانبه علم المعارضة، بتنا في عفرين كمن يعيش في ظل الدولة العثمانية من كثرة الشعارات التي تمجد تركيا ورئيسها أردوغان".

صحيفة "آي": عفرين تستعد "لحصار طويل ودموي"

نازحون سوريون يقولون إن القوات التركية تقصف المدنيين في عفرين

تم تعذيب شادي بالضرب وحرق الجسد بسيخ حديدي
Image captionتم تعذيب شادي بالضرب وحرق الجسد بسيخ حديدي

استفزازات وإهانات

أما شادي مصطفى وزوجته نسرين فقد طفح الكيل بهما بعد أن اعتقتله الفصائل عدة مرات، منها فصيل "الجبهة الشامية" وفصيل "المعتصم بالله" وغيرها، إذ عذبته وحرقت جسده بسيخ حديدي، وكان عليه أن يدفع مبالغ هائلة للإفراج عنه في كل مرة، إلى أن هرب في يونيو/حزيران الماضي إلى مخيمات الشهباء مع زوجته بعد أن ضُرب وأهين وابتز من الفصائل المختلفة هناك.

ويقول شادي: "قيل لنا إن عفرين آمنة، فرجعنا أنا وزوجتي إليها مصدقين ذلك، لكنني فوجئت بعد عودتي من إلقاء القبض علي بحجة صلتي مع الإدارة الكردية السابقة".

ويتابع: "وضعوا عصابة على عيني وقيدوني وساقوني إلى السجن وهم يركلوني ويشتموني، وينعتونيي بالإرهابي، وبدأوا بتعذيبي وحرق جسدي لأربعة أيام، وهذه صوري، مازالت آثار الحروق على جسدي ظاهرة". وأفرج عنه بعد أن دفع لهم مبالغ بالدولار. إذ كان المبلغ يزداد في كل مرة يقبضون عليه، وكان آخر مبلغ دفعه لهم قبل تمكنه من الهروب خارج عفرين، 800 دولار.

ويقول شادي: " أثناء وجودي في السجن، كنت أسمع صرخات النساء وبكائهن، تيقنت أنهن يتعرضن للتعذيب، كان الأمر فظيعاً ومحزناً، أراهن على أنهن كنَّ كرديات، لأن السجن كان مخصصاً للسياسيين".

هرب شادي وزوجته مرة أخرى إلى مخيمات النازحين على أمل العودة إلى ديارهم بعفرين بعد خروج الجيش التركي والفصائل الموالية له منها.

ملاحظة: لم يتم عرض جميع صور التعذيب التي حصلت عليها بي بي سي لقساوتها، كما تم تغيير أسماء المقيمين في عفرين حرصاً على سلامتهم.

-------------------------

 

اجمالي القراءات 2299
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق