كيف قادت الديموقراطية نحو الديكتاتورية؟

اضيف الخبر في يوم الخميس ٢٥ - يونيو - ٢٠١٥ ١٢:٠٠ صباحاً. نقلا عن: ساسة


كيف قادت الديموقراطية نحو الديكتاتورية؟

تُعرف الديموقراطية كنظام سياسي، وشكل من أشكال الحُكم، تُمثَّل فيه الأغلبيَّة والأقليَّة كذلك. وتكُون الدِّيموقراطية معبِّرةً عن آراء الشَّعب. تُعرف الديموقراطية باعتبارها «حُكم الشَّعب». لكنْ في حالاتٍ أخرى استطاع شخصٌ ما – أو عدَّة أشخاص– أن يحتالوا على النِّظام الديموقراطي، فوصلوا للحكم بـ “آليَّات” ديموقراطية سليمة، لكنَّ السياقات التي جاؤوا منها والتي آلوا إليها جاءت على عكس الديموقراطيَّة. وهي ما يُمكن أن يُطلق عليها «الدِّيموقراطيَّة الشَّكليَّة».

في هذا التقرير ثلاثة أمثلة ونماذج لهذه الحالة.

هتلر: الديكتاتور العظيم فاز حزبه بأغلبية الانتخابات فأصبح رئيسًا للوزراء

الحزب النازي عقد العزم على تقلد زمام الحكم بشكل قانوني. *أدولف هتلر

كانت ألمانيا قد خرجت من هول الحرب العالمية الأولى وهزيمتها المدويّة فيها. صعد هتلر في هذه الظُّروف. ورغم أنَّ الكُتَّاب حول صعود هتلر يختلفون حول توصيف صعوده السياسي هل كان بفعل «الديموقراطية» حقًّا أم كان بسبب الظُّروف، إلا أنَّ هتلر تربَّع على عرش ألمانيا بأساليب و”آليات” شكليَّة للديموقراطية. هكذا كان الأمر إذن، فكيف بدأ؟

Adolf Hitler visiting a factory in Rhineland-Westphalia, Germany, Weimar Republic. (Photo by: Photo12/UIG via Getty Images)

كان العالم بأسره يُعاني من الأزمة الاقتصادية الكبيرة، والتي أطلق عليها فترة «الكساد الكبير». عانت ألمانيا بالإضافة للمعاناة الاقتصادية من معاناة خروجها منهزمة هزيمة ساحقة من الحرب العالمية الأولى. خلال هذه الفترة فقط وصلت أعداد البطالة في العمالة الألمانية إلى 6 ملايين ألماني! يُضاف إلى هذا الشروط المجحفة لألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى والتي جعلتها تخفِّض جيشها إلى 100 ألف جندي فقط. هاتان النقطتان بالتحديد كانتا محور خطابات أدولف هتلر رئيس الحزب النازي الألماني.

تمتَّع أدولف هتلر بمهارات خطابية بارعة، استطاع أن يحشدَ الحُشُودَ حول خُطَبِهِ الحماسية المشتعلة. وبمرور الوقت، وفي فترة لا تتجاوز الأربع سنوات، استطاع الحزب النَّازي الألمانيّ الحُصُول على ما نسبتُهُ 40% من جمهور الناخبين في الانتخابات التشريعية للرايخ الألماني(البرلمان). كان هذا في يوليو 1932. وبهذا أصبحَ الحزب النازي الألماني أكبر حزب في البرلمان الألماني وإن لم يحظَ بالأغلبية المطلقة. أقيمت انتخابات أخرى بداية 1933 فخسر الحزب حوالي 2 مليون صوت. لكنّ الحزب كان لا يزال حتى هذه اللحظة هو الحزب الأكبر في ألمانيا، بنسبة 33% من أصوات الناخبين.

استطاع هتلر أن يقوم بعدَّة تحالفات مع تيَّار المحافظين. في ألمانيا كان المستشار (رئيس الوزراء) هو صاحب السُّلطة الفعليَّة، والرئيس له سلطات محدودة. كان رئيس ألمانيا في ذلك الوقت هو 

ويمكنك الاطلاع على ترجمة ساسة بوست لمقال «الواشنطون بوست»: السيسي ليس بينوشيه: جنرال مصر أكثر وحشية وأقل إصلاحًا

لعبة بوتين

في عام 1999، أعلن الرئيس يلتسن بأنَّ بوتين هو خليفته وأصبح بذلك رئيس روسيا التنفيذي بعدما استقال يلتسن. بوتين يُعرف برجُل روسيا القوي لا شكّ، هذا الموقف لم يتغيَّر من حينها. 16 عامًا من حُكم بوتين. بضعة تغييرات فقط جعلت بوتين يتلاعب بالـ «ديموقراطية» تمامًا ليحافظ على مكانته في روسيا. وإذا أردت أن تعلم كيف فعل ذلك، فإليك التالي:

انتخب بوتين رئيسًا في مارس عام 2000، ثمَّ أعيد انتخابه عام 2004، وانتهت ولايته الثانية عام 2008، المحاذير الدستورية كانت تمنَع بوتين من الترشُّح لولاية ثالثة. وهنا ظهرت شخصيَّة جديدة. ديمتري ميدفيدف الذي كان نائبًا أوَّلًا لرئيس الوزراء، ورئيس الحملة الانتخابية لبوتين عندما أوصى به بوتين في مجلس الدُّوما (البرلمان) ليصبح رئيسًا بدلًا عنه بعد أن انقضَت مُدَّة رئاسته. وصل ميدفيديف إلى الرِّئاسة ببسَاطَة وسهولة فأين ذهب بوتين إذن؟ لقد أصبح رئيسًا للوزراء منذ عام 2008 وحتى 2012. خلال هذه الفترة المراقبون: وسائل الإعلام، والمعارضة الروسية، والعالم كله تقريبًا كانوا يشيرون أنَّ السلطة الحقيقية كانت في يد بوتين. وعندما اندلعت أزمة جورجيا كان التصرُّف بيد رئيس الوزراء القوي بوتين وليس الرئيس ميدفيديف.

 بوتين وميدفيديف

في سبتمبر 2011، اقترح الرئيس ميدفيديف على الحزب الحاكم (الذي ينتمي له بوتين وميدفيديف معًا ويسمَّى روسيا الموحَّدَة) دعم بُوتين للرِّئاسة خلال مؤتمر للحزب. ومن المعروف أن ميدفيديف قد صنعهُ بوتين على عينه. في 2008 تمَّ اعتماد تعديل دستوري بتمديد فترة الولاية الرئاسية من 4 إلى 6 سنوات اعتبارًا من العام 2012. فاز بوتين بالرِّئاسة عام 2012 بالفعل وأعاد منصِب رئيس الوزراء لميدفيديف! الجدير بالذكر أنَّ بُوتين سيحكُم حتى عام 2018 ويستطيع بسهولة – حسب المراقبين- الترشُّح لانتخابات 2018 ويحكم روسيا حتى عام 2024! وهكذا ستصبح سنين حكم بوتين لروسيا حوالي 25 سنة (منذ 1999 وحتى 2024).

بالطبع يُواجه بوتين أصوات مُعارضة متصاعدة، خصوصًا بعد هذه المراوغة السياسية والتَّحايُل على الدستور والديموقراطية، وتبادُل الأدوار الذي لعبه بذكاء شديد مع صنيعته ديمتري ميدفيديف. حتَّى أنَّ الأجهزة الأمنية تجهَّزت بشكلٍ كبير لمجابهة أعمال الشغب في انتخابات 2012. ما يدلّ على وجود معارضة شديدة لبوتين وديكتاتوريته المُغلفة بديموقراطية شكلية.

هل عرفت الآن أيها القارئ الكريم أنَّ الديموقراطية ليست شكلًا ونظامًا سياسيًّا بقدر ما هي طريقة للحياة يعيشها المواطنون بشكلٍ دائم؟

اجمالي القراءات 2776
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق