تقرير أمريكي: جمال مبارك "عقبة" في طريق عمر سليمان للرئاسة
رجحت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية، أن يصعد رئيس المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان إلى منصب رئيس الجمهورية، خلفا للرئيس حسني مبارك، لكنها أشارت إلى أن جمال مبارك قد يكون العقبة الرئيسة في طريقه إلى الحكم، رغم تأكيدها مجددا على أنه غير مؤهل سياسيا لخلافة والده.
وقالت الصحيفة في تقرير كتبه مراسلها جيفري فليشمان، إن سليمان بقي بجوار الرئيس مبارك خلال الانتصارات والأزمات، بما في ذلك الكمين الذي نصب له علي موكب الرئيس عام 1995، الذي قتل خلاله ضابطا حراسات.
وأضافت أن "هذا الولاء لرئيس لا يحظى بشعبيه، وبقي في السلطة 26 عاما، ارتبطت بقانون الطوارئ، ربما رفع من أسهم سليمان: كثيرا ما ذكر (سليمان) كخليفة مرتقب للرئيس مبارك الذي بلغ من العمر 80 عاما".
وأشارت الصحيفة، إلى أن سليمان المحب للبزات المفصلة ورابطات العنق الأنيقة، يتمتع بخلفية عسكرية اتسم بها القادة المصريون منذ "انقلاب 1952"، لافتة إلى الخبرة التي يتمتع بها الاستراتيجي العسكري في العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وإسرائيل والعالم العربي، والذي ينظر له كبراجماتي يتوقع أن يواصل الخصخصة والإصلاح الاقتصادي في مصر.
وقالت إن هذا التوازن مهم للغرب، خاصة واشنطن، التي تعطي لمصر حوالي 2 مليار دولار كمساعدات عسكرية واقتصادية، ناقلة عن روبرت سبرنجبورج، الخبير في الشئون المصرية ومدير معهد الشرق الأوسط بلندن، قوله إن" سليمان يعد جسرا بين العسكرية والأمن المصري (..) هو في منصب بالغ الحساسية. لديه يد في التحكم بالسياسة المصرية، دون أن تتسخ يده"، مضيفا: "لا يوجد أحد في مصر له نفس الدور، وهو أيضا الرجل الأساسي للسياسة الخارجية... دبلوماسي الدبلوماسية".
لكن التقرير يؤكد في المقابل أن الذين يتنبئون بأن يكون سليمان الرئيس المقبل، لاحظوا وجود عقبة في طريقه، هو جمال مبارك، (44 سنة) "رجل الأعمال"، الذي يهيئ أيضا للمنصب، غير أنه يشير إلى عدم امتلاكه مؤهلات عسكرية، وعدم تمتعه بخبرة في السياسة الخارجية، وهو يجلس في قيادة الحزب "الوطني"، وينظر له علي نطاق واسع علي أن وصوله مرتبط بمصالح شخصية، وأنه غير قادر علي كبح التضخم لتحسين حياة 45% من المصريين اللذين يعيشون بأقل من 2 دولار في اليوم.
لكنها مع ذلك، تؤكد أن سياسات الحزب "الوطني" قادت النمو الاقتصادي بمصر وأدت إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية، لكن الكثيرين في مصر يتخذون موقفا معارضا لتوريث السلطة لنجل الرئيس، وقالت إنه من الصعب أن تقرأ ثنايا وحيل السياسة المصرية: الحزب "الوطني" منعزل، والأصوات الأخرى، بما فيها قوة المعارضة الرئيسة، "الإخوان المسلمون"، لديها تأثير ضعيف.
ورأت الصحيفة في تقريرها، أنه على الرغم من أن مصر ديمقراطية، فإن الجيش يلعب أيضا دور وسيط سلطة، "إنه يستطيع أن يناقش صفقة مع الحزب الوطني عن مرشح ما، أو يضع سليمان أو احد جنرالاته كمرشح مستقل في انتخابات 2011".
وقال ضياء رشوان، المحلل السياسي بمركز للدراسات السياسية والاستراتيجية للصحيفة: "أعتقد أن المؤسسة العسكرية اتخذت قرارها بشأن من سيكون الرئيس المقبل"، معربا عن اعتقاده بأن سليمان من أكثر المرشحين احتمالا، بسبب خبرته في السياسة الخارجية، و"لأنه يستطيع أن يستغل مؤهلاته العسكرية ويبدوا أكثر مدنية في آن (..) هذا سيعطي انطباع أن الجيش لا يحكم الدولة مباشرة".
ونقلت قول إبراهيم عيسى رئيس تحرير "الدستور" في أحد مقالاته الحديثة: "إن ترشيح سليمان كان ولا يزال يلقي قبولا من قطاعات عديدة"، وتحدى في مقاله المعنون بـ "متي سيتكلم؟" سليمان أن يخرج عن شخصيته الصامتة ويطرح وجهات نظره، "إننا نحتاج إلي فهم أعمق له، لا يوجد تبرير لهذا الحذر".
فيما قال عمر حمزاوي الخبير في معهد كارنيجي الدولي للسلام إن "سليمان له صورة رجل القانون والنظام المحترم، هو يمثل الاستقرار في الوقت الذي يحدث فيه الإضراب الاجتماعي".
ورأت الصحيفة أن شخصية سليمان آخذة في الصعود، "لقد كان هو قائد المحادثات التي أدت إلي هدنة يونيو بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة"، وقالت إن "هذا النجاح صعد من مصداقية مصر كلاعب استراتيجي في المنطقة، صورة مصر كانت ضعفت خلال العقد الأخير علي خلفية المشكلات السياسية والاقتصادية، إضافة إلى تنامي تأثير المملكة العربية السعودية"، معتبرة أن تلك الاتفاقية حمت مصر من تكرار الأزمة الأمنية التي واجهتها في يناير حين كسر مئات الآلاف من الفلسطينيين الأسوار الحدودية وتدفقوا إلى مصر.
وأشارت إلى أن إمكانية ترشيح سليمان ترددت في مستويات السياسة المصرية منذ عدة سنوات، لكن بعض المحللين يقولون إن ضابط المشاة الذي أصبح قائدا للاستخبارات والبالغ من العمر 73 عاما، "ربما يكون طاعنا في العمر"، ويرون أن قرب صلته بمبارك وواشنطن عوامل مضرة في الوقت الذي يمتلئ في الكثير من المصريين بالغضب والرفض لكلاهما (مبارك وواشنطن)، على حد قول الصحيفة.
وأورد التقرير، نبذة شخصية عن سليمان المولود في قنا، في مدينة فقيرة بصعيد مصر، والذي التحق بالأكاديمية العسكرية، وتميز في الحروب العربية-الإسرائيلية عامي 1967 و1973، وانتقل في صفوف المخابرات، وفي عام 1995 حسب له أن أمن حياة مبارك بإصراره على أن يسافر الرئيس بسيارة مضادة للرصاص خلال زيارته لإثيوبيا، وحينما أطلق مسلحون النار على السيارة في أديس أبابا لم ينجح الرصاص في اختراقها.
وقالت "لوس أنجلوس تايمز" "إن سليمان الذي ظهر للعيان أكثر بعد هذا الهجوم، علم بالتهديد من الجماعة الإسلامية الإرهابية التي قتلت مئات في مصر في التسعينات"، مشيرة إلى أن "الإسلام الأصولي له جذوره في مصر، والقاهرة قلقة من الروابط بين حماس في غزة والإخوان المسلمين، التي لديها 20% من مقاعد البرلمان، والتي ترغب في أن تحول مصر إلى دولة إسلامية".
واعتبر التقرير أن الخطر الأوسع من الآن وحتى الانتخابات الرئاسية القادمة ربما يكون معدلات التضخم المتواصلة وإنقاص الدخول التي أدت إلى إغضاب الطبقة العاملة وإضرار بسمعة الحزب الحاكم.
وأوضح أن أفضل مثال يدل علي سقوط الحكومة من نظر الكثيرين هو ارتفاع التضخم الذي أدي عجز في توفير الخبز وامتداد طوابير المواطنين الراغبين في شرائه، لافتنا إلى إعطاء الرئيس مبارك أوامر للجيش لتوفير احتياجات الدولة من الخبز، مما أدى إلى إنهاء الأزمة.
اجمالي القراءات
3618