فريد عبد الخالق: لو أن «البنا» حىٌّ لطالب المرشد بالابتعاد عن حكم مصر وعن «مرسى»

اضيف الخبر في يوم الإثنين ٣١ - ديسمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً.


فريد عبد الخالق: لو أن «البنا» حىٌّ لطالب المرشد بالابتعاد عن حكم مصر وعن «مرسى»

فريد عبد الخالق: لو أن «البنا» حىٌّ لطالب المرشد بالابتعاد عن حكم مصر وعن «مرسى»

«العريان» طالب بترشيحه فى انتخابات «84» وقال لمسئوله أمامى «أنا من إيدك دى لإيدك دى بس رشّحنى».. فمسكت أذنيه وقلت له «إنها دعوة وليست مناصب دنيوية»

مقالات متعلقة :

كتب : صلاح الدين حسن الإثنين 31-12-2012 10:04
فريد عبد الخالق فريد عبد الخالق

ظل رفيقاً لحسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، لا يفارقه إلا قليلاً، لكنه ابتعد عن العمل السرى الذى لا يُؤمن به منذ اللحظة الأولى، وآلمته رؤية «البنا» خالعاً «طربوشه»، ماسكاً بشعره، صارخاً «أنا أبنى وهُم يهدمون»، و«لو استقبلت من عمرى ما استدبرت لعدت أُعلِّم القرآن».

أدرك فريد عبدالخالق، عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين، وأيقن أن العمل السرى هو ما جلب على جماعته الوبال.. وعندما نهضت الجماعة من كبوتها مطلع السبعينات رأى شبح العودة للعمل السرى يُطل من جديد على يد صقور النظام الخاص القديم، فقرر الرحيل.. والآن بعدما قفزت جماعته على عرش مصر ما زال ينادى بفصل العمل السياسى عن الدعوى وابتعاد المرشد عن حكم مصر.

فريد عبد الخالق يتحدث لـ"الوطن"

 

* لو أن حسن البنا حىٌّ الآن.. ما الرسالة التى سيوجهها لجماعته وللرئيس محمد مرسى؟

- سيقول لهم: أيها الإخوان لديكم جزء دعوى وجزء سياسى، وعليكم أن تفصلوا بينهما، وكل مُيسر لما خُلق له، وكل جانب يقوم عليه أفراد، ويجب أن يكون كل من هذين الجانبين مستقلاً تماماً، فلا مرشد يحكم ولا محمد مرسى يتصل بالمرشد.. هذا لا يجوز.. هناك جانب تربوى وتثقيفى، وهناك جانب سياسى وللجماعة دورها وللحزب دوره.

* هل ما زلت تطالب بفصل الدعوى عن السياسى فى «الإخوان»؟

- أدعو الحزب إلى أن يستقل تماماً عن الجماعة، ويُعطى كل إمكاناته، وتتفرغ الدعوة للتربية والتوعية، فلكى تنجح ثورة 25 يناير وتؤدى دورها لا بد لها من ثقافة جديدة ورؤية جديدة، لأن هناك تحديات ستواجهنا، فهناك من يخاف الربيع العربى بعدما حدث من سيطرة الغرب علينا، خصوصاً بعد حرب الخليج الثانية، والآن هناك أوضاع سياسية قائمة من أول البحرين وحتى المغرب العربى، هناك مَن يخشى من اكتساحنا وتخلصنا من الديكتاتورية والفقر والاستبداد.

* هل ترضيك النتيجة التى وصلت إليها الجماعة؟

- أنا مشغول بالقضية كإخوانى، أتمنى أن يُوفقوا برضى الله عنهم بتطبيق منهج دعوة الله، ونحن لسنا أصحاب مبادئ فقط، لكنها وحدها لا تُغيَّر، ولا حتى منهج الله وحده، لكن ما أفعله وأؤمن به ثم أدفع ثمنه مهما كلفنى هذا هو النجاح.

* هل تخاف من المنافسة الحزبية وصراعات «الحرية والعدالة» وجبهة الإنقاذ؟

- الأوضاع صعبة للغاية، الناس تريد أن تأكل «عيش»، وهناك أموال منهوبة وأحياء شعبية، ومهما انتشر الفساد وأنصاره وراء الأساليب الشيطانية ومغلوبين على أمرهم، لكن الله لا يُصلح عمل المفسدين، والعاقبة للمتقين.

أدعو إلى فصل «الحرية والعدالة» عن الجماعة التى يجب أن تتفرغ تماماً للعمل الدعوى.. وقد تكون لـ«الشاطر» مطامع سياسية ويطمح لتشكيل حكومة

هل تخشى تآكل المشروع الدعوى عند الإخوان بعد الانصهار فى المشروع السياسى؟

- هذه معركة حقيقية وتحدٍّ أمام «الإخوان» والتيار الإسلامى، وعليهم أن يطوِّروا من أدائهم السياسى وأن يدركوا أننا كلنا أمة واحدة، لا تقول سلفى ولا إخوانى ولا صوفى ولا جبهة الإنقاذ، هذا الصراع ليس من مصلحة أحد، هناك يوم آخر سنُحَاسب فيه، هذا لمن يؤمنون بالله واليوم الآخر، هل يمكن أن يصدق أن يقتل مصرى أخاه ويرفع السلاح فى وجه من أجل صراعات الدنيا وهوى السلطة.

* وماذا عن الأقباط والمواطنة؟

- أول من أرسى مبدأ المواطنة هو الإسلام، وأول من أعلنه هو محمد (صلى الله عليه وسلم)، فعندما دخل المدينة جمع اليهود والنصارى والمنافقين، وقال لهم كلنا أمة واحدة، لكن كل عمل اجتماعى بشرى عرضة للصواب والخطأ، وعلى الحركة الإسلامية وغيرها المبادرة بمراجعة نفسها، ليس العيب فى الخطأ، ولكن يجب أن تكون لدينا الشجاعة لمواجهة أخطائنا وتصحيحها، فالرجوع إلى الحق فضيلة.

* هل تُراجع جماعة الإخوان المسلمين نفسها؟

- يعملون الذى يقدرون عليه، لكن عليهم المزيد، لأن الأضواء مسلطة عليهم، وهم الآن فى السلطة، وهو أمر يختلف عن السابق.

* هل لدى الإخوان روح مسامحة للمختلفين معهم فكرياً أو تنظيمياً؟

- يجب أن نتفق على أن تكون لدينا السماحة فى التعامل مع الآخرين، ويجب ألا نستعلى على أحد، لأن الصراعات من مصلحة الأعداء، والإسلام برىء من الإقصاء، لكن إن رأيت الآخرين قصّروا، فعليك أن تُكمل أنت، لا أن تحاول أن تهدم المعبد على رؤوس من فيه.. يجب أن تكون هناك آلية للاختلاف عندما يحدث الاختلاف، لا نعرف كيف نحل المشكلة، حاول أن تضع يدك فى يد المختلف معك حتى ترضيه وتصل إلى حل، لا أنت تقصيه وتتبرأ منه وتدّعى عليه أنه يكذب، عندما خرج بعض الأشخاص عن الجماعة رفض البنا الهجوم عليهم ورفض إطلاق لفظ المنشقين عليهم وسماهم «المتعجلين»، ولم يصفهم بأصحاب الفتنة.

* هل يمكن أن تقبل الجماعة عودة المختلفين معها؟ أم أنها تعتبر المختلف ارتكب خطيئةً لا تسمح بالغفران؟

- قد يكون هناك قصور فى الفهم، لكن منهج الإمام البنا ما زال موجوداً، وأنا لدىّ يقين أن الأمة الإسلامية ستتوحد، وأن البشر كلهم سيستفيدون، حتى الغرب.

* هل تحمل كرهاً للرئيس الراحل جمال عبدالناصر؟

- عندما قالوا إن جمال عبدالناصر مات ونحن فى السجن الحربى، فرح بعض الإخوان لكنى بكيت، فقالوا لى أتبكى على عبدالناصر؟ قلت: نعم، لأن الله قال «ولا تنسوا الفضل»، لا تنسوا الحقد، فعبدالناصر قَبِل العمل معنا على أساس الإصلاح، وكان يرى أن الحل فى إرادة واختيار الشعب، لكنه نكث بعد ذلك ووعدنا بحياة نيابية، لكننا لم نر شيئاً من ذلك بعد ذلك.

* لماذا اختلفت مع قيادات الجماعة وتركتها؟

- كانت انتخابات «84» قد أوشكت، وكانت أيامها حرب الروس على أفغانستان، وكنا فى التنظيم الدولى، وحضر الاجتماع عمر التلمسانى وأحمد الملط وحسنى عبدالدايم ويوسف ندا وهمت غالب، وأثرت الموضوع، وقلت يا عمر هناك موضوع مؤرقنى، والكلام موجه إلى الدكتور أحمد الملط -الأخ القديم فى التنظيم- قلت له يا أخ أحمد أتى لى الطبيب فاروق مساهل ومعه رسالة، وأحببت أكلمك فيها كأخ يتحدث إلى أخ مثله من الإخوان، وقلت لك إحنا إشترينا على حسابنا سيارة إسعاف حتى لا يتحكم «الروس» فى المصابين، فقلت لفاروق مساهل إن هذا الكلام يجب أن تُبلغه لرئيسك ورئيسك يبلغه لرئيسه ورئيسه يبلغه للمرشد، وقلت له: هل التنظيم قبل الدعوة أم الدعوة قبل التنظيم؟ ما هذا يا أحمد؟ هذه الدعوة يخدمها التنظيم، وليست الدعوة تخدم التنظيم، فالتنظيم وسيلة فقط، أنا لا أستطيع أن أعمل فى هذا الجو، لن أستطيع أن أتعاون مع إخوان هى دى طريقة دعوتهم.. أنا ماشى.

* دخلت مع الإخوان على قوائمهم فى انتخابات «84»، فما الذى حدث؟

- كان التلمسانى مرشداً متفتحاً، فدعانى وقابلنا فؤاد سراج الدين، ومعنا حسنى عبدالدايم، عضو مكتب الإرشاد، وأتذكر ساعتها أننى وجدت واحداً من الإخوان اسمه عصام العريان، قال لحسنى «يا أخ حسنى أنا من إيدك دى لإيدك دى بس رشّحونى»، فمسكتُ أذنه بيدى وضغطت عليها، وقلت له: يا ولد أنت فى دعوة وليست مناصب دنيوية، والله شهيد علىّ.

نحن تربينا على أن نعطى الدعوة ولا نأخذ منها ولا نعيش عليها.

* ألا ترى أن السياسة خصمت من «الإخوان» كثيراً؟

- هناك تطورات سياسية كبيرة الآن مختلفة تماماً وقت نشأة الجماعة، وما بعدها فى فترة الإمام البنا، الآن تحتاج كثيراً لحزب سياسى مستقل عن الدعوة، وهو الأمر الذى لم يفعله البنا، لأن الأحزاب فى أيامه كانت فاسدة.

* لكن الإخوان لا يفعلون ذلك؟

- أنا هنا لى تحفُّظ، لكنى لا أستطيع أن أحكم بدقة، فقد يكون الشاطر له مطامع أن يشكل حكومة، وارد، لكننى بصراحة وأمانة أقول إن العنصر التربوى ما زال موجوداً.

* هل انضممت إلى التنظيم الخاص بالجماعة؟

- حاول يجندنى النظام الخاص ورفضت.. كان بيكذب والإسلام لا يعرف السرية، فهى ضد الدين.

الإمام البنا لم يكن متشدداً فقهياً وعندما دخَّنت السجائر لم يقل لى «حلال وحرام».. وتركت التنظيم لأن مجموعة «النظام الخاص» سيطرت على الجماعة

* هل ترى أن «السلفية» استطاعت التأثير فى «الإخوان»؟

- «البنا» لم يكن متشدداً فقهياً، فلم تكن مضت على معرفتى به سنتان، إلا أننى فوجئت أنه يطلب منى أن أصحبه للصعيد منفردَين، عرفت بعد ذلك أنه كان يريد الانفراد بى لإحداث تغييرات فى ذاتى، وكنت آنذاك أُدخن، فأخرجت علبة السجائر وأخذت أدخن بدون تكلف وتركنى حتى انتهيت وتودد إلى هامساً: أريد أن أقول لك شيئاً، أنت فى طريق سيؤدى بك إن أردت أو لم ترد إلى السجن والاعتقال، فعندما تكون هذه عادتك التى لا تستطيع الاستغناء عنها، والتى تتحكم فيك، كيف سيكون حالك وأنت فى الزنزانة؟ أستنتظر استجداءً من الحارس ليعطيك سيجارة؟! فيا للمذلة والهوان التى ستحيا فيها. ولم يذكر لى حراماً أو حلالاً، ولم يناقشنى من حيث الشرع، فلم أجدنى إلا وقد ألقيت علبة السجائر التى كانت فى جيبى من شباك القطار، هذا هو عمل أهل الدعوات، وهذه هى الرسالة الحقيقية للجماعات الإسلامية (التربية).

* لكن «البنا» كانت له روافد سلفية؟

- وكانت له روافد صوفية أيضاً، فعندما وصلنا إلى بنى مزار، وكان آل عبدالرازق من ذوى المكانة الخاصة هناك، دار حديث بين حسن البنا وشاب مُترف (صاحب العزبة)، قال له: أنا أحب الصلاة، فقال البنا: شىء طبيعى فأنت من بيت صالح، فقال له: لكننى لا أريد الوضوء، فقال له: لماذا؟ قال له: أظل ساعة فى البانيو بالصباح، وساعة فى البانيو بالمساء قبل النوم، فأظل طاهراً، قال له: لا ضير، ما دمت طاهراً صلِّ من غير وضوء، ففزعت من رده، وقرأ فى عينى استنكاراً وعجباً.. فالوضوء أمره معروف وليس فيه افتاء، فكيف يحدث هذا؟! ونصلى من غير وضوء؟ كيف؟ وجدت الفتوى تجاوزت الحد.. وعندما خرجنا من العزبة قال لى: أظن أنه لم يعجبك ما قلته؟ قلت له: نعم، لا يعجبنى، لأنك تحدثت فى موضع يوجد فيه نص صريح، فعندما يوجد نص لا يوجد اجتهاد، فقال: اسمع، كن رجلاً عملياً، فإما أنه سيصدُق مع الله، ويُحسن الصلاة فيُحسن الوضوء، وإلا ما خسرنا شيئاً وانقضى شهر تقريباً، وإذا بالشاب المترف يأتى إلىّ بالمركز العام وهو متهلل، وأخبرنى بأنه أصبح يُحسن الصلاة، ويسبغ الوضوء، وفعلاً قد صدقت فراسة الإمام.

* هل مارس «البنا» النقد الذاتى؟

- كان يتمتع بالنقد الذاتى، فقد أقر لى ذات يوم بأن الجماعة ليس لديها كوادر سياسية، واقترح أن تتعاون الجماعة مع أى منظمة سياسية نظيفة بلا شعبية، أو أن نتبع نظاماً مثل نظام (الفيبيانز) فى النظام البريطانى. كمؤسسة كانت موجودة فى القرن التاسع عشر، والتى تحولت بعد ذلك إلى حزب العمل، فحسن البنا فكَّر فى لحظة من اللحظات التاريخية للجماعة أن يندمج الإخوان مع أحد الأحزاب السياسية فى مصر (الحزب الوطنى) الذى أسسه مصطفى كامل وبعده فتحى رضوان، ونور الدين طراف، وعرض هذا الأمر على مكتب الإرشاد، وكان يتعامل مع رؤساء الدول، ويكتب إليهم.

* هل ندم «البنا» على إنشائه النظام الخاص؟

- نعم ندم قبل استشهاده، حيث أقر بشجاعة أدبية، أنه أخطأ عندما أنشأه، ولو علم بالنتائج لما أقدم على إنشائه، واعترف بأنه أخطأ بتأسيسه، حتى لو كان بهدف محاربة اليهود، وذات يوم حدّثنى الشيخ «محمد الغزالى» أن «البنا» قد حدّثهم فى جمع صغير من الإخوان بعد اغتيال النقراشى، فقال «لو استقبلت من أيامى ما استدبرت لرجعت بكل نشاطى وجهودى من حيث بدأت عام 1928، أُعلِّم الإسلام وأربى عليه الأجيال، وحتى المكانة السياسية والنفوذ اللذين وصلت إليهما الجماعة، فإننى متنازل عنهما، لأن التربية عندى هى الأساس، وأعتبر هذه الشهادة أمانة فى أعناق الأجيال ورجال الدعوة ليبلغوها لمن يأتى بعدهم».

* يقال إنك تركت الجماعة لسيطرة قيادات النظام الخاص القديم عليها؟

- بعد وفاة الهضيبى نشطت مجموعة من الإخوان فى إعادة تجميع صفوف الجماعة واستعادة نشاطها وملء فراغ القيادة، وكان هذا عام 1973، وكان على رأسهم أحمد حسنين ومصطفى مشهور وحسنى عبدالباقى والدكتور أحمد الملط، وكانوا عناصر قيادية فى النظام الخاص أيام «البنا»، وكانت هناك مقولة راجت فى صفوف الإخوان للاستعانة على تجميع الصفوف، وهى «أن حسن الهضيبى قبل أن يلقى ربه عهد إلى هذه المجموعة بأن تملأ الفراغ، وأن تجمع الإخوان وتوحد الصف وتستعيد الوجود للإخوان»، إلا أن عبدالقادر حلمى قال لى ذات مرة إنه قد جمعه لقاء مع أحمد الملط فى منزله، وكان الملط طبيب عائلته، فسأله حلمى سؤالاً صريحاً: هل صحيح ما تقولون من أن حسن الهضيبى قبل أن يموت عهد إليكم بكذا وكذا؟ فقال: يا أخى ماذا لو كذبنا لتحقيق الخير للجماعة؟ قال لى عبدالقادر حلمى: حين سمعتُ منه أن هذه المقولة ليست صحيحة، جعلت هذا الموقف فراقاً بينى وبين أحمد الملط، على شدة ما كان بينى وبينه من الأخوة والصداقة.

واستطاعت هذه المجموعة أن تأخذ البيعة من معظم الإخوان الذين خرجوا من السجن فى هذه الفترة، ورغم وجودى فى هذه الفترة، فإنهم كانوا لا يُعلِموننى بأى قرار يتخذونه أو مشاورات تُجرى بينهم، وراجت مقولة أخرى عنهم لا تقل خطورة عن الأولى وهى «إننا لا نستطيع أن نعلن اسم المرشد العام لاعتبارات أمنية، لذلك فنحن لا نصرح به إلا لمن كان معنا وبايع له دون أن يعرفه»، وكان بينى وبين مصطفى مشهور حوار فى إنجلترا فى أواخر السبعينات قبل تولية عمر التلمسانى الذى كان قد انضم إليهم وتعاون معهم كوجه مقبول وكعضو قديم بمكتب الإرشاد والهيئة التأسيسية.

«التلمسانى» شكا لى من ازدواجية القيادة فى الجماعة بعد سيطرة النظام الخاص.. وعندما طلب منى الانضمام إلى «الإرشاد» تردَّدت لرفضى مفاهيم «المجموعة المسيطِرة»

* وماذا حدث بعد ذلك؟

- اتصل بى مصطفى مشهور، ورغب فى لقائى فى برمنجهام، وكنا فى رمضان -على ما أذكر- فلبيت الدعوة، واتفقنا أن نلتقى فى دار الإخوان، وكان الموضوع الأساسى هو قضية قيادة الجماعة. وقد أنكرت عليه ما فعلوه فى قضية أن يبايع الناس مرشداً مجهولاً، وأن هذا وضع غير مقبول وغير طبيعى، فقال لى: الظروف أَمْلت علينا هذا، قلت: لا.. مهما كانت الظروف صعبة قال: ماذا لو أعلنّا عنه وقُتل فى نفس اليوم؟ قلت: هذا لا يجوز، حتى لو قُتل لنا فى العام بعدد أيام السنة مرشدون نختارهم بملء حريتنا ويجهرون بمسئوليتهم ويتحملون نتائجها ونثق نحن فيهم ونبايعهم على هذا، وتكرر منا الاختيار وتكرر من أعدائنا الاغتيال. وتولى عمر التلمسانى مسئولية مكتب الإرشاد. ثم توالت الأيام، وشكا لى عمر التلمسانى أنهم لم يكونوا يسمعون له كما ينبغى، وأنهم كان لهم وجود داخلى وكانوا يشكِّلون ازدواجية، وألح علىّ «التلمسانى» أن أشاركه فى الالتقاء بالمجموعة التى ذكرت، وأن أقبل عضوية مكتب الإرشاد، فترددت لأننى علمت أمرهم، فلم أستطع أن التقى معهم تحت مظلة واحدة، ليس رفضاً لهم كأشخاص ولا أعيب عليهم وما زالت بينى وبينهم المودة المرجوة بين المؤمن وأخيه، وإنما أنا لا أقبل أن أعيش فى ظل هذه المفاهيم، ولا التلبيسات الفكرية. وكنت أحياناً أشتد عليهم، والتلمسانى يقول لى إنك شديد فترفّق بهم، فقلت له: والله يا أخ عمر فى هذه الأمور لا أعرف إلا الشدة. فقال يا أخى: «أنا أبلع لهم كثيراً»، فقلت له أنا لا أعرف أن أبلع مثلك. فقال: كنت أعتب عليهم أننا كنا إذا اتفقنا بالليل على قرار كمكتب، خالفوه نهاراً واتخذوا غيره، وهذا من أشد ما يؤلمنى.

* وماذا عن دور السنانيرى؟

- عندما كنا فى التوفيقية اصطحبنى كمال السنانيرى فى حجرة من حجرات المركز وانفرد بى، واستدعى أحد الشباب حديثى التخرج من الجامعة، وكان يعمل فى تصوير المستندات، لا أذكر اسمه، وبادر الأخ كمال الأخ بسؤال أذهلنى، قال له يا أخ فلان إذا قلت لك أنا كلاماً وقال لك عمر كلاماً، أىُّ كلام تسمع؟ قال كلامك طبعاً يا أفندم. فقال شكراً، تفضل. فأسمعنى ما أكره ليبين لى قدرى، وكان يحضرنى ما قاله حسن البنا معلقاً على من ورطوا الجماعة فى الاغتيال: ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين ومسك شعره أمامى، وقال: أنا أبنى وهُم يهدمون، أنا أبنى وهُم يهدمون، والدموع نزلت من عينيه، فقلت له هوِّن عليك، إن شاء الله كل الأمور ستُحل، والله إنى كلما تذكرت هذا الموقف أبكى، مسك البنا شعره بشكل يُمكن لا يليق بأحد، هؤلاء ضد الدعوة وضد الإسلام، فالإخوان بريئون مما يفعله هؤلاء من محاولة تشويه الصورة

اجمالي القراءات 4916
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق