ثلاثة أسئلة

الأحد ٠١ - ديسمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
السؤال الأول : قال جل وعلا : ( وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) غافر ) . لماذا جاء الفعل ( تُحملون ) بالمبنى للمجهول ؟ ومن هو الفاعل الاصلى ؟ السؤال الثانى : من هم الأشرار فى هذه الآية الكريمة : ( وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنْ الأَشْرَارِ (62) ص )؟ السؤال الثالث : من الاستاذ عبد الله العودات : السلام عليكم دكتورنا العزيز.اذا تنازع طرفان ومال شخص قلبيا مع أحد الأطراف كان هذا الطرف معادي هل عليه اثم ؟
آحمد صبحي منصور :

إجابة السؤال الأول :

قال جل وعلا : ( اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (80) غافر ) ( وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (21) وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ (22) المؤمنون )  

جاء الفعل ( تُحملون ) بالمبنى للمجهول لأننا لا نحمل أن نفسنا ولا نسير بأنفسنا . إن الفاعل هو الله جل وعلا . كما قال جل وعلا :( هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ )(22) يونس ) .

توضيحا لذلك نقول :

1 ـ هناك قوى تحفظك تسير فى الأرض فى البرّ والبحر ، هى الجاذبية وقوة الطرد المركزية ، والمدار المحدد للأرض فى دورانها حول الشمس . والعلماء المتخصصون أقدر فى الكلام منا فى هذا . هذه القوى يمسكها الله جل وعلا القائل : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) الحج ) 

2 ـ الله جل وعلا خلق النفس حرّة الارادة ، ولكن الجسد بكل أجهزته خاضع للخالق جل وعلا ، أى إنك حين تركب دابة ، نفسك هى التى تقرر ، ولكن التنفيذ بجسدك موكول بأمر الله جل وعلا ، يمكنه جل وعلا أن يعطل جسدك كله أو بعضه ، ونفس الحال مع الدابة التى تركبها والفلك الذى يحملك فوق الماء .

3 ـ ومن أسف أنه تستغرقنا الظواهر العادية ، من التى أنعم الله جل وعلا بها علينا ، وننسى شكر الخالق جل وعلا . وصدق الله العظيم القائل :

3 / 1 :(  وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) ابراهيم )

3 / 2 : ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) النحل )

3 / 3 : ( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) لقمان ).

ودائما : صدق الله العظيم .!

 

إجابة السؤال الثانى :

أولا :

هذا ما سيقوله أهل النار عن الذين كانوا فى الدنيا متقين : ( وَقَالُوا مَا لَنَا لا نَرَى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنْ الأَشْرَارِ (62) ص ). كانوا يرونهم أشرارا .!

ثانيا :

إن من سمات الكفر قلب الحقائق ، إذ يزين القرين الشيطانى لصاحبه سوء عمله فيراه حسنا ، ويرى الحق باطلا والباطل حقا . برجاء تدبر الآيات الكريمة التالية :

1 ـ ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37) الزخرف )

2 ـ ( وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (25) فصلت )

3 ـ ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (8)  فاطر ).

ثالثا :

أكابر المجرمين من الفراعنة المستبدين تتأصّل فيهم عادة قلب الحقائق فهم يحتكرون كل شىء لأنفسهم ، ومنها آراؤهم التى يرونها حقا مطلقا هو سبيل الرشاد ، ومثلا قال جل وعلا عن فرعون : ( قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) غافر ) . والفرعون الواطى الذى يقهر المصريين الآن يقول عن النبلاء ممّن يعارضه ( أهل الشّر ) ، ويرى نفسه ناطقا بالحق والهدى ويأمر المصريين بإتّباع قوله هو وحده . هو نُسخة رديئة من فرعون موسى . عليهما لعنة الله جل وعلا والملائكة والناس أجمعين .

إجابة السؤال الثالث :

أولا :

الميل القلبى والمشاعر مما سيحاسب عليه الإنسان طبقا لما جاء فى سورتى البقرة والاسراء. إقرأ قول الله جل وعلا :

1 ـ ( لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِوَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) البقرة)

2 ـ ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36) الاسراء ).

وبالتأكيد فإن تحويل المشاعر إلى قول أو فعل سيكون الحساب عليها اكبر

 ثانيا : المفروض إسلاميا أن نعدل فى القول وان نتحرى الحق وهذا ما جاء فى الوصايا العشر فى أواخر سورة الأنعام وفى سورتى النساء والمائدة. إقرأ قول الله جل وعلا :

1 ـ ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) الانعام )

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) المائدة )

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (135) النساء )



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 842
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الثلاثاء ٠٣ - ديسمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95586]

عطفاً على الميل القلبي و المشاعر .


حفظكم الله جل و علا و بارك في وقتكم و أمدكم بموفور الصحة و تمام العافية و قد تعلمنا و ما أجمل التعليم منكم أننا نتتبع الايات و نقرأ السياق كاملا و فيما يخص استشهادكم بالآية 284 من سورة البقرة فالآيتين اللتين قبلها 282 و 283 تتحدثان عن شهادة الديّن لذا فالمقصود بقوله تعالى ( و إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) أي الأبداء و الإخفاء عن الشهادة فيما شهدوا فيه في موضوع الديّن . لذا فالله جل وعلا و هو المطلع و الرقيب و العليم بكل شئ لن يحاسبنا على أفكارنا و ما تختلجه صدورنا و انما سيحاسبنا على أفعالنا فقط .



2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الثلاثاء ٠٣ - ديسمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95587]

شكرا جزيلا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ،وأقول :


نزلت الآية 36 من سورة الاسراء فى مكة، وفسّرتها الآية 284 فى سورة البقرة والتى نزلت فى المدينة ، ويوم الحساب ستنكشف السرائر ( يوم تُبلى السرائر ) ( الطارق 9 ) حيث لن تخفى منا على الله جل وعلا خافية عند العرض عليه جل وعلا ( الحاقة 18 )، فكتاب الأعمال لا يغادر أى شىء إلّا أحصاه ( الكهف 49 ). 

نرجو منه جل وعلا رحمته وجنته .!

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5130
اجمالي القراءات : 57,284,315
تعليقات له : 5,458
تعليقات عليه : 14,839
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


انجلترة تدفع الثمن: قرأت كتاب لك عن المعا رضة الوها بية .. وكان...

ملك اليمين من تانى : اريد ان اسأل كيف يصبح الرجل عبدا والمر أة ...

سؤالان: السؤا ل الأول : العص ا التى كانت مع موسى...

عذاب البرزخ: انت تقول ان النار لم تخلق بعد ....كيف ..وال فرعون...

إبتعد عنه: لى صاحب من أيام الطفو لة والدر اسة وهو جار...

فتاة قاصر : حضرتك انكرت فتوى المفت ى بأن زواج القاص ر ...

والله يشهد ..!!: ما معنى ( شهادة الله ) أو إن الله يشهد ؟ ...

سؤالان : السؤا ل الأول : جاء كلمة أضغان فى القرآ ن ...

ابن سيرين والاحلام: هل كتاب ابن سيرين فى الأحل ام صادق 100% ؟...

الرسالة والرسول: الس لام عليكم أستاذ أحمد اما بعد حتي لا...

الفكر الالهى : القرآ ن يمثل وبدون شك التعب ير الإله ي، و...

حوت موسى وحوت يونس: ما هو الفرق بين حوت موسى وحوت يونس عليهم ا ...

رأس الحسين: نريد بحثا عن مسجد الحسي ن المقا م على رأس...

كفر الوهابية : قال تعالى ( ُكلُّ نَفْس ٍ ذَائِ قَةُ ...

التقصير فى الصلاة: كثيرا ما يؤرقن ي يا سيدي اهمال ي وتقصي ري في...

more