سؤالان

السبت ٠٣ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً


نص السؤال:
سؤالان ومظلومان سؤالان موضوعهما واحد مع إختلاف الزمان والمكان . السؤال الأول قرأت ما كتبته حضرتك عن المجاذيب ، ورأيك فيهم سلبى جدا . ولكن ألم يخطر ببالك ان منهم مرضى عقليين فعلا ، وانهم ضحايا للظلم والقهر ؟ طبعا أثق بأمانتك العلمية وأنك تنقل الموجود فى المصادر التاريخية وتحلله . ولكن هذا لا يمنع من سطر تقول فيه ان هناك منهم مرضى يستحقون الشفقة . أقول هذا لأننى عرفت قصة مؤلمة ، تاجر صاحب اتصالات تزوج أرملة لها طفل وحيد . بعد أن كبر ماتت أمه ، وبالطبع هووريثها مع هذا الزوج . ولكنه بنفوذه أدخل الابن مستشفى المجانين ، وسلط عاليه من أذاقه بالكهرباء ما أفقده عقله فعلا . ثم أطلقوه من المستشفى مجنونا يحمل لقب المجذوب . يطارده الأطفال ولا يجد رعاية ولا مأوى ، بينما يتمتع زوج أمه بثروته . السؤال الثانى : كنت أتابع كتاباتك فى جريدة العالم اليوم فى التسعينيات ، وقد تأثرت بقصة تاريخية عن شخص مظلوم أصابه الجنون بسبب أن ابوه حرمه من الميراث . تكررت القصة اليوم فى ناس أعرفهم ، والمظلوم دخل مستشفى الأمراض العقلية يعنى فقد كل شىء . بحثت عن مقالك فلم أجده . هل ممكن أن تدلنى عليه . ولك الشكر الجزيل .
آحمد صبحي منصور :

الاجابة :

عثرت على المقال فى أوراقى المنسية ، وقد نشرته جريدة العالم اليوم بتاريخ  16/9/1994 . وكان عنوانه ( ضحية الحرمان من الميراث ) وهذا هو : (  كان علي بن اصفر الأنباري من جنود الخلافة العباسية ، وقد سكن بغداد و" سر من رأي " أو سامرا ، وبلغ ابنه جعيفران مبلغ الرجال ، فمنعه من دخول بيته والاختلاط بنسائه من الجواري ، وادعت إحداهن عليه عند أبيه بما يشين ، وكان علي بن اصفر مصابا بالوسواس فصدق الوشاية حينا وارتاب فيها أحيانا، وحتى يصل إلي نتيجة يستريح فيها من الوسواس ذهب إلي الحج واستشار هناك بعض الفقهاء ، فما كان من ذلك الفقيه إلا أن أكد للأب وساوسه وشكوكه في ابنه جعيفران واتهم الابن المظلوم في شرفه ، بل وافتاه بطرده من البيت وحرمانه من المال حيا وميتا ، أي حرمانه من الميراث .

      وعاد الأب الموسوس إلي بغداد فطرد ابنه الشاب من سكنه ومنعه من أي مال يصل إليه منه ، واتصل الأب بفقيه آخر يستفتيه في حيلة يستطيع بها إخراجه من الميراث بعد الموت ، فأفتي له ذلك الفقيه بأن يوصي بكل أمواله إلي رجل ويشترط عليه أن يحرم الابن جعيفران من أي شيء . ومات الأب قاسي القلب وآلت الثروة حسب وصيته إلي  ذلك الرجل ، وجاء إليه جعيفران ليأخذ حقه من الميراث فمنعه الرجل ، فذهب جعيفران إلي القاضي أبي يوسف وشكا له ، فأمر أبو يوسف بإحضار ذلك الرجل الوصي ، وفي مجلس الحكم سأل أبو يوسف جعيفران أن يأتي ببينة علي نسبه وتركة أبيه فقدم جعيفران الشهود الذين شهدوا علي صحة نسبه وعلي ما تركه أبوه من أموال ، وطلب أبو يوسف من الوصي بينة علي أن والد جعيفران قد أوصي له بتركته فأحضر الوصي شهودا شهدوا علي أن والد جعيفران احتال بالوصية علي منع ابنه من الميراث ، ولكن أبا يوسف لم يأخذ ببينة الوصي وأوشك علي أن يحكم لجعيفران بحقه في ميراثه من أبيه ، إلا أن الوصي أراد أن يخلو بالقاضي أبي يوسف ليقول له السر ، ولكن القاضي أبا يوسف رفض إلا أن يحضر جعيفران ، فطلب الوصي من القاضي مهلة إلي الغد ليقدم مستندا جديدا فأمهله أبو يوسف للغد ، وسعي الوصي إلي أحد أصدقاء أبي يوسف وأعطاه رقعة أوصلها إلي أبي يوسف وفيها اتهام لجعيفران بتلك التهمة البشعة، وأنها السبب في قرار أبيه بحرمانه من الميراث ، ولم يقبل أبو يوسف ذلك الاتهام فاستدعي الوصي وطلب منه اليمين فاقسم الوصي يمينا كاذبة يؤكد فيها اتهام جعيفران ، فاقتنع أبو يوسف وفي اليوم التالي كان موعد الحكم فحكم بحرمان جعيفران من ميراثه من أبيه .  واشتهر الأمر وفقد جعيفران ثروته وسمعته ، وفقد معهما عقله ، إذ كان يغيب عقله أحيانا ويختلط فحمل من يومها لقبي جعيفران الموسوس ، ومن أعاجيب مرضه النفسي أنه إذا جاءته الحالة نطق شعرا ، ولم يكن قبل ذلك يقول الشعر . ويقول ابن عثمان الكاتب أنه أشرف علي جعيفران من علي سطح داره ، وقد جاءت لجعيفران حالة الجنون المؤقت التي تنتابه فسمعه ينطق شعرا . والواضح أن حرمانه من ثروة أبيه أنطقه شعرا يفيض بالحرمان من المال ، وقد أدرك أنه فقد جاهه بعد أن فقد ماله ، ولكنه ما كان يدري أن مصيبته في ماله وعقله وشرفه قد أنطقته الشعر وأفسحت له مكانا بين سطور التاريخ ، ومنحته ذكرا وشهرة في عصره والعصور التالية ، بينما عرف التاريخ اسمه والظلم الذي وقع عليه فإن الروايات التاريخية تجاهلت الفقهاء والوصي الذين تآمروا علي حرمانه من حقه ، ولذلك لم نعرف أسماءهم ، ولا نريد أن نعرفها .

      إن مسيرة الظلم ـ مع شديد الأسف ـ لا تزال تسير ، وهناك من يجرؤ علي شرع الله تعالي فيحرم وارثا من حقه ، وقد يكون المحروم ابنا مثل جعيفران ومثل صاحب القصة الحزينة الغاضبة الذي يشكو أباه وقد يكون المحروم بنتا شاء سوء حظها أن يبتلي أبوها بالتفكير الجاهلي الذي يحرم المرأة من حقوقها ، وأولئك جميعا يحتاجون إلي مراجعة النفس وصحوة الضمير والتوبة قبل فوات الأوان . ) إنتهى المقال . ولم ينته الظلم .!



مقالات متعلقة بالفتوى :
اجمالي القراءات 1347
التعليقات (2)
1   تعليق بواسطة   سعيد علي     في   الإثنين ٠٥ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95431]

انتهى المقال و لم ينته الظلم .. و لن ينتهي .


في كتابات الدكتور أحمد القديمة تلمح مدى الغضب المكبوت من الظلم و القهر و لعل في عبارة ( و لذلك لم نعرف أسمائهم و لا نريد أن نعرفها ) .. في القران الكريم تأتي القصص للعبرة و العظة و أغلب القصص لا يذكر الحق جل و علا أسماء أبطالها لأنها غير مهمة و المهم هو العبرة و العظة .. و يبقى القران الكريم شاهدا و لم ينته ليس الظلم فقط بل الكذب على الله جل و علا و التقّول على رسوله الكريم .



2   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الإثنين ٠٥ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
[95432]

شكرا ابنى الحبيب استاذ سعيد على ، واقول :


قاسيت فى حياتى الكثير من الظلم . أشدّه ظلم ذوى القربى . إستفدت من هذا أن أرجو لقاء الله جل وعلا حيث العدل يوم الحساب . ولذا فأنا مع المستضعفين لأنى منهم وهم منى ، وضد أكابر المجرمين ، ولا زلت أدعو عليهم. 

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5130
اجمالي القراءات : 57,285,744
تعليقات له : 5,458
تعليقات عليه : 14,839
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي


الأرض وعلاج الأم : هل ابيع الارض لعلاج امى ؟ ذهبت بها لمستش فى ...

امريكا ..امريكا .!!: أمريك اوغير ها لايري دون أن تسير دول الشرق...

سرقة الكفار: هل السرق ه من الكفا ر حلال؟ مع دليل صريح من...

القرآن شفاء: ما معنى الآية التي ذكر فيها أن القرآ ن فيه...

هل المتعطرة زانية ؟: المرأ ة أذا خرجت متعطر ة هل تكون زانية ؟ هذا...

الجهر والتخافت: كيف يمكن تحديد الوسط بين الجهر بالصل اة ...

سؤالان : السؤا ل الأول تقول إن شهادة الاسل ام واحدة...

طقم أسنان الصائم: انا ركبت طقم اسنان متحرك ويحتا ج إلى تثبيت ه ...

د شحرور: د. احمد صبحي كنت اود سؤال سيادت كم عن رأيكم...

سؤالان : من هم الأنب ياء الذين قتلهم بنواس رائيل ؟...

سمعنا مناديا: لما قرأت هذه الآية ( رَبَّ نَا إِنَّ نَا ...

ليس حراما: هل حرام رمي كتاب فيه اسم الله أو آيات قرآني ة؟ ...

الاعراض عنهم : بعد ما بدات اقراء فى المنه ج القرا نى اشتد...

وضع اليد فى الصلاة: أود بداية أن أسترع ي انتبا هك الى كتاب قيم...

النقاب والحج : أنا فتاة سعودي ة كغيري من الفتي ات اجبرت على...

more