محمد حسين Ýí 2008-08-02
العلوم الاسلامية ، الفلسفة الاسلامية ، التاريخ الاسلامى ، الجماعات الاسلامية ، العالم الاسلامى ، الدولة الاسلامية ... الى اخره من الاسلاميات.
دعونا اولا ان نأخذ الجانب الحسن من الظن ونقول ان القدماء ممن ينتسبون الى الاسلام "كهوية" كانوا مخلصين فى حبهم للإسلام "الجديد عليهم علما وذكرا ودينا" ، مما جعلهم يبنون له قصرا فخما ممتد الاطراف ، ووضعوا كل شئ فى خدمة هذا القصر مخضعين ما يفعلونه للإسلام. فكل نجاح فى شئ علما كان ا&ae او أدبا وغيره كان ينسب للإسلام ابتغاء العزة له والعلو. وهذا شيئا لا نخوض فيها ايلاما. بل ان ذلك جعلهم يتغاضون عن الافعال البذيئة والجنايات التاريخية من نسبها للإسلام على سبيل المثال وتحويرها ان كانت قابلة للتحوير وجعلها منطقية فى خدمة الاسلام. فعمرو ابن العاص عندما دخل مصر مثلا جعلوا من هذا الدخول "فتحا" بدلا من ان يطلقوا عليه غزوا واحتلالا ، ووصفوا حرقه لمكتبة الاسكندرية بأنها عمل مقنن لخدمة الاسلام وهيمنة كتاب الله! وعندما جمع القافلة من مصر بغية ارسالها لعمر ابن الخطاب ، والتى وصفت بأن اولها كان فى العاصمة اامصرية آنذاك واخرها فى مكة انقاذا للمجاعة التى اصابت مكة "والتى كانت دائما فى مجاعة وما حولها" وصفوها بأنها الاخوة فى الاسلام والتكافل ، وتغاضينا عن كيفية تجميع تلك القافلة والاليات. وكله كان فى خدمة الاسلام!
كل الافعال كان هناك لها نظارا ومحللون يتدبرونها بحنكة ، فان كانت نافعة الصقوها بالاسلام لصقا ، وان كانت بذيئة حاولوا معها بشتى الطرق للتقنين حتى تبدو للناظرين جميلة تحدها الفاكهة والاعناب من كل جانب ، بل وتجرى من تحتها الانهار فى بعض الحالات ، حتى يبدو الاسلام والمسلم ابن حلال وكويس.
ولما كان انتشار الاسلام واتخاذه مأخذ الهوية ، فدعونا اذا نستشهد بالقرآن ظنا "من البعض" وموقنين "كبعض اخر" ان القرآن مهيمنا ولنفرض ان ما كانوا يفعلون هو صحيحا بان نخضع كل شئ للإسلام. يقول المولى عز وجل فى كتابه العزيز "وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ " الحج 78.
وبعد التمعن فى هذه الاية نجد ان تسمية المسلم جاءت على لسان وطلب ابراهيم عليه السلام ، وعلى هذا الاساس يقول لنا عز وجل ان الاسلام بدأ منذ زمن بعيد كتسمية. نقول دعونا نسلم بمعيار الهوية ، وعلى هذا المعيار اذا نجد ان يوسف على سبيل المثال يجب ان نسميه "وزيرا اسلاميا" و سليمان "ملكا اسلاميا" والدولة ايامه "الدولة الاسلامية" بل دعونا نذهب لابعد من ذلك ونقول ان العالم كله بناء على هذا القرار يكون اسلاميا.
والان نعود الى مبتغانا من هذا ونقول انه لما كان انتشار الاسلام بثقافة الهوية فى معظم الاحيان ، والتى طغت –اى تلك الهوية- على الاخريات من المآرب السليمة منها والمعوجة ، فتم الصاق كل ماهو صناعة "ادبية كانت او فلسفية او مادية" بتلك الهوية. ولما كان فى الافق دولة تتوسع بسرعة رهيبة فى الافق كانت قيادتها عربية ، فكان من الواجب بل ومن المفروض ان يكون هناك سببا لهذه التوسعات الا وهو نشر الاسلام ، او هكذا يقولون. ونحن هنا امام احتمالين ، سبق وان اشرنا الى احدهما وهو اخلاص الاقدمين للدين "الجديد عليهم" ، او انهم كانوا من الذكاء الشديد الذى ساعدهم فى استنباط هذا الدين وهو قوة شديدة كإيمان يشحذ الهمم – وتلك وسيلة سبقهم اليها اليونانيون القدماء مع زيوس والمسيحيين فى نظرية الكأس المقدس على سبيل المثال – فى أن يغزو البلاد محتلين "او فاتحين كما يحلو للبعض" جعلهم بسهولة يدخلون سارقين او ناهبين او ظالمين او عادلين لا يهم ، فالتقنين جاهز من قبل خلف هذا القناع الحديدى "الاسلامى" لأى فعلة. وهذا التقنين ما جعل حارقا لكتب كانت لآلئ لحضارات وتراث مجتمعة فى مكتبة ، وعلوم بذل فيها العلماء الغالى والنفيس ، شيئا عاديا فى خدمة الاسلامى فهو فاتح اسلامى ، اذا فما يفعله مشروع "واحنا ولاد كلب مش بنفهم" ، ويجعل سارقا لزراعات الدول وثرواتها عادلا لا غبار عليه منقذا للاسلام والمسلمين من اخوته من البدو. فنسائهم واموالهم حلال لنا. والذهب حرام على العباد حلال على القصور والمساجد التى يذكر فيها اسماءا عديدة مع الله.
وتلك الهوية جعلت من ابن رشد "الاندلسى او الاسبانى" رجلا اسلاميا ، وابن سينا ايضا ، وابو حيان. بل وقد برع البارعون فى الصاق الاسلام بالعرب ، فاصبح كل عالم عربى مسلم ، وكل الدول عربية مسلمة ، ووصفوا ذلك بأنه اذابة للحضارات والمساواة. مما جعل اللفظان يبدوان متطابقان ، عربيا واسلاميا. ورغم انه لا يوجد عالم واحد عربى الاصل والمنشأ ، الا انهم بقدرة قادر اصبحوا عرب.
وحتى دان براون فى قصة الحضارة تعامل مع الموضوعات كهوية – ولا الومه على ذلك ، فهذا اختيار الجموع نفسها – فى المجلد السابع الذى اسماه بعصر الايمان ، وتقسيم الحضارات فى هذا العصر بواسطته الى حضارة اسلامية ومسيحية ويهودية. وهذا شئ عبثى نجنى ثماره الان. فكل رجل يريد ان يقتل لحاجة فى نفسه ينضم الى جماعة ويصيح فى العامة "الجهاد فى سبيل الله" وانه مدافعا عن هذا الكيان المعنوى "الاسلام" ، فيجعل ما يفعله هو فى خدمة الاسلام ، وخدمة شرع الله ، وخدمة المجتمع "الاسلامى". ونحن بدورنا بدلا من ان نسميه قاتلا نؤكد كلامه ونشجبه واصفين اياه "بالمسلم او الاسلامى" او جماعته "بالجماعة الاسلامية".
ولا زلنا طبعا ونحن نحاول تبرئة ساحتنا مما فعله بعضهم فى احداث سبتمبر او مدريد او غيرها ، اقول لازلنا نحاول ان نبرئ انفسنا "كمسلمين" وان نقنع من حولنا بأن العالم الاسلامى هو عالم جميل وعسل ومافيش اجدع منه.
والقول الحق ان من يسكنون تلك المنطقة ايا كان تسميتهم لانفسهم هم متخلفون وهمج ، متأخرين فى العلوم حتى العلوم المتعلقة بلغتهم وبتواريخ منطقتهم ، لا علاقة للإسلام بهذا العالم على الاطلاق. فالاسلام دينا من عند الله ، يرسخ قيما وهو قاعدة لحقائق الايمان والعدل وليس هوية. واعتقد اننا "بنيجى نكحلها بنعميها". فالمفروض ان يتم فعله هو اخراج الاسلام خارج الحوار بدلا من ان نقول ان المسلمين متخلفون ويصبح الاسلام قاعدة للتخلف. دعونا وان نبدأ تسمية الاشياء باسمائها ، فالقاتل قاتل سواء ادعى الاسلام او المسيحية او غيرهما. والارهابى ارهابى سواء ادعى انتسابه لأى دين. اذا ذهب مصرى ليفجر نفسه فتلك مشكلته ولا يعنى هذا ان مصر "بلد ارهابية" اما اذا فعلها داخل مصر فيجب ان يقتل او يعاقب على اساس انه رجل "وسخ وجاهل وقاتل قبلهما" ليس على انه "اسلامى" ، بدلا من ان يظن الاخرون ان الاسلام دين الله مدعاة للقتل والارهاب.
****
اذا اعدنا الترتيب وتسمية الاسماء بعيدا عن اتخاذ الدين هوية ستكون الامور سهلة حتى فى نقدنا لها ، فاذا اخذنا ابن رشد كفيلسوف متدبرين ماكتبه من فلسفة كإبن رشد العالم سنجد حتما خطأ ما هنا او هناك ويصبح هذا خطأ يصب فى طريقة ابن رشد للعرض كعالم فقط ، اما اذا انسبناه للاسلام يصبح عالما اسلاميا مخطئا ، ويكون اذا الاسلام سببا فى الخطأ.
واذا اخذنا الدكتور احمد صبحى منصور كدكتور يحاول البحث ، سنجد حتما خطأ ما هنا او هناك فى طريقة عرضه او منحى فى فكرة ما ، فسيكون الخطأ خطأه كدكتور احمد وليس خطأه كمفكر او دكتور اسلامى.
واذا تعاملنا مع القساوسة والشيوخ والاحبار كاشخاص فقط يحاولون عرض ما يعتقدونه كاشخاص ايضا فسيكون من السهل نقدهم كاشخاص او كمفكرين بمعزل عن هذا الستار الحديدى "الاسلامى" ويبقى نقدنا نقدا مطلقا لما نراه خطأ فيهم او فيما يفكرون بدلا من ان يبدو النقد نقدا للإسلام ذاته.
والتاريخ ايضا الملئ بالدموية تارة والقتل والاغتيال تارة والعدل تارة اخرى ان تناولناه كتاريخا لاشخاص او مجموعات باسمائهم الفعلية او باوصافهم الفعلية "كعرب كانوا او بربر او عمرو" فسيكون من السهل تفنيد ما فعلوه وتصنيفه وتسميته التسمية الصحيحة ونقده بمعزل عن هذا الستار الحديدى المسمى بالاسلام.
وهذا ينحو بنا نحو المسار الذى يبدو لى بأنه صحيح ، وهو ان الاسلام مرسخا للقيم وايمانا بين العبد وربه ، وانتساب الشخص له لا يعفيه من العقاب او النقد ان اخطأ ، فإن قتل ابو بكر بعض الجموع لمجرد انهم رفضوا خلافته كرجل من قريش او حاربهم اصبح طاغيا فى تلك الفعلة ، دون التحوير وتسمية الاخرين مرتدين لمجرد تسميته بالاسلامى فيجعل ما فعله مقننا ومشروعا.
والفتنة الكبرى تسمى اذا اقتتال لخلاف على الحكم بين مجموعات خلفيتها قبلية تسعى للسيطرة بدلا من محاولة اظهار كل طرف على انه اسلامى وان معه الاسلام الصحيح ويجعل ما فعله مقننا. بل ويجعل من قتل سعد ابن ابى عبادة لمجرد رفضه ومعارضته لخلافة ابى بكر قاتلا ، بدلا من الهروب والصاق التهمة بالجن الذين قتلوا سعد ابن ابى عبادة بسهمين لم يخطئا فؤاده!
ويصبح مع كل ذلك استخدام مذهب ديكارت مثلا فى الشك عندما نخضع اى شئ للبحث سهلا ويسيرا دون مواجهة عائق "الاسلمة". بل وساعتها سيجد الانسان نفسه بمعزل عن هذا الارث الدينى بولادته على دين ما ، وسيضطر للتفكير ، والتدبر ، والرفض مستخدما العقل والمنطق. وساعتها اغلب الظن سيكون ايمانه نقيا بعض الشئ ، على الاقل افضل مما سيكون عليه كمولود هويته دينه.
هل وصلت الفكرة يا سادة؟
****
نظرة:
احب جدا سماع الراديو ، بل واعشقه عشقا. وهناك برنامجا يوميا للاذاعى امين بسيونى عنوانه "كتاب عربى علم العالم". وللوهلة الاولى كنت افكر واقول كيف بالله علما بهذا الحجم يهرب منا ، حتى اكتشفت انه منذ ان استمعت لهذا البرنامج لا يوجد كتابا واحدا او عالما واحدا ممن أتى بهم كان اصله عربيا! فرفعت يداى للسماء ودعوت دعوة خالصة لجمال عبد الناصر ورفاقه ، عل وعسى ان يتقبلها الله.
دعوة للتبرع
الفاتحة فى الصلاة: اذا كانت طريقة الصلا ة نقلت الي المسل مين ...
يكلؤئكم من الرحمن: ما معنى ( يكلؤك م من الرحم ن ) فى الاية 42 من سورة...
العشرة ( بكسر العين): عندنا فى مصر مثل يقول ( العشر ة ما تهون إلا على...
الدعوة فى القرآن: انا اتولد ت فى اسرة سنية و انا اتبعت هم فى كل...
الكفيل : فى دول الخلي ج هناك ثقافة ( الكفي ل ). هل يتفق...
more
محمد حسين أحد أبنائى .. هو خليط جميل من الفن و الفكر و المحاسبة ( مجال تخصصه ) .. ينافسنى فى حب الاستماع الى محمد عبد الوهاب و سيد درويش ، وأعتب عليه حين لا يتحمس مثلى لفيروز و صباح فخرى ..ولكن محمد حسين حين يكتب يكون مشكلة .. أفكاره ثاقبة ـ غالبا ـ وربما تقفز به الى الخمسين من العمر مع إنه لم يصل الثلاثين بعد ، ولكن التعبير عن هذه الأفكار الهامة يستلزم لغة عربية عالية المستوى تلائم الفكر الذى تعرضه ، مشكلة محمد أنه يكتب كما يتحدث ، وهو بارع فى الحديث ، ولكن هناك فارق بين الحديث أو الكلام والحوار وبين الكتابة. فى الكتابة لا بد ـ بعد السمو بالمستوى اللغوى ـ من استخدام ابسط اسلوب لتوصيل الفكرة ، ثم صياغتها بتخطيط ذكى كى تتسلل الى عقل القارىء.
أقول هذا لأن محمد حسين فى مقاله هذا أكثر نجاحا من مقالاته السابقة ..وأريده فى المرات التالية أن يتخلص من تلك المشكلة. صحيح أنه فى كلامه وحديثه تجده منطلقا ومتنوعا لا يتهته .. ولكنه يتهته أحيانا فى كتاباته ..
يا محمد ياحسين .. قليلا من التهتهة ..