من وح الموقع:
اختلافات القرآنيين

مصطفى اسماعيل حماد Ýí 2025-10-25


اختلافات القرآنيين

فى العقود الأخيرة ظهرت على الساحة الإسلامية جماعات أطلق عليهم عبيد التراث مسمى القرآنيين وذلك لكفايتهم بالقرآن الكريم وحده كمصدروحيد للدين الإسلامى واستبعاد أى مصدر سواه.

وقد نشأت هذه الجماعات كرد فعل لترهات يطفح بها التراث ظلت مطمورة فى بطون الكتب حتى تكفلت وسائل المعلوماتية الحديثة بكشفها وفضح عوارها،مما حدابكثير من عقلاء المسلمين أن يتصدوا لتنقية هذا التراث وتخليصه من روث تلك الخرافات.

ونظرا لتعدد الإجتهادات فقد ظهرت مدارس متعددة من القرآنيين .

والعجيب أن كل مدرسة تعتبر نفسها أنها هى وحدها الفرقة الناجية وماعداها فباطل أى أنهم لم يختلفوا عن الذين قالوا بأن الأمة ستفترق إلى بضع وسبعين فرقة!!!.

ولكن العامل المشترك الرئيس بين هؤلاء أنهم جميعا بلااستثناء متفقون على أنه لايوجد سوى مصدروحيد للدين الإسلامى وهو القرآن الكريم وماعداه فتاريخ بشرى ظنى يحتمل الخطأ والصواب ولكنه لايعتبر مصدرا لدين الله كما أنه لاقداسة له.

وقد كتبت هذا المقال فى محاولة لإيجاد حد أدنى يتفق عليه الجميع يكون منهاجا محددا لإقامة مناسك الدين الإسلامى بشرط أن يكون مستوحى من تعاليم كتاب الله تعالى ،فإن أصبت فبفضل من الله وإن أخطأت فبتقصير منى وأرجو ممن يكتشف لدى خطأ أن يصوبنى.

 

ومن بين الأمور الخلافية التى تتباين مواقفهم تجاهها:-

- بما أن القرآن تبيان لكل شيء فإن أى منسك لم يُذكر مفصلا فى القرآن لايُعتبر من الدين بما فى ذلك الصلوات الخمس.

- يعترضون على تعبير الله أكبرلأنه ييتضمن مقارنة بين الله ومخلوقاته وهذا فى اعتقادهم باطل،بالإضافة إلى أن هذا التعبير لم يرد فى القرآن.

- اعتبار شهادة أن محمدا رسول الله شرك.

- يحددون عدد الصلوات باثنتين والبعض يجعلها ثلاثا وقليل منهم يعتبرها خمسا.

- ينكرون صلاة الظهر على أساس أن آية سورة النور لم تذكر سوى صلاتى الفجر و العشاء.

- يعتبرون القرآن بيِّنا مبينا ولايحتاج إلى قواميس ولاشروح لمعانى الكلمات بل إن الكلمة تُفهم من سياقها.

- يرى بعضهم أن لكل مسلم الحق فى أن يجتهد ويتأول أحكام كتاب الله كما يروق له فهو لن يُحاسب أمام الله إلا بقدر ما يراه عقله،وهكذا من الممكن أن تتعدد المفاهيم بحسب قدرات العقول إلى ما لانهاية دون ضمان حد أدنى يتفق عليه الجميع.

أما ماذهب إليه بعضهم من تجريد الكلمات القرآنية من مدلولها المحكم وصرفها إلى معنى آخر ليتفق مع قناعات سابقة لديهم مثل تفسيرهم البنون بالعمائر والنساء بالمؤجلات فهو ضرب من التعسف لايستحق أن نضيع وقتنا فى مناقشته.

 

هذا بعض ماحصرته من اختلافاتهم وسأحاول فى هذا المقال الرد عليهم من القرآن الكريم،ولاأزعم أنى أحتكر الحقيقة ولكنى بشر أخطئ وقد أصيب ،واؤكد اننى فى أمس الحاجة لآرائكم سواء متفقة أو معارضة فغاية مايهمنى أن يكون هناك حد أدنى متفق عليه من الجميع لأن الطريق إلى الله يجب أن يكون محددا واضحا لا اختلاف عليه ولاخلاف فيه.

 

- دعونا نبدأ بأخطر نقطة فى الموضوع وهى تأكيدهم أنه ما دام القرآن تبيانا لكل شيء فإن أى منسك لم يرد فيه تفصيلا يُعتبر باطلا.

لنتتبع تعبير (كل شيء) فى القرآن الكريم لنرى هل هو كل شيء على الإطلاق أم أنه يرتبط بموضوع محدد ؟.

يقول تعالى:

- وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145) 

هل كل شيء هنا على إطلاقها؟هل كتب له علوم الذرة مثلا ؟أو وضع له الجدول الدورى؟بالطبع لا ولكنه كتب كل شيء يتعلق بالرسالة الموسوية.

- وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57)

هل كانت تجبى إليهم ثمرات المناطق الإستوائية والأمريكتين مثلا؟

- وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا (12)

هل كتب هنا التقويم الشمسى أو القمرى أوأسماء البروج ومواقع النجوم؟

ونفس القول ينطبق أيضا على الآيات الآتية:- 

ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ

لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)

إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)

وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16)

إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)

ولنتدبرمعا الآيتين التاليتين :

تدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)

مع أن الرياح دمرت كل شيء إلاأن مساكنهم ظلت باقية تراها العين مما يؤكد أن تعبير (كل شيء)ليس على إطلاقه أبدا.

يقول الله تعالى فى سورة الأنبياء:  أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴿٣٠﴾‏

ولكن هل كل شيء حى قد خُلق من الماء حقا؟

يقول تعالى فى سورة الحجر: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴿٢٦﴾‏ وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ

واضح أن كل شيء حى لم تشمل الجان،إذن فالعبارة ليست على إطلاقها.

ونأتى لآية سورة النحل،يقول تعالى:

وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)

إذا كان القرآن تبيانا لكل شيء على الإطلاق فمن المفروض أن يبين –على أقل تقدير- تفصيل كل ماورد فيه مجملا .

ولكننا نلاحظ أن هناك   أمورا ذكرها الله تعالى فى القرآن ولم يبين تفصيلاتها نذكربعضها:

يقول الله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴿٣٦﴾‏

ذكر الله أربعة أشهر حرم ولكنه لم يسمها،فهل يعدهذا إخلالا بمفهوم تبيان كل شيء؟

ويقول الله تعالى:

الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴿١٩٧﴾‏

انظروا أشهر معلومات،فإذا كانت معلومة فلِمَ يذكرها؟

القرآن كتاب الله لايرد فيه حرف ٌواحد بلاضرورة،الأشهر الحرم معلومة ومعروفة للناس جميعا فلاداع لذكرها.

يقول تعالى فى سورة البقرة: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٩٩﴾‏

فهل ذكر الله كيفية الإفاضة؟بالطبع لا لأن الناس جميعا كانوا يعرفون كيفية الإفاضة.

يقول الله تعالى:واذكروا الله فى أيام معدودات،فهل ذكر لنا عدد هذه الأيام ومتى تبدأومتى تنتهى؟

يقول تعالى:فلاأقسم بمواقع النجوم،فهل ذكر الله عدد وأسماء تلك المواقع فى كتابه الكريم؟

 

من هنا يتضح أن القرآن الكريم تبيان لكل شيء يحتاج بيانا كى يعرفه الناس.

الصلاة كانت موجودة قبل البعثة المحمدية كما كان يقيمها إبراهيم وبنوه عندما قال لربه: أرنا مناسكنا فأجابه الله تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴿٧٣﴾‏،

كما أنه فى أول سورة نزلت من القرآن يقول تعالى أرأيت الذى ينهى عبدا إذا صلى؟بل يختتم السورة بقوله تعالى :كلالاتطعه واسجد واقترب :وهذا يؤكد أنه كانت هناك صلاة يعرفها الرسول عليه السلام ويؤديها قبل البعثة أقره الله عليها وأمره بإقامتها.

وبناء على ذلك ألايجدر بمن ينكر شعيرة ما بحجة أنها لم تُذكر فى القرآن تفصيلا أن يراجع نفسه؟.

- الأذان

بداية أنا أومن بأن صيغة الأذان هذه ليست توقيفية،ولكن لابأس عندى من اختيارها كصيغة إعلام للناس مثلها مثل أى وسيلة أخرى يتفق عليها المسلمون كإعلام لدخول وقت الصلاة.

يحتجون بأنه عندما نهتف الله أكبر فقد وضعنا الله سبحانه وتعالى فى مقارنة ما،بمعنى؛ أكبر ممن ؟وجوابى من القرآن الكريم:

عندما يقول الله تعالى:إقرأوربك الأكرم!! من حقى أيضا أن أتساءل :أكرم ممن؟

يقولون بما أن فى تعبير الله أكبرمقارنة فى الحجم فإذًا هناك تجسيم لله تعالى –غفرانك ربى-وأنا أجيبهم من القرآن الكريم:

عندما يقول الله تعالى: سبح اسم ربك الأعلى،أليس العلو أيضا تعبير عن المكان؟قد يعترضون بأن العلو هنا من الرفعة وأقول بأن التكبير ممكن أيضا أن يكون من الرفعة،أكبر مقاما مثلا.

يقولون بأن فى التعبير مقارنة بين العبد والرب،وأجيب من القرآن الكريم أيضا:

يقول الله تعالى:تبارك الله أحسن الخالقين،ويمكرون ويمكرالله والله خيرالماكرين،وقل رب اغفر وارحم وأنت خيرالراحمين،وإن الله لهو خير الرازقين،هذه الآيات لم تتضمن المقارنة والمفاضلة فقط بل تضمنت إضافة لفظ الجلالة إلى بعض من مخلوقات الله وهوتعبير أشمل وأعم من مجرد المفاضلة.

 

- هل شهادة أن محمدا رسول الله شرك؟

يقول تعالى فى سورة آل عمران: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴿٨٦﴾‏

(وشهدوا أن الرسول حق)أليس هذا إقرارا بجواز ِشهادة أن محمدا رسول الله؟

أعلم أن كلمة رسول فى الآية قد تعنى الرسالة-وهذاعندى هو الإحتمال الأقوى- ولكن هل يمكن اعتبار من رآها متعلقة بمحمد مشركا؟لاأعتقد ذلك فهو أيضا بنى قناعته على احتمالٍ وارد.

يقولون بأن تخصيص محمدا بالشهادة دون سائر الأنبياء يعتبر تفرقة بين الأنبياء الأمر الذى نهانا الله عنه والحقيقة أن النهى كان عن أن نؤمن ببعضهم ونكفر بالبعض الآخر ،يقول تعالى:

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴿٢٨٥﴾‏

فالآية تبدأ بالإيمان،أى نؤمن بهم جميعا دون تفرقة يؤيد ذلك ماجاء فى سورة النساء:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا ﴿١٥٠﴾‏،انظروا: نؤمن ببعض ونكفر ببعض،هذا هو المنهى عنه، ودليل آخر على أن التفرقة المنهى عنها تتعلق بالإيمان فقط أن الله تعالى هو الذى فرق بينهم فى الفضل ولسنا نحن،يقول الله تعالى فى سورة البقرة:تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض،وفى سورة الإسراء: وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ ۖ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴿٥٥﴾‏ وما كان الله لينبئنا بأمر ثم ينهانا عن الإيمان به،نعم ؛بعضهم أفضل من البعض الآخر؛ولو ساوينا بينهم تماما لكنا عصاة،(ولكن هذا لا يعنى أن نفضل رسولابعينه،هذا من شأنه تعالى).

 

  • الإختلاف فى عدد الصلوات المفروضة

(بداية - ينبغي العلم أن مفهوم سبح بحمد ربك يتضمن مفهوم الصلاة لله) .

هناك من اختزلوا الصلوات الخمس إلى صلاتين فقط ،وأقول:

يقول  تعالى : [ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين] البقرة 138

لاحظوا مجيء كلمة ( الصلوات ) بصيغة الجمع ، والجمع في اللغة يدل على ثلاثة على الأقل

إذا عدد الصلوات إما ثلاثة أو أكثر

وهناك من جعلهم ثلاث صلوات فقط،فلنر ما إذا كانوا ثلاثا أو أكثر:

 

- ذِكرصلوات الفجر والمغرب والعشاء

يقول تعالى:وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل

طرفى النهار هم الفجر والمغرب أما زلفا التى أتت بصيغة الجمع فتتضمن صلاة العشاء فى أى وقت من الليل .

قال تعالى : [ يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء .. ] النور 58

وهنا ذكر النص القرآنى صراحة : صلاتى الفجروالعشاء.

 

ذِكرصلاة العصر

يقول تعالى {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى }طه130

ذكر الله تعالى التسبيح قبل غروب الشمس،أليس هذاهو توقيت صلاة العصر؟

يقول تعالى:

يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴿٤١﴾‏ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٤٢﴾‏

ويقول جل شأنه:

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴿٣٦﴾‏ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴿٣٧﴾‏

فما هو وقت الأصيل؟أليس هو وقت صلاة العصر؟

 

ذكرصلاة الظهر

يقول تعالى:

فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴿١٧﴾‏ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴿١٨﴾‏  

فى هذه الآية جاء ذكر أوقات الصباح (الفجر)والظهيرة (الظهر) والمساء(المغرب) والعشى (العشاء)

ولكن مازالت هناك إشكالية حول صلاة الظهر

يتخذ معظم القرآنيين من الآية 57من سورة النور ذريعة لإبطال صلاة الظهر رغم أن الآية 18 من سورة الروم تأمر بحمدالله فى وقت الظهيرة،يقول تعالى: وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴿١٨﴾‏ كما ذكرْت

ورد هذه الشبهة كالآتى:

أولا-يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ۚ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٥٨﴾‏

أى أنه يجب الإستئذان فى ثلاثة أوقات؛قبل صلاة الفجر وحين وضع الثياب من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء.

فذكر الله تعالى صلاتى الفجر والعشاء ولم يذكر صلاة الظهر وهذا من الإعجاز القرآنى الذى أعرضوا عنه.

فى العادة معظم الناس يكونون نياما قبل الفجر وبعد العشاء،ولكن هل يقيل الجميع ظهرا؟ بالطبع لا،فشرط الإستئذان فى الظهيرة هو القيلولة،فمن العبث أن نستأذن أيقاظا .

لو قال الله من بعد صلاة الظهر لوجب استئذان كل من أدى هذه الصلاة سواء كان يقيل أم لم يكن وهذا يكون ضربا من العبث ننزه قرآننا عنه.

ثانيا،سياق الآية لم يكن للإخبار عن مواقيت الصلاة بل كان موضوعها الإستئذان،أى أن عدم ذكر صلاة الظهر لايعنى بالضرورةعدم وجودها.

ثالثا: بتدبر آية صلاة الخوف لابد أن تكون هناك صلاة نهارية لأن الحروب عادة تكون فى وضح النهارخصوصا أيام البعثة حيث لم تكن الوسائل الحربية الحديثة التى يستوى معها الليل والنهارقد وُجدت بعد ،ومن استطلاع المعارك التاريخية التى استمرت لأيام –القادسية كمثال –نجد أن المتقاتلين كانوا يتوقفون عن القتال عند غروب الشمس ليستأنفوه عند شروقها صبيحة اليوم التالى،فهل ترون أن اوقات الفجر والمغرب والعشاء كانت مناسبة لهذه الحروب؟أم أن وقت الظهيرة هو الأنسب؟

وهكذا يتضح ذكر الصلوات الخمس فى القرآن الكريم،فعلى المعترضين عليها أن يراجعوا قناعاتهم.

 

- ومنهم من يلغى الصلاة التعبدية الحركية وقد كتبت مقالا على صفحتى بعنوان الصلاة الحركية من جديد فندت فيه كل حججهم بحيث لايعترض على الصلاة الحركية إلامكابر. (رابط المقال أول تعليق)

 

- يعتبرون القرآن بيِّنا مبينا –وهو بالفعل كذلك-ولكنهم أضافوا أنه لايحتاج إلى قواميس ولاشروح لمعانى الكلمات بل إن الكلمة تُفهم من سياقها.

وأنا لاأفهم المقصود بهذا الكلام، إذا كنا بحاجة إلى القواميس والشروح لنفهم نصوصنا العادية فمابالك بالقرآن الكريم؟

إذا اعتبرنا الكلمة دالا فلابد كى نفهمها أن يكون لها مدلول سبق وقد رسخ فى أ ذهاننا ،فعندما نسمع أو نقرأ كلمة شمس مثلا فلابد أن نتخيل فورا هذا النجم بكل خصائصه وهكذا،ولكن إذا سمعنا كلمة لايوجد لها مدلول مخزون لدينا فلن نفهمها إلاإذا بحثنا عن مدلولها،وأذكر بعض الكلمات القرآنية التى لم أعرف مدلولها إلا من القواميس،على سبيل المثال-تسيمون-سامدون-سامرا-ضيزى-ذَنوب،وغيرها

وأنا أتفق معهم فى اختلاف معانى بعض الكلمات القرآنية عن مفهومها خارج القرآن الكريم (فمثلا التعزير فى القرآن هو النصرة بينما خارجه يعنى التأديب والأذى) .

 

- يرون عدم الإستعانة مطلقا بكل تدبرات السابقين ،وأقول مالايؤخذ كله لايترك كله،أعلم مدى التجاوز والهراء الموجود عند كثير من المفسرين،ولكن،ما قولكم فى أن البلاغة القرآنية وإيحاء الكلمات والتدبر العبقرى أراه متجليا فى تفسير الكشاف لجارالله محمود الزمخشرى المعتزلى ولقد تعلمت منه الكثير،وإذا كنت أستفيد من المتدبرين المعاصرين وعلى رأسهم دكتور صبحى منصور فلم أحرم نفسى من تدبر الفخرالرازى والزمخشرى وغيرهم، وكما قلت مالايؤخذ كله لايترك كله ولدينا عقول تمحص وتفند هذه الآثار تنتقى الصالح وترمى الطالح.

 

- وأخيرايرى بعضهم أن لكل مسلم الحق فى أن يجتهد ويتأول أحكام كتاب الله كما يروق له فهو لن يُحاسب أمام الله إلا بقدر ما يتكشف لعقله ،وهكذا من الممكن أن تتعدد المفاهيم بحسب قدرات العقول إلى ما لانهاية دون ضمان حد أدنى يتفق عليه الجميع.

من أجل ذلك كتبت هذا المقال ولاأزعم أننى قد أصبت،لذا أرجو ممن لهم القدرة على المشاركة بأرائهم أن يسهموا فى إثراء الموضوع بمفاهيمهم سواء كانت مؤيدة أو معارضة ، لأنه لابد من وجود منهاج موحد محدد يتفق عليه الجميع .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اجمالي القراءات 73

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (1)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأحد ٢٦ - أكتوبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً
[95859]

مقال ممتاز دكتور مصطفى


مقال ممتاز دكتور مصطفى.  أكرمكم الله وحفظكم ,ووجهة نظرى أن شبهاتهم جاءت نتيجة انهم يريدون أن يقولوا نحن هنا ايضا ولنا راى مختلف عن آراء من سبقونا فى البحث وتدبر القرءان...بمعنى أنها شبهات واختلافات ناتجة عن الانا...فلو زكوا انفسهم وطهروها ومشوا دبر ايات القرءان وتواصوا فيها فى الحق فلن تكون هناك خلافات ولا شبهات....



ربنا يهدينا جميعا لنور القرءان الكريم.



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2017-09-14
مقالات منشورة : 24
اجمالي القراءات : 122,621
تعليقات له : 486
تعليقات عليه : 51
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt