الاسلام مابين الابيض-والاسود
الإسلام - بين الأبيض والأسود.
لا أحب النظر إلى اللونين ،الأبيض والأسود ،دون رؤية الأطياف الأخرى بينهما، وكوني لا أؤمن بالتطرف ، لذلك أبحث دائما وأبدا عن الطيف الوسط بين اللونين. لكن في وضع الحركات الإسلامية اليوم. فأنني قد غيرت رأي وصرت انظر الى رؤية المسلمين للإسلام في هذا العصر, كما يقال في مصر العزيزة (يا ابيض ، يا اسود). قد يحتج البعض وهم كثر على قولي الإسلام في عنوان المقالة........،ليرُدَ عليَّ ...قائلاً: الإسلام هو الإسلام ،والمشكلة في المسلمين ،،نعم... لكنني أعتقد ان الإسلام كقيم معرفية وفكرية ، يتعامل مع الواقع لأنه دين جاء من السماء إلى الأرض ،فإذا كان الواقع متخلفاً ،أنتج رؤية إسلامية متخلفة والعكس هو الصحيح.
هذه المقدمة هي مدخل للمقارنة بين إسلام تركيا كنظام ،وإسلام طالبان(ومن يدور في فلكها) كحركة إسلامية دخلت التاريخ الإسلامي من أوسع الأبواب .... وأيضا سيرد على البعض بأنني قد أجحفت بحق ديني ،وعليَّ أن أقول... الحركة الإسلامية التركية ، والحركة الإسلامية (طالبان). أرد على هذه المقولات باعتقادي.... الإسلام كدين ومرجعيته القرآن الكريم.... هو وجود موضوعي مهما اختلفت التفسيرات والتأويلات ،وأشكال الحكم المختلفة.....وسيبقى هو الحق الى يوم الدين رضي من رضي به وكفر به من كفر .
تركيا دولة علمانية ،وهي الحالة الاستثنائية في العالم الإسلامي التي مارست الديمقراطية وأفرزت حكومة إسلامية بقيادة حزب العدالة والتنمية ،الذي يشكل نوعاً جديداً من الحركات الإسلامية الغريبة عن عالمنا الإسلامي من حيث توجهاتها العلمانية والديمقراطية . نستطيع القول أن حزب العدالة والتنمية أصبح يعتبر قدوة في تعامل الإسلاميين مع النظام العلماني والمدعوم من قبل المؤسسة العسكرية التي هي الضمان أيضاً لهذا النظام العلماني بغض النظر عن بعض المواقف المتشددة اتجاه مواضيع الحجاب وغيرها...والسؤال المطروح والهام... هل النظام العلماني هو النظام المثالي الذي أعطى الفرصة لحزب العدالة لكي يفوز بالانتخابات. أم أن مصداقية حزب العدالة هي التي أهلته للنجاح وحكم تركيا من خلال برنامج الحزب الذي أعتمد مبدأ الاعتدال (بدون نفاق) والمرونة مع الاحترام للأخر ،ونبذه كل أشكال العنف ، وكونه اجتهد للمصالحة بين الإسلام والحداثة، وسعى دائما وبشكل علمي في تحقيق الموائمة بين الإسلام والعلمانية( في دولنا العربية ،الحركات الإسلامية ،صنعت عدوا لها من بين أخوانهم في الوطن ، تهاجمه ليل نهار ... وهذا العدو هو" العلمانيون العرب"...حتى أني سمعت احد خطباء المساجد العلامة فلان المعتدل جداً ،يصف العلمانيين بالصعاليك). ولم تقف مرونة حزب العدالة عند هذا الحد ، فقد حققت قدر من الاندماج بين الإسلام والقومية والتعددية ،في إطار صبغة ديمقراطية ليبرالية ...الجواب هو في وجود العاملين .مؤسسة سلطوية تضمن حفظ الدستور العلماني ,وحركة إسلامية متنورة.
وقد نجح حزب العدالة أيضاً وهذا المهم ....بأنه أولى الاهتمام الكافي لمشاكل المجتمع التركي الكثيرة والمعقدة من خلال منظمات المجتمع المدني،وحقوق الإنسان والمؤسسات الخيرية , ووضع حلول مستقبلية لموضوع الأقليات ،بدون حرق المراحل....ونستطيع القول أن حزب العدالة حقق مصداقية كبيرة من خلال حكمه للفترة الأولى .حيث أثبت كفاءة نادرة في تحقيق برنامجه الانتخابي.. واستطاع خلال الفترة الأولى ، تحسين الوضع الاقتصادي في بلد سجل أعلى مستوى من مستويات التضخم ،و نسبة عالية من البطالة....فلم يكتفي بطرح الشعارات الطنانة ( مثل بعض الحكومات العربية جعجعة بدون طحين) .بل حقق الاستقرار الاقتصادي،والاجتماعي.... هذا الوضع كان العامل القوي في جذب الاستثمارات الأجنبية. وكان للاطمئنان الغربي للحكومة الإسلامية الدور الكبير في طرح مشروع كبير يهدف الى تصنيع تركيا ، حتى لا تكون دولة تابعة....وبدل من الذهاب الى الشرق (مشروع الثمانية الإسلاميين الكبار) أدخل تركيا الى أوثق تحالف مع الولايات المتحدة(بشروط تركية)، ويحاول جاهدا الدخول في مجموعة الاتحاد الأوربي.. بهدف تطوير بلاده اقتصاديا، وسياسيا واجتماعياً, لكي يلحق بركب الدول المتطورة. لقد استطاع الحكم الإسلامي في تركيا أن يمثل النموذج الذي يجب على كل الحركات الإسلامية دراسته والاستفادة من خبراته.....( مع كل أسف سدنة الإسلام السلفي والوهابي ،تتهم رجب طيب أوردغان ، بأنه لا يمثل الإسلام لمصافحته النساء...هذا هو المهم في دين السلفية والوهابية ,أما ماذا حقق لشعبه وأمته مع كل أسف لا يعنيهم بشيء....)
الإسلام الطالباني وحليفته (القاعدة) وبعض المنافقين من المعتدلين الإسلاميين وهم كثر . هو اللون الأسود من المعادلة . البرنامج السياسي. نختصره على الشكل التالي ... قتل ...تدمير ..خطف....ذبح... الشعار الأساسي هو الجهاد في سبيل قتل العالم "حتى يشهدوا ان لا إله إلا الله،وأن محمدا رسول الله" وبناء على ذلك ما عداهم , كل العالم دار حرب بما فيها الأنظمة العربية والإسلامية ". الهدف النهائي لهم الفوز بالجنة ولو على جثث الأبرياء" الغاية تبرر الواسطة"..همهم الوحيد إقامة دولة الراشدين ، بدون أمة راشدة... وإعادة الخلافة الإسلامية وتنصيب أمير المؤمنين حتى ولو على غزة المنكوبة، مرجعيتهم الفكر الأسود والظلامي من التراث الإسلامي والأحاديث المزعومة التي مجدت السلطة والسلطان.الفقر والجهل عندهم هي أمور مقدرة من رب العالمين فقط على الفقراء والمساكين أما الأغنياء والطفيليين الذين تغولوا في أموال الأمة وسرقوها ...أيضاً هي مقدرة لهم من رب العالمين. عدوهم الأول والأخير في مجتمعاتهم المرأة ....لا تخرج من بيت زوجها إلا الى القبر..... السلطة مرضهم الأول والأخير .
مابين الأبيض والأسود في تعامل المسلمين مع الإسلام هل يعقل أن نجد بعد ذلك أطيافاً أخرى؟ أني أشك في ذلك.
اجمالي القراءات
7094