آحمد صبحي منصور Ýí 2025-06-21
ف 2 / ب 2 : شبث بن ربعى : زعيم الخوارج : نموذج التناقض فى الولاءات
كتاب ( الخوارج تاريخيا ودينيا ) الباب الثانى : دين الخوارج .
مقدمة :
1 ـ الإله الأكبر للخلفاء الفاسقين هو المال والسُّلطة ، بها كانت فتوحاتهم ثم كانت حروبهم فى الفتنةالكبرى . العُقدة الكبرى للخوارج لم تكن المال ، كانت إحساسهم بإستغلال قريش لهم ، أى كان دينهم فى معارضة قريش ، جعلتهم قريش يقاتلون باسم الاسلام ، ثم حازت قريش المكاسب دونهم . أصبح دينهم هو القتل بكل إخلاص كطقس دينى حتى لو كان الضحايا أطفالا ونسوة ، ثم تفرقوا فى دينهم الدموى هذا . ولكن لا يصح التعميم . فهناك منهم من تباينت مواقفه .إنه (شبث بن ربعي بن حصين بن عثيم بن ربيعة بن زيد بن رِياح بن يربوع بن حنظلة التميمى ) .
2 ـ هو جندى من جنود الفتنة ، تاريخه يعبّر عن عشرات الألوف من الأعراب الصحابة المنافقين الذين وصفهم رب العزة بقوله (كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا ) النساء 91 ). كانوا كفارا ، فأسلموا ، ثم إرتدوا ، ثم عادوا الى الاسلام ، ثم صاروا من جنود الفتح ، ثم ثاروا على الخليفة عثمان ، ثم صاروا شيعة ل ( على ) ثم إنقلبوا عليه وصاروا خوارج . هذه قصة ( شبث بن ربعى ) ولكنه تميز بأنه غيّر موقفه بعدها ورجع الى (على ) ثم صار مع الأمويين ، وممّن خدع الحسين ودعاه الى القدوم الى الكوفة ثم صار من قادة جيش ابن زياد الذى قتل الحسين ، ثم تقلبت حياته مع المختار الثقفى ، واسهم فى القضاء على المختار ، وختم حياته تابعا لمصعب بن الزبير. حياة دموية حافلة بالتقلبات ، كان فيها يحمل سيفه يقاتل مع هذا أو ذاك لا يتأخر عن أى فتنة قريبة منه، حتى بلغ أرذل العمر ، ومات عام 70 فى ولاية مصعب بن الزبير على العراق .ونعطى عنه لمحة :
1 ـ بعد إسلامه شارك فى شبابه مع المرتدين ، وعمل مؤذنا لسجاح التى إدّعت النبوة . ثم عادت سجاح للاسلام وعاد معها شبث .
2 ـ شارك فى الفتوحات فى خلافة عمر بن الخطاب :بعد إخماد حركات الردة دعا أبو بكر ثم عمر الأعراب العائدين لسيطرة قريش الى الفتوحات ، فتوافد الأعراب الى المدينة فكان يبعثهم أبو بكر ثم عمر الى الفتوحات . وورد إسم شبث بن ربعى مع أبيه ( ربعى بن حصين ) ضمن هذه الوفود .جاء ربعى ومعه ابنه شبث الى عمر فأرسله بمن معه الى العراق مددا الى المثنى بن حارثة . يقول الطبرى ( وجاء ربعي في أناس من بني حنظلة فأمّره عليهم ، وسرحهم وخرجوا حتى قدم بهم على المثنى ، فرأس بعده ابنه شبث بن ربعي. ) . هذا أول ذكر لشبث فى الفتوحات .
3 ـ شبث فى الفتنة الكبرى ( الأولى ) مع ( على ) ضد معاوية . كان من أوائل الثائرين على فساد عثمان بن عفان ، ومن الطبيعى أن ينضم الى ( على ) فظهر إسمه واضحا وقتها . فى اواخر ذى الحجة ( الشهر الحرام ) عام 36 ، فى موقعة (صفين ) تقول الرواية : ( وجاء الناس حتى أتوا عسكرهم . فمكث ( علي ) يومين لا يرسل إلى معاوية أحدا ولا يرسل إليه معاوية. ثم إن (عليا ) دعا بشير بن عمرو بن محصن الأنصاري وسعيد بن قيس الهمداني وشبث بن ربعي التميمي، فقال : " ائتوا هذا الرجل فادعوه إلى الله وإلى الطاعة والجماعة . " فقال له شبث بن ربعي : " يا أمير المؤمنين ألا تطمعه في سلطان توليه إياه ومنزلة يكون له بها أثرة عندك إن هو بايعك ؟ " فقال علي : " ائتوه فالقوه واحتجوا عليه وانظروا ما رأيه . " ).أرسل (على ) وفدا للتفاوض مع معاوية ، يريد ( على ) أن يستجيب له معاوية بلا قيد ولا شرط بمجرد الوعظ . وكان شبث بن ربعى له رأى سياسى أفضل من رأى (على ) ، فنصح (عليا ) أن يعطى معاوية ولاية مقابل أن يبايع لعلى . ورفض ( على ) بعقليته التى تريد الاستحواذ على الكعكة كلها دون أن يعطى الآخرين مقابلا ، حتى لو كان هذا الغير منافسا له ومعه جيش وقوة عسكرية .وكان شبث ضمن الوفد الذى قابل معاوية ،ورفض معاوية دعوتهم وهددهم وعاملهم باحتقار. قال لهم : ( انصرفوا من عندي فإنه ليس بيني وبينكم إلا السيف وغضب وخرج القوم وشبث يقول أفعلينا تهول بالسيف أقسم بالله ليعجلن بها إليك فأتوا عليا وأخبروه بالذي كان من قوله وذلك في ذي الحجة . ) . وشارك شبث فى محاولات الصلح فى هدنة للحرب بين (على ) ومعاوية . وهددهم معاوية ، فقال له شبث بن ربعي " أتيناك فيما يصلحنا وإياك فأقبلت تضرب لنا الأمثال. دع ما لا ينتفع به من القول والفعل وأجبنا فيما يعمنا وإياك نفعه. " ..).
4 ـ شبث بن ربعى : يخرج على (على ) ثم يترك الخوارج ويعود الى (على ). بعد فشل التحكيم وخدعة عمرو بن العاص لأبى موسى الأشعرى ، خرج بعض أصحاب (على ) عليه ،فأصبحوا ( الخوارج ) الذين كفّروا عليا لأنه رضى بالتحكيم ، وطلبوا منه أن يعلن كفره وتوبته من التحكيم ، ورفض (على )، فأصبح يواجه عدوا جديدا . وكان ( شبث بن ربعى ) هو القائد الحربى للخوارج ، وقد انسحبوا الى حروراء ، فكان إسمهم (الحرورية ). . تقول الرواية عن خروجهم : ( خرجوا مع (علي ) إلى صفين وهم متوادون أحباء ، فرجعوا متباغضين أعداء ما برحوا من عسكرهم بصفين حتى فشا فيهم التحكيم ولقد أقبلوا يتدافعون الطريق كله ويتشاتمون ويضطربون بالسياط . يقول الخوارج يا أعداء الله أدهنتم في أمر الله عز وجل وحكمتم وقال الآخرون فارقتم إمامنا وفرقتم جماعتنا . فلما دخل علي الكوفة لم يدخلوا معه حتى أتوا حروراء فنزل بها منهم اثنا عشر ألفا ونادى مناديهم إن أمير القتال شبث بن ربعي التميمي وأمير الصلاة عبدالله بن الكواء اليشكري ).
5 ـ بايع شبث بن ربعى ( معاوية ) وعاد الى الكوفة . وصار معروفا أنه من كبار الشيعة فيها ، والذين كانوا يعارضون الوالى المغيرة بن أبى شعبة حين كان يأخذ فى لعن (على ) فى خطبة الجمعة ، وهى بدعة إبتدعها معاوية . وكان معاوية يسكت عنهم . وإختلفت سياسته عندما بدأ التخطيط لتوريث إبنه يزيد ، فعمل على التخلص من رؤساء الشيعة فى البداية وكان منهم شبث بن ربعى . فكان الايقاع بحُجر بن عدى الكندى وقتله مع أصحابه . أرسل معاوية الى واليه بالكوفة المغيرة بن أبى شعبة يقول له :( خذ زيادا وسليمان بن صرد وحجر بن عدي وشبث بن ربعي وابن الكواء وعمرو بن الحمق بالصلاة في الجماعة . فكانوا يحضرون معه في الصلاة . ) . أى سعى معاوية الى إكراههم على حضور صلاة الجمعة مع الوالى حتى يسمعوا لعن (على ) ، وكان منهم شبث بن ربعى . كان معاوية يتحرش بهم لإثارتهم . فكانوا يحضرون ، ويرفعون صوتهم بالاحتجاج على المغيرة عندما يبدأ بلعن (على ) . ويثور الشغب. ويسكت عنهم المغيرة . وبعد موت المغيرة تولى الكوفة ابن زياد وحكمها بالحديد والنار، وإعتقل حجر بن عدى وصحبه ، واشهد عليهم أنهم خلعوا الطاعة ورفعوا السلاح . وشهد بهذه الشهادة الزور جماعة من كبار أهل الكوفة كان منهم القاضى أبو بردة بن أبى موسى الأشعرى وآخرون من أشياع بنى أمية . تقول الرواية : ( ثم بعث زياد إلى أصحاب حجر حتى جمع اثني عشر رجلا في السجن ، ثم إنه دعا رؤوس الأرباع فقال اشهدوا على حجر بما رأيتم منه . وكان رؤوس الأرباع يومئذ : عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة ، وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان، وقيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة وكندة ، وأبو بردة بن أبي موسى على مذحج وأسد. فشهد هؤلاء الأربعة أن حجرا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا إلى حرب أمير المؤمنين وزعم أن هذا الأمر لا يصلح إلا في آل أبي طالب ووثب بالمصر وأخرج عامل أمير المؤمنين . ) وأراد زياد شهادات أكثر وشهودا أكثر ، وتذكر الرواية شبث بن ربعى ضمن أولئك عن الشهود الجُدُد : ( .. فشهد إسحاق بن طلحة بن عبيدالله... والسائب بن الأقرع الثقفي وشبث بن ربعي... )، وبهذه الشهادة الزور تم قتل حُجر بن عدى وأصحابه . فى هذا المشهد نرى تقلب شبث بن ربعى ، كان من الشيعة فلما رأى حزم ابن زياد غيّر موقفه الى النقيض وصار من أتباع معاوية .
6 ـ ولكن التحول الأبشع له كان فى ماساة كربلاء .
6 /1 : كان شبث ممّن دعا الحسين ليأتى الى الكوفة . تقول رواية الطبرى : ( وكتب شبث بن ربعي وحجار بن أبجر ويزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمير التميمي : " أما بعد فقد اخضر الجناب وأينعت الثمار وطمت الجمام فإذا شئت فاقدم على جند لك مجند والسلام عليك . ). وفوجىء الحسين فى كربلاء بأولئك الذين دعوه للمجىء هم الذين ينتظرونه بالسلاح لقتاله . تقول الرواية عن الحسين أنه نادى : ( فنادى: يا شبث بن ربعي! ويا حجار بن أبجر! ويا قيس بنالأشعث! ويا زيد بن الحارث! ألم تكتبوا إلي في القدوم عليكم؟ قالوا: لم نفعل. ثم قال: بلى فعلتم. ) .
6 / 2 : وقبل أن يأتى الحسين الى الكوفة أرسل ابن عمه مسلم بن عقيل ، وتكاثرت الشيعة حول ابن عقيل ، ولكن تحرك عبيد الله بن زياد بسرعة ، فالتقى برؤساء العشائر فى الكوفة يخوفهم ويمنيهم حتى إنضموا اليه وضغطوا على أهاليهم فإنفضوا من حول مسلم بن عقيل . وكان شبث بن ربعى ممّن إستجاب لعبيد الله بن زياد . تقول الرواية : ( ودعا عبيدالله كثير بن شهاب بن الحصين الحارثي فأمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج فيسير بالكوفة ويخذل الناس عن ابن عقيل ويخوفهم الحرب ويحذرهم عقوبة السلطان وأمر محمد بن الأشعث أن يخرج فيمن أطاعه من كندة وحضرموت فيرفع راية أمان لمن جاءه من الناس وقال مثل ذلك للقعقاع بن شور الذهلي وشبث بن ربعي التميمي ) . أكثر من ذلك ، صار شبث أحد قواد ابن زياد ، تقول الرواية : ( وعقد لشبث بن ربعي لواء فأخرجه ). وأخلص شبث بن ربعى فى قتال مسلم بن عقيل ،تقول الرواية : ( أن المختار بن أبي عبيد وعبدالله بن الحارث بن نوفل كانا خرجا مع مسلم ، خرج المختار براية خضراء وخرج عبدالله براية حمراء وعليه ثياب حمر.... وإن ابن الأشعث والقعقاع بن شور وشبث بن ربعي قاتلوا مسلما وأصحابه عشية سار مسلم إلى قصر ابن زياد قتالا شديدا، وأن شبثا جعل يقول انتظروا بهم الليل يتفرقوا . ) .
6 / 3 ـ وأخرج ابن زياد جيشا لمواجهة الحسين ، يقوده عمر بن سعد بن وقاص ، وكان شبث بن ربعى قائدا على الرجّالة ، تقول الرواية عن قادة الجيش : ( وعلى الرجال شبث بن ربعي الرياحي ). وامر قائد الجيش عمر بن سعد بن وقاص ( شبث ) أن يهاجم الحسين برجالته بالنبل ، فرفض شبث وقال : ( سبحان الله أتعمد إلى شيخ مضر وأهل المصر عامة تبعثه في الرماة ؟ لم تجد من تندب لهذا ويجزئ عنك غيري ؟ ). وكان شبث كارها لمشاركته فى قتال الحسين مع مشاركته الفعلية فى القتال . تقول الرواية : ( وما زالوا يرون من شبث الكراهة لقتاله . ) ووضح هذا فى مواقف أخرى له فى المعركة . أراد شمر بن ذى الجوشن أن يحرق فسطاط الحسين ومن فيه من نساء الحسين ، تقول الرواية : ( وحمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين برمحه ونادى علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله قال فصاح النساء وخرجن من الفسطاط قال وصاح به الحسين يابن ذي الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي حرقك الله بالنار) وتدخل شبث بن ربعى فقال لابن ذى الجوشن : (ما رأيت مقالا أسوأ من قولك ولا موقفا أقبح من موقفك أمرعبا للنساء صرت ؟ .! ).
6 / 4 ـ وظل ضمير شبث يعذبه على جريمته فى كربلاء . تقول الرواية : ( وقال أبو زهير العبسي فأنا سمعته في إمارة مصعب يقول :" لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرا أبدا ولا يسددهم لرشد . ألا تعجبون إنا قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده آل أبي سفيان خمس سنين ، ثم عدونا على ابنه ، وهو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية وابن سمية الزانية. ضلال يا لك من ضلال . !!)
7 ـ شبث بن ربعى مع ابن الزبير ضد المختار : إنضم شبث الى ابن مطيع والى ابن الزبير ضد المختار بن أبى عبيدة الثقفى . والتفصيلات هنا كثيرة ومُملة ، وتنتهى بهزيمة ابن مطيع وهروبه من الكوفة . وانضم شبث الى المختار ليحمى نفسه ، وحين تتبع المختار قتلة الحسين تحارب معه شبث ، واسهم شبث فى هزيمة المختار بفضح مخاريق ومزاعم المختار عن التابوت الذى كان المختار يزعم أنه يستنصر به ، ثم وجد شبث بُغيته مع مصعب بن الزبير، فعمل على جذب خصوم المختار الى معسكر مصعب .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور ) https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5221 |
اجمالي القراءات | : | 61,566,680 |
تعليقات له | : | 5,495 |
تعليقات عليه | : | 14,893 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
ف2 ب 2 : شبث بن ربعى : زعيم الخوارج ، وزعيم التنقلب فى المواقف
ف 1 : بين الاعرب / الخوارج وقريش
ف 5 : وقائع الخوارج فى الفتنة الكبرى الثانية ( 61 : 73 هجرية)
دعوة للتبرع
أفضل الدعاء: السلا م عليكم و رحمة الله وبركا ته عندي سؤال...
عذاب البرزخ: انت تقول ان النار لم تخلق بعد ....كيف ..وال فرعون...
اربعة أسئلة : السؤ ال الأول : من الاست اذ كريم الأند لسى ...
الإجهاض والعدّة: أنا رجل طلقت امرأت ي وهي حامل في شهرها...
الصحابة: لماذا تهاجم صحابة رسول الله صلى الله عليه...
more