الفضائيات الإخبارية المشرقية و قضايا المغرب الجوهرية اية مقاربات أيديولوجية ؟

مهدي مالك Ýí 2024-09-14


 

 

 

الفضائيات الإخبارية المشرقية و قضايا المغرب الجوهرية اية مقاربات أيديولوجية ؟

مقدمة متواضعة                          

ان الدولة المغربية منذ سنة 1956 قدمت أوراق اعتمادها لدى المشرق العربي باعتبارها دولة عربية إسلامية خالصة منذ ما يسمى بالفتح الإسلامي المبارك على يد الدولة الاموية المجيدة بهدف اخراج الناس من الظلمات الى النور كما يقال في خطابنا الديني الرسمي الى حدود الان.....

المزيد مثل هذا المقال :

 و يقال في خطاب ما يسمى بالحركة الإسلامية المغربية منذ أوائل ستينات القرن الماضي الى حدود يوم الناس هذا بدون أي خجل او حياء حيث اننا نرى الان ان شيوخ الوهابية الجدد هنا في ديارنا السوسية يقدسون تقديسا خالصا لما يسمى عندهم بسلف الامة الصالح الذين جاءوا لاجدادنا بالدين الإسلامي القويم و بالحضارة الإسلامية الخ من  هذه الاخبار الكاذبة جملة و تفصيلا لان الدولة الاموية الفاجرة في عز النهار امام الملا قد جاءت الى بلادنا الشريفة و العريقة في الحضارة و في الديانات الابراهيمية الثلاث قصد الاحتلال و القهر و وطء النساء و البنات في فروجهن أي السبي او الاغتصاب بلغة عصرنا الحالي و ارسالهن الى الخليفة بدمشق ليس لدعوتهن الى الإسلام و الى قيمه الرفيعة.

 و انما لاجبارهن على ممارسة التلدد و الجنس مع خليفة المسلمين وقتها بمباركة الفقهاء تحت ذريعة تفسيرهم لايات ملك اليمين علما ان الإسلام قد جاء لتحرير الإنسانية من اغلال العبودية و الرق غير ان الفقهاء وقتها قد وجدوا نسق الدولة الاموية الاستبدادي بالحديد و بالنار فاجتهدوا على ضوء تلك الأرضية المعرفية المتوفرة آنذاك حسب ما فهمته في كتب المرحوم الأستاذ محمد شحرور  ......

و من هذا المنطلق التاريخي ندرك محرك ثورة اجدادنا الامازيغيين ضد اعراب بني امية في سنة 740 ميلادية الموافقة لسنة 123 هجرية حيث كان هذا المحرك هو الظلم و القهر و انتهاك حرمات بيوت الامازيغ فالرجل منا يموت من اجل صيانة شرفه و ارضه فكان انتصار اجدادنا في معركة الاشراف على هؤلاء الغزاة ثم طردهم نهائيا من بلادنا الامازيغية الإسلامية بفضل  ايمان أبناء هذه البلاد برسالة الإسلامية الحقيقية و الخالدة بالتجديد و بالتطور و بالتطوير ..............

 

و منذ ذلك الوقت الى حدود سنة 1956 تمتع المغرب بالاستقلال السياسي و الديني عن المشرق العربي كنظام سياسي يسمى بدولة الخلافة المسماة بالاسلامية و التي سقطت في عشرينات القرن الماضي ........

و بفضل هذا الاستقلال استطاع أبناء هذه البلاد تأسيس اماراتهم و دولهم انطلاقا من مرجعيتهم الامازيغية الإسلامية أي العرف الامازيغي و الشرع الإسلامي في التعايش التام و لا يمنع هذا من حدوث استثناءات لان الكمال لله وجده لا شريك له في الملك...

الى صلب الموضوع                                

لكن بعد سنة 1956 اصبح المغرب يقدم باعتباره دولة عربية إسلامية بفضل التحالف بين المخزن التقليدي و الحركة الوطنية أي العائلات ذات الاصول الاندلسية و المقيمة في مدن فاس و الرباط و سلا من اجل بناء هوية دولة  الحرية و الاستقلال على اساس الشعار الخالد الا و هو العروبة و الإسلام الذي يتردد بين السلفية الوطنية كما تسمى و الوهابية المتوحشة ...............

و انطلاقا من هذه المعطيات فاهتم اعلامنا السمعي البصري و الجرائد الحزبية بقضايا الشرق الأوسط السياسية و الأيديولوجية منذ سنة 1956 ..

لقد فتحت عيناي في أوائل تسعينات القرن الماضي على حرب الخليج الثانية و على الصراع العربي الإسرائيلي حيث كنا مازلنا نعيش في مدينة الدار البيضاء..

لقد كنت أرى اهتمام الوالدين البالغ بسماع الاخبار من المذياع في كل صباح و خصوصا إذاعة البحر الأبيض المتوسط ميد1 و في المساء مع نشرة الاخبار الرئيسية بالتلفزة المغربية كاية اسرة مغربية كانت تسكن في المدن الكبرى آنذاك و اما في الهوامش الامازيغية وقتها كانت تعيش على الهامش بما يحمله هذا المصطلح من المعاني العميقة حيث  اتصل بي الأستاذ الصديق دون ذكر اسمه  عبر الفيس من قريته نواحي منطقة اجدير بالاطلس المتوسط قبل أيام فقط يقول لي ما يفيد ان قريته مازالت على الهامش و العاقل سيدرك  كلامي هذا...

  ان ذلك السياق التاريخي أي تسعينات القرن الماضي كانت الدولة المغربية تحاول التعريب السياسي و الأيديولوجي للشعب المغربي من خلال ربطه بقضايا الشرق الأوسط مثل القضية الفلسطينية على الصعيد القومي و على الصعيد الاسلامي علما ان الراحل الحسن الثاني قد استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي استقبال رسمي سنة 1986 و سعى هذا الأخير الى إحلال السلام بين الفلسطينيين و الإسرائيليين وقتها أي في منتصف ثمانينات القرن الماضي أي في عز الحرب بين الطرفين ..

لكن السلطة قد حافظت على سيادة القضية الفلسطينية وقتها في نشرات الاخبار و البرامج الحوارية كانها قضية وطنية مثل قضية وحدتنا الترابية بل اكثر منها أحيانا حيث انني لست صهيوني على الاطلاق رغم انني أتمنى زيارة إسرائيل للصلاة في المسجد الأقصى الخ.......

انني أتساءل السؤال التالي ما الذي ربحه المغرب من دفاعه عن قضايا المشرق العربي عموما و القضية الفلسطينية خصوصا منذ سنة 1956 الى الان ؟

و سارد على سؤالي هذا المتواضع بالقول لا شيء سواء المزيد من التخلف و التطرف الديني و ضياع عقود من الزمان دون تنظيم سياسي ينطلق من المرجعية الامازيغية الإسلامية كما اسميها ....

لكنني بالمقابل اجد من الضروري هنا ان اعبر عن استنكاري الشديد لما يجري في قطاع غزة من جرائم الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في حق المدنيين من الأطفال و النساء منذ شهور عديدة لان اي انسان له عقل و قلب في هذا العالم سيتساءل العديد من الأسئلة الجوهرية من قبيل اين شعارات الغرب المسيحي مثل حقوق الانسان و ضمان الكرامة الإنسانية الخ من هذه الأسئلة الجوهرية.....

و نتنقل الى الفضائيات الإخبارية المشرقية التي ظهرت في منتصف التسعينات من القرن الماضي كبديل عن القنوات التلفزيونية الرسمية في ما يسمى بالعالم العربي او الوطن العربي حيث ان قناة الجزيرة في قطر تعتبر فريدة من نوعها آنذاك كفضاء للراي و الراي الاخر في شتى المواضيع و القضايا لكن هذه الخصوصية تراجعت مع مرور الأعوام و الاحداث لصالح جماعة الاخوان المسلمين بوضوح بعد ثورات الربيع الديمقراطي .

و يعتبر المغرب آنذاك أي في متنصف التسعينات لاعب كبير على الصعيد الإقليمي و يقود ملكه لجنة القدس الخ ..

لقد اتصلت قناة الجزيرة  بالاستاذ حسن اد بلقاسم بصفته رئيس جمعية تاماينوت الامازيغية للمشاركة في برنامج الاتجاه المعاكس بالدوحة مع قومي ليبي  في صيف سنة 1998 حيث كان موضوع النقاش هو المسالة الثقافية الامازيغية كما طرحت في المغرب وقتها

 و لا اظن ان المشرق العربي كان يهتم بالمسالة الثقافية الامازيغية على الاطلاق لان دولتنا المغربية آنذاك مازالت تتجاهل بشكل كلي  وجود الامازيغية على ارضها  ....

و في صيف سنة 2000 بثت قناة الجزيرة برنامج تحقيقي  حول المسالة الثقافية الامازيغية بالمغرب في ظل العهد الجديد بطبيعة الحال ......

و في ابريل 2004 بثت قناة الجزيرة تحقيق مصور حول الإنجاز التاريخي الذي قام به سيدي الحسين جهادي اباعمران الا و هو ترجمة معاني القران الكريم الى اللغة الامازيغية منذ القرن الثاني الهجري في عهد الدولة البرغواطية المنسية نهائيا في تاريخنا الرسمي .........

ان الجميل في ذلك التحقيق المصور هو ابراز ان 60 في المائة من المغاربة هم امازيغ و اظهار ان هذا العمل الأصيل هو مجهود فردي خالص قد استغرق 12 سنة دون أي دعم من طرف الدولة المغربية عبر وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية او من طرف الحركة المسماة بالاسلامية ببلادنا رغم ان ذلك التحقيق قد اخذ راي الإسلاميين في شخص الأمين العام لحزب العدالة و التنمية آنذاك أي الأستاذ سعد الدين العثماني الذي كان إيجابي الى حد كبير و اظهار سبق اجدادنا الامازيغيين الى ترجمة معاني كتاب الله العظيم الى لغتهم الجميلة بعد طردهم للغزاة العرب من المغرب نهائيا وقتها و تولي أصحاب هذه الأرض الأصليين تسيير شؤون بلادهم و مجتمعهم انطلاقا من مرجعيتهم الامازيغية الاسلامية  ....

و على العموم فان قناة الجزيرة قد تعاملت مع القضية الامازيغية بإيجابية كبيرة حيث استضفت المرحوم الأستاذ احمد الدغرني عدة مرات للحديث عن حقوق الامازيغيين السياسية خصوصا بعد ابطال وزارة الداخلية للحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي سنة 2008 لكن تبقى قناة الجزيرة ذات الأيديولوجية القومية و الاخوانية بعد ذلك..

ان المغرب له قضية مقدسة منذ سنة 1975 و هي محل الاجماع الوطني من جميع الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني و الحركة الامازيغية بطبيعة الحال و هذه القضية المقدسة هي قضية الصحراء المغربية التي بدات منذ سنة 1973 بتاسيس جبهة البوليساريو الانفصالية عن المغرب على أساس القومية العربية الأجنبية و  الموجودة آنذاك بالجامعات المغربية بالقوة بفعل تبني الدولة المغربية لقضايا الشرق الأوسط للتعريب الهوياتي و السياسي للشعب المغربي وقتها ..

فان قناة الجزيرة كقناة إخبارية مشرقية قد تعاملت بخبث كبير مع قضية المغاربة المقدسة حيث كم من مرة استضافت هذه القناة قيادات هذه الجبهة الانفصالية في برامج مطولة حيث شاهدت في صيف سنة 2022 فيديو لاحد برامجها تحت ذريعة الراي و الراي الاخر رغم ان المغرب الرسمي ظل عقود طويلة يناصر قضية فلسطين العادلة  و يعتبرها في مقام قضية وطنية مثل قضية الصحراء المغربية على اية حال......

لكن هذه القناة قد تصرفت بخبث كبير عندما ظهر مشكل اكديم ازيك في نونبر 2010 دون الدخول في التفاصيل المعروفة لدى المغاربة حيث ناصرت هؤلاء الانفصالين بشكل مفضوح و علاني لان الفضائيات من هذا الطابع الاخباري المشرقي تحاول مناصرة ايديولوجياتها أي القومية العربية و الإسلام السياسي بدون أي اعتبار لوحدة الدول المسماة بالعربية الوطنية و الترابية..

 و بالإضافة الى الفصائل القومية الفلسطينية تتعاطف مع جبهة البوليساريو منذ عقود من الزمان بدون ادنى شك و لهذا قرر المغرب استئناف علاقاته الديبلوماسية مع إسرائيل بايعاز من الإدارة الامريكية في دجنبر 2020 لضمان مصالحه السياسية و الاقتصادية لأول مرة منذ سنة 1956 بدون اي تبخيس للقضية الفلسطينية الإنسانية و الإسلامية بالنسبة لي على اقل ...................

تحرير المهدي مالك

 

اجمالي القراءات 479

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-12-04
مقالات منشورة : 280
اجمالي القراءات : 1,375,874
تعليقات له : 27
تعليقات عليه : 29
بلد الميلاد : Morocco
بلد الاقامة : Morocco