سؤال الفضائيات الدينية المشرقية بين المقاربات الأيديولوجية و المقاربات الاجتماعية ببلادنا ؟

مقدمة مطولة                                                

باعتباري ابن الثقافة الامازيغية الإسلامية بمنطقة سوس الكبير و باعتباري قد انخرطت في ما اسميه بالتنوير الإسلامي  رسميا منذ 2016  من خلال نشر مقالاتي المتواضعة في موقع اهل القران بالولايات المتحدة الامريكية الذي يديره الأستاذ احمد صبحي منصور المعروف بتياره القراني أي القران الكريم و كفى كاتجاه محترم بين اتجاهات التنوير الإسلامي المتواجدة داخل العالم الإسلامي او داخل الغرب المسيحي على حد السواء ..

ان سبب ظهور هذه الاتجاهات التنويرية منذ ازيد من قرن من الزمان بمصر تحديدا هو سبب يتعلق بسيادة التاويل السلفي للدين الإسلامي و المتربط بدولة الخلافة الإسلامية بالمشرق العربي على الخصوص منذ العهد الاموي الى سنة 1923 أي تاريخ سقوط الخلافة العثمانية في تركيا بفعل كمال اتاتورك الذي كان متطرف اشد التطرف تجاه الدين الإسلامي الخ..

لكن  هناك من يقول عكس كلامي هذا تماما لان التاويل السلفي او الوهابي للاسلام لا يمكنه على الاطلاق انتاج أي بديل معاصر للدولة الحديثة و مؤسساتها من قبيل البرلمان و منظمات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية الخ و لا يمكنه على الاطلاق انتاج أي بديل معاصر لاي مجتمع إسلامي حديث من ناحية مفاهيم حقوق الانسان عموما و حقوق المراة خصوصا و التعددية بمعناها الديني و الثقافي و حتى المذهبي الخ أي ان هذا التاويل السلبي لديننا الإسلامي الحنيف قد اغلق كل منافد التجديد و التحديث انطلاقا من الدين الإسلامي نفسه طيلة 14 قرنا مع التفاعل الإيجابي مع العقلانية مع فرق مثل المعتزلة على سبيل المثال لا حصر..

ان من مبررات التاويل السلفي او الوهابي للاسلام الكثيرة لرفض التجديد او التحديث في فكرنا الإسلامي هي مبررات التشبث بما يسمى بالسلف الصالح أي القرون الثلاثة الأولى من الإسلام بسيف التكفير او التهديد بالقتل او إدخاله الى خانة الالحاد الخ .

لكن فكرة التشبث بالسلف الصالح هي فكرة خطيرة للغاية جعلت الإسلام دينا للماضي فقط و ليس دينا الحاضر او المستقبل حيث ان المسلم المعاصر لا يمكنه اعمال عقله لااخراج تفسير جديد للقران الكريم على ضوء العلوم الإنسانية   و على ضوء نشوء الدولة الحديثة في شمال افريقيا و في الشرق الأوسط منذ خمسينات القرن الماضي ...

و بتقديري الخاص ان الرسول الاكرم قد اجتهد كثيرا وفق الأرضية المعرفية لعصره بهدف الانتقال من الأحادية القروية مع تعدد الاهة الى التعددية المدنية حيث ساشرح نظرية المرحوم الدكتور محمد شحرور القائمة على ان مكة المكرمة تعد ام القرى كما سماها الله في كتابه العزيز أي مكان للاحادية القروية في السلوك الواعي مع تعدد الارباب و الاهة قبل الإسلام لكن بعد الإسلام أصبحت مكة المكرمة مكان للاحادية في السلوك الواعي لعبادة الله الوالد لا شريك له الملك و الحكم. 

اما يثرب او المدينة المنورة فهي مكان للتعددية المدنية مع عبارة الاه الوالد حيث ان التعددية هي سنة من سنن الله في الكون الى جانب التطور و التطوير  في الأشياء و في الانسان نفسه باعتباره خليفة الله في الأرض حيث لا يمكن ان نتصور هذه الأرض بدون وجود هذه السنن الناظمة .

اما المدنية فهي من المدينة كمجال واسع  للعيش المشترك بين مختلف الديانات و الثقافات كما حدث في المدينة المنورة حيث وضع الرسول الاكرم اول دستور مدني او وضعي في الإسلام أي صحيفة المدينة التي وضعت بنود لتنظيم العلاقات بين المسلمين المجاهرين و الأنصار و اليهود باعتبارهم السكان الأصليين في يثرب بمعنى ان الإسلام بشروط تلك المرحلة التاريخية قد شكل قفزة معرفية من الأحادية القروية أي الجاهلية ادا تريدون الى التعددية المدنية في مدينة الرسول الاكرم عليه الصلاة و السلام..

و اجتهد الخلفاء الراشدون من بعده بقدر المستطاع  في وسط يحن الى الجاهلية و الى العنصرية و الى السبي الخ...

لقد وقعت الفتنة الكبرى بين المسلمين الخ من هذه الاحداث المؤسفة ثم انطلق عهد الفجور و الفسوق مع دولة بني امية المارقة بالنسبة لي باعتبارها ارتكبت جرائم عظمى يشيب الرضيع لمجرد ذكرها من قبيل لعن الامام علي بن طالب من  اعلى منابر الجمعة و اقحام مدينة الرسول الاكرم و اغتصاب نساء الصحابة كانهن عاهرات في حانات المجون و شرب الخمر حتى السكر العلاني و رمي الكعبة المشرفة باعتبارها بيت الله الحرام في بلد الله الحرام بالمجانق كما يتحدث كتب التاريخ الإسلامي باسهاب كبير و لست انا باعتباري سليل الأجداد الامازيغيين الذين قاوموا هؤلاء الفجار الحقيقيين و لم يقاوموا اطلاقا رسالة الإسلام الحقيقية .

و بالتالي فان القرون الثلاثة الأولى من الإسلام و المفضلة عند الرسول الاكرم حسب ما تقوله الاحاديث المنسوبة اليه علما ان الغيب لا يعلمه الا الله فقط و علم الساعة لا يعلمها الا الله سبحانها و تعالى بدليل ايات كثيرة من القران الكريم قد تحدثت عن هذا المعنى...

ان هذه القرون ليست كلها مقدسة الا قرن رسولنا الاكرم بالدرجة الأولى ثم عهد الخلفاء الراشدون بدرجة اقل من ذلك حسب تقديري بكل التواضع لانني مجرد طالب لدى مدارس التنوير الإسلامي المختلفة مع انتمائي الراسخ الى الإسلام الامازيغي الذي تركه الأجداد لنا ................

الى صلب الموضوع                                                 

منذ أواخر تسعينات القرن الماضي ظهرت أولى الفضائيات الدينية المشرقية  في السعودية بطبيعة الحال باعتبارها تحتضن اقدس مقدسات الإسلام أي المسجد الحرام بمكة المكرمة و المسجد النبوي بالمدينة المنورة و باعتبارها صاحبة المذهب الوهابي القروي و الأحادي في السلوك التخريبي باسم الإسلام و حضاراته المختلفة  عبر جغرافية افريقيا الشمالية و جنوب الصحراء الافريقية و الشرق الأوسط الخ بمعنى ان الوهابية المتوحشة أصبحت تمثل الاصالة الإسلامية في العالم باسره منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي لمواجهة قيام الثورة الإسلامية في ايران الفارسية   .

ان السعودية ظلت تدعم تيارات الإسلام السياسي و الجهادي سرا او جهران امام العالم مثل حركة الطالبان بافغانستان من خلال الاعتراف بها سنة 1996 على ما اظنه .

ان الفضائيات الدينية المشرقية هي عبارة عن فضاء للقران الكريم و هو امر مطلوب لدى جميع المسلمين و فضاء للسنة النبوية الصحيحة  و هو امر مطلوب لدى جميع المسلمين رغم من النقاشات حولها و إمكانية العمل بها في حياتنا العامة و الخاصة حيث يرى المرحوم محمد شحرور ان كل فعله الرسول الاكرم  في شؤون السياسة و الحرب على الخصوص ليس تشريعا لما بعده الى يوم القيامة بل هو اجتهاد ظرفي خاضع للأرضية المعرفية للقرن السابع الميلادي و هذه وجهة نظر الرائع محمد شحرور رحمه الله الا انني اعتقد ان الرسول الاكرم قد اعطى إشارات واضحة ان الدين الإسلامي يقبل المدنية من خلال صحيفة المدينة كما شرحته سابقا..

 لكن تيارات الإسلام السياسي منذ سنة 1928 كانت ترفض الديمقراطية و المدنية الخ من هذه المفاهيم الغربية حسب منظور هذه التيارات التي جاءت أصلا لاعادة إقامة دولة الخلافة او على اقل تطبيق الشريعة الإسلامية كما حدث في السعودية بعد تاسيسها سنة 1932 ...

و من هذا المنطلق بدات الفضائيات الدينية المشرقية  تربي المسلمين على قيم الوهابية باعتبارها تمثل الاصالة الإسلامية من قبيل الولاء و البراء و من قبيل الفرقة الناجية أي 70 فرقة كلها في النار الا الفرقة الناجية أي اتباع مذهب الشيخ محمد عبد  الوهاب حسب ما جاء في حديث منسوب للرسول الاكرم كانه كان يعلم الغيب و لا يعلم الغيب الا الله سبحانه و تعالى ..

 و من قبيل اللباس الافغاني للمراة المسلمة مع كامل احترامي الشديد للحرية الفردية للنساء غير اننا نتوفر تراثنا الأصيل من الملابس التي تحترم الوقار او الاحترام بدون أي نقاب علما اننا مجتمع مفتوح على التاثيرات الغربية أي الملابس العصرية للنساء و للرجال على حد السواء منذ الاستقلال ادا قبلنا هذا المعطى ام لم نقبله.....

 و بالإضافة الى وضع مجموعة من القيود حولها مثل منعها من الخروج للعمل و لقيادة السيارة في السعودية لعقود من الزمان  .

ثم ان هذه الفضائيات تريد فرض النمط الوهابي في التدين و تكفير الأنماط

 الأخرى من التدين الموجودة في شمال افريقيا و في جنوب الصحراء الافريقية أصلا بفضل عمل اجدادنا الامازيغيين العظيم من قبيل انتشار الطرق الصوفية و إقامة المواسم الدينية الخ من مظاهر اسلامنا الامازيغي السمح و الوسطي علما انني لا اعتقد بوجود ما يسمى بالكرامات لد ى أولياء الله الصالحين فقط...

اما التدين الوهابي فانه يحرم كل شيء في الحياة كاستمتاع بالموسيقى و الرفص عليها كما افعل حيث ارقص  على ركيتي منذ طفولتي الى الان مع التزامي بالصلوات الخمس و قراءة حزب من القران العظيم في صباح كل يوم الجمعة في الحاسوب أي الموازنة بين حاجات الانسان الدينية و الترفيهية هو امر مطلوب بالنسبة  لي شخصيا.......

ان مقاربات المجتمع المغربي إزاء الفضائيات الدينية المشرقية تختلف حسب الانتماءات الأيديولوجية للمشرق العربي دينيا مثل الوهابية و الاخوان المسلمين قبل صراعهما بسبب انقلاب العسكر بمصر على حكم الاخوان المسلمين صيف 2013 حيث اعتبر هذا الطرف ان هذه الفضائية هي جنة المؤمن الصالح حيث يتعلم اركان دينه و اذابه من قبيل عدم السلام على المراة الأجنبية باليد فقط.

و بينما في  عز دولة الخلافة يحق للرجال شراء الجواري من أسواق النخاسة للاستمتاع بهن في الفراش بدون أي زواج أصلا  و في عز الظهر لان أسواق النخاسة لم تكن سرية في الليل بل كانت علانية باذن من الخليفة نفسه و هكذا كان السلف الصالح مع تطبيق الشريعة الإسلامية .............

و بين الانتماءات الأيديولوجية للمشرق العربي عرقيا أي القومية العربية عبر حزب البعث الحاكم الى حد الان بسوريا رغم حدوث ثورة عارمة بدعم ضخم من طرف الدول الخليجية و من طرف تيارات الإسلام السياسي  أي حزب العبث له حساب ثقيل و قديم مع هذه الدول و هذه التيارات المسماة بالاسلامية بغض النظر الى مواقف حزب العبث و ما رواءه ايران السلبية من قضية الوحدة الترابية لبلادنا أي الصحراء الغربية المغربية الامازيغية من طبيعة الحال.

و خلاصة القول ان الفضائيات الدينية المشرقية لم تاتي باي جديد مادام ان المغرب الرسمي قد سمح بدخول الوهابية المتوحشة الى بلادنا ابتداء من سنة 1979 كخطا خطير مستمر الى حد الان كما يعلم الجميع لان الاشكال اليوم هو ان الدولة عبر وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية تسمح بحرية التعبير المطلقة لهؤلاء الوهابيين الدخلاء في منطقة سوس الكبير ان يقولون ما شاءوا تجاه كل ما يتعلق بالامازيغية كلغة و كثقافة و كحركة مدنية داخل وسائل التواصل الاجتماعي كموضوع سارجع اليه ضمن هذه المقالات القادمة انشاء الله.............

المهدي مالك