هل كانت مريم راهبة،وهل يجوز أن تقوم النساء على خدمة بيوت الله ؟
هل كانت مريم راهبة،وهل يجوز أن تقوم النساء على خدمة بيوت الله ؟
سؤال مهم ناتج عن منشورلأحد الإخوة الكرام : يقول الأخ الكريم صاحب السؤال :
هل مريم عليها السلام كانت راهبة ، وهل في الإسلام رهبنة أو رهبانية ، وهل يجوز أن تعمل النساء في خدمة بيوت الله والمساجد ؟؟
==
التعقيب :
أولا : سيكون تعقيبى من خلال وجهة نظر قرءانية إسلامية ولا علاقة لها بإيمان وعقيدة إخوتنا المسيحيين ،فأتمنى ألا أجد تعقيبات من أحدهم لا يعرف القرءان ولا ما فيه من حقائق عن مريم عليها السلام ويُجادلنا فيه دون علم .
ثانيا ::
من خلال ما أفهمه من حقائق قرءانية عن (بنى إسرائيل )عموما وعن (آل عمران ) وعن (مريم والمسيح عيسى بن مريم عليهما السلام ) أقول ::
بنى إسرائيل هم أبناء وذرية وأحفاد (يعقوب – إسرائيل –إبن إسحاق بن إبراهيم –عليهم السلام جميعا ) فكان إسمه ايضا (إسرائيل )وهم إخوة وربما كان منهم ذرية وأحفاد لنبى الله (يوسف بن يعقوب – إسرائيل –بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام ) .وكالعادة كان منهم مؤمنين قانتين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، ومنهم كافرين مُشركين مُتطرفين من الذين حاربوا الله ورسالاته ورُسله وقتلوا بعضا من رسله وهم (اليهود ) ومُصطلح اليهود في القرءان لا يُطلق إلا على الكافرين المتطرفين من بنى إسرائيل .
ثالثا :
جعل الله جل جلاله رسالات من رسالاته وأختار لها رسُلا من المؤمنين من بنى إسرائيل فكان منهم يوسف وموسى وهارون وداوود وسُليمان وزكريا ويحيى (وعيسى عليه السلام من ناحية أُمه ) وإلياس وأنبياء ورُسل آخرين لم يذكر أسمائهم القرءان الكريم . وكان من هذا الفرع الطيب المؤمن القانت لله رب العالمين فرع (آل عمران ) الذى تنتمى إليه (مريم عليها السلام ) بل إن القرءان ذكر أنها إبنة عمران عليهما السلام جميعا . وعمران كان متزوجا من سيدة مؤمنة صدقت ما عاهدت عليها ربها سُبحانه وتعالى مثلها مثل جداتها من أمثال أم موسى عليها السلام .فحينما حملت في مريم عليها السلام نذرت لله أن يكون طفلها القادم خادما لبيت الله ومسجده (المحراب ) ..( إِذۡ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ عِمۡرَٰنَ رَبِّ إِنِّي نَذَرۡتُ لَكَ مَا فِي بَطۡنِي مُحَرَّرٗا فَتَقَبَّلۡ مِنِّيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ (35آل عمران ).وكانت تتمنى أن يكون ولدا ذكرا ليقدر على خدمة بيت الله .فلما ولدتها فوجئت بأنها أنثى فقالت (فَلَمَّا وَضَعَتۡهَا قَالَتۡ رَبِّ إِنِّي وَضَعۡتُهَآ أُنثَىٰ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا وَضَعَتۡ وَلَيۡسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلۡأُنثَىٰۖ وَإِنِّي سَمَّيۡتُهَا مَرۡيَمَ وَإِنِّيٓ أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ (36آل عمران). وهى التي أطلقت عليها إسم (مريم) .ومن الواضح أنها ولدت يتيمة وتوفى أباها قبل أن يراها .... فتسابق المؤمنون العظماء من عائلتها من بنى إسرائيل على كفالتها وتربيتها والإنفاق عليها ،ففاز بتحمل تلك المسئولية نبى الله وعبده ورسوله (زكريا عليه السلام) ، ومع ذلك لم يتخلى عنها المؤمنون من عائلتها ،وكانوا يُنفقون ويتصدقون عليها ،فجعلوا رزقها وفيرا ولم تشعر بحاجة ولا نُقصان في رزق الله لها فكان زكريا عليه السلام يسألها ( الأكل ده منين يا مريم ،ليس هذا ما تركته لك بالأمس فمن أين لك هذا ؟؟ فكانت إجابتها لأنها مؤمنة بربها تقول هو من عند الله ) وفى هذا يقول القرءان الكريم (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٖ وَأَنۢبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنٗا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّاۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيۡهَا زَكَرِيَّا ٱلۡمِحۡرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزۡقٗاۖ قَالَ يَٰمَرۡيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَاۖ قَالَتۡ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٍ (37 آل عمران ). فكانت تقوم على خدمة ونظافة وتنظيم مفروشات المسجد (المحراب ) وهكذا وهكذا .وكانت تقريبا شبه مُقيمة فيه ، ويبدو أن أمها أيضا توفت وماتت وهى (مريم ) مازالت طفلة صغيرة لأن القرءان الكريم لم يتحدث عنها بعد أن ولدتها .
ومريم عليها السلام لم تكن راهبة لسببين .الأول أنها كأى أنثى تعلم أنها ستتزوج في يوم ما حينما تبلغ سن البلوغ العقلى والجسدى ،وقد تبين هذا في ردها على الأمين جبريل عليه السلام حينما حضر إليها ليُخبرها بإصطفاء الله وإختياره لها بأن تكون أُما ووالدة للمسيح بن مريم فقالت لجبريل عليه السلام (إِذۡ قَالَتِ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ يَٰمَرۡيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٖ مِّنۡهُ ٱسۡمُهُ ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ وَجِيهٗا فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلٗا وَمِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ (46) قَالَتۡ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٞ وَلَمۡ يَمۡسَسۡنِي بَشَرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكِ ٱللَّهُ يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ إِذَا قَضَىٰٓ أَمۡرٗا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ (47آل عمران) .أى انها لم تتزوج بعد لكى يكون لها طفلا. فهى كانت تعلم أنها ستتزوج وستعيش الحياة الزوجية ولكن في وقتها .
السبب الثانى :: أن الرهبانية إبتدعها النصارى بعد وفاة وموت (عيسى بن مريم وأُمه عليهما السلام ) .
==
هل بناءا على ما تقدم من قيام مريم عليها السلام على خدمة المسجد يجوز للنساء أن تقوم بالعمل على خدمة المساجد ؟؟
التشريع لنا لا يؤخذ من القصص القرءانى عن الأُمم السابقة ،ولكن يؤخذ مما نزل في خطاب مُباشر لنا نحن من تشريعات في إفعل ولا تفعل ،وفى الحلال والحرام ...ومع ذلك فليس هناك أي إشارة لتحريم أو منع للنساء في التوظيف للقيام على خدمة المساجد ونظافتها وترتيب مفروشاتها ومكتباتها ،وذلك في الأوقات التي تكون مُغلقة فيه سواء بين الصلوات أو بعد صلاة العشاء ،ولكن بالتأكيد ليس في أوقات تردد المُصلين على المسجد للصلاة .
==
أما عن الرهبنة والرهبانية .
فليس في الإسلام رهبنة ورهبانية بمعنى الإنقطاع عن الدُنيا وتحريم الرُهبان على أنفسهم بعضا من الحلال، وتحريمهم للزواج على أنفسهم (وأنفسهن –الراهبات ) ووووو .فلقد عاتب القرءان الكريم ولام رسول الله محمد عليه السلام وعنفه حين حرّم شيئا على نفسه حين قال له (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَۖ تَبۡتَغِي مَرۡضَاتَ أَزۡوَٰجِكَۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ (1) قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَيۡمَٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ (2 التحريم). فالإسلام والقرءان يدعو لعبادة الله وللسعى في الأرض وإعمارها والتفاعل معها ولا يدعو ابدا للإعتزال والتقوقع تحت حُجة العبادة . فالأنبياء عليهم السلام كانوا يعيشون بين الناس ويتعاملون معهم ويُمارسون حياتهم في الدعوة والعمل والحياة الزوجية وفى كُل شيء ،فمن يكون هذا الذى يجعل نفسه فوق الأنبياء ليعتزل الحياة ويترهبن ويضع تشريعات ما أنزل الله بها من سُلطان ويدّعى زورا وبهتانا ورياء وخيلاء بأنه يتقرب بها إلى الله ؟؟؟ فوالله إنه لواهم وظالم لنفسه في الدُنيا والآخرة .
فالقرءان الكريم يقص علينا بأن الرهبانية والرهبنة إبتداع بشرى ما أنزل الله بها من سلطان ولم يكتبها الله عليهم ،وهم الذين وضعوا من تلقاء أنفسهم مواصفاتها وشروطها ،ومع ذلك لم يُطبقوا شروطها وتحللوا منها علانية أو خُفية فيقول القرءان الكريم (﴿ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد: 27)
--
الخلاصة :
مريم عليها السلام لم تكن راهبة .
يجوز للنساء التوظيف والعمل في المساجد للقيام على خدمة المساجد .
==
لا رهبنة ولا زُهد ورهبانية وإعتزال للمجتمع في الإسلام ،ومن يفعل هذا مثل الصوفيين ) فقد ظلم الله وظلم نفسه وقام بتشريع لم يأذن به الله وسيُحاسب عليه حسابا عسيرا يوم القيامة .فالإسلام دين يدعو للعبادة وللعمل وإعمار الأرض ولأن يعيش الإنسان حياته الطبيعية بما فيها من زواج وتكاثر وتناسل لإستكمال مسيرة إعمار الأرض إلى يوم القيامة .
اجمالي القراءات
1655