ما هي الشريعة ؟ وما هي مبادئها ؟
ينص الدستور المصري في بنده الثاني أن مباديء الشريعة الاسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع .. وهذا البند أدي الي مشاكل قانونية كثيرة وتضاربا في الأحكام القضائية أحيانا .. فالقانون المطبق في مصر في معظم بنوده هو القانون المدني الفرنسي (كود نابليون) .. وهذا البند في الدستور أتاح لبعض القضاة أن يحكموا بما ليس في القانون المصري من مواد أو أن يحكموا بعكس هذه المواد .. اعتمادا علي أن حكمهم هذا يتفق مع البند الثاني من الدستور وحسب فهم كل قاضي علي حدة لمباديء الشريعة الاسلامي ..
فماهي الشريعة الاسلامية .. وماهي مبادئها .. لتصلح أن تكون المصدر الأساسي للتشريع .. وهذا يأخذنا للسؤال التالي ما هو التشريع ؟
لقد سالت نفسي هذا السؤال وحاولت الإجابه عنه وأنا لست متخصصا في القانون .. ولكنني كمواطن أومن أن المواطن يجب أن يكون علي بعض الدراية بالقانون حتي لا يرتكب بدون قصد ما قد يضعه تحت طائلة هذا القانون .. وقانون العقوبات أو المعاملات المصري وحتي قانون الأحوال الشخصية .. من السهل معرفة بنوده لغير المتخصص .. فهو منشور ويمكن الرجوع اليه .. لمعرفة الحقوق أو تجنب الوقوع تحت طائلة عقوبة قانونية دون قصد .. ..
فهل هناك شيء اسمه الشريعة في القرآن .. في الحقيقة بحثت و أعدت البحث فلم أجد كلمة شريعة إلا مرة واحدة في الآية التالية " ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون " .. ووجدت كلمة شرعة .. في الآية القرانية :
"فاحكم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ، لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ، ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ..
وسواء شريعة أو شرعة فكما هو واضح من سياق الآيتين الكلمة تعني الطريقة .. وتعني بوضوح تام أن كل أمة لها طريقة ومنهاج تختلف من أمة لأخري .. حيث أن الله قد خلقنا أمما مختلفة امتثالا لمشيئته وإرادته ولو شاء لكان خلقنا أمة واحدة تتبع طريقة ومنهاجا واحدا .. ولكن اختلاف المنهج والطريقة هي إرادة الله .. مما يعني ببساطة أن ما قد يصلح لشعب قد لا يصلح لشعب آخر .. إنها إرادة الله ..
فما معني كلمة شريعة لغويا .. الموضع الذى ينحدر إلى الماء منه ..
واصطلاحا: ما شرعه الله لعباده من الدين ، مثل الصوم والصلاة والحج.. وغير ذلك .. وإنما سمى شريعة لأنه يقصد ويلجأ إليه ،كما يلجأ إلى الماء عند العطش .. وهذا الاصطلاح اتفق عليه متأخرا بين الفقهاء ..
وكذلك الشرع والتشريع وهو ما يسن من الأحكام ..
أما الواقع الآن فيقول أن الشريعة الاسلامية اصبح معناها القانون الاسلامي ..
والقانون، في السياسة وعلم التشريع، هو مجموعة قواعد التصرف التي تجيز وتحدد حدود العلاقات و الحقوق بين الناس والمنظمات، والعلاقة التبادلية بين الفرد والدولة ؛ بالإضافة إلى العقوبات لأولئك الذين لا يلتزمون بالقواعدَ المؤسسة للقانون .. أي أن القانون لكي يمكن تطبيقه واحترامه يجب أن يتكون من قواعد واضحة ليس فيها لبس .. ولهذا السبب استقر الرأي في كل الدول الحديثة أنه لا يتم سن أي قوانين الا من خلال مجلس واحد وهو المجلس التشريعي المنتخب ولا يتم تعديله الا من خلال هذا المجلس .. ليكون القانون واضحا يسهل علي القضاة الحكم به .. ويسهل علي الدولة تطبيقه .. ويسهل علي الأفراد حكاما ومحكومين احترامه .. و هكذا اتفق الجميع ببساطة أن التشريع يعني سن القوانين .. ..
فكيف بالله عليكم أو علي عقلي القاصر .. يصبح المصدر الأساسي للقانون الذي يجب أن يكون واضحا ليسهل التعامل به ومن خلاله .. شيئا ليس متفقا عليه منذ 1400 عاما وحتي الآن .. ..
فمباديء الشريعة الاسلامية غير متفق عليها بين الفقهاء حتي الآن .. إلا في أمور العبادة .. من صلاة وصوم وحج وزكاة .. وحتي هذه هناك بعض الاختلافات هنا وهناك .. ومصادر التشريع عند السنة ..هناك المصادر المتفق عليها بين جمهور الأمة مثل القرآن والسنةومصادر التشريع المختلف عليها مثل الاجماع والقياس والاستحسان والعرف والاستصحاب والمصلحة المرسلة و سد الذرائع وشرع من قبلنا وأقوال الصحابة ومن هم الصحابة .. ..
أما مصادر التشريع عند الشيعة فهي القرآن والسنة: وهي قول النبي و الأئمة الإثني عشر و فعلهم و تقريرهم والعقل: وهو الدليل العقلي القطعي و كل ما يثبت بالقرآن أو سنة فهو ثابت بالدليل العقلي ..
اي أن هناك اختلاف في مصادر الشريعة بين المسلمين سنة وشيعة .. واختلاف بين مصادر الشريعة والتشريع الاسلامي عند السنة غير القرآن والسنة النبوية وحتي في هذين المصدرين المتفق عليهما اسما .. هناك اختلاف كبير بين تفسير الأئمة والفقهاء والمحدثين للقرآن والسنة وما هو الحديث المتواتر وما هو حديث الأحاد وما هو الحديث القوي وماهو الضعيف .. وأي من هذه الأحاديث تصلح اساسا للتشريع ... ,,
وما يراه عقلي القاصر كمواطن يريد أن يعرف ماله وما عليه من حقوق وو اجبات .. من خلال قانون واضح غير مبهم .. أنه يجب أن يحدد لنا علماء القانون والفقهاء ما هي مباديء الشريعة الاسلامية بالضبط قبل أن توضع كنص في الدستور يقول أنها المصدر الرئيسي للتشريع .. أو استبدالها بنص يقول أن المباديء العامة للدين من عدل و مساواة هي مرجعية الدستور والقانون ... أما الدين الاسلامي نفسه أو أي دين كعلاقة بين الفرد وربه فيفهمه كل منا بسهولة ويسر من غير تعقيد الفقهاء والتي تملأ كتب الفقه والمذاهب منذ أكثر من ألف عام دون أن يصلوا الي أي اتفاق .. حتي أنه استقر في رأي العامة والخاصة أنه حتي فتاوي المرشد الرسمي هي مجرد فتاوي استرشادية لأنه لا يفعل أكثر من عرض أراء الفقهاء المختلفة والاختلافات بينها .. هي فتاوي استرشادية ليست ملزمة لأحد .. يستطيع أن يعمل بها من يريد .. ويستطيع أن يتجاهلها من يريد وهو بالمناسبة ما يحدث كثيرا .. الملزم هو القانون .. وهو يجب أن يكون واضحا .. ليسهل خضوع الجميع له حكاما ومحكومين ..
فبالله عليكم أيها الفقهاء الدستوريين وعلي راس هؤلاء .. رئيس مجلس شعبنا الموقر .. وترزية الدساتير .. الذين لا يجيدون ألا تعقيد الأمور إرضاءا للحاكم .. أي حاكم .. أو ابتزازا لمصالح البسطاء ليسهل خضوعهم لهذا الحاكم .. لا تعقدوا الأمور .. ولا تضعوا بنودا في الدستور تؤدي الي فوضي دستورية .. لأن الجماعة التي تسبب لكم المشاكل والصداع المسماة جماعة الإخوان المسلمين.. تستطيع أن تحرجكم ايما إحراج .. عبر النص الدستوري المبهم .. أن مباديء الشريعة الاسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع .. عبر رفع قضايا كثيرة علي الحكومة تثبت عدم دستورية الكثير من القوانين التي تنظم الحياة في مصر .. وكما حدث لرئيس مجلس شعبنا الموقر عتدما حاول تفسير تصريح رئيس وزرائنا الهمام أن مصر دولة علمانية .. رغم أن القاصي والداني يعرف أنها كذلك لأن قانونها هو ببساطة قانون مدني فرنسي الأصل .. منذ عهد الخديوي اسماعيل .. وإن أردتم ففي المقال القادم أستطيع أن أضع لكم عشرات القوانين التي يمكن الحكم بعدم دستوريتها بناء علي هذا النص المبهم .. ..
هل أنا أخرف أو مختل .. ممكن .. فهناك الآن في مصر .. من يطلقون علي أنفسهم مختلين من أجل التغيير .. ..
اجمالي القراءات
17375
سوف اورد تعليقى بإختصار حسب فهمى
اعتقد انه لا يمكن للقاضى ان يطبق ماده غير موجوده فى القانون لكن الحادث ان تفسير القانون ومواده الان ووفقا للماده الثانيه من الدستور يتم وفقا لمبادئ الشريعه الاسلاميه ورغم ان الماده قد تكون مستقاه من القانون الفرنسى الذي هو فرع من الفكر القانونى اللاتينى الا ان تفسيره وفقا للشريعه الاسلاميه هو ما يحدث ذلك التناقض
بغض النظر عن الابعاد السياسيه او الفكريه لوضع الماده الثانيه من الدستور فسوف اتكلم من وجهه النظر القانونيه
ان الشريعه الاسلاميه تعتبر قانون قائم بذاته معترف به عالميا ومن هيئه الامم المتحده وهو يختلف فى بناءه وفكره القانونى ومصادره عن القانون الانجلوسكسونى او القانون اللاتينى المستقى منه القانون الفرنسى الذي اخذ منه التشريع المصري كثير من مواده ومن وجهه النظر القانونيه ان اضافه الماده الثانيه من الدستور هى توطئه لاحلال فكر الشريعه الاسلاميه محل الفكر اللاتينى القائم عليه القانون المصري
فالحديث عن اختلاف الفقهاء والاحكام وهذه الاشياء لا مجال لها هنا اذ ان الفقه الفرنسى _والاحكام فى بعض الحالات _ مثلا حافل بالاراء المختلفه ولذلك وجدت المحاكم العليا لكن المعنى هنا هو طريقه استنباط المبدأ القانونى ومصادره الرئيسيه
وبعد اضافه الماده الثانيه من الدستور صدر حكم المحكمه الدستوريه العليا بعدم سريان ذلك النص على المواد القانونيه التى سبقت وضع الماده بينما تسري على التشريعات التى يصدرها مجلس الشعب منذ وضع الماده وهو ما يعد تحول قانونى من الفكر اللاتينى الى الفكر المطبق فى الدوله الاسلاميه وما انتجته من تراث قانونى فقهى ولكن شيئا من ذلك لم يحدث وما زلنا عند اصدار التشريعات نقتبس من الفكر اللاتينى دون النظر الى ملاءمته لطبيعه الحياه الاجتماعيه فى البيئه التى نعيش فيها ومحاولات تطبيق الفكر الاسلامى لا تعدو ان تكون مجرد محاولات تفسيريه من جانب بعض الاحكام القضائيه والتى بالطبع تحدث تشويشا على الفكر القانونى بغض الننظر عن مدي صحتها
ارجو ان اكون اوضحت وجهه نظري
والسلام عليكم ورحمه الله