أسباب عجز مصر عن قصف سد النهضة
ينتظر المصريون قصف سد النهضة بشغف شديد، ليس لأجل مياه ستضيع، أو كرامة نال الأثيوبيون منها.
إنما ينتظرون قضية تصلح لأن يعلقوا عليها فشلهم في الحياة !، يترقبون ظهور (سوبر مان)، غير مدركين حقيقة الأمور، أو مستشعرين لقرب الخطر.
لقد أصبح سد النهضة أمر واقع، وفشلت مصر والسودان، في ردع الجار الأثيوبي لأن يعود إلى إتفاق ملزم يحمي مصر والسودان من خطر الجفاف.
وباتت مصر الآن لا تقدر على قصف سد النهضة، وذلك لسببين :
السبب الأول/ نوع السلاح المصري، لا يقدر على إستخدام آلة الحرب.
السبب الثاني/ توقيع مصر لإتفاق إعلان المبادئ.
..............................
أما عن السبب الأول فهو محكوم بعناصر صارمة :
١- فمصر تمتلك طائرات أمريكية، وأخرى فرنسية، كما تمتلك سلاح آخر ألماني، وشروط الأسلحة الأمريكة والأوربية عموما، تمنع مصر من إستخدامها في قصف سد النهضة .. هذا هو السبب الأول.
فطالما أن أثيوبيا دولة مسالمة، لم تعتدي على أحد، ولم تسعى إلا لنهضة مشروعة، فلا يمكن أن تستخدم مصر ضدها تلك الأسلحة.
٢- مصر لا تملك في العصر الحديث أية أسلحة لا يعرف مصنعيها منطق الأخلاق، مثل الأسلحة الروسية أو الصينية أو الكورية .... إلخ.
فتلك أسلحة قادرة على قصف سد النهضة، فليس لها شروط مسبقة قبل الشراء، ومثل هذا السلاح مباح ومعترف به، وله وقته، وتفرضه الضرورة في بعض الأحيان.
٣- فشل محاولات مصر للتغلب على (السلاح المشروط) :
إذ سعت مصر للحصول على سلاح روسي وتحديدا (الطائرة السوخوي)، ليس لأن السوخوي أقوى طائرة في العالم كما يظن ويعتقد بعض السذج !.
إذ أن الطائرات الأمريكية تفوقها في كل شيء، ولكن لأنها (سلاح روسي)، يمكن أن يستخدم بلا أي شروط مسبقة من صانعيه كما سبق وذكرنا.
المشاكل التي واجهت مصر للحصول على السلاح الروسي :
لم تقف أمريكا تشاهد مصر وهي تتفق على إستيراد الطائرة السوخوي، فهي تعلم السبب الرئيس لرغبة مصر في الحصول عليها.
وبالتالي أعلنت أمريكا رفضها لأن تستورد (مصر) أي سلاح روسي، ثم هددت بفرض عقوبات عليها، إن هي نفذت تلك الخطوة.
ولم تقدر مصر على إغضاب الأسد الأمريكي، ونلتمس لها العذر في هذا الأمر، فهي ليست بأقوى من روسيا أو إيران أو تركيا، وجميعهم سبق وعانى من غضب الأسد الأمريكي.
..............................
أما عن السبب الثاني :
١- فمع أن إتفاق إعلان المبادئ، ليس بجريمة سياسية أو دبلوماسية، إنما كان تعبير مصري عن حسن النوايا، ذو هدف نبيل.
ولكن .. لا تؤخذ السياسة بالنوايا الحسنة !، وقد أخطأت مصر عندما وقعت إتفاق إعلان المبادئ.
ونقص الخبرة السياسية للرئيس المصري، كان يجب أن يملء فراغه مستشاريه الدبلوماسيين، فكان عليهم أن يثنوه عن تلك الخطوات ذات النوايا الحسنة، إلا أنه لم يحدث.
فموقف مصر الدبلوماسي من دون التوقيع على إعلان المبادىء، كان سيصبح مختلفا، بل وكانت الدبلوماسية فيه قادرة على فرض أمر وقف بناء السد.
..............................
في النهاية :
نحن الآن أمام أمر واقع، أصبحت فيه أثيوبيا قادرة على التحكم بمصير شعب مصر، إلا أن مخاطر هذا الأمر لا تقف على العجز المائي فحسب، وإنما معادلة القدرة على إتخاذ القرار في الشرق الأوسط ستتغير، فالدول الكبرى والصغرى، التي لديها مصالح لدى مصر، ستضغط عليها دوما بورقة سد النهضة.
لقد أصبح السد بكل أسف أداة ضغط ستستخدم في المستقبل.
وقد أخفقت وزارة الخارجية المصرية إخفاقا لن يغفره التاريخ.
..............................
وللتاريخ أعلن أنني ضد إتخاذ قرار الحرب ضد أثيوبيا، وكنت أرى أن العمل القانوني كفيل بدرء الخطر عن مصر.
وفي هذا الصدد سأذكر سبب توقفي أنا والمستشارة/ هايدي فاروق، عن الإستمرار في إتخاذ إجراءات قانونية تخص سد النهضة.
إذ أننا بإتخذنا لتلك الإجراءات، قد أغضبنا وزارة الخارجية المصرية، حتى طلب منا التوقف عن إتخاذ أي عمل قضائي !، وكانت ثقة النظام المصري في الدبلوماسية أكبر من ثقته فينا.
وها هي الدبلوماسية قد فشلت ووصلت بنا إلى النتيجة الحالية.
أخيرا :
هل سيحاسب الدبلوماسيين المصريين على تقصيرهم في أداء عملهم، أم سيمر الأمر مرور الكرام من دون محاسبة.
أسأل المولى الحكمة والهدى
شادي طلعت
اجمالي القراءات
2389