أكذوبة إغتيال مصطفى مشرفه وسميرة موسى
.. من أسباب تراجع الشعوب، السير وراء الأكاذيب، والتي تبدو جلية واضحة إلا أن العقل يرفض الإعتراف بالحقيقة، ويهرول وراء الخرافات، وتلك عادة معروفة عن بعض الشعوب ومنها الشعب المصري، مبررها الوحيد، عدم الإعتراف بالفشل، والرغبة في تصديق الكذب لمجرد إلقاء اللوم على الآخرين، وجعلهم سبباً في التأخر والإنحدار.
هذا هو بإختصار شديد .. الوضع في مصر، فالشعب متكاسل عن العالم المتقدم تكنولوجياً، وعلمياً في كل شيء، فذهب لأكذوبة، أن العلماء المصريين قد تعرضوا للإغتيال من قِبل جهاز الموساد الإسرائيلي، أو المخابرات الامريكية !، وجميعها أحاديث هراء ..
ومن تلك الأكاذيب، أكذوبة إغتيال الدكتور/ مصطفى مشرفه، والدكتورة/ سميرة موسى، وعي كذبة يصدقها المغييبون بدون البحث أو التفكير في مدى قيمتهما العلمية، والتي لا تعدو أن تكون .. على نفس الدرجة العلمية لطالب في الوقت الحالي بالفرقة الثانية، يدرس علم الفيزياء، بإحدى جامعات أوربا أو أمريكا ..
ما أقوله ليس تسخيفاً من الشخصيتين المصريتين، بل إنها الحقيقة، فلا وجه للمقارنة بين العلم في مصر، والعلم في أوربا أو أمريكا، إذ أن المسافة بينهما وبين مصر مائة عام على الأقل.
وقد يرد البعض من المغيبين، أو ممن يريدون تغييب الشعب، أن كل من مصطفى مشرفه قد تلقى شهادات علمية في بريطانيا، وأنهما كانا على درجة علمية تجعلهما قادرين على صنع قنبلة نووية لمصر، إلا أن أيادي خارجية قد إغتالتهما، والسبب .. حتى لا تتقدم مصر، ولا تمتلك القوة من خلال القنبلة النووية.
حديث هراء لا يرقى إلى المنطق والعقل، وحجتي في الرد على هؤلاء تتلخص في التالي :
أولاً/ تعلم د. مصطفى مشرفة، في مدرسة المعلمين، قسم (الرياضيات) في مصر، أي أنه تخرج ليعمل مدرس رياضيات في المرحلة الثانوية، هذا بداية.
إلا أنه قد أرسل إلى بعثة لجامعة (نوتنجهام) ببريطانيا لدراسة (الرياضيات) أيضاً، فهو عالم في مجال الرياضيات إذاً، وليس الذرة !، وليس له علاقته بالقنبلة النووية.
أما الدكتورة/ سميرة موسى فقد تلقت تعليمها، في كلية العلوم، جامعة القاهرة، وتتلمذت على يد د. مصطفى مشرفه، والذي هو في الأساس عالم رياضيات.
ثم سافرت في بعثة إلى بريطانيا، ودرست الإشعاع النووي، وحصلت على درجة الدكتوراه في الأشعة السينية، وأنجزت رسالتها، في مدة أقل من عام ونصف !، حول تأثير (الأشعة السينية) على المواد المختلفة.
ثم قضت سنة أخرى في بريطانيا لتثبت نظرية مفادها، (التمكن من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس، لصناعة القنبلة الذرية من مواد في متناول الجميع).
ولكن .. لم تدون الكتب العلمية في الخارج نظريتها تلك، لسبب علمي وهو : أن بحثها لم يكن مكتملاً، بحيث أنه يمكن البناء عليه فيما بعد، وحتى تاريخنا هذا ليس لبحثها أي تاريخ أو قيمة تذكر.
والأشعة السينية بإختصار، هي التي تستخدم طبياً في الكشف على العظام وجسم الإنسان، والتي إكتشفها العالم الألماني (وليام رونتجن) عام ١٨٩٥م، ولم تكتشفها سميرة موسى !.
ثانياً/ توفي مصطفى مشرفه عن عمر 51 عاماً، وتوفيت سميرة موسى عن عمر 35 عاماً، أي أن عمر كليهما، لا يكفي لأن ينهل أي منهما العلم حتى يتمكن من صناعة القنبلة النووية، خاصة ونحن نتحدث عن بداية القرن العشرين، الذي كان عصر كليهما !.
ثالثاً/ بالنظر إلى أبو القنبلة النووية وهو العالم الأمريكي (روبرت أوبنهايمر)، ذو الأصول اليهودية، فقد تعلم على يد علماء هم : (بيرسي ويليامز بريجمان – الفريد نورث وايتهيد – جوزيف جون طومسون – بول ديراك – باتريكبلاكيت) وكل عالم منهم يحتاج إلى كتب للحديث عنه.
وأشرف على رسالة الدكتوراه الخاصة به العالمان (ماكس بورن – فولفجانج باولي)، من جامعة (غوتنغن)، الألمانية، حيث أن ألمانيا كانت أوفر علماً من أي دولة أخرى، ومع الكم الهائل من العلم لهذا العالِم الفذ (روبرت أوبنهايمر)، والذي هو متخصص أيضاً في الطاقة النووية، إلا أنه لا يعد مخترع القنبلة النووية ... !.
فمخترع القنبلة النووية هو مشروع (مانهاتن)، وهو مشروع بحث وتطوير جرى العمل عليه في أثناء الحرب العالمية الثانية لإنتاج الأسلحة النووية لأول مرة، بشراكة بين كل من (الولايات المتحدة - بريطانيا -وكندا)، وقد إستغرق المشروع سنوات طويلة، وعمل فيه مئآت العلماء المتخصصين، وكان المشرف على المشروع هو العالم (روبرت أوبنهايمر)، لذا لقب بأبو القنبلة النووية.
لذلك .. فإنه من العبث أن نقول أن مصطفى مشرفه، أو سميرة موسى، كان كلاهما أو أحدهما قادر على إختراع القنبلة النووية !، فكلاهما كان غير مؤهل من الأساس للعمل في مشروع (مانهاتن).
أما عن العلم الذي درسته سميرة موسى في بريطانيا، فكما ذكرنا أنها حصلت على الدكتوراه خلال عام ونصف فقط !، ثم مكثت عام آخر لتثبت نظرية، لم يأخذ بها أحد !، فهل مدة عامان ونصف، كافية لتأسيس عالِم قادر على صنع القنبلة النووية !؟.
إن الحقيقة أن إختراع القنبلة النووية ليس بالأمر السهل أو اليسير، وإلا لكانت إيران إمتلكت تلك القنبلة منذ عقود، وإختراع قنبلة نووية يحتاج لتعاون دول، وليس الإعتماد على فرد أو مجموعة.
رابعاً/ أما عن موتهما، فإن مصطفى مشرفه، قد مات بسبب المرض على سريره في مصر، وأما عن موت سميرة موسى، فإنها قد توفيت في حادث بأمريكا، وتسليماً بأكذوبة أن الموساد أو المخابرات الأمريكية، أرادا إغتيالها، فلماذا لم ينفذا الجريمة في مصر.
فــ على الأقل، ليس في مصر حتى وقتنا هذا .. بحث جنائي متخصص قادر على الوصول إلى الجاني، بعكس الأمر في أمريكا.
ثم ما الداعي من الأساس لإغتيال إمرأة لا تعدُ عالمة بالمعنى العلمي، فقد توفيت وعمرها لم يتجاوز الــ 35 عاماً، وأقل عالم في مثل هذا المجال الخطير يكون في العقد الخامس من عمره على الأقل.
في النهاية :
إن الحديث حول شخصين، قيل عنهما أنهما كانا عالمين نوويين، كان كُل منهما يريد أن يخترع القنبلة النووية ..
فهذا مدعى لي، لأن لا أحترم كليهما، فإختراع قنبلة نووية ليس بالشيء الذي يُحترم، بل يجب أن ينبذ ويمقت، لأنها صناعة موت وإبادة.
فلا يظن المغيبون أنهم بأكذوبتهم تلك يرفعون من الشأن المصري، بل على العكس تماماً، إنهم يلوثون سمعة البلاد.
أسأل المولى الهداية والحكمة
شادي طلعت
اجمالي القراءات
5988