الاسلام و هوس أتباعه بالسيطرة
لا يوجد هناك من يستطيع انكار حقيقة أن المذاهب الاسلامية هي نتاج خلاف سياسي بالأصل بين المسلمين, و تم تغليف هذا الخلاف بالدين من قبل كل الأطراف المتصارعة, حتى توارثت المذاهب الاسلامية هذا الصراع و معه التوظيف, ثم أصبحت النصوص تفسّر على حسب مصلحة هذه المذاهب. و هذا الخلاف في الحقيقة يجب التأريخ له ابتداءا من حادثة السقيفة و ليس كما يفعل البعض الذين يعتبرون أن انقسام المسلمين بدأ بحادثة الفتنة الكبرى التي انتهت بالقضاء على حكم عثمان بن عفان و دفنه في مقبرة يهودية. و انما الخلاف يعود الى السقيفة, بحيث تم استبعاد أطراف و تقديم أطراف عن المشاركة في الحكم باستعمال الدين و محاولة تحويله الى ملكية قبلية. و تم تكفير القبائل التي اعترضت على نتائج البيعة التي لم تشارك فيها. و قد تمثّل هذا الرفض بعدم تسليم نصاب الزكاة للخليفة أبي بكر و اختارت توزيعها بين أفرادها, فتم اتّهامها بالرّدة, فأصبح التاريخ الاسلامي يضع تهمة الرّدة على من رفض المبايعة و على من ارتد من الاسلام بالفعل.
هذا يبيّن لنا أن خطر الأديان ليس في نصوصها, أو تعاليمها. بل الكارثة تقع عندما تتحول الى مشروع ايديولوجي. و قد توارث المسلمون هذا التماهي بين منهج يقوم على الايمان و الاختيار الحرّ دون اكراه و بين منهج يقوم على تحقيق المنفعة و المصلحة. الى أن أصبح مسلمي اليوم يرون مصالحهم مقدّسة و مقدّمة على الأخر غير المسلم بل حتى تديّنهم هو من أجل مصلحة شخصية لا تكترث أبدا بالاخر و تسعى لاستبعاده بكل الوسائل, و هذا لأن النصوص القرأنية تم افراغها من معانيها و اخراجها من السياق الخاص بها لتفسّر على حسب السياسيين و نقصد بهم " الخلفاء ", فتم تحريف مقاصد هذه النصوص في العصر العبّاسي, وضاع معنى و هدف الاسلام الحقيقي.
فالكثير من علماء الاجتماع على سبيل المثال اعتبروا الاسلام في بداياته حركة اجتماعية حاربت أغنياء قريش و حاربت معها الربا و الاستغلال و الاستعباد و نجح الاسلام في ذلك الى حدّ بعيد. و قد أمر النبي في سنواته الأخيرة أن تصادر جميع الأموال التي استثمرت في الربا حيث لم يبق بين يدي أصحابها الا رؤوس أموالهم التي بدأوا بها أعمالهم في بادئ الأمر.
و حتى لا نغرق في التاريخ الاسلامي يكفي فقط أن نقول أن من المتعارف عليه هو أن الأديان هدفها بالعموم هو اصلاح الأخلاق و تقويم سلوك الانسان على المستوى الفردي و تحقيق التعايش مع الأخر, و منع طغيان الانسان في الارض بإيقاف سيطرة النزعة المادّية عليه. و قد استخدم الدين من أجل هذا الهدف عدّة تشريعات للوصول الى هدفه الاجتماعي.
لكن الفقه الاسلامي أصبح يعتبر الاسلام و تشريعاته وسيلة و ليس غاية, و هذا لأن السياسة التي تتميز بنزعة المصلحة " البراغماتية " أصبحت متجذّرة في عقول الكهنة, فالحدود الاسلامية حسبهم جاءت من أجل تكوين الدّولة, و نصوص الجهاد التي تأمر بالدفاع عن المسلمين وقت الاعتداء أصبحت ذريعة للاعتداء على الأخر من أجل سلب ممتلكاته و التوسّع على حسابه, بل تسرّبت هذه العقلية النفعية الى نفس المسلم البسيط الذي أصبح يرى العمل الصالح تجارة مع ربّه, فالقرأن هو كتاب مبروك للقراءة لأن كل حرف حسنة فأصبح الشغل الشاغل هو في ختمه بالقراءة و ليس في تدبّر معانيه و قراءة ما بين سطوره’ و اخترعوا لهذا الأمر ما سمّوه بفضائل السور لا لتشجيع المسلم على الفهم و انما انتقاء السور التي يربح بها الحسنات, فضاع معنى الدين والتديّن و أشاعت عقلية النفعية الزائدة, هذه السلوك السكيزوفريني بين المسلم.. ان التديّن الاسلامي بنسخته السنّية خاصة, هدفه ليس الأخلاق و سعادة الانسان كهدف وغاية عظمى من التدين, بل هدفه هو الظهور و الوصاية على الاخر و تكفيره ان لم ينضوي تحت رايته.
لذلك من غير المستغرب أنك عندما تطّلع على بعض الديانات التي يقضي المسلمون أوقاتهم في احتقارها و اتهام أتباعها بالغباء و الحماقة, و نذكر منها البوذية على سبيل المثال أنها أحسن سمعة في العالم من الاسلام. فالدين البوذي رغم أنه ليس دينا تبشيريا و لا يضع ضمن أهدافه السيطرة و التوسّع على حساب الأخر و محاولة القضاء على ثقافة الأخر بتكفيرها, بل هدفه هو " النيرفانا " و تعني حالة السلام التام للروح، وهي الحالة التي يكون فيها خاليا من التلهف، والغضب وأي معاناة أخرى, و هدفها تحقيق النشوة والسعادة القصوى والقناعة وقتل الشهوات، ليبتعد الإنسان بهذه الحالة عن كل المشاعر السلبية من الاكتئاب والحزن والقلق وغيرها.
فعندما يقرأ غير المسلم المتلهّف للاطلاع على الأديان الأخرى و محاولة اكتشافها هدف البوذية على سبيل المثال و يقارن ذلك مع أهداف الاسلام بنسخته العبّاسية أو الأموية أو الفاطمية أو غيره .. فماذا ستكون ردّة فعله ؟. هل سيقبل أن يعتنق ديانة يقول كهنتها بقتل من يخرج عن الاسلام ؟ هل سيقبل أن يرى أبناء جلدته غير المسلمين يدفعون الجزية عن ذل و هم صاغرين ؟ ماذا سيقول عن فكر ديني يأمره بالتخلّي عن ثقافته و اعتبارها وثنية و استبدالها بثقافة أخرى بمجرّد اعتناقه الاسلام ؟.
خلاصة الكلام أن فقهاء الاسلام منذ وفاة الرسول حرّفوا الاسلام عن مبادئه و قيمه التي تأمر بعدم الاكراه في الدين و التعايش مع الأخر و الاعتراف بأن الاختلاف بين البشر هو سنّة الحياة بل و حرّفوا حتى مفهوم التقوى و هذا كلّه من أجل الركض وراء جمع المال و اكتنازه عن طريق الحروب و الجزية و استعباد البشر في مشارق الأرض و مغاربها. حتى أصبحت الديانات التي يضحكون على سخفها أحسن سمعة من الاسلام لأنها اهتمت أكثر بالأخلاق كهدف وغاية عظمى من التدين, أما الدين عند العرب فأصبح هدفه الجواري و ملك اليمين و استعباد الأخر.
اجمالي القراءات
6336
وكتبنا فى هذا كثيرا ، حتى كتبنا مقالا فى أن النبى محمدا لا يجسد الاسلام . .. فكيف بالكافرين بالاسلام المشوهين لإسمه العظيم ؟