آحمد صبحي منصور Ýí 2017-10-10
(إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا )
مقدمة :
1 ـ كتبت مرارا عن ثقافة العار لدى بعض المثقفين المسلمين ، يتحرّج أحدهم ويشعر بالعار من ذكر رب العزة لأشياء فى القرآن لأنه يراها مخالفة للثقافة الغربية ، فيحاول تأويل ما فى القرآن خجلا وشعورا بالعار . لو يؤمن بالقرآن حق الايمان ما جرؤ على التلاعب بآياته ليجعلها تتفق مع ثقافة الغرب . هو ينسى أن القرآن الكريم سبق الغرب المعاصر بقيمه العليا وحقوق الانسان وحقوق المرأة والحق المطلق فى الحرية الدينية وفى العدل وهذا التنسيق الرائع بين العدل والمساواة ، وتلك الإشارات العلمية التى سبقت ـ ولا تزال تسبق ـ الغرب .
2 ـ الله جل وعلا ذكر بعض الحشرات ، منها ما جاء فى ضرب الأمثلة ، مثل الذباب والعنكبوت والبعوض ، ومنها ما جاء فى القصص القرآنى كالنمل فى قصة سليمان و القمل فى قصة موسى وفرعون . يأتى القصص القرآنى للعبرة . والعبرة الأكبر هى فى ضرب الأمثال بالذباب والعنكبوت والبعوضة . العبرة هنا تشمل إحتواء المثل على إعجاز علمى سابق مثل وصف رب العزة للذباب ( ذكرا وأُنثى ) بإستحالة إستنقاذ ما يأخذه الذباب ، والذباب يقوم بتحليل ما يتلقفه قبل أن يبلعه ، يعنى لو أخذ قطعة من السكر فسرعان ما تتحول الى العناصر التى يتكون منها السكر ، أى لم تعد السكر الذى كان . قال جل وعلا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) الحج ) . الله جل وعلا حين تحدث عن العنكبوت فقد أشار الى أنثى العنكبوت ، ومعروف أنها التى تجهز عش الزوجية للذكر حتى يلقحها ، ثم تأكل رأسه . ضرب الله جل وعلا بها مثلا لمن يأتى الى القبر المقدس يرجو الخير ولا يعرف أن هلاكه فيما يظن أن فيه الخير . قال جل وعلا : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) العنكبوت ). الاعجاز هنا فى ( تاء التأنيث : إتخذت ) لتحدد انها الأنثى ، وليس الذكر الضحية المغدور .
3 ـ نفس الحال فى قول رب العزة جل وعلا : (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا )(26) البقرة )، فالكلام هنا ليس عن ذكر البعوض ، ولكنه عن البعوضة الأنثى ، وهى وثيقة الصلة بالانسان ، وهى التى ضرب الله جل وعلا بها المثل ، وهو جل وعلا الأعلم بما خلق وبمن خلق ، وهو جل وعلا خلقها حشرة هشّة ليست فى متانة البرغوث أو القمل وليست فى سرعة الذباب ، ومع ذلك تمص دم الانسان ، ويعجز عن مقاومتها .
4 ـ بعضهم كتب مقالا فى موقعنا ـ مدفوعا بقافة العار المُشار اليها ـ يحاول تأويل كلمة البعوضة فى قوله جل وعلا : (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ). شعر بالخجل من ورود كلمة بعوضة فى القرآن الكريم فبذل كل جهده ليثبت أن (البعوضة ) ليست هى ( البعوضة ) ، كما لو أن الله جل وعلا لم ينزل كتابا مبينا مفهوما ، أو أنه أنزل كتابا من الطلاسم والألغاز . ونسى صاحبنا أن الله جل وعلا قرر أنه جل وعلا ( لا يستحى ) أن يذكر هذا المثل ببعوضة فما فوقها ، فكيف لا يستحى الله جل وعلا وصاحبنا يستحى ؟ بل وتناسى أنه وضع نفسه من حيث لا يدرى ضمن من قال عنهم رب العزة فى نفس الآية : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) البقرة ). لم يضع نفسه ضمن الذين آمنوا الذين يعلمون أنه الحق من ربهم ، بل وضع نفسه ضمن القائلين : ماذا أراد الله بهذا مثلا . وفى النهاية فهذه الأمثال القرآنية ـ شأن كل آيات القرآن الكريم ـ يهتدى بها من يريد الهدى ، ويضل بها من يريد الضلال . وأبشع منه من يعبث بالقرآن الكريم ليضل الناس .!
5 ـ وقد حذفت المقال ، ونبهت على الكاتب أن يلتزم بمنهجنا فى التدبر القرآنى بأن يدخل على القرآن الكريم يبغى معرفة الحق باخلاص وبدون رأى مسبق ، من أجله يؤول آيات القرآن الكريم ويحرّف معناها .
6 ـ ولقد إكتشف العلم بعض بديع صنع الرحمن فى خلق البعوضة الأنثى التى ضرب الله جل وعلا بها المثل . وننقل بعض ماجاء فى الانترنت عن أنثى البعوض :
أولا : حقائق عن البعوضة :
.1 ـ أنثى البعوض هى اخطر الكائنات على وجه الارض : هى السبب في سقوط ضحايا بشرية وحيوانية، فعلى مدى التاريخ تسببت في قتل الملايين من البشر بما يزيد عن سبب وفاتهم في جميع الكوارث التي تعرضت لها الانسانية، فالبعوض يحمل معه الكثير من الامراض الفتاكة كالملاريا، والحمى الصفراء، والتهاب الدماغ وحمى الضنك، وهذه الامراض قد تعد من اكثر الامراض فتكا بالانسان .الاناث من البعوض فقط من يلسع : فهي من تهاجم الانسان وتلسعه لامتصاص دمه، فهي تبحث عن البروتين لتغذية البيوض في داخلها، و الانسان ليس الضحية الوحيدة للبعوضة فهى تهاجم الطيور، والبرمائيات،
- 2 ـ سرعة البعوضة : تقطع فى طيرانها مسافة ما بين ميل الى ميل ونصف في الساعة، وهى سرعة هائلة نظرا لصغر حجمها . هى أبطأ من سرعة الذباب . وسرعة جناح البعوضة يعادل 300-600 حركة في الثانية، أى عدد هائل من الحركة، وهذه السرعة في الحركة هي ما تفسر صوت الازيز الناتج عند طيرانها . هى نموذج رائع لطائرة هشّة سريعة الحركة والمناورة ، وتستعصى على الإسقاط .
3 ـ إنثى البعوض تستقبل صوت الذكر ـ فذكور البعوض تعمل على جذب الاناث، بارسال دقة بواسطة صوت الجناح الى الانثى .
4 هجرة البعوضة : تنتقل مسافة مائة ميل للبحث عن البيئة المناسبة للعيش فيها، وهي في العادة المستنقعات المائية المالحة.ويتبعها الذكور
5 : تحتاج البعوضة الى الماء لتفقس ، ويكفيها أقل بقعة من الماء تضع فيه بيضها. وهى تنزلق بسهولة على سطح الماء دون أن تغرق فيه .
6 ـ البعوضة تكتشف ثاني اكسيد الكربون من 75 قدم ، وبالتالى تتعرف على وجود الانسان وتصل اليه ، لأن الانسان يتنفس ويخرج منه غاز ثانى أكسيد الكربون ، فيصبح صيدا للبعوضة .
7 ـ للبعوضة أكثر من مئة عين، وعيون البعوضة بالمجهر المكبر تشبه خلية النحل، وعندها مستقبلات حرارية ، تستقبل وتتحسس البعوضة واحدا من الألف من درجة الحرارة ،وتميز درجات الحرارة ، لذلك تتجه إلى جبين الصبي على فراشه دون أن تخطئه بفعل مستقبلات الحرارة التي زودت بها من قبل الله عز وجل، هذه المستقبلات ترى الأشياء والألوان خاصة بحسب الحرارة.
8 ـ يحتوي فم البعوضة على ثمانٍ وأربعين سناً صغيرة، تسهّل عليها ثقب الجلد لامتصاص الدّم.
9 ـ تملك ثلاثة قلوب في جوفها، موزّعة في أنحاء جسمها جميعها.
10 ـ تحمل في خرطومها ستّ سكاكين حادّة؛ لكلّ واحدة منها وظيفتها الخاصّة.
11 ـ تمتلك ثلاثة أجنحة في الجانبين الأيمن والأيسر من جسمها.
12 ـ تمتلك جهازاً حرارياً في جسمها، يشبه عمله نظامَ الأشعة تحت الحمراء، حيث يعكس لها لون الجلد البشريّ في الظلام إلى اللون البنفسجيّ؛ حتّى تستطيع رؤيته.
13 ـ لديها جهاز تخدير موضعيّ يساعدها على غرز إبرتها في جلد الإنسان دون أن يشعر بذلك، أمّا الألم الذي يشعر به فهو ليس من لدغتها، بل نتيجةً لمصّ الدماء.
14 ــ تستطيع تحليل دم الضحيّة؛ وذلك عن طريق تحليل نوع الدم بواسطة جهاز في جوفها؛ لذا لا تستسيغ أنواع الدّماء كلّها.
15 ــ تمتلك جهازاً لتمييع الدّم، وذلك لتسيير انتقاله عبر خرطومها الدّقيق.
16 ـ تعيش على ظهرها حشرة طفيليّة صغيرة لا تُرى بالعين المجرّدة، تتغذّى هي أيضاً على الدماء التي تمتصّها البعوضة.
أخيرا :
نفهم الآن قوله جل وعلا : (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا )، ما فوق البعوضة ـ مما نراه ـ كثير جدا ، من حشرات نستقذرها مع أنها تؤذينا وتهلكنا وتهزمنا . وما دون البعوضة قد نستهين به ، من البكتيريا والفيروسات والجراثيم والفطريات ، ومنها التى تؤذينا وتهلكنا وتهزمنا . ونتساءل :
1 ـ أولئك المتخصصون فى علوم الحشرات وغيرها الى علوم الفضاء .. متى يربطون علمهم بالايمان بالخالق جل وعلا الذى أحسن كل شىء خلقه ؟
2 ـ متى يقرأ العلماء الغربيون القرآن الكريم قراءة علمية ويفهمونه بمنهج علمى محايد ؟
3 ـ متى يتبحّر أهل القرآن فى العلم الطبيعية ويكتبون أبحاث قرآنية تكتشف الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم ؟
4 ــ متى تنقرض ثقافة العار لدى المثقفين المسلمين ؟ .!!
إسمح لي أخي بتوضيح الإلتباس وأضرب بعض الأمثلة على ذلك.
فعل ضرب لا يفرض بأن الباء في في كلمة بعوضة هي حرف جر، فكلمة ضرب لا تستلزم حرف جر بعدها، كما أن حرف الباء جاء مفتوحًا وليس مكسورة. والكلمة نفسها "بعوضةً" منصوبة وليست مجرورة. ولا أظنك تعتقد أن هنالك خطأ في القرآن الذي بين أيدينا!
وقد ذكر الله العديد من الآيات وردت فيها كلمة ضرب دون حرف جر بعدها أذكر منها:
"ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ..."
"وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ..."
"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ..."
"...كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ..."
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,685,183 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
الشيطان يصلّى .!!: هل تنهي الصلا ه عن الفحش اء واالم نكر? كيف...
خلق النجوم: ما الحكم ة من خلق النجو م؟ ...
The Quranists: What is the social/edu cational background of the Quranists?...
التحية والسلام: بما انّ الله یق ل: وَ إِذا حُيِّ يتُمْ ...
حياة فى الكون ؟!: هل هناك حياة فى الكون . يقول بعض الناس نعم...
more
السلام عليكم دكتور أحمد ,
يا دكتور أحمد أنا والله لم يدفعني العار من أجل تأويل مفردة "بعوضة" بغير موضوعها. و إنما ترتيل الفعل ضرب في القراءن يفرض بأن الباء في بعوضه هي حرف جر وليست من أصل المفردة .
قال تعالى:"وَإِذِ اسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ" (سورة البقرة)
قال تعالى:"وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴿٤٤﴾" (سورة ص)
فالله لم يقل "إِنَّ اللَّـهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا ببَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا".
و أخيرا أنا أحترم رأيكم و موقعكم ولكم مني كل التقدير و الإمتنان.