نظرات في الطائفية الإسلامية
أحد الأسباب التي تشعل الحروب والفتن هو تورط كل الأطراف في سياسة (رد الفعل) وهي سياسة مصحوبة بالتربص المبني سابقا على الكراهية المتبادلة، وكلما زاد حجم التربص زادت حساسية الأفعال وحملها على وجهها الغير صحيح..فيصبح تفسير أي سلوك على أنه انتقام أو تجهيز مسبق بالانقضاض..حتى لو كان هذا السلوك عفوي أو في طبيعته جيد، ولكن حالة التربص المسبقة أيقظت تفسيرات مجحفة وعدوانية مثلما يحدث بين المسلمين الآن..
عام 2005 نشأت القنوات السلفية المتشددة بقناة الناس التي اسنتسخت تجربة قناتي الرسالة وإقرأ عام 98 ولكن بنسخة وهابية، ولأن صاحبها الدكتور عاطف عبدالرشيد من أثرياء الإعلام وصاحب علاقات جيدة مع السعودية تم تمويل إنشاء قنوات سلفية أخرى متشددة كالحافظ والخليجية والبركة، ولأن الرجل صاحب دور نشر تم طبع وتوزيع الكتب السلفية المتضمنة محتوى البرامج الفضائية وقتها، ثم تبعه الشيخ محمد حسان بقناة الرحمة ثم توالت القنوات السلفية المتشددة كالحكمة ثم صفا ووصال وغيرها..
كان محتوى هذه القنوات هو ترجمة شرائط السلفيين المصريين في التسعينات إلى محاضرات مرئية، فخرج إلى العلن شيوخ السلفية كأبي إسحاق الحويني ومحمد حسين يعقوب ومحمد حسان وغيرهم، بالتوازي مع دخول مثير لشيوخ الإخوان كحازم أبو إسماعيل وصفوت حجازي وراغب السرجاني وصلاح سلطان وغيرهم..ومجمل أفكار هؤلاء كان يدور في ثلاثة محاور:
أولا: إحياء التراث الإسلامي وقراءة الكتب القديمة على الناس وإفضاء محتوياتها العصمة، فتم إحياء دعاوى الخلافة الإسلامية والمذهب السني القديم والمنهج الأموي في التفكير خصوصا والذي يتسم بالشدة مع المخالفين ودعم إعطائهم الفرصة للحوار أو الدفاع..فخرج خطابهم هجوميا تحريضيا فيما يخص الآخر دون تمييز..
ثانيا: الهجوم على الحضارة المعاصرة وتكفير الحداثة والليبرالية وحقوق الإنسان، مما أيقظ عند متابعيهم أفكار الجماعات الإسلامية في السبعينات والتي نشأت على نفس المحور بالتمرد على كل شئ عصري..
ثالثا: تم استخدام هذه القنوات من قبل أمن الدولة المصرية في زمن مبارك في الهجوم على المعارضين للحزب الوطني وتصفية أي نشاطات ضد الدولة ، وكان من أبرز ضحايا هذا الهجوم هو الدكتور محمد البرادعي وقيادات حركة كفاية وقتها وكل الصحفيين الناشطين ضد الحكومة كإبراهيم عيسى وحزب التجمع واليسار، وهي نفس طريقة السادات باستدعاء الإسلاميين لمواجهة الشيوعيين فكانت النتيجة موجة إرهاب ضربت مصر والعالم العربي في الثمانينات والتسعينات، ثم موجة إرهاب أخيرة ضربت العالم منذ الثورات عام 2011 حتى الآن ، ويمكن القول أن المتسبب الأول فيها حكومتي السادات ومبارك..
مع طموحات إيران النووية بالتوازي مع الفتنة المذهبية العراقية عملت تلك القنوات السلفية على (الحشد الطائفي) فتم تكفير الشيعة والتحريض عليهم بقراءة كتبهم على العامة، فرد الشيعة بقنوات تقرأ كتب السنة أيضا على العامة ..والنتيجة تحريض وكراهية متبادلة، وفي سياق ذلك استسلم الجميع لرد الفعل وأصبح من العسير معالجة الموقف بانتظار حدوث كارثة تخلص هذا الوباء الفكري الذي استشرى بين المسلمين..
نعم أنا ضد الطائفية وكل ما يدعو لها من فكر وأحزاب وتراث ودول وجماعات، وأرى أن الإنفاق على التشيع أو التسنن هو حماقة في حد ذاتها لأنك لا تدعو الناس للفضيلة والعلم بل تدعوهم لينضموا إلى قطيعك المفضل، وهذه كانت وظيفة القنوات السلفية منذ البداية ثم تبعتها قنوات أخرى شيعية تحرض على نفس المنوال..
ولكن ولأن السنة حكموا معظم بلاد المسلمين نظروا لهذا الرد الشيعي كما ينظر المدير للموظف، فالمدير يريد أن يعطي الأوامر دائما ولا مجال للموظف أن يعترض، بينما الموظف لو لم يعترض ليس لديه سوى الشئون القانونية للشكوى، وهنا كان الشيعي بين ثلاثة خيارات: الأول: إما يستسلم للهجوم السني السلفي وبالتالي يفقد مذهبه، الثاني :إما يشكو هذا الطرف المهاجم لمجلس الأمن والأمم المتحدة والجامعة العربية..وهنا لابد له من ممثل يعرض وجهة نظر فبحث عنه ولم يجد..لأن الدولة التي تدافع عنه ليست عربية وكذلك مغضوب عليها من المجتمع الدولي آنذاك وهي إيران.
لم يعد أمام الشيعي سوى أن يخاطر ويرد الضربة بنفس القوة، فكان خياره الثالث المفضل وهو إنشاء قنوات تحرض على السنة وتشتم وتلعن رموزهم، فئة أخرى استشعرت خطورة الموقف خصوصا وأن الشيعي العربي سيكون هو الضحية لهذا التحشيد المذهبي، فاخرجوا قنوات شيعية للعلن ذات خطاب معتدل ومتسامح أو يتبنى قضايا متنوعة وإخبارية عامة، لكن لم يُرض ذلك الجانب السلفي المسيطر بالمال في مكة والرياض، وتم إنشاء المزيد والمزيد من قنوات السلفية المحرضة على الشيعة حتى قامت ثورتي مصر وتونس ..
بداية من ثورة سوريا 2011 أصبحت الساحة جاهزة لتطبيق كل الأفكار المذهبية التي قيلت على شاشة هذه الفضائيات السلفية طيلة 6 سنوات سابقة مستعينة بآلاف الأحاديث وملايين التفاسير وأقوال الأئمة في حشد طاقة الشباب طائفيا، ولأن بشار الأسد علوي المذهب نظروا إليه كشيعي يريد نشر التشيع، رغم أن زوجة الأسد سنية وكليهما علمانيين لا يعرفون مذاهب مطلقا، وسأقف هنا على الحالة السورية كمحطة استعراض وليس شرح لطبائعها فقد تكلمنا فيها كثيرا والوضع هناك انتقل تماما وأصبح صراع بين القوى الكبرى..
علينا أن لا نتكلم فقهيا أو دينيا..بل يجب أن ينحصر الكلام في الجانب السياسي لأنه نشأ كذلك وطبيعته الآن في الأصل كذلك ولن نحيد عن هذا التوجه بالتعاطي مع المسألة المذهبية سياسيا..ليس كما يفعل بعض الأغبياء بالتعاطي معها دينيا فيشرعون في عمل المناظرات والخطب المنبرية التي لا أمل فيها سوى حشد الناس للكراهية المتبادلة وتوظيف طاقتهم في العنف والهدم..
واعتراضي على التعاطي الديني مع الطائفية بسبب التاريخ المشوه والمزيف الذي يحكم عقول العرب، فلا أمل في التناظر ولا جدوى من الحوار إلا لو كان في سياق التسامح والقبول على غرار ما يحدث بين بعض مشايخ الأزهر في مصر مع قساوسة المسيحية، مشهد الهلال مع الصليب يمكن تكراره بين السنة والشيعة فترتفع العمامة الحسينية بالتوازي مع العمامة الأزهرية أو الطيلسان السلفي، ولكن أنى يكون ذلك وسياسات الدول مستسلمة تماما لردود الأفعال وكل خطاباتها تحريضية على شاكلة (المد الوهابي –المد الشيعي –المد السعودي –المد الإيراني) هذا أثر على طريقة تفكير العرب وجعلهم أسرى لوهم كبير وخطر جاثم على صدروهم..
أين المبادرات التي ترتقي بالسنة والشيعة؟..يعني مثلا لماذا لا تحترم الأغلبية السنية الأقلية الشيعية من باب التسامح والانفتاح؟..ولماذا نطالب طرف واحد فقط بالتنازل كأن الثاني معصوم لا يخطئ؟..ولماذا لا نعترف بحقوق الآخرين التي كفلها الشرع والدساتير المحلية؟
إن السنة والشيعة جزء من تاريخ واحد لا يمكن إهماله أو القضاء عليه، وكافة محاولات الإقصاء في السابق طوال 1400 سنة لم تفلح في القضاء على الآخر، إذن بالمصري (إهمدوا شوية وكل واحد يعرف مقامه) يعني لو أنفقت ما في الأرض جميعا على أن تؤلف قلوب الشيعة للتسنن لن تستطيع ، ولو حاربتهم بهدف القضاء عليهم أيضا لن تستطيع.. والعكس صحيح..
لكن ثمة خطر آخر يقضي على فكرة الوحدة هذه وهي نشر المذهب والإنفاق عليه، السعودية تنفق على نشر الوهابية السلفية مليارات الدولارات وهي سخية جدا في الإنفاق لدرجة أن نشر المذهب السلفي لديهم أصبح ضرورة للأمن القومي ..وهو شبيه بالتحالف الذي أسسه أباطرة الرومان مع القساوسة قديما بهدف التوسع الروماني تحت شعار المسيحية وفداء يسوع، وقد نجحت فعلا في اختراق بعض الشعوب خصوصا في آسيا الوسطى والقوقاز فضلا عن مصر والعراق وشمال أفريقيا..بنفس الأسلوب الروماني وهو التوسع السعودي تحت شعار الصحابة والسلف لصالح..
أما إيران فهناك أفراد ينشرون التشيع فعلا بمجهود فردي، لكن الدولة نفسها لا تدعم ذلك، وفي تقديري لو قررت إيران تمويل حملات التشيع سينقلب العالم الإسلامي رأساً على عقب..احتياطي إيران فوق 120 مليار دولار..لو أنفقوا مليار واحد منها فقط سيتشيع مئات الآلاف سنويا، وسبب عكوف الإيرانيين عن ذلك أن ثورتهم قامت على مبادئ وحدوية إسلامية ويرون أن نشر الدولة لمذهبهم ليس في صالح تلك الوحدة..والبديل عنها نشر الأيدلوجية الثورية القائمة على محاربة الاستعمار والتوسع الإمبريالي، وقد استورده الخوميني من حقبة النضال الشيوعي في أمريكا اللاتينية.
المنفقون على التشيع كذلك هم من أغنياء البحرين والقطيف والعراق، ومنهم باكستانيون وأفغان، لكن كل هذا بمجهود فردي عبر إطلاق مواقع الكترونية ومحطات فضائية أو تمويل جمعيات خيرية كالتي مولتها السعودية من قبل، والنتيجة انتشار التشيع الآن في أفريقيا خصوصا نيجيريا وغانا وفي باكستان وكشمير ودول جنوب شرق آسيا وروسيا ودول البلقان، ويمكن اعتبار موجة التمدد الشيعي الآن مساوية لموجة التمدد الوهابي السلفي إبان عصر الصحوة الساداتية، يساعد الشيعة في هذا التمدد أخطاء داعش والقاعدة المحسوبين على السنة فيخلقون دعايا مضادة للسنيين وأصولهم الفكرية، وقد ساهم ذلك بخروج الآلاف –وربما – الملايين من السنة إما إلى التشيع وإما إلى الإلحاد واللادينية..
أغلب علماء التقريب بين المذاهب خصوصا من السنة تراجعوا عن مواقفهم السابقة، والسبب هجوم السعودية والسلفيين عليهم واتهامهم بالتشيع والنتيجة عودتهم عن خط التسامح إلى الصدام فقط لإثبات أنهم ما زالوا سنة..وأبرز مثال لذلك الشيخ يوسف القرضاوي،هذا كان مؤسس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي ضم بين جنباته مراجع شيعة بغرض التقريب، ولكن فور هجوم السلفية والسعودية على القرضاوي وعنف هذا الهجوم وشراسته اضطر الرجل للإذعان وخلق صراع وهمي بينه وبين نائبه في الإتحاد الشيخ علي التسخيري ثم انقلب إلى صراع مع كل المذهب الشيعي بذريعة سب الصحابة..وهي ذريعة مشهورة تاريخيا تأتي دائما في أجواء الفتنة والتحريض الطائفي
أي أن ما فعله القرضاوي كان مجرد استجابة للضغط وسنشرح كيف استجاب، ولماذا انتقل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بدون تبيان موقف أو شرح لأصول منهجيته في التفكير، وقد أثر القرضاوي على أتباعه فخلق شقا في جماعة الإخوان المسلمين تزعمه الدكتور يوسف ندا بوصفه مناصرا للتقريب المذهبي والآخر بزعامة الدكتور محمود غزلان بوصفه رافضا لكل أشكال التقريب مع الشيعة، وانتصر فريق الدكتور غزلان بترجيح القرضاوي الذي يمثل في الذهنية الإخوانية أكثر من علامة.
سبب نكوص علماء التقريب بين المذاهب ليس فقط لأنهم ضعفاء وجبناء ولكن لأن خطهم الثقافي لاستيعاب الهجوم السلفي كان ضعيف، كان يجب أن يدعموا التقريب من خلفية ليست دينية لأن شعور التقريب نفسه موجود داخل كل إنسان حتى المتطرف..لكن ما يجعله يظهر بصورة قبيحة هو امتزاجه بالشعور بالخطر، والسلفيون والسعودية أعلنوا التصدي (للمد الشيعي) بهدف إيجاد هذا الخطر، وقد نجحوا في مخاطبة هوية الشعوب وجندوا نسبة كبيرة منهم في الجماعات السلفية درءاً للخطر الأكبر..
فكرة التقريب بين المذاهب لا حل لها سوى بالانفتاح والنقد ،هذا يتطلب أولا :منهج ليبرالي يؤمن بحقوق الإنسان، هذا يساعد السنة والشيعة على الاختلاط ببعضهم ووقف سلوك التجهيل والتحريض المتعمد الممارس من قبل رجال الدين..وثانيا: يتطلب جرأة على نقد ثوابت كلا المذهبين دون التعرض للمشتركات بينهم كالتوحيد والنبوة والمعاد الجسماني..إلخ
المثقف الشيعي أقوى بكثير من المثقف السني والسبب أن التاريخ الإسلامي يدعم نظرية عدالة آل البيت وليست عدالة الصحابة، بمعنى أن كتب التاريخ تعرض عيوب الصحابة أكثر من عرضهم لعيوب آل البيت، ويظهر ذلك في المناظرات بينهم، ففور عرض الشيعة لروايات السنة الطاعنة في الصحابة يعلو صوت السني ويفقد قدرته على الحوار ويلجأ -بإجراء دفاعي معهود- لمخاطبة مشاعر العامة برفع الصوت والتكفير والتحذير والتهويل..إلخ
الشيعي كذلك لا يتأثر بخطبة إمام سني..بل يأخذ منها ما يوافق تدينه، لأن تدين الشيعي بالعموم (عاطفي متمرد) أي يعلم جيدا حجم الرفض له من الأغلبية، بينما السني يتأثر فورا بخطبة مرجع شيعي، والسبب أن تدين السنة (سلطوي) يهتم بكل سلوكيات الحكام من هيمنة ونفوذ وسيطرة واتهام للمعارضة بالتشغيب، وبما أن الشيعي في نظره معارض فهو يرى الشيعي مشاغب يدعو للفوضى.
كذلك فحجم إحاطة مراجع الشيعة بتراث السنة أعلى وأكبر من حجم إحاطة شيوخ السنة بتراث الشيعة، والسبب أن تراث السنة- بصفته مذهب الحكام- كان متاح للعامة..الكبير والصغير..فاطلع عليه الجميع، بينما تراث الشيعة ظل مجهول في المجتمع السني حتى انطلاقة الثورة الخومينية عام 1979، وقتها انفتح الشيوخ على آثار التشيع ووجدوا مصائب وأهوال تنسف مذهبهم وتصدمهم في ما نشأوا عليه طوال 1200عام ، وفي تقديري أن حرب العراق وإيران في الثمانينات كانت نتيجة طبيعية لهذه الصدمة ومقدمة أصلية لفتنة سنية شيعية تجري أحداثها الآن في الشرق الأوسط..
يعيب الشيعة حساسيتهم المفرطة تجاه الإمامين علي بن أبي طالب وإبنه الإمام الحسين، وقد حدث ذلك لاعتبارات تاريخية منذ وقعتي صفين وكربلاء..أي هذا الشعور المقدس متوارث من الأئمة لمدة 14 قرن، وهو نعم عيب لأنهم حوّلوا الخلاف السياسي الذي نشأ بعد وفاة الرسول إلى خلاف ديني..بالضبط كمن عاصر محمد ابن عبدالوهاب وحاربه سياسيا لكن بعد فترة أخذ موقف ديني من الوهابية في نجد ، بينما صراعه الأول كان على النفوذ وكبريائه لم يدفعه للاعتراف..
بينما يعيب السنة حساسيتهم المفرطة أيضا تجاه الصحابة وخصوصا الخلفاء الأربعة ومعاوية بن أبي سفيان، ومثلما أخطأ الشيعة بتحويل خلافهم السياسي إلى ديني أخطأ السنة أيضا على نفس المنوال، لكن السنة أضافوا تجهيل وإسقاط لرموز آل البيت، فبينما حرّموا ظهور الصحابة العشرة المبشرين بالجنة فنيا على التلفزيون، أجازوا ظهور الإمام الحسين..وهذا مس بجرح قديم غائر عند الشيعة وأيقظ ثورتهم حتى شرعوا في استعادة أجواء كربلاء من جديد..
فضلا عن تعظيم السنة لقاتلي وظالمي آل البيت كمعاوية وسائر خلفائه الأمويين، هذه أيضا نقطة حساسة في رأيي ليست لها علاج سريع أو حاسم بل ستظل إشكالية كبرى في العقل الإسلامي، فالمشاعر تتحكم في كل فريق ..هذا يخاف على رموزه..وهذا أيضا يخاف على رموزه، بينما كل هذه الرموز في الماضي كانوا أعداء مما يستحيل معها فكرة التقريب إلا لو انسلخ كلا المذهبين من أصولهم الفكرية التي بنوا عليها نظرياتهم المذهبية، يعني أن يعيد السنة مثلا النظر في عدالة الصحابة، أو يعيد الشيعة النظر في الإمام وعصمته.
وأختم بقول حاسم أن السنة والشيعة بحاجة إلى مراجعة ذاتية تخضع لمشرط الجراح دون تعقيب عليه، أي يتنازل كلا المذهبين لصالح جهة تقوم بإحداث تلك المراجعات، ليست بالضرورة أن تتخلى عن الثوابت الأصلية للمذهب، ولكن تبحث في كيفية التعايش على الواقع وليس نظريا وفي الكتب، فالتجربة السابقة في التقريب فشلت لعدم وجود تصور واقعي لمرحلة التعايش، وكيف سيتعاملون مع الأفكار المتطرفة من كلا الجانبين، علاوة على افتقار كل طرف المعلومات الصحيحة والمنصفة عن الآخر ومن هنا أطالب بالانفتاح وأصر عليه..وأرى أن انفتاح العرب على بعضهم والمسلمين كافي جدا لإلجام المتطرفين وسحبهم بعيدا عن أماكن صنع القرار.
اجمالي القراءات
7195