أسامة قفيشة Ýí 2017-04-17
بني إسرائيل من بعد موسى
نتطرق الآن لنرى ما جرى لبني إسرائيل من بعد موسى عليه السلام , بعد أن علمنا في المقال السابق ( الأرض المباركة و الأرض المقدسة ) ما جرى معهم قبل مجيء موسى عليه السلام إلى لحظة غيابه عنهم ,
و قلنا بأن الأرض المباركة هي ارض بلاد الشام ( أرض كنعان ) , و بأن الأرض المقدسة هي أرض مصر و سيناء .
رأينا بأن بني إسرائيل بعد أن كتب عليهم الله جل وعلا بدخول أرض مصر ( الأرض المقدسة ) ليلاقوا حتفهم على يد النظام الفرعوني ( فاقتلوا أنفسكم ) , و لاحظنا بأنهم رفضوا ذلك ثم عفا الله جل وعلا عنهم ذلك الأمر و تاب عليهم , و كذلك كيف كتب عليهم التيه أربعين سنة في الأرض و حرّم عليهم دخول مصر مجدداً طيلة تلك المدة , و طالبهم بالدخول و السكن في الأرض المباركة ( أرض كنعان ) .
و علمنا ما اقترفه الفاسقون منهم من تبديلٍ لقول الله جل وعلا , و من عتوٍ على أمره و كيف جعلهم قردةٍ خاسئين , و أنزل بحق من كفر و طغى منهم و تأذن بذلك الحق بأن يبعث عليهم من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة فكان ذلك لزاماً على من طغى و اعتدى منهم إلى يوم الدين حكماً إلهياً قاطعاً ,
و كيف شتتهم الله جل وعلا و فرقهم في الأرض كلها ( و قطعناهم في الأرض أمماً ) , و بأن منهم الصالح و منهم دون ذلك .
بعد كل هذا و بعد غياب موسى عليه السلام , بعث الله جل وعلا نبياً لهم لم يذكر اسمه , و هذا النبي قد نصّب على بني إسرائيل طالوت ملكاً , و قد رفض معظمهم هذا الأمر , و من الواضح بأن فترة توليه الملك كانت قصيرة جداً , ففي هذه الفترة و هي فترة تحريم عودتهم لديارهم و أهليهم في مصر و التي مدتها أربعين سنه , و كان نظام الحكم الفرعوني في مصر لا زال قائماً , حدثت المعركة بين بني إسرائيل بقيادة طالوت و بين جيش آخر و على الأرجح بأن يكون جيشٌ فرعوني كان بقيادة جالوت ,
في هذه المعركة كان بروزاً لداود عليه السلام , حيث تمكن من قتل القائد جالوت و تمكن بني إسرائيل من النصر في تلك المعركة , و من الواضح مقتل طالوت في تلك المعركة أيضاً , لأن داوود عليه السلام قد استلم الملك خلفاً لطالوت , فمن هنا نستنتج بأن فترة توليه الملك كانت قصيرة ( فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) 251 البقرة .
و تبدأ مرحلة داوود عليه السلام بتوليه الملك و بناء مملكته على أرض كنعان ( وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ) 20 ص , و استطاع توحيد بني إسرائيل تحت رايته فكان الخليفة الحاكم و كلامه النافذ ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ) 26 ص ,
هذا النبي الصالح الذي جاء من النسل الصالح من بني إسرائيل من سلالة يعقوب عليه السلام , كان حكمه من أصعب و أعقد المسائل , فحكم بني إسرائيل لا يحسد عليه أحد و لا يقدر عليهم أحد , لذا فقد آتاه الله جل وعلا فضلاً و علماً من عنده , و آتاه الحكمة و فصل الخطاب و كانت الجبال و الطير تأوب معه , و ألان له الحديد ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ) 10 سبأ , و منح لقب ( ذو الأيدي ) ,
و قد آتاه الله جل وعلا الزبور ( وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ) 55 الإسراء ,
ثم وهب الله جل و علا له سليمان عليه السلام ( وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) 30 ص , و استمر حكم داوود عليه السلام ما كان له أن يكون ,
ثم ورث الملك ابنه سليمان عليه السلام ( وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) 16 النمل ,
و قد منحه الله جل وعلا قدرات و سخر له أموراً لم تسخر لوالده ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) 35 ص , و كان لملكه ما كان إلى أن توفاه الله جل وعلا ,
و سرعان ما تفككت تلك المملكة و انقسمت قسمين ( مملكة شمالية و أخرى جنوبية ) و تناحرت المملكتان فيما بينهم و عادوا يمارسون هواياتهم القديمة , فكان وعد الله حاضراً كلّما عادوا إلى ظلمهم و طغيانهم و كفرهم و عدوانهم بأن يبعث عليهم من يسومهم سوء العذاب .
ما يهمنا في تاريخهم الوارد لنا في قرآننا الكريم , و الذي أخبرنا به الحكيم العليم , كي نعلمه جيداً و لكي يكون لنا درساً و عبره هو ما ورد في سورة المائدة من الآية 77 إلى الآية 82 , و هو الجزء الأهم في هذا المقال و نتوقف للتأمل في كل آية :
الآية 77 ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ) :
هنا نلاحظ دعوة محمد عليه السلام بأن يقول لهم بأن لا يغلو في دينهم غير الحق , أي أن الحق الديني واجب الغلو فيه و عدم التهاون به , فينهاهم من الغلو في باطل الدين الذي ابتدعه أسلافهم , ليتماشى مع أهوائهم , و يخبرهم بشكل قاطع بأن أسلافهم قد ضلوا و أضلوا .
الآية 78 ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ ) :
هنا يأتي التأكيد بأن المقصود بأسلافهم هم من كفر من قوم بني إسرائيل , و يخبرهم بأن داوود و عيسى عليهما السلام قد لعنوهم لما رأوه و شاهدوه من كفر واعتداء من طرف بني إسرائيل .
الآية 79 ( كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) :
هذا وصفاً لحالهم و فعلهم .
الآية 80 ( تَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ) :
هنا يبين الخالق جل وعلا بأن أكثرهم كان كافراً فاسقاً ظالماً معتدياً , يتولى بعضهم بعضاً , و بأن الله جل وعلا قد سخط عليهم و بأنهم خالدون في العذاب .
الآية 81 ( وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّه وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ) :
هنا نتبيّن بأنهم لم يؤمنوا لا بالله جل وعلا و لا بأنبيائه و لا بما أنزل , و لهذا فهم لا يوالون إلا من كفر و يتخذونه ولياً من دون الله لفسقهم و بغيهم و عدوانهم .
الآية 82 ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ) :
هذا بيان ليوم الدين بصيغة المضارع مسبوقاً بلام القسم متبوعاً بنون التوكيد الثقيلة ( لتجدنّ ) , فأشد الناس عداوةً لمن آمن بالله و رسالته هم اليهود , و كذلك اللذين أشركوا , ثم مرةً أخرى بلام القسم و نون التوكيد ( لتجدنّ ) أقرب الناس مودةً لمن آمن هم النصارى .
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا
سبحانك إني كنت من الظالمين
بارك الله بك أيها الجزائري الطيب , أدعو الله جل و علا أن ينفعنا بما علمنا و يسدد خطانا و يلهمنا الصواب بهدايته و توفيقه ,
أشكرك على تلك الإضافة الرائعة و المميزة كتميزكم و تميز قلمكم ,
شكراً جزيلاً أخي و حبيبي دوما ً .
وماذا لو امتلكت فلسطين قنبلة نووية !
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً
دعوة للتبرع
عمل الزوجة: هل خدمة الزوج ة لزوجه ا مثل الطبخ وغسل لباسه...
الرشوة حلال هنا : انا الطال به الاول ى في البكل وريوس ...
السرقة والقصاص: حبذا لو تخبرن ا عن حد السرق ة و كيف ممكن...
مجزرة الحرس: نود ان نعرف ما هو راي سيادت كم في مجزرة الحرس...
حوارالملائكة عن آدم: قال الله جل وعلا ( وَإِذ ْ قَالَ رَبُّ كَ ...
more
مقال مفيد ، وفيه تصحيح لعديد المفاهيم، ولي إضافة بسيطة تتعلق بفهم الآية 77 ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ )
قوله جل وعلا : ((... لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ)) أي: لا تبالغوا ولا تتجاوزوا الحدَّ (تريدون غير الحق) : قاصدين الباطل واتباع أهواء الضالين.. وهو ـ في رأيي ـ نوع من التضمين، حيث أُشرب فعل الغلو معنى الفعل الآخر (تريدون). . وقد عرفوا التضمين بقولهم : هو إشراب لفظ معنى لفظ آخر، وإعطاؤه حكمه ؛ لتصير الكلمة تؤدي معنى الكلمتين.
وجاء مثله في سورة المائدة ـ 48: ((... وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ)) أي: لا تتبع أهواءهم ''منصرفا '' عما جاءك من الحق.... وحسب علمي فأن فعل ( اتبع) يمكن لغة تعديته بحرفي (على ) و(في)، فنقول: اتبعه على مذهبه ، واتبعه في أمره ، ولا تأتي تعديته بحرف ( عن) إلا لمقصد لغوي...كما أوضحت وأكرره: وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ... فتنصرف عــن... أو منصرفا عن...
شكرا الله سعيك ، وسلام على فلسطين الجريحة.