دلالة( داخر ) بلفظ اسم الفاعل في القرآن :
(داخر ) في القرآن

لطفية سعيد Ýí 2017-01-12


وردت كلمة داخر في القرآن أربع مرات جميعها بلفظ اسم الفاعل  (داخر ) واسم الفاعل كما نعلم هو  اسم مشتق (أي مأخوذ من الفعل) يدل على من قام بالفعل  ،و هو هنا يدل على وضع معين ،أو هيئة ولذلك جاء التعبير عنها بهيئة الحال .. جاء في موضعين على شكل جملة اسمية مكونة من مبتدأ وخبره المبتدأ جاء مرة ضمير هم في (هم داخرون ) ومرة أخرى : أنتم في 0(وأنتم داخرون ) / أو على هذا الشكل المفرد(داخرين ) : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ)، و أيضا :(سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)    .. معا نحاول قراءة  ما يحمله سياقها من معان ، مع التأكيد أن ما سيقال، مجرد قراءة تحمل وجهة نظر خاصة، تشوبها القصور بالطبع ..
1ـ وأول آية وردت فيها (داخر ) هي( النحل48 ) وهي آية تتحدث عن سجود كل المخلوقات بلا استثناء ، ويبدو ذلك واضحا من الظلال عن اليمين والشمائل (وهم داخرون ) ملاحظتي هنا أن السجود، هو سجود له طابع خاص تشترك فيه كل المخلوقات لرب العزة ،ولذا كان التنويه عن أن هذا السجود سجود إجباري، لا اختيار فيه ،فليس في وسع أحدنا ان يتحكم في ظله ،بل رغما عنه يسجد الظل  للخالق ! مهما كانت نفس هذا الظل مستكبرة ! الأمر الذي يدعو لمقارنة المخلوقات بأرقى أنواعها وهم الملائكة        
إذ أنهم لا يستكبرون عن عبادة الخالق :( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) ،فكان سجود الظل دلالة على اعتراف إجباري بعبوديةالمخلوقات  للخالق سبحانه .. نقرأ معا :
 النحل - الآية 48 (أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَىْءٍۢ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلَٰلُهُۥ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِّلَّهِ وَهُمْ دَٰخِرُونَ )
2ـ والآية الثانية ،تتحدث عن النفح في الصور،وفزع من السماوات ومن الأرض.. ملاحظاتي في هذه الآية أن الفزع استخدم معه اسم الموصول (من ) للدلالة على أن هذا الفزع خاص بمن له عقل، وهو المكلف الذي أخذ فترة الحياة الدنيا ليتم اختباره ، والملاحظة الثانية أن هناك نسبة من هؤلاءالمكلفين  لم يصيبهم الفزع ،لحكمة يعلمها الخالق ، ولكن (كل آتوه داخرين)   من فُزع ومن لم يفزع مشتركين معا ، يقول تعالى :    
النمل - الآية 87 (وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۚ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ) 
3ـ والآية الثالثة، تتحدث عن نفس الحدث وهي تخاطب منكري البعث مؤكدة لهم بعثهم وبصورة لا اختيار لهم فيها وهذه الآية من الآيات التي يرد فيها الرسول الكريم  عن سؤال  وُجه إليه وانتظر الإجابة فيه عن طريق الوحي ، لتأتي قوية موجزة مفحمة لكي من ينكر البعث هكذا :
الصافات - الآية 18 (قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ)
4ـ أما الآية الرابعة ، فتأتي في سورة غافرتسجل أمرا إلاهيا بضرورة دعاء الله سبحانه ،وهذا الأمر بالدعاء هو اعتراف بالوحدانية للخالق العزيز الحكيم وهو علاج جراحي سريع  لمرض الاستكبارالذي يرويه الشيطان بوسوسته ،ولأن المستكبرين عن الدعاء سيدخلون جهنم بهيئة ليس فيها أي استكباروتستخدم الآيات لفظ اسم الفاعل كما سبق أن ذكرنا ، الذي يدل على القيام بالفعل بهيئة حالية : (داخرين ) !!  
غافر - الآية 60 (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)
وبعد هذه قراءة سريعة لهذه الآيات الأربع تحاول الغوص في سياق الآيات بإيجاز، حتى لا يضيع منا القارئ ،وينسى موضوعنا الأساس .. والذي هو تدبر لفظ داخر ..
وأرجو المعذرة إن قصرت ، أو أخطأت.. (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم). 
اجمالي القراءات 13651

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (5)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الخميس ١٢ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[84455]

مقالة جميلة استاذه لطفية


مقالة وقراءة جميلة لآيات الرحمن الرحيم استاذه لطفيه .. وأعتقد من وجهة نظرى أنه بالرغم من أن معنى (داخر ) أى صاغر ،او ذليل ،او مسلوب الإرادة  .إلا نها جاءت بمعنيين مختلفين فى الآيات الكريمات .



 أحدهما بمعنى العزة فى طاعة الله طواعية ، وهذا  ترتبط بقول الله جل جلاله عن إختياروإختبارالسموالت والآرض فى طاعته سبحانه حين قالتا (( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ 9وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ 10ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ 11فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)).  فالعزة كل العزة فى طاعة الله .ومن هنا كان معنى  (( داخرون )) فى قوله تعالى ((( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِّلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) )) بمعنى العزة فى التسليم والإنقياد طاعة لأمر الله



وأن معنى (داخر ) بمعنى الإهانة والذل والصغار وسلب الإرادة جاءت وصفا للمُتكبرين المُنكرين للبعث والحساب والجنة والنار ،وللكافرين بالله وملكه وملكوته الذين قال عنهم القرآن الكريم ..(( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ). والذين قال عنهم ((  فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ 11بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ 12وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ 13وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ 14وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ 15أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ 16أَوَ آبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ 17قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ 18فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ 19وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ 20هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ 21احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ 22مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ



ومن هنا اتصور ان (( داخر )) مصطلح  يحمل فى معناه العزةفى الطاعة والتسليم والإنقياد لأوامر الله للمرمنين ،وللسماوات والأرض وما فيهن ... ويحمل الصغار والذل والمهانة والتحقير وسلب الإرادة للمشركين والكافرين بالرحمن جل جلاله ..وهذه هى عظمة القرآن ، وضرورة أن تُفهم آياته من خلال سياقه العام كُله ، ومن خلال السياق الذى جاءت فيه.



2   تعليق بواسطة   Ben Levante     في   الجمعة ١٣ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[84456]

يتفيؤا أم يتفيأ؟


سلام الله عليك



في القرآن المتواجد لدي (online) تأتي الآية 48 من سورة النحل كما يلي: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّـهُ مِن شَىْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلَـٰلُهُۥ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِّلَّـهِ وَهُمْ دَٰخِرُونَ ﴿النحل ٤٨﴾. كلمة يتفيؤا جاءت بالجمع وليس بالمفرد كما جاء في مقالك، وهي تعني استظلوا. الكلام هنا عن الاشياء التي يستظل الناس بظلها تسجد (الاشياء) أيضا داخرة لله. هل الخطأ في الاية التي جاءت في المقال أم في القرآن عندي؟



3   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الجمعة ١٣ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[84457]

أشكرك على القراءة والمرور أستاذ أسامة


نعم  كلامك صحيح . هكذا شعرت أستاذ أسامة عند قراءتي لهذا اللفظ المعجز، ولكني لم أوف هذا اللفظ حقه ! تبقى  مجرد قراءة تمثل خطوة  في الطريق  .. شكرا لك ،ودمت بكل الخير 



4   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الجمعة ١٣ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[84458]

دائما تثري المقال بما تضيفه دكتور عثمان


أشكرك دكتور عثمان على ما أضفته إلى المقال من تدبر إضافة قيمة وبالطبع العزة في طاعة الله ، والسجود له سبحانه : (الملائكة) (والسموات والأرض) هو سجود فيه اعتراف وطاعة ،  فهي  لا تعرف التكبر .. والظلال تتبع نفس المنظومة  ..



شكرا لك ودمتم بكل الخير 



5   تعليق بواسطة   لطفية سعيد     في   الجمعة ١٣ - يناير - ٢٠١٧ ١٢:٠٠ صباحاً
[84459]

أشكرك أستاذ / Ben Levante وقد أعدت كتابتها ..


شكرا لك ، نقلتها من البحث بهذه الطريقة ، وعدت لها فوجدت أنها مكتوبة بالطريقتين  ولكن عند رجوعي للنسخة الورقية رأيتها هكذا (أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَىْءٍۢ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلَٰلُهُۥ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلشَّمَآئِلِ سُجَّدًا لِّلَّهِ وَهُمْ دَٰخِرُونَ ) وكما تلاحظ أن ظلاله بها الألف الصغبرة أيضا، فقمت بالبحث عنها بنفس الشكل ، وأعدت كتابتها .



شكرا لك وهكذا التواصي  ،ودمت بكل الخير 



أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-10-30
مقالات منشورة : 113
اجمالي القراءات : 2,042,025
تعليقات له : 3,703
تعليقات عليه : 378
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt