خطبتي جمعة :
حب الله

عبدالوهاب سنان النواري Ýí 2016-10-01


الخطبة الأولی:

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

سبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون.

الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون.

المزيد مثل هذا المقال :

هو الذي أرسل رسوله بالهدی ودين الحق ليظهره علی الدين كله.

قرآنا عربيا لعلكم تعقلون.

كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير.

آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين.

أما بعد أيها الإخوة المؤمنون، فإن حب الله جل وعلا، هو أسمی وأرفع وأعز وأطهر العلاقات، وهو حب متبادل يبدأه ويبادر إليه المؤمن باتباع نهج الله تعالی، كي يحبه الله جل وعلا في المقابل ويغفر له ذنبه.

وكلنا بلا شك نزعم أننا نحبه سبحانه، ونرجو منه أن يحبنا ويغفر لنا، غير أن المطالب لا تنال بالتمني، فحب الله جل وعلا لنا لن يتأتی إلا بطاعته واتباع رسالته، وهذا هو المعيار نفسه لأثبات صدق حبنا لله جل وعلا، وقد جاءت كل هذه المعاني في قوله تعالی: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ، قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين (آل عمران 31-32) .

وبصورة مبدأية وحتی لا يكون للناس علی الله حجة، فقد فطر الحق تبارك وتعالی الخلق فطرة سليمة، فحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وهذا أمر ملحوظ وواضح في كل إنسان بسيط وعلی نيته، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالی: ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان (الحجرات 7) .

وبشكل أكثر تفصيل يوضح لنا الحق تبارك وتعالی الأشياء التي يحبها كي نقوم بها، ويوضح الأشياء التي لا يحبها كي نجتنبها، فقد ذيلت عشرات الآيات القرآنية وبأساليب مختلفة بقوله جل وعلا: يحب ولا يحب.

عن الأمور الجميلة الرائعة يقول سبحانه: إن الله يحب المحسنين، إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، فإن الله يحب المتقين، والله يحب الصابرين، إن الله يحب المتوكلين، إن الله يحب المقسطين، إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص، الخ.

وعن الأمور القبيحة التي لا يحبها الحق تبارك وتعالی يقول سبحانه: إن الله لا يحب المعتدين، والله لا يحب الفساد، والله لا يحب كل كفار أثيم، إنه لا يحب الكافرين، والله لا يحب الظالمين، إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا، إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما، والله لا يحب المفسدين، لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم، إنه لا يحب المسرفين، إن الله لا يحب الخائنين، إنه لا يحب المستكبرين، إن الله لا يحب كل خوان كفور، إن الله لا يحب الفرحين، الخ.

قدم لنا القرآن الكريم قائمة مفصلة بما يحبه رب العزة وبما يكرهه، ويبقی اتخاذ القرار منك أيها المؤمن: إما أن تقوم بالأعمال العظيمة التي يحبها رب العزة فتنال حبه لك ورضاه عنك، وإما أن تقوم بالأعمال القبيحة التي لا يحبها رب العزة، فتصبح لعينا مطرودا من رحمة الله جل وعلا.

وليكن في علم الجميع بأن الله جل وعلا يستبد ويأت بقوم آخرين، إذا ما فرط الناس في واجباتهم نحو دين الله جل وعلا، إذا ما ارتدوا عن دين الله، فإنهم بهذا قد خرجوا من دائرة حب الله تعالی وحلت عليهم لعنته، وبسرعة يستبدلهم الله جل وعلا، بقوم آخرين، قوم يحبهم ويحبونه، وهذا هو فضل الله يؤتيه من يريد ويطلب حب الله له، وفي ذلك يقول سبحانه: يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة علی المؤمنين أعزة علی الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم (المائدة 54) .

والحقيقة أننا جميعا رغم تقصيرنا نزعم أننا نحب الله جل وعلا، وقد لا يكون في ذلك مشكلة طالما أننا لا نطلب من أحد أن يدفع لنا ثم حبنا لله جل وعلا. المشكلة الحقيقية هي في بعض الناس الذين يحملون النفسية اليهودية النصرانية، نفسية (نحن أبناؤ الله وأحباؤه) فيحتقرون الآخرين ويزعمون أنهم جنس مقدس ومتفوق عرقيا.

الخطورة هنا هي أن هؤلاء القوم يفترون علی الحق تبارك وتعالی فيستوجبون مقته وغضبه، وفوق هذا يتخذون من هذا الإفتراء سبيلا للتسلط والسيطرة والتحكم علی رقاب الناس فيستوجبون مقتهم وغضبهم.

وقد فضح الحق تبارك وتعالی تلك النفسيات المريضة بقوله تعالی: وقالت اليهود والنصاری نحن أبناؤ الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء (المائدة 18) .

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، إنه تعالی ملك بر رؤوف رحيم.

قلت ما سمعتم، واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم، ولوالدي ووالديكم، ولسائر المؤمنين والمؤمنات من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

المؤمن الحقيقي لا يتعلق قلبه بالأموات ولا يمتلكه زخرف الحياة الدنيا، لانه قلب عظيم لا يليق به أن يتعلق بكل ما هو فان، سواء كان ذلك بشرا أو حجرا أو ذهبا، فهو قلب عظيم لا يستحق أن يمتلكه إلا رب العزة جل وعلا. وقد ضرب لنا الخليل إبراهيم (ع) مثلا رائعا في استحقاق الحب حين قال: لا أحب الأفلين. جاء ذلك في قوله تعالی: فلما جن عليه الليل رءا كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الأفلين (الأنعام 76) .

لذلك استنكر الحق تبارك وتعالی اتخاذ الناس أندادا من دون الله جل وعلا يحبونهم كحب الله تعالی، وأشاد بموقف المؤمنين الصادقين في حبهم لرب العزة. مبينا لؤلئك الغافلون الظالمون أن القوة لله جميعا، وهو الأمر الذي سيكتشفونه بعد فوات الأوان، سيكتشفونه حين يرون العذاب ويلقی بهم في قعر جهنم.

هناك في قعر جهنم وبعد أن رأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب يتبرأ بعضهم من بعض، ويلعن بعضهم بعضا. يتبرأ السادة من الأتباع، ويتحسر الأتباع علی أعمالهم وخدماتهم التي كانوا يقدمونها لأولياءهم وسادتم وكبراءهم، ويتمنون أن تكون لهم كرة ليتبرأوا من أسيادهم كما تبرأوا منهم، ولكن للأسف ما هم بخارجين من النار.

وقد جاءت كل هذه المعاني في قوله تعالی: ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حبا لله ولو يری الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب ، إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب ، وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (البقرة 165-167) .

وأكبر من هذا ينهانا رب العزة من أن نتخذ آباءنا وإخواننا أولياء إن استحبوا الكفر علی الإيمان، وأن من يتولهم منا فهو من الظالمين، مهددا إيانا بأنه إن كان آباؤنا وأبناؤنا وأخواننا وأزواجنا وعشيرتنا وأموالنا ومساكننا أحب إلينا من الله جل وعلا، فإن علينا أن نتربص حتی يأتي الله بأمره، وأنه لا يفعل ذلك إلا القوم الفاسقين.

وقد جاءت كل هذه المعاني في قوله تعالی: يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا ءاباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر علی الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون ، قل إن كان ءاباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتی يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين (التوبة 23-24) .

ختاما: يقول الحق تبارك وتعالی: يا أيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ، وسبحوه بكرة وأصيلا ، هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخركم من الظلمات إلی النور وكان بالمؤمنين رحيما (الأحزاب 41-43) .

وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين (غافر 60) .

ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ، ربنا وآتنا ما وعدتنا علی رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد.

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته علی الذين من قبلنا ، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ، واعف عنا ، واغفر لنا وارحمنا ، أنت مولانا فانصرنا علی القوم الكافرين.

قوموا إلی صلاتكم يرحمكم الله

اجمالي القراءات 6305

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2014-11-03
مقالات منشورة : 84
اجمالي القراءات : 1,013,637
تعليقات له : 60
تعليقات عليه : 67
بلد الميلاد : Yemen
بلد الاقامة : Yemen