لكل ثورة جنود مجهولون، ولكل نجاح أبطال قد لا يعرفهم أحد، فلم يطلبوا الظهور، أو مقابل نتيجة أعمالهم وتضحياتهم، مع أنهم وقود النار المضيئة، يحترقون لإضاءة الطريق لغيرهم، غير مبالين بخسارتهم، المعنوية أو المادية، تجدهم راضين، إن تحققت آمالهم، في نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومتأهبين دوماً للدفاع عن فكرتهم التي آمنوا بها.
هناك قاعدة تقول أن المفكرون هم من يضعوا لبنات الثورة، فينفذها الشجعان، ليستفيد منها المنافقون، إنها قاعدة تاريخية، ولطالما ظلمت من الأبطال الكثير، وحيث أنني عاصرت أهم ثورات التاريخ، ثورة ٢٥ يناير، فقد قررت أن ألقي الضوء، على بعض هؤلاء الأبطال المجهولين، لعل التاريخ يأتي يوماً فينصفهم.
أول الأسماء هو "سمير جراح" حقوقي عربي من المملكة الأردنية الهاشمية، صال وجال في دول العالم الديمقراطي، فحلم أن يكون العالم العربي على غرارها، وما أن سنحت له الفرصة، إلا وبدأ العمل لترسيخ مفهوم الديمقراطية في الوطن العربي، وبخاصة في مصر، التي نزل إليها وتزوج منها، فقرر أن يكون لعمله آثار ونتائج، لصالح كل بلدان العالم العربي، فكان من خلال موقعه في المنظمات الدولية المعنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان، يعمل على تأييد دعاة الديمقراطية، بكل ما أوتي من قوة، كما عمل على تثقيف وتأهيل العديد من الشباب العربي الداعي لها، من أقصى المحيط لأقصى الخليج، لقد ساهم سمير جراح، في نشر الثقافة في الوطن العربي، حتى كان نتاج جهده نشر الوعي، الذي تجلى في ثورة الياسمين، وثورة ٢٥ يناير، وقد لاقى الرجل في مسيرته العديد من الإتهامات والإنتقادات، وقد كنت واحداً ممن إتهموه، بأنه متحيز للإسلاميين في تاريخ معين، لكن الأيام أثبتت لي، بأن سمير جراح، كان على حق في كل مواقفه، وثابتاً على مبادئه لم يتغيير، مهما لاقى من ويلات، نتيجة مواقفه لأجل الحق.
الإسم الثاني هو "شريف منصور" نجل الدكتور/ أحمد صبحي منصور، زعيم القرآنيين، نشأ في بيئة ثقافية مصرية فنبغ فيها، وخرجت مواهبه في سن مبكرة، حتى تولى مسئوليات في أكبر المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والديمقراطية، فيعتزم العمل لصالح وطنه من خلال موقعه، فيكون مساهماً فعالاً، في نشر ثقافتي الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومدافعاً شرساً عن النشطاء الحقوقيين والسياسيين، وصاحب أفكار ومشاريع، ساهمت بشكل فعال في تحقيق ثورة ٢٥ يناير.
الإسم الثالث هو "وائل عباس" شاب مصري حلم بأن يكون صحفياً في مصر، فوجد كماً من التعقيدات، والبيروقراطية المترهلة، فيخرج عن الصندوق، ليؤسس مدونة "الوعي المصري" لتكون في الصف الأول بين مدونات العالم كله، إستطاع وائل عباس، تغيير المجتمع، فله الفضل الأول في نشر كل ما يخص التعذيب في مصر، بخلاف دوره في تعزيز ثقافتي الديمقراطية وحقوق الإنسان، فكان سبباً من أسباب ثورة ٢٥ يناير.
الإسم الرابع هو "كريم الشاعر" شاب أزهري، تمرد على الفساد في مؤسسته التعليمية، ثم تمرد على التمديد والتوريث، للرئيس مبارك ونجله جمال، فكان في وقته، في العام ٢٠٠٥م، أحد أهم أضلاع حركة كفاية، وكافة الحركات والأحزاب السياسية، لقد إكتفى كريم الشاعر، بالهتاف في المظاهرات ولم يطلب قيادة أو منفعة شخصية، حتى كان صوته مدوياً لغيره من الشباب، عن قصد ودون قصد، فألهب مشاعرهم تجاه الحرية والديمقراطية، حتى تحقق مراده، وتحققت ثورة ٢٥ يناير.
إنهم أشخاص أربعة من أهم أبطال الثورة المجهولين، والقائمة تعج بأسماء أخرى غيرهم، سأدونها فيما بعد أيضاً، فهذا حقهم، كما أنه حق لأجيال قادمة أن تعرفهم، وكذلك حق للتاريخ، إنهم أشخاص تعرضوا لتهميش وظلم و تشويه، لكن قيمتهم لا يعرفها الآن إلا الأسوياء، وستعرفها الأجيال القادمة، في النهاية أقول، لقد بدأت ثورة ٢٥ يناير، لكنها لم تنتهي.
وعلى الله قصد السبيل
شادي طلعت
اجمالي القراءات
9279
التاريخ لا يرحم ، ولا ينسى . وستكون صفحات الانترنت والقنوات الفضائية والصحف بكل توجهاتها مصادر تسجيل ما يحدث اليوم ، والجيل القادم سيبصق على الرعاع من المستبدين وأعوانهم ، كما سيعطى المناضلين حقوقهم المهضومة ، خصوصا من عوقب بالسجن والتشهير من المدافعين عن الحرية والعدل وحقوق الانسان . محكمة التاريخ ستكون أقسى من تلك المحاكمات الهزلية الظالمة التى يقيمها المستبد لأشرف الناس . وعجيب أن يقوم من يسرق البلايين بمحاكمة من يدافع عن الشعب الفقير المسكين . ثم سيأتى يوم الحساب يوم الفصل الذى لا يؤمن به المستبد وأعوانه ، وعندها سنعرف معنى التأكيد فى قول رب العزة جل وعلا : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) ابراهيم ) .
أما عن شريف منصور فقد قام بواجبه حين كان مسئولا عن نشر ثقافة الديمقراطية والحرية فى ( فريدم هاوس ) عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، وحاز تقدير رؤسائه ، وكوفى من نظام العسكر بإحالته الى محكمة الجنايات ضمن بعض النشطاء . كان شريف فى أمريكا بينما رفاقه فى مصر . لم يرض بهذا وصمم على المجىء لمصر ، ورفض فريدم هاوس رجوعه خوفا عليه وحتى لا يتحمل عبء الصدام مع العسكر ، فاستقال شريف من فريدم هاوس ، واتى لمصر فقبضوا عليه فى المطار ، ودخل القفص مع زملائه فى المحكمة . وهللت صحف العار فى مصر لبراعة الشرطة المصرية فى القبض على شريف الذى أتى طوعا بكل ما فى الكلمة من شرف . ومنعوه من السفر بالمخالفة للقانون ، ثم أتيح له السفر بعدها ، ثم حكموا عيه بسنتين سجنا . وهو الآن ممنوع من دخول مصر ، وقد انتقل الى العمل فى منظمة الدفاع عن الصحافة ، ولا يزال يمارس دوره .